السماح للقطاع الخاص السوداني بالتعامل مع الاستثمارات الأجنبية

مشروع لتأسيس {مجلس أعمال مشترك} لتنسيق العلاقة والجهود

مزارع سوداني يعمل في أحد حقول الذرة في محيط العاصمة الخرطوم (رويترز)
مزارع سوداني يعمل في أحد حقول الذرة في محيط العاصمة الخرطوم (رويترز)
TT

السماح للقطاع الخاص السوداني بالتعامل مع الاستثمارات الأجنبية

مزارع سوداني يعمل في أحد حقول الذرة في محيط العاصمة الخرطوم (رويترز)
مزارع سوداني يعمل في أحد حقول الذرة في محيط العاصمة الخرطوم (رويترز)

علمت «الشرق الأوسط» أن لجنة من وزارة المالية السودانية شرعت في إصدار قانون مجلس «أعمال مشترك» بين القطاع الخاص والحكومة، لتأسيس آلية تنسيقية تحكم العلاقة بين الطرفين، وتحقق لهما المصلحة المشتركة، وذلك بالتزامن مع إعلان الحكومة السودانية عن موافقتها للقطاع الخاص بجذب واستقطاب الاستثمارات الخارجية والتمويلات، واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان تلك الاستثمارات وعائداتها، وذلك في خطوة نحو معالجة الحصار الاقتصادي الذي تعاني منه البلاد، وتضررت منه كل قطاعات المجتمع، مما يتطلب تدخل القطاع الخاص بقوة للمساهمة في تخفيف حدته، ومساعدة الدولة في امتصاص آثاره.
وشكلت الحكومة السودانية، أول من أمس، آلية برئاسة النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول ركن بكري حسن صالح، ووزراء القطاع الاقتصادي بمجلس الوزراء، ومحافظ البنك المركزي، ومدراء الجمارك والضرائب. وتختص الآلية بإحداث التوافق بين الدولة والقطاع الخاص لإنفاذ البرنامج الخماسي الاقتصادي للدولة الذي انطلق العام الماضي، والذي يعتمد تنفيذه بنسبة 83 في المائة على القطاع الخاص، ويشكل فيه استقطاب الاستثمارات الأجنبية وتوفير الضمانات المالية لها أهم بنوده.
وفيما أكد الدكتور سعود البرير، رئيس اتحاد أصحاب العمل السوداني، في تصريحات صحافية، أن هناك خللا في العلاقة بين الحكومة وقطاعه، بجانب تقاطعات في القوانين المنظمة للأنشطة الاقتصادية، مما كان له آثار سلبية على كثير من العمليات الاقتصادية في البلاد، وقال الدكتور بدر محمود وزير المالية والتخطيط الاقتصادي إن الحكومة شكلت آلية للتنسيق بين القطاعين، وتسعى في إصدار قانون الشراكات بين القطاعين، بجانب سعيها لتعديل بعض التشريعات ذات العلاقة.
وأضاف وزير المالية أن البرنامج الخماسي يهدف في كلياته إلى استدامة الاستقرار الاقتصادي، وأن القطاع الخاص يتولى المسؤولية الأكبر في تنفيذه، مشيرا إلى أن كل ما ورد من ملاحظات من أصحاب العمل في لقائهم بالنائب الأول لرئيس الجمهورية حول البرنامج سيجد الاهتمام، ومؤكدا أهمية تطوير قدرات القطاع الخاص المؤسسية والمالية، ولعب دور أكبر في جذب الاستثمارات الخارجية، واستقطاب التمويل الخارجي، وتحريك مدخراتهم الداخلية، وزيادة الإنتاج من أجل الصادر.
وفي ذات الصدد، علمت «الشرق الأوسط» أن لجنة من وزارة المالية قد شرعت في إصدار قانون مجلس أعمال مشترك بين القطاع الخاص والحكومة لتأسيس آلية تنسيقية تحكم العلاقة بين الطرفين، وتحقق لهما المصلحة المشتركة، وذلك من خلال توظيف إمكانات القطاع الخاص للإنتاج وخدمات الحكومة، التي ستعمل على حمايته وتوفير الضمانات لكافة عملياته داخليا وخارجيا، بجانب خلق بنية قوية للعاملين في هذا القطاع.
ويتوقع أن يصبح المجلس الجديد بعد اكتمال تأسيسه، بواقع 84 ممثلا للخاص و16 من الحكومة، آلية تنسيقية بين الطرفين لمعالجة الخلل في علاقة الجهاز التنفيذي بالقطاع الخاص، من خلال وضع السياسات المشتركة، وتوجيهها لصالح اقتصادات الطرفين، عبر صوت واحد وآلية قوية تعالج المشكلات والتعقيدات التي يواجهها القطاع الخاص مع أجهزة الدولة التنفيذية.
ووفقا لخبراء، يعتبر مجلس الأعمال المشترك مشروعا حقيقيا لتقريب الشقة ووجهات النظر بين القطاعين تجاه القضايا الاقتصادية المختلفة، خصوصا تلك القضايا المتعلقة بالاستثمار، وسيكون له دور كبير ورائد في المستقبل في حلحلة كثير من المشكلات التي تعترض مسيرة القطاع الخاص. كما سيعمل المجلس الجديد على إيجاد حلول ومعالجات لمشكلات القطاع الخاص مع الحكومة، التي تتركز معظمها في التقاطعات في الصلاحيات، وتضارب السياسات، وغياب الشفافية، وهناك كثير من الأمثلة التي أعاقت صناعات واستثمارات وحرف، كما هناك أيضًا تقاطعات بين القطاع الخاص نفسه، إذ إن هناك مستوردين يقابلهم المنتجين، وكل جهة لديها مفاهيم مختلفة، مما يؤكد أن المجلس المرتقب سيجد معالجات لكل أسباب تعثر قطاعات اقتصادية متعددة تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين.
تجدر الإشارة إلى أن مشروع مجلس الأعمال المشترك، وخطوات تأسيسه، رعاها الدكتور بدر الدين محمود وزير المالية والاقتصاد، واستضافها في مبنى الوزارة العام الماضي، مما يؤكد أن المشروع سيمنح فرص كبيرة للقطاع الخاص والحكومة في الجلوس سويا لتحديد الأولويات والسياسات الواجب اتباعها، التي تحقق معالجة المشكلات الحاصلة حاليا، مثل الرسوم التي تفرضها الدولة على المنتجين والمستوردين والمصنعين وغيرهم، وجدوى التصدير لبعض المحاصيل ذات البعد العالمي كالذرة والسمسم، وكذلك الثروات التي تزخر بها البلاد، كالثروة الحيوانية والأراضي الزراعية، كيف يتم الاستفادة منها، ودور القطاع الخاص فيها.



السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
TT

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

يمثل إقرار مجلس الوزراء السعودي «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية» خطوة استراتيجية على طريق تعزيز المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة في البلاد، وتنفيذ مستهدفاتها الوطنية، وتحقيق أمن الطاقة، وضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، ودعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة، وفق ما صرح به مختصون لـ«الشرق الأوسط».

والسعودية من بين أكبر منتجي البتروكيماويات في العالم، وهو القطاع الذي توليه أهمية في إطار عملية التنويع الاقتصادي. من هنا، فإنه يمثل حصة كبيرة من صادراتها غير النفطية. ويبلغ الإنتاج السنوي من البتروكيماويات في السعودية نحو 118 مليون طن.

وكان الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، قال إن «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية يأتي ليحقق عدداً من المستهدفات، في مقدمتها؛ تنظيم العمليات البترولية والبتروكيماوية، بما يسهم في النمو الاقتصادي، ودعم جهود استقطاب الاستثمارات، وزيادة معدلات التوظيف، ورفع مستويات كفاءة استخدام الطاقة، ويُسهم في حماية المستهلكين والمرخص لهم، ويضمن جودة المنتجات، وإيجاد بيئة تنافسية تحقق العائد الاقتصادي العادل للمستثمرين».

زيادة التنافسية

يقول كبير مستشاري وزارة الطاقة السعودية سابقاً، الدكتور محمد سرور الصبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «(نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية) سيلعب دوراً كبيراً في إعادة هيكلة وبناء المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة وأفضل الممارسات الدولية، بما يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية في تطوير هذا القطاع الحيوي وتعظيم الاستفادة منه»، مضيفاً أنه «سيزيد من القدرة التنافسية بين شركات البتروكيماويات وسيدعم جهود السعودية لتعزيز أمن الطاقة؛ سواء للاستخدام المحلي ولتصدير بعض المنتجات والنفط الخام إلى الأسواق العالمية».

وأشار الصبان إلى أن النظام الجديد سيساهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق السعودية؛ «مما سيعزز معدلات التوظيف، ويرفع كفاءة استخدام الطاقة، ويساعد في ترشيد استهلاك الطاقة ومنتجات البتروكيماويات واقترابها من المعدل الفردي العالمي»، لافتاً إلى أن «تنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية يساهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق المستهدفات السعودية في أمن الطاقة».

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

تنظيم العمليات التشغيلية

من جهته، قال محمد حمدي عمر، الرئيس التنفيذي لشركة «جي وورلد» المختصة في تحليل بيانات قطاعات الاستثمارات البديلة، لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «يُسهم في تحقيق أهداف متعددة، تشمل رفع كفاءة الأداء في القطاع، وتحقيق المستهدفات الوطنية، وتنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية. كما تكمن أهمية النظام في تلبية احتياجات القطاع عبر تطوير الإطار القانوني بما يواكب أفضل الممارسات العالمية».

وأضاف أن النظام «يمثل نقلة نوعية، ويحل محل نظام التجارة بالمنتجات النفطية السابق، ويهدف إلى تنظيم العمليات التشغيلية، بما في ذلك أنشطة البيع، والشراء، والنقل، والتخزين، والاستيراد، والتصدير، كما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد النفطية والبتروكيماوية، مما يعزز من حماية المستهلكين والمستثمرين، ويدعم توفير بيئة تنافسية عادلة».

وأشار حمدي إلى أن النظام يضمن حماية المستهلكين والمرخص لهم؛ «مما يعزز من ثقة السوق ويضمن جودة المنتجات، بالإضافة إلى دعم استقطاب الاستثمارات من خلال توفير بيئة تنظيمية واضحة وشفافة، تعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، كما يُسهم في تحقيق أمن الطاقة عبر ضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، فضلاً عن دعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة».

ويرى حمدي أن النظام يعكس التزام السعودية بتحقيق أهداف «رؤية 2030»، عبر «تعزيز كفاءة قطاع الطاقة، وتنظيم عملياته، وحماية حقوق المستهلكين والمستثمرين، مما يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الوطني»، مشيراً إلى «أننا سنرى تحولاً كبيراً في القطاع بعد العمل بهذا النظام، ودخول استثمارات أجنبية جديدة أكثر مع وضوح الرؤية المستقبلية للاستثمار في هذا القطاع الحيوي».

مواكبة التحولات الكبيرة

أما المحلل الاقتصادي طارق العتيق، فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا النظام «خطوة استراتيجية في مواكبة التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاعا الطاقة والبتروكيماويات عالمياً والقطاعات المرتبطة بهما. كما يسهم في دعم الصناعات التحويلية وتعزيز قيمتها وإضافتها إلى الاقتصاد المحلي والمنتج الوطني، بما يخدم مصلحة تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة والتنويع الاقتصادي وتحقيق أهداف (رؤية 2030) في هذا السياق».

وأشار العتيق إلى أن النظام ستكون له مساهمات مهمة في تحفيز وتنمية الصناعات المحلية بقطاع البتروكيماويات، «مثل صناعات البلاستيك والمطاط وقطع الغيار... وغيرها، وفي الاستفادة من الميزة التنافسية التي تمتلكها السعودية في إنتاج المواد الأولية، وأهمية استغلالها في تصنيع منتجات نهائية تلبي الطلب المحلي والإقليمي. كما أنه سيسهم في رفع التنافسية بالقطاع ويزيد مساهمته في خلق الوظائف والتوطين، ونقل المعرفة والخبرات إلى سوق العمل السعودية».