جرحى «فليطا» يستنجدون بأهالي عرسال لحمايتهم من القصف النظامي

الضحايا دفنوا في مقابر بجرود المنطقة

جرحى «فليطا» يستنجدون بأهالي عرسال لحمايتهم من القصف النظامي
TT

جرحى «فليطا» يستنجدون بأهالي عرسال لحمايتهم من القصف النظامي

جرحى «فليطا» يستنجدون بأهالي عرسال لحمايتهم من القصف النظامي

فتحت مجددا منطقة عرسال البقاعية (شرق لبنان) أبواب مستشفياتها لاستقبال جرحى «فليطا» في القلمون بريف دمشق، هاربين من قذائف الطيران الحربي السوري وبراميله المتفجرة. إذ وبعدما شكّلت عرسال الملجأ الأساسي لأهالي يبرود بعد سقوط بلدتهم قبل أسبوعين، ها هي اليوم تستقبل عشرات الجرحى من النازحين والمقاتلين السوريين إلى لبنان الذين وصلوا إليها سالكين جرود عرسال الحدودية، وفق ما قال أبو زيد، أحد مقاتلي «جبهة النصرة» المقيم في «مخيم الأمان» والذي كان قد عمد مع عدد من المقاتلين الذين سبق أن خضعوا للعلاج إلى نقل المصابين إلى مستشفى الرحمة والمستشفى الميداني في البلدة.
ويصف الطبيب الميداني باسم القلح وضع الجرحى القادمين من معركة فليطا بالـ«أقل خطورة»، مقارنة مع وضع الجرحى الذين أتوا بعد معركة يبرود. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «جاء إلى المستشفى 6 جرحى بينهم إصابتان في العظام، فيما باقي الإصابات هي (عصبية)، معظمها في الرأس، ولا نملك الإمكانيات الطبية لتوفير العلاج لها، مما يضطرنا إلى نقلها خارج البلدة لتلقي الإسعافات اللازمة».
ويشير القلح إلى أنه «قبل أيام من معركة فليطا نقل الصليب الأحمر الدولي خمسة جرحى من المستشفى الميداني في عرسال إلى مستشفى (فرحات) في جب جنين في البقاع الغربي.. والجرحى الخمسة هم من بين الـ59 جريحا الذين كانوا قد أصيبوا في معارك يبرود».
بدوره، يؤكد أبو زيد، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «المئات من المقاتلين قتلوا بقذائف الطيران السوري، وتم سحب جثثهم بصعوبة كبيرة بسبب الحصار المشدد على المدينة، ودفنوا في جرود عرسال، وقد وضعت نقوش على قبورهم لتمييزها».
وأبو زيد، الذي نجح في إنقاذ العديد من المصابين، لم يتمكن من إنقاذ صديقه محمد حربا. ويروي تفاصيل محاولة حربا بعد إصابته بجروح بالغة في الرأس خلال مشاركته في «معركة فليطا»، بحزن وغضب قائلا «لم نستطع السيطرة على النزيف الذي أصيب به محمد وفقد كمية كبيرة من الدم إلى أن وصل إلى مخيم القصير في حمص، مكان إقامة عائلته، جثة هامدة». ويوضح أبو زيد أن الطريق من فليطا إلى عرسال يستغرق سيرا على الأقدام ساعة واحدة، لكن يمكن اجتيازه في نصف ساعة إذا توافرت أي وسيلة من وسائل النقل.
ويذكر أبو زيد أن محمد (27 عاما) الذي كان يعمل سائق أجرة قبل أن يعتقل لأشهر عدة، قرر الانضمام إلى القتال في صفوف الجيش الحر، بعدما وجد زوجته وابنه البالغ من العمر 4 أشهر أشلاء، مشيرا إلى أن محمد جاء إلى عرسال بعد يومين من إعلان قوات النظام السيطرة الكاملة على منطقة يبرود، ومن ثم عاد للمشاركة في معركة فليطا حيث أصيب.
وتستقبل منطقة عرسال المؤيدة للمعارضة السورية والتي تتعرض بشكل شبه يومي لغارات جوية من قبل الطيران الحربي السوري، أكبر عدد من النازحين السوريين الذين وصل عددهم إلى نحو 80 ألفا، في حين أن عدد سكانها الأصليين لا يتجاوز الـ35 ألفا. وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد أعلنت الأسبوع الماضي أن عدد النازحين السوريين إلى لبنان تجاوز المليون لاجئ، من المسجلين، فيما تشير بعض الإحصاءات إلى وصولهم إلى مليون ونصف المليون.
وفي حين كانت عرسال (ذات الغالبية السنية) تتهم بأنها مأوى لمقاتلي المعارضة الهاربين من سوريا، وممر للسيارات المفخخة التي انفجرت في لبنان آتية من يبرود، فإن الأمر أدى كذلك إلى خلافات مع جارتها اللبوة (ذات الغالبية الشيعية)، وإقفال الطريق المؤدي إليها من أهالي اللبوة، إلى أن اتخذ قرار الأسبوع الماضي بانتشار الجيش اللبناني في المنطقة وعلى الحدود، على أن تبدأ القوى الأمنية في تنفيذ خطتها التي أقرتها الحكومة أمس في جلستها الأولى.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.