حي الخيامية بالقاهرة.. قبلة للباحثين عن عبق رمضان أيام زمان

الديكورات الرمضانية تعيد إحياءه

ديكورات رمضان تعيد الحياة للحي ولصناعة الخيام اليدوية
ديكورات رمضان تعيد الحياة للحي ولصناعة الخيام اليدوية
TT

حي الخيامية بالقاهرة.. قبلة للباحثين عن عبق رمضان أيام زمان

ديكورات رمضان تعيد الحياة للحي ولصناعة الخيام اليدوية
ديكورات رمضان تعيد الحياة للحي ولصناعة الخيام اليدوية

بات التوجه لحي الخيامية بقلب القاهرة القديمة طقسًا رمضانيًا أساسيًا لدى كثير من العائلات المصرية في محاولة لاستعادة بهجة رمضان في ظل ضغوط الحياة ومشكلاتها التي ضغطت على حياتهم، فأصبح الحرص على تزيين منازلهم بالفوانيس والأقمشة التراثية أمر مقدس وله ميزانية محددة ضمن مصروفات شهر رمضان.
ويعتبر حي الخيامية مزارًا لعشاق الفنون والمشغولات اليدوية على مدار العام سواء من السائحين الأجانب أو من المصريين من مختلف المدن والقرى، يقع الحي العتيق بالقرب من باب زويلة بالقاهرة الفاطمية، وقد أطلق عليه هذا الاسم نسبة لمهنة قاطنيه التي اشتهروا بها منذ العصر المملوكي، حيث اشتهروا بصناعة الأقمشة والمفروشات، ويحتفظ سوق الخيامية بطابعه التراثي العتيق فهو مشيد على الطراز العربي والإسلامي، حيث تجد الحوانيت متراصة يظللها جميعًا سقف خشبي، تطل من بين فتحاته الشمس ويتجدد هواؤه.
ومع حلول شهر رمضان يبدو الحي بحاراته الضيقة وحوانيته العتيقة مكتسيًا بالحلة الرمضانية على أنغام الأغنية الشهيرة للمطرب محمد عبد المطلب «رمضان جانا وفرحنا به»، حتى أن التسكع بحارات الحي أصبح أمرًا مبهجًا في حد ذاته. وكان الحي ومنذ أحداث ثورة يناير (كانون الثاني) 2011 وتراجع حركة السياحة قد تأثر بشكل كبير، حتى أن بعض التجار لم يبيعوا أي قطعة لمدة أشهر، وكانوا ينتظرون شهر رمضان لبيع منتجاتهم للفنادق الكبرى والمطاعم التي تنتقي الديكورات المناسبة لشهر رمضان لجذب الزبائن.
أما هذا العام فلم يبتكر صناع الخيامية حلة جديدة للفانوس رمز وأيقونة شهر رمضان فحسب، بل ظهرت ديكورات أخرى جديدة ابتكرها صناع حي الخيامية لإدخال البهجة على قلوب الأطفال من الأجيال الجديدة ولعبوا على وتر الحنين إلى الماضي لدى أجيال السبعينات والثمانينات والتسعينات، فابتكروا وسائد بأشكال مختلفة على شكل الهلال أو النجمة شكل الفانوس، لكنها مغطاة بأقمشة مطبوع عليها شخصيات كارتونية محببة للجميع. يقول محمد أبو علاء، 55 عامًا، أحد الباعة بحي الخيامية لـ«الشرق الأوسط»: «الحمد لله أصبح الحي يشهد رواجًا كبيرًا وأصبح مزارًا للمصريين والعرب لشراء المشغولات اليدوية وديكورات رمضان، لكن حاولنا هذا العام جذب الزبائن وتقديم زينة مختلفة لعلها تضفي البهجة على البيوت المصرية، ولإنعاش المبيعات وبجانب الفوانيس المصرية التقليدية الخشبية المغطاة بقماش الخيامية وعليها الحلي اللامعة، قدمنا لوحات بأقمشة مطبوعة بأشهر الشخصيات التي ارتبطت في ذاكرتهم بشهر رمضان المعظم، مثل: بوجي وطمطم، وعمو فؤاد، وفطوطة وعم شكشك وزيكا». ويضيف: «وظهرت هذا العام شخصية (أبلة فاهيتا) لتدخل ضمن الشخصيات التي تلقى قبولاً من الأطفال، وشخصية (الكبير أوي) التي قدمها أحمد مكي، وشخصيات عالم سمسم».
ورغم ارتفاع الأسعار وحالة الغلاء العامة التي تسيطر على كل البضائع والسلع مع بداية شهر رمضان، فإن هناك حالة إقبال شديدة على ديكورات رمضان من مختلف الطبقات الاجتماعية. ويبدو أنه مع اختفاء بعض الطقوس الرمضانية في الأحياء الراقية من تزيين للشوارع والشرفات بالزينة الرمضانية وتعليق الفانوس الضخم الذي كان مدعاة للتفاخر بين الشوارع والأحياء، أصبح كثير من المصريين يحرصون بشدة على تزيين منازلهم بديكورات الخيامية، وهي الأقمشة التي تحمل موتيفات تراثية بألوان الأحمر والأزرق والأبيض.
يقول عبد الرحمن متولي، من تجار حي الخيامية: «لم نشهد هذا الكم من الزبائن المصريين منذ فترة طويلة، ولما سألت أحد الزبائن من الشباب قال لي: شاهدت صور الحي على الإنترنت ولم أكن أعلم بوجوده، والحمد لله الحال أفضل من الفترة الماضية».
خرجت مي سالم، مسؤولة علاقات عامة بشركة إعلانية، من حي الخيامية وهي في قمة السعادة حاملة لوحات من القماش المطبوع عليها «بوجي وطمطم» ومدفع رمضان وكتب عليها بالخيوط «رمضان كريم»، وحرصت هي وصديقاتها على التقاط صور لهن وهن يحملن الفوانيس والديكورات الرمضانية لمشاركتها مع أصدقائهن على «السوشيال ميديا»، وتقول: «أحرص كل عام على أن أقتني فانوسًا جديدًا ليزين المنزل وأخصص ركنًا خاصًا لديكورات رمضان، في محاولة لإدخال البهجة على قلوب أطفالي، خصوصًا أننا نعيش في القاهرة بعيدًا عن العائلة.. فأحاول أن أعوضهم عن الجلسات العائلية الاحتفالية التي افتقدناها، وتجعلني زيارة حي الخيامية أشعر إلى حد ما بأجواء رمضان زمان».
وتضيف: «لذا حرصت على التقاط الصور ووضعها على صفحتي على (فيسبوك) لأقول لأصدقائي إن بلادنا جميلة وبها أماكن تراثية رائعة تحتاج لدعمنا وشراء تلك المنتجات اليدوية».
ويقول علي مصطفى، رجل أعمال، إنه جاء من أوروبا ليقضي شهر رمضان مع عائلته بالقاهرة وحرص على أن يقوم بكل الطقوس الرمضانية المصرية، وعلى رأسها شراء الديكورات الرمضانية، ويقول: «لم أكن أعلم أن حي الخيامية به كل هذه البهجة التي أفتقدها منذ سنوات، جئت مع ابنتي لشراء الفانوس بناء على نصيحة أحد أصدقائي، لكني فوجئت بهذا الكم من الديكورات الجميلة التي تعكس تراثنا المصري الأصيل، وبالطبع جذبتني شخصية عمو فؤاد وبوجي وطمطم التي ترتبط لدي برائحة رمضان الثمانينات والتسعينات تلك الفترة الجميلة التي كنا ننعم فيها بسلام وراحة بال».



الشماغ السعودي في ذروة مواسم بيعه

بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
TT

الشماغ السعودي في ذروة مواسم بيعه

بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)

أفصح مختصون في نشاط صناعة واستيراد الشماغ السعودي عن بلوغ هذا الزي التقليدي الرسمي أعلى مواسم البيع السنوية، مسجلاً مبيعات تُقدَّر بنحو 900 مليون ريال سنوياً، كاشفين عن توجهات المستهلكين الذين يبرز غالبيتهم من جيل الشباب، وميلهم إلى التصاميم الحديثة والعالمية، التي بدأت في اختراق هذا اللباس التقليدي، عبر دخول عدد من العلامات التجارية العالمية على خط السباق للاستحواذ على النصيب الأكبر من حصة السوق، وكذلك ما تواجهه السوق من تحديات جيوسياسية ومحلية.
ومعلوم أن الشماغ عبارة عن قطعة قماش مربعة ذات لونين (الأحمر والأبيض)، تُطوى عادة على شكل مثلث، وتُلبس عن طريق وضعها على الرأس، وهي لباس تقليدي للرجال في منطقة الخليج العربي وبعض المناطق العربية في العراق والأردن وسوريا واليمن، حيث يُعد جزءاً من ثقافة اللبس الرجالي، ويلازم ملابسه؛ سواء في العمل أو المناسبات الاجتماعية وغيرها، ويضفي عليه أناقة ويجعله مميزاً عن غيره.
وقال لـ«الشرق الأوسط»، الرئيس التنفيذي لـ«شركة الامتياز المحدودة»، فهد بن عبد العزيز العجلان، إن حجم سوق الأشمغة والغتر بجميع أنواعها، يتراوح ما بين 700 و900 مليون ريال سنوياً، كما تتراوح كمية المبيعات ما بين 9 و11 مليون شماغ وغترة، مضيفاً أن نسبة المبيعات في المواسم والأعياد، خصوصاً موسم عيد الفطر، تمثل ما يقارب 50 في المائة من حجم المبيعات السنوية، وتكون خلالها النسبة العظمى من المبيعات لأصناف الأشمغة المتوسطة والرخيصة.
وأشار العجلان إلى أن الطلب على الملابس الجاهزة بصفة عامة، ومن ضمنها الأشمغة والغتر، قد تأثر بالتطورات العالمية خلال السنوات الماضية، ابتداءً من جائحة «كورونا»، ومروراً بالتوترات العالمية في أوروبا وغيرها، وانتهاء بالتضخم العالمي وزيادة أسعار الفائدة، إلا أنه في منطقة الخليج العربي والمملكة العربية السعودية، فإن العام الحالي (2023) سيكون عام الخروج من عنق الزجاجة، وسيشهد نمواً جيداً مقارنة بالأعوام السابقة لا يقل عن 20 في المائة.
وحول توجهات السوق والمستهلكين، بيَّن العجلان أن غالبية المستهلكين للشماغ والغترة هم من جيل الشباب المولود بين عامي 1997 و2012، ويميلون إلى اختيار التصاميم والموديلات القريبة من أشكال التصاميم العالمية، كما أن لديهم معرفة قوية بأسماء المصممين العالميين والماركات العالمية، لافتاً إلى أن دخول الماركات العالمية، مثل «بييركاردان» و«إس تي ديبون» و«شروني 1881» وغيرها إلى سوق الأشمغة والغتر، ساهم بشكل فعال وواضح في رفع الجودة وضبط المواصفات.
وأضاف العجلان أن سوق الملابس كغيرها من الأسواق الاستهلاكية تواجه نوعين من المشكلات؛ تتمثل في مشكلات جيوسياسية ناتجة عن جائحة «كورونا» والحرب الروسية الأوكرانية، ما تسبب في تأخر شحن البضائع وارتفاع تكاليف الشحن وارتفاع الأسعار بسبب التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، بينما تتمثل المشكلات المحلية في انتشار التقليد للعلامات العالمية والإعلانات المضللة أحياناً عبر وسائل الاتصال الاجتماعي.
من جهته، أوضح ناصر الحميد (مدير محل بيع أشمغة في الرياض) أن الطلب يتزايد على الأشمغة في العشر الأخيرة من شهر رمضان من كل عام، ويبدأ الطلب في الارتفاع منذ بداية الشهر، ويبلغ ذروته في آخر ليلتين قبل عيد الفطر، مضيفاً أن الشركات تطرح التصاميم الجديدة في شهر شعبان، وتبدأ في توزيعها على منافذ البيع والمتاجر خلال تلك الفترة.
وأشار الحميد إلى أن سوق الأشمغة شهدت، في السنوات العشر الأخيرة، تنوعاً في التصاميم والموديلات والماركات المعروضة في السوق، وتنافساً كبيراً بين الشركات المنتجة في الجودة والسعر، وفي الحملات التسويقية، وفي إطلاق تصاميم وتطريزات جديدة، من أجل كسب اهتمام المستهلكين وذائقتهم، والاستحواذ على النصيب الأكبر من مبيعات السوق، واستغلال الإقبال الكبير على سوق الأشمغة في فترة العيد. وبين الحميد أن أكثر من نصف مبيعات المتجر من الأشمغة تكون خلال هذه الفترة، مضيفاً أن أسعارها تتراوح ما بين 50 و300 ريال، وتختلف بحسب جودة المنتج، والشركة المصنعة، وتاريخ الموديل، لافتاً إلى أن الشماغ عنصر رئيسي في الأزياء الرجالية الخليجية، ويتراوح متوسط استهلاك الفرد ما بين 3 و5 أشمغة في العام.