عندما يصبح الهاتف سلاحا لصورة الموضة

الممثل هنري كافيل لـ«الشرق الأوسط»: اللقطات الخاصة تجعلنا نتواصل مع الجماهير في كل مكان

أياد دموني يلتقط صورًا لمجلة موضة - هنري كافيل وسكارلت جوهانسون ولقطة «سيلفي»
أياد دموني يلتقط صورًا لمجلة موضة - هنري كافيل وسكارلت جوهانسون ولقطة «سيلفي»
TT

عندما يصبح الهاتف سلاحا لصورة الموضة

أياد دموني يلتقط صورًا لمجلة موضة - هنري كافيل وسكارلت جوهانسون ولقطة «سيلفي»
أياد دموني يلتقط صورًا لمجلة موضة - هنري كافيل وسكارلت جوهانسون ولقطة «سيلفي»

إذا كان لكل زمان رجاله، فإن لكل زمان وسائله أيضًا. في الخمسينات، مثلا، توطدت العلاقة بين السينما والموضة، وأصبحا وجهين لعملة واحدة وهدف واحد هو خلق المزيد من التأثير والإبهار. فما إن كان اسم غرايس كيلي يُذكر، حتى يتبادر إلى الذهن اسم «كريستيان ديور»، وحين تُذكر أودري هيبورن يقفز اسم «هيبار جيفنشي»، لهذا كان من الطبيعي أن تأخذ هذه العلاقة، التي بدأت بشكل عضوي، أبعادًا تجارية مع الوقت، بعد أن انتبه المصممون إلى أن النجوم عُملة ذهبية لا تخيب. الآن تعتمد السينما على الموضة لتعزيز عنصر الإبهار والبريق، فيما تعتمد الموضة على السينما للترويج لمنتجاتها.
قوة هذه العلاقة لم تتأثر رغم تعاقب الأجيال وتغير الأذواق، بل العكس تزداد قوة وتأثيرًا في كل عام، بدليل أن الموضة حاضرة في كل الفعاليات السينمائية من حفلات توزيع جوائز الأوسكار و«البافتا»، إلى مهرجان «كان» وغيرها.
ما تغير هو الثقافة العامة ومتطلبات الحياة العصرية. فإذا كان الجيل الماضي قد تغذى على الرومانسية والفنية التي توفرها له السينما، فإن الجيل الحالي يتغذى على التكنولوجيا، وقليل منهم يمكنه العيش من دون أن يتنفسها سواء من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أو الإنترنت. لهذا كان من البديهي أن نشهد في الآونة الأخيرة، تنامي العلاقة بين الموضة والتكنولوجيا، الأمر الذي أثمر على كثير من التعاونات الناجحة. شركة «أبل» مثلاً، دخلت عالم التصميم والموضة منذ بضع سنوات، بتجنيدها رؤساء تنفيذيين متمرسين في عالم الترف بهدف أن يأخذوها إلى مرحلة جديدة وضرورية لاستقطاب الزبون الشاب، علمًا أن كل هؤلاء الرؤساء، سبق لهم العمل في بيوت أزياء كبيرة. أنجيلا أرندتس، مثلاً، كانت الرئيسة التنفيذية في دار «بيربري» البريطانية، ويعود لها فضل كبير في تغيير وجه الدار البريطانية ومصيرها، وبول دينيف، كان سابقًا الرئيس التنفيذي في دار «إيف سان لوران»، وباتريك برينيو، نائب رئيس المبيعات السابق في شركة «تاغ هيوير» للساعات، وغيرهم.
شركة «هاواوي» «Huawei تسير على نفس النهج، لكن بطريقتها الخاصة والفريدة، من خلال جهازها الجديد P9 الذي طرحته تحت شعار الأناقة والموضة. الفرق أنه بينما كان دافع شركة «أبل» من دخول عالم التصميم والموضة هو بيع ساعتها الذكية، فإن دافع «هاواوي» هو تلبية سوق الـ«سيلفي» من جهة، وحاجة المحترفين الراغبين في التقاط صور قوية، من حيث الألوان والجودة من جهة ثانية. بالنسبة لريتشارد يو، الرئيس التنفيذي لمجموعة «هاواوي» لأعمال المستهلكين في منطقة الشرق الأوسط، «فإن جهاز P9 يقدم أفضل تجربة فوتوغرافية بالهواتف الذكية بفضل تعاون شركته مع لايكا «Leica»، الرائدة في مجال التصوير لأكثر من 100 عام. ويشرح أن أغلب الناس حاليًا يستعملون هواتفهم الذكية لالتقاط الصور، الأمر الذي يجعل من التصوير متعة ووظيفة في الوقت ذاته، كما يتطلب جهازًا قادرًا على تغطية احتياجاتهم. و«هذا تحديدًا ما يوفره جهاز P9 باحتضانه برمجيات وأدوات تسمح للمستخدمين بالتقاط صور عالية الجودة، بدءًا بالعدسات البصرية والمستشعرات وصولاً إلى خوارزميات معالجة الصور» حسب تأكيده.
«هاواوي» لم تجند رؤساء تنفيذيين من بيوت أزياء كبيرة لدخول عالم التصميم والموضة، بل اعتمدت على فريق من النجوم والنجمات، من حجم سكارلت جوهانسون وهنري كافيل وغيرهما للظهور في حملاتها. لم تكتف بهذا، بل سلحتهم بهاتفها الجديد، وطلبت منهم استعماله ككاميرا في حياتهم اليومية، ونشر الصور التي يلتقطونها على وسائل التواصل الاجتماعي لتصل إلى الملايين. «ففي عصر السيلفي من المهم أن تأتي الصورة بألوان قوية وجودة عالية» حسب قول «سوبرمان» هنري كافيل، الذي التقته «الشرق الأوسط» في الحفل الضخم الذي أقامته الشركة بلندن، احتفالا بـP9. ورغم أن سكارلت جوهانسون تغيبت عن الحفل بسبب ارتباطات سابقة، فإن «سوبرمان»، هنري كافيل، أدى واجبه كسفير عالمي لـ«هاواوي» على أحسن وجه.
في لقاء جانبي، اعترف أنه يعشق التكنولوجيا منذ طفولته، ويعتبرها جزءًا من الحياة العصرية ومتطلباتها مثل غيره من شباب اليوم. عندما أشير إلى أن عمل الممثل يكون عمومًا أمام الكاميرا وليس وراءها، يرد وكأنه يدافع عن نفسه: «ليست النرجسية الدافع الوحيد الذي يُحرك بعض من يلتقطون صور (سيلفي) وغيرها من الصور التي تنشر على الإنستغرام، ويمكنني القول إن الحياة باتت تتطلبها كلغة عصرية علينا إتقانها واستعمالها بطريقة صحيحة وصحية». ويتابع: «لا يمكنني إنكار أو تجاهل الجوانب الإيجابية للظاهرة، فرغم أن بعض النجوم لا يحتاجون إلى المزيد من الأضواء، فإن جماهيرهم متعطشة للتعرف على الجانب الإنساني من حياتهم، وما يقومون به في حياتهم بعيدًا عن أضواء الكاميرات.. لهذا أعود وأكرر أن الطريقة التي يتم بها التعامل مع الصور و(السيلفي) هي الأهم، وأن الغاية تبرر الوسيلة لحد ما».
الغاية بالنسبة لهنري كافيل هي تسليط الضوء على القضايا الاجتماعية والأعمال الخيرية التي يهتم بها وزيادة التوعية بها، من دون أن ينسى أن يشير إلى أن من واجبه أيضًا أن يأخذ متابعيه على وسائل التواصل معه إلى أماكن بعيدة لا يمكن لكثيرين منهم الوصول إليها «عندما ألتقط صورا رائعة في أماكن نائية، وأنشرها على حسابي الخاص، فإني كمن أصطحبهم معي في نفس الرحلة، وأجعلهم يعيشون معي التجربة، وهنا تكمن قوة وسائل التواصل الاجتماعي وضرورة أن يكون الجهاز الذي تلتقط به هذه الصور المؤثرة بالمستوى المطلوب».
لا يختلف كل من جرب الهاتف، أنه ليس مجرد جهاز صغير وعملي وأنيق يمكن لصاحبه حمله معه طوال الوقت دون تعقيدات، ويؤكدون بأن ما خفي أعظم. فأهم ميزاته أنه يتضمن كاميرا تصوير بعدستين، لا تقل جودة عن تلك التي يستعملها مصورون فوتوغرافيون محترفون، تمكنهم من التقاط صور كائنات حية في الأدغال والغابات أو في الصحاري، بنفس قوة وجودة تلك التي تظهر في مجلة «ناشيونال جيوغرافيك» مثلا. يمكن أيضًا استعماله لتصوير جلسات موضة لمجلات براقة في أماكن مغلقة أو في الهواء الطلق بفضل عنصر الإضاءة التي يتمتع بها، بشهادة مصورين محترفين من أمثال ماري ماكارتني، وديفيد غوتنفلدر من «ناشيونال جيوغرافيك»، بالإضافة إلى المدير التنفيذي العالمي لشبكة «بي بي سي جيم إيغان»، وغيرهم ممن استعملوه لالتقاط صور تسجل رحلاتهم وتجاربهم الخاصة.



الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
TT

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)

تحظى سراويل الجينز اليابانية المصبوغة يدوياً بلون نيلي طبيعي، والمنسوجة على أنوال قديمة، باهتمام عدد متزايد من عشاق الموضة، الذين لا يترددون في الاستثمار في قطع راقية بغض النظر عن سعرها ما دامت مصنوعةً باليد. وعلى هذا الأساس يتعامل كثير من صُنَّاع الموضة العالمية مع ورشات يابانية متخصصة في هذا المجال؛ فهم لا يزالون يحافظون على كثير من التقاليد اليدوية في صبغ قطنه وتصنيعه من الألف إلى الياء.

يوضع القطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن لا يلوّنها وحدها بل أيضاً أيدي العاملين (أ.ف.ب)

داخل مصنع «موموتارو جينز» الصغير في جنوب غربي اليابان، يغمس يوشيهارو أوكاموتو خيوط قطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن يلوّن يديه وأظافره في كل مرّة يكرر فيها العملية. يتم استيراد هذا القطن من زيمبابوي، لكنّ الصبغة النيلية الطبيعية المستخدَمة مُستخرجةٌ في اليابان، ويؤكد أوكاموتو أنّ لونها غني أكثر من الصبغات الاصطناعية. وكانت هذه الطريقة التي يشير إلى أنها «مكلفة» و«تستغرق وقتاً طويلاً»، شائعةً لصبغ الكيمونو في حقبة إيدو، من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر.

العمل في هذه المصانع صارم فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع من صبغة إلى خياطة (أ.ف.ب)

وتشكِّل «موموتارو جينز» التي أسستها عام 2006 «جابان بلو»، إحدى عشرات الشركات المنتِجة لسراويل الجينز، ويقع مقرها في كوجيما، وهي منطقة ساحلية تشتهر بجودة سلعها الحرفية، بعيداً عن سراويل الجينز الأميركية المُنتَجة على نطاق صناعي واسع. ويقول رئيس «جابان بلو»، ماساتاكا سوزوكي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نحن صارمون جداً فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع». ويشمل ذلك «جودة الخياطة والصبغة»، ما يجعل الاعتماد على مهارات التصنيع التقليدية للحرفيين المحليين، مسألة ضرورية.

بيد أن كل ما هو منسوج يدويا ومصنوع بهذا الكم من الحرفية له تكلفته، إذ يبلغ سعر النموذج الرئيسي من الجينز الذي تنتجه «موموتارو» نحو 193 دولاراً. أما النموذج الأغلى والمنسوج يدوياً على آلة خشبية محوّلة من آلة نسج كيمونو فاخرة، فيتخطى سعره 1250 دولاراً.

يعمل أحد الحرفيين على تنفيذ بنطلون جينز باليد بصبر رغم ما يستغرقه من وقت (أ.ف.ب)

ومع ذلك، ازداد الاهتمام بما تنتجه «جابان بلو» على أساس أنها إحدى ماركات الجينز الراقية على غرار «إيفيسو»، و«شوغر كين». وتمثل الصادرات حالياً 40 في المائة من مبيعات التجزئة، كما افتتحت الشركة أخيراً متجرها السادس في كيوتو، ويستهدف السياح الأثرياء بشكل خاص. يشار إلى أن صناعة الجينز ازدهرت في كوجيما بدءاً من ستينات القرن العشرين لما تتمتع به المنطقة من باع طويل في زراعة القطن وصناعة المنسوجات. وخلال حقبة إيدو، أنتجت المدينة حبالاً منسوجة للساموراي لربط مقابض السيوف. ثم تحوّلت بعد ذلك إلى صناعة «تابي»، وهي جوارب يابانية تعزل إصبع القدم الكبير عن الأصابع الأخرى، وانتقلت فيما بعد إلى إنتاج الأزياء المدرسية.

تعدّ سراويل الجينز الياباني من بين أغلى الماركات كونها مصنوعة ومصبوغة باليد (أ.ف.ب)

ويقول مايكل بندلبيري، وهو خيّاط يدير مشغل «ذي دينيم دكتور» لتصليح الملابس في بريطانيا، إنّ سوق سراويل الجينز اليابانية «نمت خلال السنوات الـ10 إلى الـ15 الماضية». ومع أنّ محبي الجينز في الدول الغربية يبدون اهتماماً كبيراً بهذه السراويل، «لا يمكن للكثيرين تحمل تكاليفها»، بحسب بندلبيري. ويتابع قائلاً: «إن ماركات الجينز ذات الإنتاج الضخم مثل (ليفايس) و(ديزل) و(رانغلر) لا تزال الأكثر شعبية، لكن في رأيي تبقى الجودة الأفضل يابانية». ويرى في ضعف الين وازدهار السياحة فرصةً إضافيةً لانتعاش سوق هذه السراويل.

رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها فإن الأنوال القديمة لا تزال هي المستعملة احتراماً للتقاليد (أ.ف.ب)

يعزز استخدام آلات النسيج القديمة رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها، وبالتالي لا تملك سوى رُبع قدرة أنوال المصانع الحديثة، من سمعة «موموتارو جينز» التي تعود تسميتها إلى اسم بطل شعبي محلي. وغالباً ما تتعطَّل هذه الأنوال المصنوعة في الثمانينات، في حين أنّ الأشخاص الوحيدين الذين يعرفون كيفية تصليحها تزيد أعمارهم على 70 عاماً، بحسب شيغيرو أوشيدا، وهو حائك حرفي في موموتارو.

يقول أوشيدا (78 عاماً)، وهو يمشي بين الآلات لرصد أي صوت يشير إلى خلل ما: «لم يبقَ منها سوى قليل في اليابان» لأنها لم تعد تُصنَّع. وعلى الرغم من تعقيد هذه الآلات، فإنه يؤكد أنّ نسيجها يستحق العناء، فـ«ملمس القماش ناعم جداً... وبمجرّد تحويله إلى سروال جينز، يدوم طويلاً».