كاميرون يتهم حملة «الخروج» بخداع الشعب البريطاني

نقابات تدعو 6 ملايين منتسب إلى التصويت لصالح «البقاء»

كاميرون يتهم حملة «الخروج» بخداع الشعب البريطاني
TT

كاميرون يتهم حملة «الخروج» بخداع الشعب البريطاني

كاميرون يتهم حملة «الخروج» بخداع الشعب البريطاني

أطلق الاستفتاء حول عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي مخاوف كبيرة وجدلا أكبر داخل البلاد، حيث دعت أمس، أبرز عشر نقابات بريطانية في رسالة نشرتها في صحيفة «الغارديان»، منتسبيها الست ملايين إلى التصويت خلال استفتاء 23 يونيو (حزيران) الحالي لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي.
وأكّد الأمناء العامّون للنقابات العشر، ومنها نقابتا «يونايت» و«يونيسون» واسعتا النفوذ: «نكتب هذه الرسالة لنعلن عن موقفنا، وندعو منتسبينا الذين يبلغ عددهم ستة ملايين، إلى التصويت من أجل بقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي». وأضافوا: «في أعقاب مناقشات ومداولات كثيرة، نعتقد أن المنافع الاجتماعية والثقافية للبقاء في الاتحاد، تفوق بأشواط منافع الخروج» منه. وشدد مسؤولو النقابات على أن العمل الذي أنجز في السنوات الثلاثين الماضية مع شركائهم الأوروبيين، أتاح تحسين حماية حقوق العمال. وقالوا: «إذا ما خرجت المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، لا شك لدينا بأن هذه الحماية ستكون مهددة».
من جهة أخرى، أشارت النقابات إلى أن مفاوضات الخروج ستجريها على الأرجح حكومة محافظة لن تتردد في «التعرض» لهذه الحقوق، بحسب رأيهم. وإذا كانت النقابات تؤيد بقاء بريطانيا، فهي تعتبر في المقابل أنه على الاتحاد الأوروبي أن «يتغير» ويتخلى عن «سياسات التقشف».
من جانبه، أصدر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ومسؤولون بارزون من ثلاثة أحزاب سياسية بيانا مشتركا أمس، اتهموا فيه حملة التصويت بمغادر الاتحاد الأوروبي «بالقيام بخدعة اقتصادية بحق الشعب البريطاني»، وذلك بسبب إخفاقها في تقديم خطة اقتصادية مفصلة لوضع بريطانيا خارج الاتحاد.
وقال كاميرون، إلى جانب الزعيم السابق لحزب العمال هاريت هارمان وزعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي تيم فارون وزعيمة حزب الخضر ناتالي بينيت، خلال فعاليات حملة البقاء في الاتحاد إنه «حان الوقت لكي تحدد الحملة المطالبة بمغادرة الاتحاد خطتها الاقتصادية لبريطانيا خارج أوروبا».
وانتقد كاميرون ما تقوله الحملة المطالبة بالمغادرة بشأن إمكانية إجبار بريطانيا على المشاركة في تقديم حزم إنقاذ لدول منطقة اليورو، وأوضح: «لسنا جزءا من خطط تقديم حزم إغاثة لمنطقة اليورو»، مضيفا بالقول: «كما أننا لدينا حق الاعتراض على أي زيادة في موازنات الاتحاد الأوروبي». وأكد المتحدث باسم حملة البقاء في الاتحاد الأوروبي لـ«الشرق الأوسط» أن «حملة البقاء اكتشفت أن الحملة المطالبة بمغادرة الاتحاد خدعت الشعب البريطاني في مسألة التجارة، والإنفاق، وحقوق العمال وحماية البيئة»، وتابع المتحدث بالقول: إن الحملة ستوزع منشورا خلال الأسبوع يكشف «23 مجالا خدعت فيه حملة الخروج من الاتحاد الأوروبي الناخبين». واعتبر المتحدث أن هذه الادعاءات الكاذبة ستؤثر سلبا على الاقتصاد الوطني.
من جهته، قال المتحدث باسم الحملة المطالبة بمغادرة الاتحاد إن «هذه التصريحات تدل على يأس حملة البقاء في الاتحاد الأوروبي ومقر الرئاسة البريطانية «داونينغ ستريت».
ومن المتوقع أن تستمر الحملة المطالبة ببقاء بريطانيا في الاتحاد في طرح قضية التكاليف الاقتصادية لبريطانيا في حال خروجها من الاتحاد، في حين الحملة المطالبة بمغادرة بريطانيا ستركز على قضية الهجرة قبل الاستفتاء.
في سياق متصل، كشف معدل لنتائج استطلاعات رأي نشره موقع «وات - يوكي - ثينكس» أمس، أن غالبية من البريطانيين 51 في المائة تؤيد خروجا من الاتحاد الأوروبي وذلك للمرة الأولى منذ شهر. وهذه النسبة التي تأتي قبل ثلاثة أسابيع من الاستفتاء ولا تأخذ في الاعتبار المترددين، هي معدل سلسلة من استطلاعات الرأي أجريت بين 27 مايو (أيار) الماضي والخامس من يونيو الحالي. أما المعدل السابق للاستطلاعات الذي نشره الموقع نفسه فكان يشير إلى تعادل المعسكرين 50 في المائة لكل منهما.
وأظهر استطلاع للرأي أجري في تسع دول أوروبية ونشرته صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية أن الأوروبيين يؤيدون بشكل متزايد بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي بخلاف البريطانيين. وأوردت الصحيفة المحافظة «الأوروبيون يؤيدون بوضوح بقاء البريطانيين في (نادي الـ28)».
وتابعت الصحيفة أن «هذا الشعور ازداد بشكل واضح في ألمانيا وفرنسا وبولندا بالمقارنة مع استطلاع سابق أجراه هذا المعهد في أبريل (نيسان) الماضي». وفي لوكسمبورغ بلغت نسبة مؤيدي البقاء 66 في المائة، وفي هولندا 63 في المائة، وفي الدنمارك وفنلندا وتشيكيا 62 في المائة.



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».