حركة الشباب تهاجم معسكرًا للقوات الأفريقية في الصومال

متحدث عسكري لـ«الشرق الأوسط»: الإرهابيون يريدون تدمير الدولة

حركة الشباب تهاجم معسكرًا للقوات الأفريقية في الصومال
TT

حركة الشباب تهاجم معسكرًا للقوات الأفريقية في الصومال

حركة الشباب تهاجم معسكرًا للقوات الأفريقية في الصومال

أعلنت قوات حفظ السلام الأفريقية في الصومال «أميسوم»، أنها تصدت لهجوم مفاجئ شنته عناصر من حركة الشباب الصومالية المتطرفة في ساعة مبكرة من صباح أمس على معسكر للجيش الإثيوبي في منطقة «هالجان» التابعة لإقليم هيران وسط الصومال. وشن الشباب عدة هجمات كبيرة على قواعد لبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال العام الماضي بالطريقة نفسها، لكنها المرة الأولى التي يستهدفون فيها قاعدة للجيش الإثيوبي المعروف بفاعليته.
وطبقا لما أبلغه ناطق باسم هذه القوات لـ«الشرق الأوسط»، فقد حاولت عناصر من هذه الحركة اقتحام المعسكر الذي تتخذه القوات الإثيوبية مقرا لها في منطقة تبعد نحو 300 كيلومتر شمال العاصمة الصومالية مقديشيو.
وأوضح أن القاعدة الإثيوبية تعرضت لهجوم مباغت بسيارة ملغومة أتبعه إطلاق نار كثيف، قبل أن تتمكن القوات الإثيوبية بالتعاون مع القوات الصومالية من احتواء الهجوم والرد عليه لاحقا.
وقال إن القوات الأفريقية دمرت واستولت على أسلحة كثيرة خلال هذا الهجوم بما في ذلك مدافع مضادة للطائرات وصواريخ آر بي جي ومحطات إذاعة محمولة. وتعهد الناطق باسم قوات أميسوم لاحقا، في بيان، باستمرار عملها إلى جانب القوات الصومالية وبقية دول الجوار الجغرافي للصومال للقضاء على ما وصفته بالجماعات الإرهابية المتطرفة، التي قالت إنها تريد تدمير الدولة في الصومال.
ووفقا لكثير من الروايات، فقد انفجرت سيارة مفخخة يقودها انتحاري في المدخل الرئيسي للقاعدة التي تديرها القوات الإثيوبية التي تخدم في أميسوم في مدينة هالجان، حيث أكد شهود عيان أن تفجير السيارة المفخخة دمر مدخل القاعدة، قبل أن يتمكن عدد من الإسلاميين الآخرين من دخول القاعدة بعد ذلك.
وتبنى الجهاديون المرتبطون بتنظيم القاعدة الهجوم في أول الأمر في بيان نشر على حسابهم في موقع الرسائل «تلغرام»، قبل أن تعلن حركة الشباب على لسان الناطق باسم عملياتها العسكرية عبد العزيز أبو مصعب أن مقاتليها قتلوا 60 جنديا وأن 16 مقاتلا من الحركة قتلوا كذلك في الهجوم.
ونقلت وكالة «رويترز» عن أبو مصعب قوله: «اقتحم مقاتلونا قاعدة هالجان لقوات أميسوم». وأضاف أن المهاجمين استخدموا سيارة ملغومة ثم تبادلوا إطلاق النار مع الجنود الإثيوبيين بالقاعدة.
وقال: «كان انفجارا ضخما. دمر البوابة وأجزاء من القاعدة»، لافتا إلى أن عددا من مقاتلي الشباب قُتلوا أيضا لكنه لم يذكر رقما محددا.
وقال إن الانفجار كان قويا ودمر بوابة القاعدة وأجزاء منها وإن مقاتلي الشباب اقتحموا القاعدة وأخرجوا الجنود الإثيوبيين ثم انسحبوا.
وتابع: «مقاتلو الشباب صدوا أيضا هجوما مضادا من جانب قوات جيبوتي المتمركزة في قاعدة أخرى بالمنطقة».
لكن المتحدث باسم قوات أميسوم العقيد جو كيبيت قال في المقابل إن القوات الأفريقية قتلت 110 من الشباب، من بينهم مقاتل أجنبي أبيض البشرة، وصادرت كمية كبيرة من الأسلحة.
وقالت «أميسوم» عبر صفحتها الرسمية على موقع «توتير» إن قواتها بالإضافة إلى القوات الصومالية شنتا هجوما أدى إلى تكبيد المهاجمين خسائر كبيرة في المعدات والأرواح، مشيرة إلى أن المنطقة باتت تحت سيطرة هذه القوات بعد فرار عناصر حركة الشباب.
وتساعد «أميسوم»، التي تضم قوات من بوروندي وجيبوتي وإثيوبيا وكينيا وأوغندا، الحكومة الصومالية على حربها ضد جماعة الشباب منذ أعوام، ما دفع المسلحين للاتجاه إلى أماكن ريفية في جنوب الصومال، ولكن الجماعة ما زالت تشن هجمات دورية في البلاد.
وكثيرا ما تشن حركة الشباب هجمات بالأسلحة النارية والقنابل على مسؤولين وقوات الأمن الصومالية وقوات أميسوم، في مسعى للإطاحة بالحكومة التي يدعمها الغرب، وفرض تفسيرها المتشدد للشريعة الإسلامية في الصومال.
وفي مطلع العام الحالي، أصيبت قوات كينية تعمل ضمن «أميسوم» بخسائر فادحة عندما شن متشددو الشباب غارة عند الفجر على معسكرهم في الأدي قرب الحدود الكينية، وقالت الشباب إنها قتلت أكثر من مائة جندي لكن كينيا لم تقدم رقما محددا للخسائر بين جنودها.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم