الحكومة المغربية تتجنب معركة دستورية بشأن «ثقة» البرلمان

ابن كيران قرر تقديم برنامجها من دون إخضاعها للتصويت

رئيس الحكومة المغربية ابن كيران
رئيس الحكومة المغربية ابن كيران
TT

الحكومة المغربية تتجنب معركة دستورية بشأن «ثقة» البرلمان

رئيس الحكومة المغربية ابن كيران
رئيس الحكومة المغربية ابن كيران

ما زال شد الحبل بين حكومة عبد الإله ابن كيران الثانية والمعارضة البرلمانية مستمرا بسبب الثقة البرلمانية التي تطالب المعارضة الحكومة بالحصول عليها، بينما ترفضها هذه الأخيرة بحجة أنها مناورة سياسية بحلة دستورية.
ووصل الصراع بين الطرفين إلى ذروته هذا الأسبوع بعدما قررت الكتل البرلمانية المعارضة الأربع في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان)الانسحاب من جلسة برلمانية، واللجوء للقضاء الدستوري للطعن في شرعية الحكومة الجديدة.

وكشف مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» عن أن الفرق البرلمانية المكونة من مستشاري أحزاب «الاستقلال والأصالة والمعاصرة والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية»، ونقابة الفيدرالية الديمقراطية للشغل، تستعد لوضع عريضة الطعن الدستوري صباح يوم الاثنين المقبل لدى الأمانة العامة للمجلس الدستوري، السلطة الساهرة على احترام تنزيل الدستور.

وأوضح المصدر ذاته أن العريضة تتطلب توقيع نحو 40 مستشارا برلمانيا من أصل 270 يتألف منهم مجلس المستشارين، مضيفا أن هذا الأمر لا يطرح أدنى إشكال ما دامت المعارضة تتوفر على أكثر من 165 مستشارا برلمانيا.

في سياق ذلك، أعلنت مصادر داخل التحالف الحكومي الذي يقوده حزب العدالة والتنمية ذو المرجعية الإسلامية، أن بوادر حل وسط لهذه الأزمة الدستورية بدأت تلوح في الأفق.

وأفادت المصادر ذاتها لـ«الشرق الأوسط» بتوصل قادة الائتلاف الحكومي الجديد خلال لقائهم الاثنين الماضي إلى صيغة تحفظ ماء وجه حكومة ابن كيران، وتجنبها الدخول في معركة دستورية مع المعارضة البرلمانية من شأنها أن تستنزف قوة الحكومة الجديدة.

وتقضي مبادرة الحكومة بتقديم رئيسها لتصريح (برنامج) حكومي أمام البرلمان يكون متبوعا بمناقشة عامة من دون اللجوء لمسطرة التصويت لقياس شرعيتها.

وعدت المصادر ذاتها أن هذه الصيغة المرنة ستعوض مسطرة (إجراءات) الثقة البرلمانية الواردة في الفصل 88 من الدستور، وهي المسطرة التي تتطلب تكاليف باهظة على مستوى الأجندة الزمنية للحكومة فضلا عن آثارها المالية، خصوصا مع الضغط الزمني الذي تفرضه الإجراءات الدستورية لمناقشة الموازنة السنوية للمملكة، والتي تنص على أن يشرع في إحالتها على البرلمان قبل 21 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.

وحول توقيت عرض ابن كيران لتصريحه أمام البرلمان، شددت المصادر على أن يقع ذلك مباشرة بعد انتهاء اللجنة التي أحدثها زعماء التحالف الحكومي، والمكلفة إدخال التعديلات المتعلقة بأهداف البرنامج الحكومي من عملها، حيث يتوقع أن يجري ذلك خلال منتصف شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، مرجحة أن يتزامن ذلك مع عرض الحكومة للقانون المالي (موازنة).

وتأتي مبادرة ابن كيران التوفيقية التي ينتظر أن تخفف من توتر المعارضة بعد نجاحه في كسب نقطة رمزية مهمة ترتبط بانعقاد المجلس الوزاري الذي يرأسه العاهل المغربي الملك محمد السادس، فقد قرأت الطبقة السياسية في عقد هذا المجلس إشارة ضمنية لشرعية الحكومة من الناحية الدستورية بالنظر إلى أن العاهل المغربي لا يمكن أن يجتمع مع حكومة غير مكتملة الأركان الدستورية، لكن مع ذلك يصر ابن كيران على اللجوء للبرلمان لكسب ثقته ورفع الحرج الأخلاقي عن حليفه الجديد حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي سبق وصوت بالرفض على برنامج حكومة ابن كيران في نسختها الأولى.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.