موازين وملاعق ذكية.. تفصل مكونات الوجبات الغذائية

مجهزة ببيانات ومحركات بحث تدقق في 250 ألف عنصر

ميزان «بريب باد» الذكي
ميزان «بريب باد» الذكي
TT

موازين وملاعق ذكية.. تفصل مكونات الوجبات الغذائية

ميزان «بريب باد» الذكي
ميزان «بريب باد» الذكي

يقرأ بعض الناس الملصقات التي تحتوي على المعلومات الغذائية على الأطعمة بشغف بالغ، بينما يتجاهلها الآخرون، أو يسخرون منها. لكن التسلية هنا هي في تقييم هذه المعلومات، فبعض ما هو مكتوب على بعض المأكولات يؤكد وجود كميات قليلة من الدهون المتحولة المضرة بالصحة، في حين يحدد ما هو مكتوب على بعض الحلوى بأنها غنية بالألياف، وهكذا.
ورغم أن الكثيرين شغوفون بهذه العناوين، لكنها ما تزال تبدو لهم أحيانا على شكل ألغاز، إذ كيف يمكن التأكد من المعلومات في قطعة حلوى من القرع والزبيب والجوز زنتها 70 غراما وتحتوي على 269 سعرة حرارية، و24 غراما من الكربوهيدرات، أو قطعة من كعكعة الكلمنتاين، محضرة منزليا، تتضمن 188 سعرة حرارية، بدلا من قطعة أخرى كبيرة تتضمن 285 سعرة حرارية؟

* ميزان ذكي
«بريب باد» (Prep Pad) هو ميزان، أو مقياس جديد ذكي خاص بالأطعمة المنزلية لا يزن الطعام فحسب، بل يؤمن أيضا تفصيلا لمحتوياته الغذائية. وهو تعليمي ومفيد، ليس لدى تحضير الطعام فقط، بل بالنسبة إلى ما تبقى منه لليوم التالي. لكن، كنت أود أن لو يقدم لي مزيدا من الشفافية الغذائية، لذا وضعت أملي في جهاز آخر يدعم «بلوتوث» هو «هابي فورك» HapiFork (شوكة الطعام السعيدة).
ميزان «بريب باد» هذا قياس 9 × 6.25 بوصة، صنعته شركة «أورانج شيف» المدعومة من قبل «غوغل»، ويباع بسعر 149.95 دولار. ويعمل مع تطبيق «كاونترتوب» على جهاز «آي باد» الذي يظهر تفاصيل المحتويات البروتينية، والكربوهيدرات، والدهون، أثناء تحضير وجبة الطعام.
وتكمن الاكتشافات هنا في الانتظار. وبعض من تلك الاكتشافات جعلني أجفل، إذ ظهر أن طعام إفطاري في الصباح الذي يتألف من اللبن الزبادي، والفراولة، والغرانولا هو بمجموع 524 سعرة حرارية، 25 في المائة منها من الدهون. وبذلك، كانت وجبة إفطاري الصحية مخادعة كبعض السياسيين في العالم!
وبالمقابل، لدى اختياري الفاصوليا الخضراء ووضعها في هذا الميزان، ومن ثم طباعة المكونات الغذائية للوجبة الجديدة، جاءت المفاجأة، إذ لم تحتو الفاصوليا سوى على أربعة غرامات من البروتين في القدح الواحد. وتقر جنيفر نيلسون، مديرة قسم النظم الغذائية في «مايو كلينك»، بأن الخضراوات غير الغنية بالنشويات، مثل البروكولي، تحتوي على كمية مساوية من البروتينات. وكان الهدف من اللجوء إلى الفاصوليا واستخدام «بريب باد» هو تناول المزيد من البروتينات، لكن ليست الحيوانية بل النباتية، مثل اللوز المطحون الذي هو الطحين في قطعة الكلمنتاين المحضرة منزليا التي تناولتها.
وكانت موازين الطعام قد فقدت شعبيتها لدى بعض خبراء التغذية مثل نيلسون، ولكنها بعدما أبلغت عن «بريب باد» قالت: «إن الجمع بين المعلومات والموازين قد يشكل أداة قوية في رفع درجة الإدراك»، لكنها استدركت أن «الأشخاص يستصعبون عموما وزن أطعمتهم بالميزان».
وفي الواقع أن وزن كل مكون من مكونات الطعام هو مضيعة للجهد، لأن الوقت يستغرق فترة أطول قليلا لدى وزن كل بند وإدخاله في التطبيق. والذي يزعج هنا هو عدد الأطباق التي يجري توسيخها خلال هذه المهمة، فبالنسبة إلى البيض، يتوجب أولا وضع وعاء على كفة الميزان والكبس على زر في التطبيق لحساب وزنه، قبل الشروع في كسر البيض. وينطبق هذا الأمر على الكثير من الأغذية الأخرى.

* تدقيق العناصر
وغالبية الرموز الموضوعة على الأغذية المعلبة والموضبة يمكن مسحها، ولكن حتى مع وجود نحو 250 ألف عنصر غذائي محفوظة في محرك البحث في الميزان، فإن بعض الأساسيات لا يمكن العثور عليها. فالشوفان سريع التجهيز من توضيب شركة «كويكر» يبرز وجود ثلاثة غرامات من الألياف في كل وجبة من زنة 28 غراما، ولكن ماذا عن الشوفان المضاف إليه المزيد من الألياف؟
كما أن الموازين تغفل ذكر الموز الأفريقي الذي يقل محتواه السكري عن سائر أنواع الموز، وهذا ضعف فادح. لكن تيمور دار مؤسس شركة «أورانج شيف» يقول إن شركته تقوم بتحسين نتائج البحث هذه، وستضيف بعض البنود الجديدة.
وبالنسبة إلى الأشخاص النهمين في تناول طعامهم، وعد جهاز «هابي فورك» بتغيير هذه العادات السيئة، إذ يتحول هذا الإناء إلى اللون الأحمر ويشرع في الترجرج إذا لم يكن هنالك فاصل مدته عشر ثوان تقريبا بين تناول لقمة وأخرى تدخلان الفم. وبعضهم يستخدم هذا النظام لفقدان الوزن. كما أن الكثير من الآليات المختلفة تعالج الأمر، عن طريق إشعارك بالتخمة، لأن أجسامنا تشعر بالامتلاء بعد 20 دقيقة من شروعنا في الأكل. لذا، فإن الإبطاء في تناول الطعام يجنبك تناول طبق إضافي ثان.

* خدمة «نيويورك تايمز»



«إعادة التحريج»... عوائد إيجابية للمجتمعات الأفريقية

دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
TT

«إعادة التحريج»... عوائد إيجابية للمجتمعات الأفريقية

دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)

شهدت السنوات الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في الاهتمام بمبادرات «إعادة التحريج» بصفتها استراتيجية فعّالة لمواجهة آثار تغيّر المناخ وتحسين سبل معيشة السكان المحليين.

«إعادة التحريج»

تعني «إعادة التحريج»، وفق الأمم المتحدة، استعادة الأراضي التي كانت مغطاة بالغابات من خلال زراعة أشجار جديدة لتعويض الغطاء الحرجي المفقود، بخلاف التشجير الذي يركّز على زراعة أشجار في مناطق لم تكن غابات أصلاً.

وتهدف هذه العملية إلى معالجة تحديات بيئية كبيرة، مثل: التغير المناخي وتآكل التربة، كما تعزّز التنوع البيولوجي، فضلاً عن فوائدها البيئية، مثل تحسين جودة الهواء. وتُسهم «إعادة التحريج» في خلق فرص عمل وتحسين الأمن الغذائي.

ومن أبرز هذه المبادرات «تحدي بون» (Bonn Challenge)، الذي أُطلق عام 2011 بوصفه حملة عالمية، تهدف إلى إعادة تأهيل 350 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة والغابات بحلول عام 2030.

وتشمل هذه المبادرة أساليب متعددة؛ مثل: الزراعة المكثفة لتكوين غابات جديدة لأغراض بيئية أو إنتاجية، والزراعة المختلطة التي تدمج الأشجار مع المحاصيل، أو تربية الحيوانات لزيادة الإنتاجية، بالإضافة إلى التجدد الطبيعي حيث تترك الطبيعة لاستعادة الغابات ذاتياً دون تدخل بشري.

وفي دراسة أُجريت من قِبل فريق بحث دولي من الدنمارك وكندا والولايات المتحدة، تم تحليل تأثير «إعادة التحريج» في تحسين مستويات المعيشة لدى 18 دولة أفريقية، ونُشرت النتائج في عدد 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، من دورية «Communications Earth & Environment».

واعتمدت الدراسة على بيانات أكثر من 200 ألف أسرة بين عامي 2000 و2015. واستخدم الباحثون أساليب إحصائية دقيقة لتحديد العلاقة الإيجابية بين إعادة التحريج وتحسّن مستويات المعيشة.

واستندوا إلى مؤشرات متنوعة لقياس الفقر تشمل التعليم والصحة ومستويات المعيشة؛ حيث أظهرت النتائج أن زراعة الأشجار أسهمت بشكل مباشر في تحسين الدخل وتوفير فرص عمل، بالإضافة إلى آثار اقتصادية غير مباشرة. كما أظهرت أن مناطق زراعة الأشجار كان لها تأثير أكبر من مناطق استعادة الغابات الطبيعية في تخفيف حدة الفقر.

يقول الباحث الرئيس للدراسة في قسم علوم الأرض وإدارة الموارد الطبيعية بجامعة كوبنهاغن، الدكتور باوي دن برابر، إن الدراسة تطرح ثلاث آليات رئيسة قد تُسهم في تقليص الفقر، نتيجة لتوسع مزارع الأشجار أو استعادة الغابات.

وأضاف، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن الآليات تتمثّل في توفير الدخل من خلال بيع منتجات الغابات، مثل: المطاط أو زيت النخيل، ما يسمح للأسرة بزيادة مواردها المادية. كما أن زراعة الأشجار قد تؤدي إلى خلق فرص عمل للسكان المحليين، في حين يمكن أن تُسهم مناطق التجديد البيئي في تحسين الظروف البيئية، ما يفيد الأسر المحلية من خلال النباتات والحيوانات التي يمكن بيعها وتوفير دخل إضافي للسكان.

ووفقاً لنتائج الدراسة، هناك مؤشرات من بعض البلدان؛ مثل: أوغندا، وبنين، أظهرت زيادة في النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار مقارنة بتلك التي لا تحتوي عليها.

تأثيرات الاستدامة

كما أشارت الدراسة إلى أن برامج التشجير في أفريقيا التي تهدف إلى استعادة أكثر من 120 مليون هكتار من الأراضي عبر مبادرات، مثل: «السور الأخضر العظيم»، و«الأجندة الأفريقية لاستعادة النظم البيئية»، تمثّل جهداً كبيراً لمكافحة الفقر وتدهور البيئة.

وتُسهم نتائج الدراسة، وفق برابر، في النقاش المستمر حول استدامة تأثيرات زراعة الأشجار في التنوع البيولوجي والمجتمعات المحلية، من خلال تسليط الضوء على الفوائد المحتملة لهذه المبادرات عندما يتمّ تنفيذها بشكل مدروس ومتوازن. كما أظهرت أن مبادرات زراعة الأشجار، مثل «تحدي بون»، يمكن أن تؤدي إلى نتائج إيجابية للمجتمعات المحلية، سواء من حيث تحسين مستوى المعيشة أو تعزيز التنوع البيولوجي.

وتوصي الدراسة بأهمية مشاركة المجتمعات المحلية في هذه المبادرات بصفتها شرطاً أساسياً لضمان استدامتها ونجاحها، فالتفاعل المباشر للمجتمعات مع المشروعات البيئية يزيد من تقبلها وفاعليتها، مما يعزّز فرص نجاحها على المدى الطويل.