سبع سيارات مفخخة تضرب بغداد..وأقلية «الشبك» في الموصل تستهدف مجددا

بحث يؤكد مقتل قرابة نصف مليون عراقي بين 2003 و2011

عراقيون يمشون أمس في جنازة أحد ضحايا تفجير انتحاري في أحد مساجد مدينة كركوك بأول أيام عيد الأضحى المبارك (أ.ف.ب)
عراقيون يمشون أمس في جنازة أحد ضحايا تفجير انتحاري في أحد مساجد مدينة كركوك بأول أيام عيد الأضحى المبارك (أ.ف.ب)
TT

سبع سيارات مفخخة تضرب بغداد..وأقلية «الشبك» في الموصل تستهدف مجددا

عراقيون يمشون أمس في جنازة أحد ضحايا تفجير انتحاري في أحد مساجد مدينة كركوك بأول أيام عيد الأضحى المبارك (أ.ف.ب)
عراقيون يمشون أمس في جنازة أحد ضحايا تفجير انتحاري في أحد مساجد مدينة كركوك بأول أيام عيد الأضحى المبارك (أ.ف.ب)

شهدت العاصمة العراقية بغداد مساء أمس سلسلة انفجارات بسبع سيارات مفخخة قتل فيها 24 شخصا على الأقل وأصيب العشرات بجروح. وجاءت سلسلة التفجيرات بعد مقتل 16عراقيا وإصابة 50 آخرين في هجوم نفذه انتحاري يقود سيارة مفخخة في قرية تسكنها غالبية من الشبك شرق مدينة الموصل.
واعتبر ائتلاف «متحدون» الذي يتزعمه رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي، أن «عدم وجود تنسيق ووحدة قرار، فضلا عن تعدد الأجهزة الأمنية في الموصل سبب رئيسي للخروقات الأمنية المتكررة التي يذهب ضحيتها المئات من المواطنين شهريا». وقالت عضو البرلمان العراقي عن كتلة «متحدون» والنائبة عن الموصل وصال سليم علي وعضو لجنة حقوق الإنسان البرلمانية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «المشكلة الأمنية في الموصل باتت مزمنة للأسف ودون حل بسبب تعدد الصلاحيات وكثرة الأجهزة وغياب التنسيق الضروري الذي من شأنه أن يؤدي إلى حفظ الأمن». وكانت سيارة مفخخة قد استهدفت أمس مجمعا سكنيا يسكنه الشبك في الموصل قد أدت إلى مقتل 16 من هذه الأقلية وجرح 60 آخرين في أحدث موجة عنف تجتاح العراق بعد فترة هدوء نسبي.

ويتزامن هذا التفجير مع صدور تقرير دولي كشف أن أكثر من نصف مليون مواطن عراقي قتلوا منذ إسقاط النظام العراقي السابق عام 2003. وأكدت وصال سليم أن «عدم التنسيق بين الحكومة المحلية في الموصل والأجهزة الأمنية قد لا يعود إلى أسباب سياسية في مجمله ولكنه يعود إلى أن الأجهزة الأمنية هناك تعمل بمفردها ولا يوجد تنسيق بينها، الأمر الذي يستغله الإرهاب والجماعات المسلحة التي تعلم جيدا من أين تنفذ للقيام بعملياتها»، مشيرة إلى أن «تشكيل قيادات العمليات ليس في الموصل وحدها وإنما في باقي مناطق العراق هو غير دستوري، وهو أمر يجعل هذه القيادات تعمل وحدها وتخضع للقيادة العامة وتتعارض صلاحياتها مع أجهزة أخرى تعمل في المحافظة التي شهدت الكثير من أعمال العنف لأن المواطن فيها ضحية عدم التعاون والتنسيق». وأشارت إلى أن «المطلوب كإجراء أولي هو تأمين مداخل المدن وتجهيزها بأساليب متطورة وهذا ما لم يحصل، بينما نجد أن الغالبية العظمى من الخروقات تحصل في القواطع التي تتعدد فيها الأجهزة والصلاحيات».

من جانبه، حمل محافظ نينوى أثيل النجيفي كل الأجهزة الأمنية مسؤولية تفجير مجمع سكني في قرى الشبك شرقي الموصل. وقال النجيفي في بيان له أمس: «لا توجد جريمة أبشع من استهداف الأطفال والمدنيين في يوم عيد، فقد استهدفت مجموعة من المجرمين الإرهابيين فجر اليوم مجمعا سكنيا للشبك بين قريتي طهراوة والموفقية (20 كيلومترا شرق الموصل)، بقلاب (سكانيا) مفخخ، وقد تسبب هذا الحادث في مقتل وإصابة العشرات وتهديم عدد من الدور». وأضاف أن «التذكير بالقيم الدينية لا ينفع بمثل هذه الحالات فمن يفعل هذه الجريمة يكون قد نسي وجود الله الذي جمع أربع عقوبات للقتل في آية واحدة». وحمل النجيفي «كل الأجهزة الأمنية بلا استثناء سواء من كان موجودا في المنطقة أو القيادات الأعلى أو الجهات الاستخبارية الساندة، المسؤولية»، داعيا إلى أن «يحاسبوا على مثل هذه الخروقات، وهذا ما يجب على القيادة العامة للقوات المسلحة فعله لأنها قد أخذت هذه المسؤولية على عاتقها وحجبت المحافظة عن الإشراف والتقييم وتوجيه العقوبات والمحاسبة في مثل هذه الخروقات». وأكد النجيفي أنه سيمارس الصلاحيات التي لديه من خلال التعديل الأخير للقانون «ولا بد أن يجد الناس تغييرا في بعض القيادات التي لا تحسن أداء عملها».

ورغم انتشار القوات العراقية في أنحاء المدينة والمحافظة، في عمليات أمنية ترصد لها الحكومة المركزية إمكانيات مالية مرتفعة، تمكنت المجموعات المسلحة المتطرفة من بسط نفوذها في عدد من المناطق القريبة من الموصل. وغالبا ما توزع في الموصل ومناطق أخرى في نينوى منشورات تحمل تواقيع هذه المجموعات وبينها تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المنتمي إلى تنظيم القاعدة، داعية الأهالي إلى سحب أبنائهم من الشرطة والجيش وضمهم إلى المجاميع المسلحة التي تقاتل القوات الحكومية.

وفي السياق نفسه، استنكر ائتلاف «متحدون» الذي ينتمي إليه النجيفي التفجير الذي طال ناحية برطلة في محافظة نينوى وأوقع عشرات القتلى والجرحى من المواطنين الشبك. وقال الائتلاف في بيان له، إن «استهداف مكونات الشعب العراقي بشكل مقصود بين الحين والآخر باتت أغراضه ومقاصده مكشوفة وأصبح العراقيون يدركون كم هو المخطط الخبيث الذي يريد جرهم للصراع الداخلي المقيت»، داعيا إلى تفويت الفرصة على المجرمين عبر تكاتفهم ومساندتهم لبعض بالتبرع بالدماء وإغاثة المصابين والجرحى بكل الوسائل»، كما حمل الحكومة والأجهزة الأمنية المسؤولية المباشرة والكاملة عن هذا التردي الأمني المتواصل، متسائلا عن جدوى الخطط الأمنية العاجزة اليوم عن وقف آلة الدمار التي تفتك بالعراقيين ليل نهار في أسواقهم ومقاهيهم ومنازلهم وأعيادهم؟». وتابع الائتلاف: «الحكومة مطالبة بالتفسير المقنع من جهة واتخاذ أقصى التدابير اللازمة لحفظ أرواح وحياة العراقيين التي باتت مشاعا لكل المجرمين».

وليست محافظة نينوى التي تسكنها غالبية سنية وحدها التي تشهد تصاعدا في أعمال العنف، إذ إن العراق يعيش بشكل عام منذ أبريل (نيسان) الماضي على وقع ارتفاع في أعمال القتل العشوائي، وبينها تلك التي تحمل طابعا طائفيا بين السنة والشيعة في بلاد عاشت نزاعا طائفيا داميا بين عامي 2006 و2008.

وتتزامن هذه الأحداث مع إعلان مقتل نحو نصف مليون عراقي لأسباب تتعلق بالعنف والأمراض وغيرها في فترة ما بين سقوط النظام البائد عام 2003 حتى منتصف عام 2012 بحسب بحث أكاديمي حديث. وأفاد تقرير مشروع ضحايا حرب العراق «بادي كاونت العراق» بأن الضحايا كان بينهم 112 ألف مدني على الأقل. وارتكز باحثون من الولايات المتحدة وكندا والعراق، في تلك الدراسة، على مسوحات عشوائية ضمت 2000 أسرة، كما اعتمد الباحثون على تقارير إعلامية وسجلات لمستشفيات ومستودعات للجثث ومعلومات من مصادر مسؤولة وأخرى غير حكومية. ولم تقتصر الحصيلة التي أشارت إليها الدراسة على ضحايا الحرب في العراق إثر دخول القوات الأجنبية إليه وما أعقبها من أحداث عنف، بل شملت أيضا الوفيات التي كان يمكن تجنبها جراء الانهيار الذي أصاب البنية التحتية.



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.