تتطلع الحكومة التونسية إلى تنفيذ مشروع «بنك الجهات» خلال الأشهر المقبلة؛ للمساهمة في تمويل عملية التنمية على مستوى الجهات والأقاليم ودعم حركة الأعمال والاستثمار، وتمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة في المناطق الأقل نموا، والقضاء على جزء كبير من بطالة الفئات الشابة.
وفي هذا الصدد، دعت الحكومة قبل أيام جميع الوزارات والأطراف المعنية بمشروع «بنك الجهات» في تونس إلى إنهاء أعمالها المتعلقة بالجوانب التقنية والتنظيمية في غضون هذا الأسبوع.
وقالت إن «الإسراع في استكمال الجوانب التقنية والتنظيمية سيمكن الحكومة من المرور إلى مرحلة الإنجاز والتطبيق، وذلك بالتزامن مع انطلاق العمل بمقتضيات المخطط التنموي 2016 – 2020».
ولتحقيق هذا الهدف؛ أقرت السلطات التونسية إعادة هيكلة بعض مؤسسات التمويل العمومي على غرار بنك تمويل المؤسسات الصغرى وشركات تمويل الاستثمار في رأسمال التنمية (سيكار)، وقالت إن «رأسمال البنك الجديد يأتي من الاستثمارات الحكومية المزمع رصدها خلال السنوات الخمس المقبلة، وهي في حدود مليار دينار تونسي (نحو 500 مليون دولار) أي بحصة 200 مليون دينار تونسي في السنة».
وأكد سليم شاكر وزير المالية، أن مشروع «بنك الجهات» سيشمل جميع الولايات – المحافظات، وسيكون قابلا للتنفيذ خلال النصف الثاني من السنة الحالية (2016) وسيخصص لتمويل مشاريع الشباب ودعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة.
وسيوجه البنك الجديد تدخلاته نحو الشباب العاطل عن العمل وخريجي الجامعات، ويساعدهم على إرساء مشاريعهم وبعث شركات في اختصاصات متعددة؛ على أن تكون هذه المشاريع معافاة من الجباية لمدة خمس سنوات.
وحسب الإحصائيات الرسمية، فقد قُدر عدد العاطلين عن العمل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بأكثر من 600 ألف عاطل عن العمل، من بينهم 233 ألفا من الحاصلين على شهادات عليا، وهو ما يمثل نسبة 15 في المائة من إجمالي السكان الناشطين.
ولا يزال نسيج المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس محدودا للغاية؛ إذ لا يتجاوز المعدل العام لإحداث هذه المؤسسات خلال السنوات الأخيرة نسبة 0.64 مؤسسة لكل ألف ساكن مقابل 19 في أميركا اللاتينية، و29 في أوروبا الوسطى و45 في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية؛ وهو ما يستدعي دعم هذا النوع من الاستثمارات عبر تشجيع الشباب على المبادرات الخاصة.
وتتراوح قيمة استثمار بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة بين 10 آلاف دينار و300 ألف دينار تونسي (بين 5 آلاف و150 ألف دولار) يوفر للمستثمرين فرص الحصول على قروض بنسب فائدة ضئيلة.
وتحاول الحكومة في سياستها التشغيلية دفع الشباب العاطل عن العمل نحو المبادرات الفردية وإنشاء مشاريع خاصة عبر تمويلات مصرفية، أو جمعياتية خاصة، في ظل تراجع قدرات الدولة على الانتداب في القطاع العام الذي يتحمل أكثر من احتياجاته الحقيقية، وتصطدم هذه السياسة بطلب مؤسسات التمويل ضمانات للحصول على القروض، هذا من ناحية، وضمان نسبة التمويل الذاتي المقدرة بنحو 10 في المائة من الكلفة الإجمالية للمشروع من ناحية ثانية، إضافة إلى صعوبات ترويج المنتج، سواء في الأسواق الخارجية أو الداخلية.
وتنتشر في تونس شبكة من الهياكل الحكومية الممولة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، ومن بينها البنك التونسي للتضامن، ويقدم قروضا تبلغ 20 ألف دينار تونسي بالنسبة لخريجي الجامعات، ولا يمكن أن تفوق القروض 10 آلاف دينار لبقية طالبي القروض المالية، وبنسبة فائض سنوية لا تتجاوز 5 في المائة.
أما الصندوق الوطني للتشغيل، فهو يتكفل بتمويل آليات متعددة لتشغيل الشباب، وخاصة لبعث مؤسسات أو مشاريع صغرى مستقلة، ويشجع الصندوق على بعث مؤسسات صغرى لا تفوق كلفتها 50 ألف دينار تونسي، وتمر عن طريق البنك التونسي للتضامن، كما يوجد في تونس صندوق للنهوض بالصناعات التقليدية والمهن الصغرى إلا أن تعقيد الإجراءات والروتين الإداري يجعل عملية الحصول على تلك القروض مسألة صعبة ومعقدة.
وبشأن البنك الجديد المزمع إحداثه، قال معز الجودي، الخبير الاقتصادي والمالي، إن الخشية في تونس أن تعاد التعقيدات نفسها على مستوى الإجراءات والروتين الإداري الذي تعرف به معظم هياكل التمويل الجهوي القائمة حاليا.
وتوقع أن يعرف هذا البنك نجاحا في حال توفر إرادة سياسية لتغيير الواقع الاجتماعي والاقتصادي في الجهات، واعتبر الخطوات الأولى مهمة للغاية في مسيرة هذا البنك؛ فهي التي ستجعل المقبلين عليه من الشباب يقيمون مدى استجابته لتطلعاتهم، على حد قوله.
تونس تقاوم البطالة والتفاوت بين المناطق عبر مشروع «بنك الجهات»
رأسماله في حدود 500 مليون دولار وهدفه تمويل المشاريع الصغرى
تونس تقاوم البطالة والتفاوت بين المناطق عبر مشروع «بنك الجهات»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة