جاك دريدا ومقاربة جديدة لمفهوم الكذب

أكثر تطابقًا مع الحقيقة وملتصق بالصورة التي تبرز الواقع وتلغيه

جاك دريدا ومقاربة جديدة لمفهوم الكذب
TT

جاك دريدا ومقاربة جديدة لمفهوم الكذب

جاك دريدا ومقاربة جديدة لمفهوم الكذب

شكل مفهوم الكذب، موضوعا بالغ الأهمية في الفكر الفلسفي مند بداياته الأولى. فالفلسفة بحث عن الحقيقة وسعي إليها. ولا يمكن بلوغ هذه الغاية إلا عن طريق تعرية أضدادها، المتمثلة في الوهم، والزيف، والأسطورة، والخيال. ولعل في الحوارات السقراطية ضد السفسطائية، والكهف الأفلاطوني، والتمييز بين الحقيقة والدوكسا (الفكر اليومي)، والحقيقة والدوغما، أبلغ مثال على هذا الأمر. يصنف الكذب في إطار اللاحقيقة. وهو مفهوم زلق متقلب، من الصعب الإمساك به وتصنيفه وتخليص الحقيقة منه. فنقيض الحقيقة له ألف وجه ووجه. ولا يمكن الإلمام به كليا، وبالحقل الذي يشغله، كما يعبر عن ذلك مونتيني، لأنه يشتغل في المناطق المظلمة، بين الذات والموضوع، الحقيقة والواقع، الحقيقة والوهم، النية الحسنة والنية السيئة. فيصبح الكذب أحيانا، أكثر الحقائق صدقا ويقينا، ويصدقه حتى أولئك الذين يعتقدون في قرارات أنفسهم، بأنهم أكثر الناس تحصنا ضده.
يحاول الفيلسوف الفرنسي، جاك دريدا (1930 - 2004) في كتابه تاريخ الكذب، الذي عمل على ترجمته وتقديمه الأستاذ أحمد بازي، عن المركز الثقافي العربي 2016. أن يعود إلى هذا المفهوم، من خلال مختلف المرجعيات الفلسفية التي قاربته على مدار تاريخ الفلسفة، بغية مساءلتها، والاحتفاظ بما يساعد على فهم منطق اشتغال الكذب في زمننا المعاصر، وفي الوقت نفسه، نقد مختلف التصورات التي لم تفلح في أن تحيط بهذا المفهوم إحاطة تامة.
عرض جاك دريدا لمقاربات كثيرة للكذب في تاريخ الفلسفة، باحثا فيها عما يمكن أن يساعده على فهم جيد له. لكنه في النهاية، يؤكد على أن هذه المقاربات، لا تحيط بالكذب كما أصبح معقدا في زمننا المعاصر. ليس الكذب خطأ كما ارتأى ذلك نيتشه. فقد نخطئ من دون أن نكون كاذبين. وليس الكذب phantasma، الذي يعني بالنسبة لليونان الخيال والخرافة. وهو ليس pseudos الذي يجمع بين الخطأ والخداع والتزوير بشكل معقد، كما هو وارد في محاورة هيبياس. كما أن الكذب ليس لا قصدية، كما هو وارد عند أفلاطون. فمن المستحيل أن نجد كذبا غير مقصود. وهذا ما يصححه أرسطو بتحديد أدق، حيث لا يعني الكذب عنده فقط فعل الكذب، وإنما نية إحداثه. إنه فعل ضد إيمان الشخص، أي أن الشخص يكذب، على الرغم من أنه مؤمن بعكس ذلك. والإيمان قدسية بالنسبة لأوغسطين، والصدق مقدس، والكذب ضد هذا المقدس. وبالتالي، يصبح قول الحقيقة بالنسبة لأوغسطين مقدسا. وهذا ما يتبناه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط، جاعلا هذه القدسية عقلية وليست دينية فقط. وهو أكثر فيلسوف مؤثر في نظر دريدا في هذا المجال، حيث توقف عنده كثيرا. ربط كانط بين الحقيقة والصدق. الصدق ضد الكذب. والكذب ضد الحقيقة. قول الصدق واجب مقدس بشكل قطعي إلزامي ولا مشروط. فلا وجود حتى لكذب نافع. بل إن الكذب النافع جريمة في حق الواجب والأخلاق والإنسانية. لأن الكلام مع الآخرين أصلا وعد بقول الحقيقة، والكذب إخلاف لهذا الوعد، وفي الوعد توجد الحرمة والقداسة التي تطبع الوصية الأخلاقية لقول الصدق.
رغم الإغراء الذي تقدمه المقاربة الكانطية، إلا أنها بالنسبة لدريدا غير كافية لتقديم طرح واف للكذب وتعقيداته. فقد أعاد كانط الصدق إلى الذات. فالصدق أخلاق نابعة من الذات. والكذب هو الآخر، كذب نابع من الذات. الذات هي المركز. إلا أن هذه الذات في نظر دريدا، لا تعيش معزولة محصنة في قلعتها، تحلل وتحرم. بل إنها تنخرط في واقع وسياق ومجتمع وتاريخ. أي أن الجوانب التاريخانية للكذب، هي أكثر الجوانب المؤثرة فيه. ليس الكذب مرتبطا بالذات فقط، بل بالواقع والتاريخ والظروف. هكذا، من الضروري في نظر دريدا، أن نتجاوز طرحين اثنين غير دقيقين لمفهوم الكذب: الطرح الأول ينظر إلى الكذب كفعل مسيطر - كما هو وارد عند حنة آرندت التي اعتبرت أن هناك تحولا تاريخيا على مستوى الظروف والبنية والتجارب المشتركة المؤسسة لهذا المفهوم، حيث ترى أن الكذب قد اكتمل في هذا العصر بشكل كبير جدا، وتحول التاريخ، بشكل عام، إلى كذب بالمطلق. وكظاهرة أضحت شمولية مميزة للعصر، تنعزل عن الذوات التي تمارسها، كأن المسألة أضحت خارج قدرات الفرد الواعية، والطرح الثاني، أن ننظر إلى الكذب كفعل محصور في الذات الحرة المؤمنة، التي يجب أن تحتفظ بقدسية الحقيقة كما سبقت الإشارة لذلك عند كانط.
يتجاوز دريدا طرح إيمانويل كانط، وينطلق من طرح حنة آرندت، ليعمل على تخطيه هو الآخر بعد ذلك، ليربط بين الكذب وفعل الكذب. ففعل الكذب يتوجه إلى الآخرين، ولا يمكن الكذب إلا على الآخرين، قصد خداعهم وتضليلهم وإلحاق الأذى بهم، ودفعهم إلى الاعتقاد بأشياء يعرفون أنها غير صحيحة؛ حيث إن الكاذب يعرف حقيقة ما يعزم قوله، ويعرف كذلك الفرق الموجود بين ما يفكر فيه وما يقوله ولمن سيقوله، والنتائج المترتبة عن هذا، وإلا فلا نقول إن الكلام ينتمي إلى خاصية الكذب. وبالتالي، فالمقصد هنا، أولا وأخيرا، هو الأهم، حيث يتوفر على بعد إنجازي، ويرمي إلى خلق الحدث والدفع إلى الاعتقاد به. هكذا يمكن أن نجد منطقة حرة من السهل علينا أن نمسك فيها بالكذب، في ارتباطه، ليس بالأخلاق فقط، وإنما بالثقافة والمعتقد والسياسة، حيث ينبغي الكشف عن الأقنعة والتقنيات والوسائل الموظفة للقيام به.
انطلاقا من هذا التحديد، يدخل دريدا إلى صلب الموضوع ليربط الكذب بالسياسة، فالكذب وسيلة للحكم، والديماغوجية يمتهنها كل من في سدة الحكم؛ حيث أصبح بالإمكان التلاعب بالوقائع، حتى في العالم الحر، من طرف تنظيمات ضخمة تخدم مصالح أطراف معينة، تعمم العقلية المرتبطة بمصلحة الدولة. فيتم التلاعب على مستوى واسع بالآراء والأحداث، وحتى بحقائق معروفة من طرف الجميع. والرسم غير مطالب منه أن يطابق الواقع بل أن يحل محله. وبعبارة أخرى، غالبا ما يكون الفرق بين الكذب التقليدي والكذب العصري، هو الفرق ذاته الذي يوجد بين الحجب والنقض. لقد أضحى الكذب السياسي في هذا العصر، دراسة واستراتيجية. كما أن قول الحقيقة هو الآخر يخضع للمعايير نفسها، وبالتالي لا بد من البحث في الخصوصية التاريخية والسياسية والتقنية الإعلامية للكذب. فليست كل الحقائق صالحة للإفصاح. والأمر ليس مقدسا ولا مشروطا بالشكل الذي يريده كانط. أي أنه يجب الأخذ بالحسبان لكل الإكراهات التي يمكن افتراضها، والمراعاة بكل براغماتية للفرص المواتية، والعواقب المحتملة، وأشكال التعبير البلاغية المستعملة، ومشاعر المتلقي، سواء كان خاسرا أو مستفيدا. فيصبح من الضروري الاشتغال بمنطق جديد، وتجاوز الثنائية القائمة على الصدق والكذب عن طريق استحضار منطق الوعي والإنجازية. ولنأخذ على سبيل المثال، رفض بيل كلينتون الاعتراف بأن إلقاء القنبلة النووية على هيروشيما كان من دون مبرر، على الرغم من الشهادات المناقضة لذلك. ولنأخذ مثالا آخر: التصريح الذي أدلى به الوزير الأول الياباني موراياما لما عبر باسمه الخاص، عن أسفه الصادق والعميق، وبحداده الشخصي، عن الجرائم المرتكبة من طرف اليابان بعد الحرب العالمية الثانية، في جميع أنحاء آسيا، من دون أن يلزم الدولة، ومن دون استحضار الإمبراطورية اليابانية. والأمثلة كهذه كثيرة جدا. فهل نطالب هنا بيل كلينتون بالالتزام بقول الحقيقة كواجب مقدس كما يرى كانط؟ وهل نقول إن اعتراف موراياما حقيقة أم كذب؟ وهل نرجع إلى الشخص الفاعل الذي يقصد بدقة ما يقول، أم نمضي كما ترى آرندت، ونربطه بالمشهد السياسي الكاذب بمجمله؟ هل تسعفنا ثنائيات الصدق والكذب، والنية السيئة والحسنة، لفهم كل هذه المظاهر؟ هكذا يصبح الكذب مختلفا تماما عن الخطأ، أو النقص الذي قد يعتري المعلومات أو الخبرات. وهو يستدعي العزم المقصود على إلحاق الأذى، وبالتالي لا بد من إعادة مساءلة الشهود والتواريخ والأرشيفات، حيث تنخرط وسائل الإعلام، إضافة إلى الجامعات والأساتذة والمثقفين. وبالموازاة مع ذلك، إعادة كتابة تاريخ للتزوير والنفي والإنكار. ولا بد من الكشف من داخل الدولة على مختلف التعبيرات والتعديلات الإنكارية، وكل عبث بالصور والمشاهد.
لم يعد الكذب هنا، ادعاء مناقضا للحقيقة فقط. كما أنه لا يمكن اعتباره جهلا. ولا يمكن كذلك إلحاقه بالكذب على الذات. فهو ينتمي إلى صنف آخر، بحيث لا يمكن اختزاله في مختلف المقولات التي ورثناها من أفلاطون إلى أوغسطين وروسو حتى كانط وآرندت. وبالتالي، من الضروري التفكير بطريقة جديدة لمقاربته، حتى لا نفتح الباب أمام انحرافات ذات طابع شمولي، ونتسلح بالأدوات الملائمة لفهم هذا الإشكال، فقط لأن الكذب كما يعرفه عصرنا، لم يسبق له مثيل. إنه كذب أكثر تطابقا مع الحقيقة، وملتصق بالصورة الواقعية التي تبرز الواقع وتلغيه في الوقت نفسه.



أسود منمنمة من موقع الدُّور في أمّ القيوين

أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان
أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان
TT

أسود منمنمة من موقع الدُّور في أمّ القيوين

أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان
أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان

خرجت من موقع الدُّور في إمارة أم القيوين مجموعة كبيرة من اللقى الأثرية المتنوّعة، تعود إلى حقبة تمتد من القرن الأول ما قبل الميلاد إلى القرن الثاني للميلاد. كشفت أعمال التصنيف العلمي الخاصة بهذه اللقى عن مجموعة من القطع العاجية المزينة بنقوش تصويرية، منها عدد كبير على شكل أسود تحضر في قالب واحد جامع. كذلك، كشفت هذه الأعمال عن مجموعة من القطع المعدنية النحاسية المتعدّدة الأحجام والأنساق، منها 4 قطع على شكل أسود منمنمة، تحضر كذلك في قالب ثابت.

تمثّل القطع العاجية تقليداً فنياً شاع كما يبدو في شمال شرقي شبه الجزيرة العربية، وتنقسم حسب نقوشها التصويرية إلى 3 مجموعات، فمنها ما يمثّل قامات أنثوية، ومنها ما يمثّل قامات آدمية مجرّدة يصعب تحديد هويتها الجندرية، ومنها ما يمثّل بهائم من الفصيلة السنورية. تزين هذه البهائم قطع يتراوح حجمها بين 3 و4.5 سنتيمترات عرضاً، حيث تحضر في تأليف تشكيلي ثابت، مع اختلاف بسيط في التفاصيل الجزئية الثانوية، ويوحي هذا التأليف بشكل لا لبس فيه بأنه يمثّل أسداً يحضر في وضعية جانبية، طوراً في اتجاه اليمين، وطوراً في اتجاه اليسار. يغلب على هذا الأسد الطابع التحويري الهندسي في تصوير سائر خصائصه الجسدية، من الجسم العضلي، إلى الرأس الكبير، إلى الأرجل الصغيرة. نراه فاتحاً شدقيه، رافعاً قائمتيه الأماميتين، وكأنه يستعدّ للقفز، ويظهر ذيله من خلفه وهو يلتف ويمتد إلى أعلى ظهره.

ملامح الوجه ثابتة لا تتغيّر. العين دائرة كبيرة محدّدة بنقش غائر، يتوسّطها ثقب يمثّل البؤبؤ. الأذنان كتلتان مرتفعتان عموديتان، والأنف كتلة دائرية موازية. فكّا الفم مفتوحان، ويكشفان في بعض القطع عن أسنان حادة مرصوفة بشكل هندسي. تحدّ الرأس سلسلة من النقوش العمودية المتوازية تمثل اللبدة، وهي كتلة الشعر الكثيف الذي يغطي الرقبة. يتكون الصدر من كتلة واحدة مجرّدة، تعلوها سلسلة من النقوش الغائرة تمثل الفراء. يتبنى تصوير القائمتين الخلفيتين نسقين متباينين؛ حيث يظهر الأسد جاثياً على هاتين القائمتين في بعض القطع، ومنتصباً عليها في البعض الآخر. في المقابل، تظهر القائمتان الأماميتان ممدّدتين أفقياً بشكل ثابت. أرجل هذه القوائم محدّدة، وهي على شكل كف مبسوطة تعلوها سلسلة من الأصابع المرصوفة. الذيل عريض للغاية، وتعلو طرفه خصلة شعر كثيفة تماثل في تكوينها تكوين أرجله.

عُثر على سائر هذه القطع العاجية في قبور حوت مجموعة كبيرة من اللقى شكّلت في الأصل أثاثها الجنائزي. للأسف، تبعثر هذا الأثاث، وبات من الصعب تحديد موقعه الأصلي. كانت القطع العاجية مثبّتة في أركان محدّدة، كما تؤكد الثقوب التي تخترقها، غير أن تحديد وظيفتها يبدو مستحيلاً في غياب السند الأدبي الذي من شأنه أن يكشف عن هذه الوظيفة الغامضة. تحضر الأسود إلى جانب القامات الآدمية، والأرجح أنها تشكّل معاً علامات طوطمية خاصة بهذه المدافن المحلية.

تمثّل القطع العاجية تقليداً فنياً شاع كما يبدو في شمال شرقي شبه الجزيرة العربية

إلى جانب هذه القطع العاجية، يحضر الأسد في 4 قطع معدنية عُثر عليها كذلك ضمن أثاث جنائزي مبعثر. تعتمد هذه القطع بشكل أساسي على النحاس، وهي قطع منمنمة، تبدو أشبه بالقطع الخاصة بالحلى، واللافت أنها متشابهة بشكل كبير، ويمكن القول إنها متماثلة. حافظت قطعتان منها على ملامحها بشكل جلي، وتظهر دراسة هذه الملامح أنها تعتمد نسقاً مميزاً يختلف عن النسق المعتمد في القطع العاجية، بالرغم من التشابه الظاهر في التكوين الخارجي العام. يحضر هذا الأسد في كتلة ناتئة تبدو أشبه بالقطع المنحوتة، لا المنقوشة، ويظهر في وضعية جانبية، جاثياً على قوائمه الـ4، رافعاً رأسه إلى الأمام، ويبدو ذيله العريض في أعلى طرف مؤخرته، ملتفاً نحو الأعلى بشكل حلزوني. العين كتلة دائرية ناتئة، والأذن كتلة بيضاوية مشابهة. الفكان مفتوحان، ممّا يوحي بأن صاحبهما يزأر في سكون موقعه. اللبدة كثيفة، وتتكون من 3 عقود متلاصقة، تحوي كل منها سلسلة من الكتل الدائرية المرصوفة. مثل الأسود العاجية، تتبنى هذه الأسود المعدنية طابعاً تحويرياً يعتمد التجريد والاختزال، غير أنها تبدو أقرب من المثال الواقعي في تفاصيلها.

يظهر هذا المثال الواقعي في قطعة معدنية من البرونز، مصدرها موقع سمهرم، التابع لمحافظة ظفار، جنوب سلطنة عُمان. عُثر على هذه القطعة في ضريح صغير يعود إلى القرن الأول قبل الميلاد، واللافت أنها وصلت بشكلها الكامل، وتتميز بأسلوب يوناني كلاسيكي يتجلّى في تجسيم كتلة الجسم وسائر أعضائها. يظهر الأسد واقفاً على قوائمه الـ4، مع حركة بسيطة تتمثل في تقدم قائمة من القائمتين الأماميتين، وقائمة من القائمتين الخلفيتين، وفقاً للتقليد الكلاسيكي المكرّس. يحاكي النحات في منحوتته المثال الواقعي، وتتجلّى هذه المحاكاة في تجسيم مفاصل البدن، كما في تجسيم ملامح الرأس، وتبرز بشكل خاص في تصوير خصلات اللبدة الكثيفة التي تعلو كتفيه.

يبدو هذا الأسد تقليدياً في تكوينه الكلاسيكي، غير أنه يمثّل حالة استثنائية في محيطه، تعكس وصول هذا التقليد في حالات نادرة إلى عمق شمال شرقي شبه الجزيرة العربية.