قبل أسابيع قليلة من حلول شهر رمضان، طمأن محمد الوفا، الوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة، المواطنين المغاربة بأن الحكومة اتخذت جميع التدابير لضمان وفرة المواد الغذائية خلال شهر الصيام، وتعهد أمام البرلمان بأن أسعار بعض المواد الاستهلاكية، التي ارتفعت خلال الأشهر الماضية، ستشهد انخفاضا.
ومن بين هذه المواد «البيض»، حيث لا تتصور مائدة إفطار مغربية من دون بيض مسلوق. ومن أجل ضمان «الأمن الغذائي» للمغاربة خلال رمضان، استوردت الحكومة 4 آلاف طن من البيض لسد النقص الذي نتج عن إصابة الدواجن بإنفلونزا الطيور من نوع خفيف، توقف معه إنتاج بعض الضيعات، فارتفعت أسعار البيض بشكل غير مسبوق إلى 3 مرات، فتزايد القلق بشأن ما إذا كانت الأسعار ستواصل الارتفاع حتى خلال رمضان الذي يستهلك فيه المغاربة البيض بشكل وافر أكثر من الأيام العادية.
وخلال اليوم الأول من رمضان، لوحظ تراجع طفيف في أسعار البيضة الواحدة، إلا أنها لم تعد بعد إلى ثمنها الأصلي، وهو أقل من درهم أو درهم واحد حسب حجم البيضة. وكان ناشطو التواصل الاجتماعي قد أطلقوا حملة لمقاطعة البيض، بعد ارتفاع سعره تحت اسم «اتركوه ليفقص»، كانت فرصة للتنفيس والتعبير بالصور والعبارات الساخرة عن هذا الموضوع، وان كانت المقاطعة مستحيلة.
ويتناول معظم المغاربة البيض المسلوق على مائدة الإفطار بشكل يومي، مرفقا بشوربة «الحريرة» التقليدية، وحلوى الشباكية الشهيرة المغمسة في العسل، إلى جانب مختلف أنواع الفطائر و«السفوف أو سلو»، وهو خليط مكون من الدقيق والفواكه المجففة المطحونة والسمسم والمنسمات. كما يدخل البيض في تحضير أطباق تقليدية عدة، أشهرها «البسطيلة» المحشوة بالدجاج. ويوجد أيضًا طبق شعبي بسيط شهير، هو طبق البيض والطماطم، أو «البيض ومطيشة» بالعامية المغربية. وهي وجبة خفيفة سريعة التحضير تنقذ من الجوع لمن لا يتقن غيرها.
ويصل معدل استهلاك البيض في المغرب إلى نحو 180 بيضة للفرد الواحد. ويعد هذا المعدل منخفضا مقارنة مع عدد من البلدان، إذ يصل هذا العدد إلى 250 بيضة للمواطن في فرنسا، و400 بيضة في المكسيك، و390 بيضة في اليابان، حسب الجمعية الوطنية لمنتجي بيض الاستهلاك، وهي جمعية نشيطة تحتفي كل سنة باليوم الوطني للبيض الذي يصادف 15 يناير (كانون الثاني) من كل عام، وتبرز خلاله القيمة الغذائية لهذه المادة الحيوية، وتنشر التوعية بأهمية البيض باعتباره مادة أساسية في التوازن الغذائي، وكونه البروتين الحيواني الأرخص.
ويوجد في المغرب نوعان من البيض: البيض «البلدي» والبيض «الرومي». الأول هو بيض «بيو»، أي الذي تضعه الدجاجات في المزارع والضيعات وهي حرة طليقة تأكل من حشائش الأرض، بينما البيض الرومي هو البيض الذي ينتجه الدجاج داخل محاضن. ويتغذى على أعلاف صناعية، وهو الأكثر استهلاكا، ويفضل الجميع البيض البلدي المتميز بلونه الأبيض ومذاقه اللذيذ، لكن ثمنه يزيد قليلا عن البيض العادي، ولا يوجد إلا بكميات محدودة عند بعض البائعين في الأسواق، وغالبا ما يعرض في سلات من القصب، لإغراء الزبائن باقتنائه على أنه منتج صحي وطبيعي جاء مباشرة من المزارع والضيعات، وأيضًا للتمييز بينه وبين البيض الرومي الذي يميل لونه إلى اللون الغامق.
وقبل ارتفاع سعر البيض، كان المغاربة قد استفاقوا قبل أسابيع على ارتفاع «خيالي» في سعر مادة غذائية كانت على الدوام موجودة بوفرة في السوق، وفي متناول الجميع، حتى أنهم جعلوها وصفا للدلالة على كل ما هو بخس، ألا وهي البصل، فهناك عبارة دارجة في المغرب تقول: «ما يسوى حتى بصلة»، أي أرخص من بصلة. لكن مع ارتفاع ثمنها بسبب تأخر سقوط الأمطار في الموسم الفلاحي لهذا العام وموجة البرد، تراجع الإنتاج، فكاد البصل أن يختفي من الأسواق، وإن وجد يكتفي الناس بالسؤال عن سعره، أو شراء كمية قليلة جدا منه، رغم أنه مكون أساسي في الأطباق المغربية لا غنى عنه. ولم يسلم ارتفاع سعر البصل من التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي أيضًا، إذ انتشرت على نطاق واسع صور بصل معروض للبيع في الواجهة الزجاجية للمحال التجارية المخصصة للحلي والجواهر. وأنقذ استيراد البصل من إسبانيا الوضع قبل حلول رمضان، وعادت تدريجيا الأسعار إلى سابق عهدها، فاختفاء البصل من الأسواق أو ارتفاع ثمنه قد يشكل تهديدا حقيقيا لموائد المغاربة في رمضان.
البيض سيد مقادير مائدة الإفطار في المغرب
تراجع أسعاره يطمئن المغاربة في رمضان
البيض سيد مقادير مائدة الإفطار في المغرب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة