ليبيا: رئيس حكومة الوفاق {يغازل} حفتر ويتعهد بدحر داعش

وزير جزائري : نرفض عسكرة الأزمة الليبية

الفريق خليفة حفتر
الفريق خليفة حفتر
TT

ليبيا: رئيس حكومة الوفاق {يغازل} حفتر ويتعهد بدحر داعش

الفريق خليفة حفتر
الفريق خليفة حفتر

في حين شهدت أمس سواحل ليبيا كارثة بشرية جديدة بعد العثور على جثث ما لا يقل عن 104 مهاجرين، أرادوا التوجه عبر المتوسط إلى أوروبا، على شاطئ مدينة زوارة في غرب البلاد، قال رئيس حكومة الوفاق الوطني المقترحة من بعثة الأمم المتحدة، فائز السراج، إن على ليبيا استعادة السيادة لمعالجة أزمة الهجرة غير الشرعية التي تمر عبر المتوسط إلى إيطاليا في قوارب قديمة متهالكة، غالبا ما تتعرض للغرق وتودي بحياة المئات.
وكان المتحدث باسم البحرية الليبية، العقيد أيوب قاسم، قد أعلن أنه تم العثور، حتى مساء أول من أمس، «على جثث 104 مهاجرين لكنه توقع ارتفاع هذا العدد، لافتا النظر إلى أن «زورقا يمكنه أن يقل ما بين 115 و125 راكبا». ولم يؤكد قاسم ما إذا كانت الجثث التي عثر عليها الخميس في زوارة تعود إلى أشخاص كانوا يستقلون أحد الزوارق التي غرقت الأسبوع الماضي.
ويستغل مهربو المهاجرين الفوضى السائدة في ليبيا إثر الثورة التي أطاحت بنظام العقيد الراحل معمر القذافي في 2011، وتنطلق غالبية المراكب المتجهة إلى إيطاليا التي تبعد 300 كيلومتر فقط، من غرب البلاد.
في غضون ذلك، أعلن فائز السراج، رئيس الوزراء الليبي المدعوم من الأمم المتحدة، أن ليبيا توحد فصائلها المسلحة، وستتمكن بقواتها من القضاء على متشددي تنظيم داعش الموجودين على أراضيها.
وقال السراج، في مقابلة مع وكالة «رويترز»، إن حكومته تعمل مع قوات من مدينة مصراتة في الغرب، ومدينة أجدابيا من الشرق، وهي تتقدم لقتال «داعش» في معقله في مدينة سرت الساحلية. وتعهد بعدم استبعاد أي طرف أو شخص من الجيش الوطني ما دام يخضع للسلطة السياسية المركزية، بما في ذلك الفريق خليفة حفتر القائد العام للجيش الموالي للسلطات الموازية في شرق ليبيا. وتابع موضحا «نحن على يقين أن الحرب للقضاء على (داعش) ستكون بسواعد ليبية، لكن ليبيا تستفيد بالفعل من التعاون الدولي في مجال تبادل معلومات المخابرات»، وعدّ «ما تم إنجازه من أجدابيا إلى سرت ومن مصراتة إلى سرت إنجازا جيدا مقارنة بالإمكانيات لدى المقاتلين».
وأضاف السراج أن الحكومة الجديدة تسعى لدمج المكاتب المتنافسة الممثلة للمؤسسات الليبية الرئيسية، لكنها لم تتخذ قرارات بعد بشأن القيادة المستقبلية لمصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط، أو صناديق الاستثمار السيادية.
وعلى صعيد متصل بالأزمة الليبية، قال الوزير الجزائري للشؤون المغاربية، عبد القادر مساهل لـ«الشرق الأوسط»، إن بلاده مع الحل السياسى في ليبيا منذ اليوم الأول للأزمة، مؤكدا رفض عسكرة الأزمة، مضيفا أن الجزائر تدعم اتفاق الصخيرات المغربية، الذي أفضى إلى حكومة الوفاق الوطني.
وقال مساهل إن «المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق برئاسة السراج، أصبح الممثل الوحيد والشرعي للشعب الليبي... ونحن مع طرابلس عاصمة الدولة الموحدة وهي كذلك اليوم... وموقفنا واضح، ونأمل في أن يقوم المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني بترتيب الأوضاع في ليبيا». وأكد المسؤول الجزائري أن اجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير في القاهرة «يدعم بالإجماع اتفاق الصخيرات، ويرى ضرورة تنفيذه والعمل على مكافحة الإرهاب وإنعاش اقتصاد الدولة وتصحيح المسار». مضيفا أن بلاده تدعم كل خطوات الحل السياسي في ليبيا باعتبارها دولة جوار. وردا على سؤال حول محاولة عمل أجسام موازية في الحكومة، من خلال استمرار عمل حكومة عبد الله الثني في ليبيا، قال مساهل إن «الأمر في ليبيا أصبح واضحا من خلال الإجماع الدولي والأفريقي والعربي للمجلس الرئاسي وحكومته برئاسة السراج، والجميع يؤكد احترام وحدة ليبيا واحترام سيادتها ومساعدتها للخروج من التحديات الراهنة والمقبلة».
وبخصوص رفع حظر التسليح عن الجيش الليبي، قال مساهل: «هذا الأمر يرجع للمؤسسات الليبية والأمم المتحدة، ولا يخص الجزائر ومصر وتونس، بل يخص الدولة الليبية».\\ أما بالنسبة لجدول أعمال القمة العربية التي ستعقد في موريتانيا، فقد أوضح مساهل أن وزير خارجية موريتانيا قدم شرحا في الاجتماع الوزاري الأخير، الذي عقد في القاهرة، لترتيبات الإعداد والتحضيرات التي تقوم بها بلاده حاليا، موضحا أنه سوف يكون هناك اجتماع لمجلس الوزراء قبل القمة، كما هو معتاد.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.