أطراف دولية تبحث مشروع خطة سلام لليمن.. ومشاورات الكويت تستأنف

الانقلابيون يفشلون اتفاق إطلاق الأسرى.. ويهاجمون المبعوث الأممي

أطراف دولية تبحث مشروع خطة سلام لليمن.. ومشاورات الكويت تستأنف
TT

أطراف دولية تبحث مشروع خطة سلام لليمن.. ومشاورات الكويت تستأنف

أطراف دولية تبحث مشروع خطة سلام لليمن.. ومشاورات الكويت تستأنف

في الوقت الذي استأنفت فيه مشاورات السلام اليمنية - اليمنية في دولة الكويت، أمس، جلساتها باجتماع المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد (صباحا) بوفد الحكومة الشرعية، قالت مصادر سياسية يمنية مطلعة ومقربة من المشاورات لـ«الشرق الأوسط»، إن لدى المجتمع الدولي مشروع خطة للسلام في اليمن، شبه جاهزة، وترتكز على الأفكار التي طرحت على وفدي الحكومة اليمنية والانقلابيين في المشاورات، وتتضمن مشروع تسوية سياسية، في ضوء القرارات الأممية. وألمحت المصادر إلى قرب موعد إنزال هذه الخطة، دون الإشارة أو التأكيد أن طرح هذه الخطة سيكون في إطار مشاورات الكويت وبموافقة طرفي النزاع، أو من جانب واحد، كما أنه لم يتسن لـ«الشرق الأوسط» التأكد من أن هناك إجماعا لدى الأطراف الدولية الراعية لعملية السلام والتسوية السياسية في اليمن، منذ العام 2011 على الخطة، خصوصا الأطراف الإقليمية الراعية للمبادرة الخليجية.
وأشارت المصادر الخاصة إلى أن الأطراف الدولية تواصل تكثيف اجتماعاتها ومشاوراتها عن كثب في الكويت، لبحث مسارات مختلفة لعملية السلام في اليمن، وإلى أن مشروع الخطة المشار إليها يأتي في إطار الجهود التي لم تعلن رسميا، حتى اللحظة.
إلى ذلك، هاجم الانقلابيون الحوثيون الأمم المتحدة واتهموها بالتقصير في ملف الأسرى والمعتقلين، رغم تأكيدات المشاركين من أعضاء الوفد الحكومي في المشاورات لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين هم من وضعوا العراقيل أمام إتمام صفقة تبادل الأسرى، برفضهم إطلاق سراح المعتقلين الذين نص على ضرورة إطلاقهم قرار مجلس الأمن الدولي 2216. وفي مقدمتهم وزير الدفاع، اللواء محمود سالم الصبيحي وعدد من القادة العسكريين والميدانيين.
وأضاف مصدر في المشاورات أن «من ضمن العقبات التي وضعها الانقلابيون، هو تضمين قوائم أسراهم، أسماء مقاتلين أجانب(مرتزقة) من الصومال وإثيوبيا وتقديمهم على الأسرى اليمنيين في المطالبة بالإفراج عنهم»، مؤكدا أن صفقة تبادل الأسرى كانت على وشك أن تنجز قبل حلول شهر رمضان المبارك: «لولا تعنتهم والعراقيل التي وضعوها أمام عمل لجنة الأسرى والمعتقلين والمخفيين قسرا ومن هم تحت الإقامة الجبرية».
في غضون ذلك، قال عبد الملك المخلافي، نائب رئيس الوزراء اليمني، وزير الخارجية إن «الانقلابيين يفشلون اتفاق الإفراج عن المعتقلين، برفضهم تنفيذ ما ورد في القرار 2216، بشأن المعتقلين السياسيين وإصرارهم على استمرار اعتقالهم»، وأضاف، في سلسلة تغريدات له على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أن جرائم الانقلابيين بحق الطفولة وبحق تعز «لن تسقط بالتقادم»، وتطرق إلى قضية الأطفال الذين زج بهم الحوثيون إلى المعارك.
في سياق متصل، قال بيان صادر عن ممثلي الحوثي في لجنة المعتقلين والأسرى، إن الأمم المتحدة تتحمل مسؤولية «تعطيل عمل اللجنة لأكثر من أسبوع»، وتزامن هجوم أعضاء اللجنة على المنظمة الدولية، مع هجوم مماثل لزعيم المتمردين الحوثيين، عبد الملك الحوثي، في خطاب بمناسبة شهر رمضان، وزعم الحوثي تقديم تنازلات في قضية الأسرى والمعتقلين، وهاجم جميع الأطراف المشاركة والراعية لمشاورات الكويت.
وهاجم الحوثي، في خطابه أيضا، مبعوث الأمم المتحدة، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، واتهمه بالانحياز لصالح الطرف الآخر، ووصف إصرار وفد الانقلابيين على المشاركة في حكومة وحدة وطنية، قبل إنهاء الانقلاب وتطبيق القرارات الدولية، وفقا لتعبير الطرف الآخر، بأنها «خطة منصفة»، حيث طالب عبد الملك الحوثي بـ«سلطة توافقية تسير أمور البلد، وتعالج كل الملفات ويرتبط بها كل التفاصيل»، مشيرا إلى أن شهر رمضان يمثل فرصة للتوصل إلى حلول وتسوية.
وجاء تصعيد الحوثيين، فيما يتعلق بقضية الأسرى والمعتقلين، بعد يوم واحد تقريبا، على إعلان مبعوث الأمم المتحدة بأنه تم الاتفاق على إطلاق غير مشروط للأطفال الأسرى، وإشارته إلى قرب موعد إطلاق دفعة رئيسية وأولى من المعتقلين. وبنظر المراقبين، فإن الهجوم المزدوج، للحوثي ووفده في الكويت، يعد نسفا للاتفاقات والتفاهمات وتصعيدا لتبرير أي نكوص عما تم الاتفاق عليه.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.