مظاهرات جديدة بوسط طرابلس احتجاجًا على تدهور الأوضاع المعيشية

الاتحاد الأوروبي يتجه لمراقبة تصدير السلاح بحرًا إلى ليبيا

مظاهرات جديدة بوسط طرابلس احتجاجًا على تدهور الأوضاع المعيشية
TT

مظاهرات جديدة بوسط طرابلس احتجاجًا على تدهور الأوضاع المعيشية

مظاهرات جديدة بوسط طرابلس احتجاجًا على تدهور الأوضاع المعيشية

بينما تظاهر العشرات بميدان الشهداء بوسط العاصمة الليبية طرابلس أمس، احتجاجا على عدم توافر السيولة المادية في المصارف المحلية والانقطاع المستمر للكهرباء ومياه الشرب، اقترح الاتحاد الأوروبي توسيع تفويض منحه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة العام الماضي لمهمة بحرية أوروبية ضد مهربي البشر، ليتيح لها التعامل أيضا مع تهريب الأسلحة في عرض البحر قبالة ليبيا لكن روسيا عبرت عن قلقها تجاه الفكرة.
وشهد ميدان الشهداء بوسط طرابلس تجمعا للعشرات من السكان الذين أغلقوا الميدان لبعض الوقت احتجاجا على المعاناة اليومية لسكان العاصمة في توفير مستلزماتهم المعيشية خاصة المياه والكهرباء.
في المقابل، وزعت بريطانيا على الدول الأعضاء بمجلس الأمن وعددها 15 مشروع قرار للموافقة على إجراء يسمح بتشدد الرقابة على نقل أو تصدر أسلحة مهربة إلى ليبيا، حيث عبرت نسخة من مسودة القرار اطلعت عليها وكالة «رويترز» عن القلق من أن الأسلحة المهربة، ربما تستخدمها جماعات إرهابية تنشط في ليبيا، منها «داعش».
وقال دبلوماسيون في المجلس إنهم يأملون في التصويت على مسودة القرار - التي سيتم تعديلها على الأرجح - بنهاية الشهر. وأفادت فيدريكا موغيريني مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي للمجلس: «نطلب مجددا الآن من هذا المجلس الموافقة على قرار يفوض العملية صوفيا تطبيق حظر الأمم المتحدة للسلاح في أعالي البحار قبالة ساحل ليبيا». مضيفة: «يحدوني الأمل في أن يفعل هذا المجلس مرة أخرى الشيء الصواب ويساعدنا في جعل البحر المتوسط مكانا أكثر أمانا للجميع».
وأعلن سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين أن موسكو لا تعارض السماح للعملية البحرية الأوروبية بتفتيش السفن بحثا عن أسلحة مهربة؛ لكننا «نحتاج أن نكون حذرين للغاية تجاه ذلك».
وأضاف تشوركين للصحافيين «يجب أن يتم كل شيء بطريقة لا تثير أي شكوك بين أي من الأطراف الليبية»، موضحا أنه يقدر الجهود التي تقوم بها العملية صوفيا لإنقاذ أرواح المهاجرين الذين يحاولون عبور البحر المتوسط؛ لكنه أشار إلى أن عدد الأشخاص الذين غرقوا هذا العام أكثر ممن غرقوا في نفس الفترة العام الماضي.
وسأل تشوركين مجلس الأمن قائلا: «السؤال الذي يطرح نفسه هو: إلى أي مدى سيكون من الملائم في هذا الموقف أن نوسع تفويض العملية صوفيا بمهام مراقبة إضافية - رغم أهميتها - على تدفقات الأسلحة المهربة؟».
وتقول المنظمة الدولية للهجرة إن قرابة 50 ألف مهاجر وصلوا إلى إيطاليا هذا العام من شمال أفريقيا بينما توفي نحو 2000 أثناء محاولة الوصول.
وفرض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حظرا للسلاح على ليبيا في 2011 عندما اتخذ العقيد الراحل معمر القذافي إجراءات مشددة للتعامل مع احتجاجات تنادي بالديمقراطية، حيث يسمح لحكومة ليبيا باستيراد أسلحة بموافقة لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن.
من جانبه، كشف رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا مارتن كوبلر، عن فرار أكثر من ستة آلاف عائلة من مدينة سرت وحدها إلى الفرار من منازلها هربا من الاشتباكات المستمرة والعمليات العسكرية ضد تنظيم داعش.
وقال كوبلر في إحاطته لمجلس الأمن: «لقد اتخذ الكثيرون من المدارس والجامعات والمباني العامة مأوى لهم، ووصل عدد النازحين في ليبيا إلى رقم مهول وهو 435 ألف شخص»، لافتا إلى أن قدرات المجتمعات المحلية ووكالات الإغاثة على استضافتهم وتقديم المساعدة لهم وصلت إلى درجة الانهيار.
وبعدما رأى أن ليبيا لا تزال من دون حكومة معتمدة بشكل رسمي، طالب لمجلس النواب بالوفاء بالتزاماته بموجب الاتفاق السياسي الليبي بالتصويت على اعتماد حكومة الوفاق الوطني. واقترح كوبلر ست نقاط لحل الأزمة الليبية، أهمها اعتبار المجلس الرئاسي لحكومة السراج المُتلقّي الشرعي الوحيد للمساعدة الأمنية الدولية بصفته القائد الأعلى لجيش ليبي موحد.
كما اعتبر أن تجنب وقوع أعمال عدائية بين الأطراف الأمنية الليبية المختلفة المنخرطة في القتال ضد «داعش» يتطلب ترتيبا أمنيا مؤقتا يشمل الجميع، بما في ذلك ترتيبات مؤقتة للقيادة والسيطرة فيما يتعلق بالجيش.
وأقر بأن ليبيا بلد تغمره الأسلحة، حيث قال إن هناك 20 مليون قطعة سلاح في بلد يقطنه 6 ملايين نسمة، مضيفا أن «هذه الأسلحة لا تهبط من السماء، لكنها تأتي بشكل متزايد من خلال الشحنات غير الشرعية عبر البحر والبر». وتابع: ويجب أن تذهب هذه الأسلحة إلى القوات النظامية فقط بعد موافقة لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن، محذرا من إن الوضع المتقلب في ليبيا يمكن أن يؤدي إلى وقوع المزيد من جرائم الحرب.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم