حاكم مصرف لبنان يكشف عن إقفال 100 حساب بنكي مرتبط بـ«حزب الله»

مصدر في «المركزي» أكد صدور قائمة جديدة تطال 3 آلاف متعامل

حاكم مصرف لبنان يكشف عن إقفال 100 حساب بنكي مرتبط بـ«حزب الله»
TT

حاكم مصرف لبنان يكشف عن إقفال 100 حساب بنكي مرتبط بـ«حزب الله»

حاكم مصرف لبنان يكشف عن إقفال 100 حساب بنكي مرتبط بـ«حزب الله»

كشف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، عن إقفال مائة حساب مرتبط بما يسمى «حزب الله» فعلاً، تطبيقًا للقانون الأميركي الخاص بمكافحة شبكة تمويل الحزب، مؤكدًا أن «البنك المركزي يعمل على تنفيذ هذا القانون».
وقال سلامة في حديث إلى قناة «CNBC» الأميركية المتخصصة بالشؤون الاقتصادية إن «أولويتنا هي إبقاء لبنان على الخريطة المالية الدولية، ولذلك اتخذنا قرارًا بأن ننفذ القانون الأميركي في لبنان، وقد أرسينا البنية اللازمة للقيام بذلك، لتحقيق أهداف هذا القانون، وفي الوقت نفسه ضمان حقوق المواطنين الشيعة في الولوج إلى المصارف».
إلى ذلك، أعلن مصدر في مصرف لبنان أن «قائمة حسابات جديدة لما يسمى (حزب الله) صدرت، وسيتم إقفالها في الأيام المقبلة، من بينها حسابات لشركات ومؤسسات تابعة للحزب على رأسها مستشفى الرسول الأعظم». وأشار إلى أن «الحسابات المزمع إقفالها ستشمل أكثر من 3 آلاف شخص بين موظفين وشركاء ومتعاملين لصالح الحزب». وقال: «التعميم سيكون صارما بعدم إمكانية فتح حسابات جديدة في أي من المصارف اللبنانية وبأي عملة كانت».
وتعدّ «مستشفى الرسول الأعظم» أبرز مركز طبي للحزب، الذي يستخدمه لعلاج قيادييه وجرحاه الذين يتساقطون في سوريا، وربما أكبر المؤسسات التي تطالها قانون العقوبات الأميركية.
من جهته، أوضح مصدر مصرفي لبناني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «عملية إقفال الحسابات العائدة لما يسمى (حزب الله) ومؤسساته أو القريبين منه، لا تحصل بطريقة كيفية، إنما تخضع أولاً للتدقيق أمام هيئة التحقيق الخاصة بمصرف لبنان». وأشار إلى أن «أي حساب سيقفل قبل صدور رأي هيئة التحقيق يكون مشوبًا بالالتباس».
لكن مصدرًا في مصرف كبير قال لـ«الشرق الأوسط»: «بعد صدور القانون الأميركي، باتت لدينا صيغة جديدة للتعامل مع الحسابات المصرفية العائدة للزبائن، بحيث لم يعد المصرف مطلق الصلاحية في قبول فتح أو إقفال أي حساب، أو التغاضي عن تعاملات وتحويلات تشوبها بعض الشبهات».
أضاف: «لقد أجبر البنك المركزي كل مصرف في لبنان، بإنشاء ما يسمى (دائرة التحقق والانضباط) في الإدارة العامة للمصرف، وهذه الدائرة تطلب بشكل دوري من الفروع تزويدها بمعلومات عن أحد المودعين، فإذا وجدت شبهات تحوم حوله تحيل الأمر إلى البنك المركزي للتحقيق، كي لا يكون هناك تعسف بحق المودع، حيث يقوم البنك المركزي بإحالة الأمر على هيئة التحقيق الخاصة، وعلى هذه الهيئة أن تعطي رأيها خلال شهر، فإذا لم يصدر قرارها خلال هذه المهلة، يعود للمصرف إما بإقفال الحساب أو إبقائه».
ولم يخف المصدر أن المصارف «تتعرض لضغوط هائلة جدًا، يجعلها مقيدة باتباع أدق التفاصيل عند فتح أي حساب، وهذا ما يجعل المصرف محرجًا للغاية في التعامل مع زبائنه ومجتمعه». وقال: «عندما يتعلّق الأمر بشبهات لا يكون هناك أي مجال للمسايرة، حتى لو كانت ودائع الزبون مئات ملايين الدولارات، لأن التأثيرات السلبية لعدم التقيد بالقانون تكون كارثية جدًا على المصرف المخالف».
وكانت صحيفة «الأخبار» القريبة مما يسمى «حزب الله»، أفادت في تقرير لها، أن الصعوبة «لا تتوقف عند الإقفال المتوقع للحسابات وفق اللائحة الأميركية، والذي سيتطور تدريجًا»، مؤكدة أن الأثر السلبي «يكمن في أن العقوبات الأميركية ستطال جمعيات ومؤسسات ومدارس ومستشفيات متفرعة من المؤسسة الأم التي أقفل حسابها، كالمستشفيات التي تتبع (مؤسسة الشهيد)، مثل (مستشفى الرسول الأعظم)، و(مستشفى بعلبك) و(مستشفى البقاع الغربي)، وغيرها من المؤسسات الصحية والاجتماعية والتربوية».
ورجحت الصحيفة «إقفال حسابات (مستشفى بهمن) التابع لجمعية المبرات، وهي إحدى مؤسسات المرجع الديني الشيعي الراحل محمد حسين فضل الله، واحتمال أن يصل الإقفال إلى مؤسسات تربوية تابعة للجمعية». وقالت الصحيفة: «مشكلة الحسابات المالية التي أقفلت تنفيذا للقانون الأميركي، لا تتعلق بالمؤسسة نفسها فحسب، بل يطرح هذا الإقفال مجموعة من الأسئلة والمشكلات المالية والإنسانية والاجتماعية والإدارية دفعة واحدة، فإقفال حساب مستشفى، مثلا، يعني أولاً العاملين فيها ووضعهم المالي وعلاقتهم بالمصارف، وخصوصا من له حسابات توطين أو قروض مصرفية».
وأشارت «الأخبار» إلى أنه «ليس كل الموظفين ولا سيما في المستشفيات، تابعين لـ(حزب الله) أو من الطائفة الشيعية، بمعنى أدق، هناك موظفون وأطباء مسيحيون وسنة يعملون فيها. وهنا يطرح سؤال عن احتمال التعامل النقدي المباشر مع جميع هؤلاء الموظفين، وحالة التداول بالنقد العام وخضوعها للرقابة داخليا وخارجيًا».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم