{اللوفر} و{أورساي} يغلقان أبوابهما بسبب الفيضانات في باريس

إجلاء 20 ألف شخص في فرنسا.. وبافاريا تواجه «تسونامي أمطار»

تسبب الفيضان في إغراق جزيرة مجاورة لبرج إيفيل وتم منع القوارب والسفن الترفيهية من الإبحار في العاصمة.(إ.ب.أ)
تسبب الفيضان في إغراق جزيرة مجاورة لبرج إيفيل وتم منع القوارب والسفن الترفيهية من الإبحار في العاصمة.(إ.ب.أ)
TT

{اللوفر} و{أورساي} يغلقان أبوابهما بسبب الفيضانات في باريس

تسبب الفيضان في إغراق جزيرة مجاورة لبرج إيفيل وتم منع القوارب والسفن الترفيهية من الإبحار في العاصمة.(إ.ب.أ)
تسبب الفيضان في إغراق جزيرة مجاورة لبرج إيفيل وتم منع القوارب والسفن الترفيهية من الإبحار في العاصمة.(إ.ب.أ)

قال نائب رئيس بلدية باريس إن متحفي اللوفر وأورساي في العاصمة الفرنسية نقلا أعمالا فنية مخزنة تحت الأرض إلى أماكن آمنة أمس الجمعة مع استمرار ارتفاع منسوب مياه نهر السين بعد أيام من الأمطار الغزيرة التي أسفرت عن مقتل شخصين.
وأجبرت مياه السيول والفيضانات آلاف الأشخاص على النزوح عن منازلهم وأغلقت عشرات المدارس جنوبي باريس. وفي وقت سابق هذا الأسبوع وجهت الأوامر إلى الجيش للمشاركة في إنقاذ سائقي السيارات الذين تتقطع بهم السبل على الطرق السريعة الرئيسية.
وقال برونو جوليار نائب رئيس بلدية باريس لراديو «فرانس إنتر»: «بالنسبة للمتاحف فرغم أنه لم يحدث لحسن الحظ أي تسرب للمياه إلى المخازن حتى اليوم فإن هناك عملية تلقائية.. لنقل الأعمال من المخازن الواقعة تحت الأرض إلى أماكن أعلى». ويضم المتحفان بعضا من أهم وأقيم الأعمال الفنية في العالم.
وذكر جوليار أن الأعمال في المتحفين المطلين على نهر السين ليسا في خطر حتى اليوم. وغمرت المياه بعض الطرق المنخفضة بمحاذاة النهر وأغلق خط لمترو الأنفاق.
وتوقع مسؤولون أن مياه النهر قد ترتفع لستة أمتار في وسط باريس الجمعة، وشددوا على أن هذا لا يزال أقل من المستوى الذي قد يشكل خطرا على حياة السكان والأعمال.
وقالت سيجولين روايال وزيرة البيئة لتلفزيون «فرانس 2» إن انحسار مياه السيول قد يستغرق أسابيع.
كما تنامت مخاوف من ازدياد نسبة المياه في باريس وهو ما سيعطل بطولة كرة القدم الأوروبية، رغم طمأنة المسؤولين بأن ذلك أمر مستبعد. وقد تأثرت مدن وقرى كثيرة شرق وجنوب باريس من أسوأ فيضانات عرفتها المنطقة لعقود مع ارتفاع منسوب المياه في نهر السين لأعلى من مستوى خمسة أمتار متعدية مستوى التحذير.
وتسبب الفيضان في إغراق جزيرة مجاورة لبرج إيفل وتم منع القوارب والسفن الترفيهية من الإبحار في العاصمة.
وفي شرق باريس غطت المياه مخرج على طريق سريع ما أدى إلى إغلاقه كما أغلقت محطة للقطارات على الضفة الشمالية لنهر السين.
ومن جانبه علق فرنسوا دوكيزن رئيس «فيغيكرو» وهي مؤسسة تراقب معدلات المياه في فرنسا: «مستوى المياه في نهر السين آخذ في الارتفاع ولكننا ما نزال بعيدين عن الرقم القياسي وهو 8.5 الذي سجل في عام 1910، عندما أغرقت المياه أجزاء كبيرة من العاصمة لمدة 45 يوما».
وأفاد موقع «إيل دو فرانس» الإلكتروني التابع للحكومة الفرنسية أن منسوب مياه نهر السين سيتراوح ما بين 7.‏5 و6 أمتار، مشيرا إلى إغلاق عدة طرق في مختلف أنحاء العاصمة الفرنسية مع التركيز على محطة «أوستيرليتز» المركزية لمترو الأنفاق.
وصنفت وزارة الطاقة والمحيط والبيئة ارتفاع منسوب النهر بالعاصمة الفرنسية عند الدرجة البرتقالية، وهي الدرجة قبل الأخيرة من حيث معدلات الخطورة.
وارتفع منسوب المياه في نهر السين بسبب سقوط الأمطار على مدار أسبوع، مما تسبب في موجة فيضانات وإجلاء الآلاف من منازلهم بشمال فرنسا. وفاضت ضفاف النهر في بعض المواقع حيث لم يتمكن السائقون من سلوكها بسياراتهم وكذلك توقف خط قطارات إقليمي يمر على طول السين. والملاحة على النهر لا تزال محظورة.
وجرفت الفيضانات التي سببتها أمطار غزيرة الخميس فارسا سقط في المياه في المنطقة الباريسية، وتمكن الحصان من العودة إلى الضفة، لكن عثر على جثة الرجل البالغ الـ74 من العمر في النهر بعد ساعتين.
والأربعاء عثر على جثة امرأة في الثمانين من العمر في منزلها الذي غمرته المياه في المنطقة الباريسية أيضا. وبعد روايات متناقضة يتوقع تشريح الجثة لتحديد أسباب الوفاة.
وفي المنطقة وإلى الجنوب بقيت 13 دائرة فرنسية في حال الإنذار مع حرمان أكثر من 19 ألف منزل من الكهرباء مساء الخميس.
وفي نيمور إحدى المدن الأكثر تضررا على بعد 80 كلم جنوب باريس تجاوز منسوب المياه مستويات تاريخية لكنه بدأ يتراجع ببطء الخميس.
وقال الرئيس فرنسوا هولاند إنه «سيتم إعلان حال الكارثة الطبيعية» حيال الأضرار المادية الكبيرة التي سجلت في باريس.
وفي هذه المدينة كما في لونجومو على بعد نحو 20 كلم جنوب العاصمة كانت الزوارق تستخدم في وسط المدينة منذ الأربعاء لنقل السكان المحرومين من الكهرباء والتدفئة، وفقا لمصوري وكالة الصحافة الفرنسية على الأرض.
وقالت وزارة الداخلية مساء الخميس إنه منذ بدء هطول الأمطار الغزيرة في نهاية الأسبوع الماضي تم إجلاء 20 ألف شخص من قبل فرق الإغاثة في 16 ألف عملية نفذت على كافة أراضي فرنسا.
وفي بافاريا جنوب ألمانيا ارتفع عدد ضحايا الفيضانات الخميس إلى تسعة في حين فقد ثلاثة أشخاص، هم رجل في الـ65 وزوجان مسنان وتخشى الشرطة وقوع الأسوأ.
وفي سيمباخ أم أن شهد مستوى المياه تراجعا في شوارع المدينة بعد أن سجل في بعض أنحائها ارتفاعا بلغ الأسطح.
وفي هذه المدينة الصغيرة القريبة من الحدود النمساوية عثر الغطاسون في منزل على أربع ضحايا ثلاثة منهم من أسرة واحدة. وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل «أتابع الوضع من كثب (..) أبكي على الضحايا الذين قضوا في الفيضانات. وأقف مع الأسر التي تعاني»، مضيفة أن «هذه الحالة الطارئة تدل على أن لدينا روح التضامن في ألمانيا».
وبعد زيارة للمقاطعات التي تشهد فيضانات، تحدث وزير المالية في بافاريا ماركوس سودر عن «تسونامي أمطار» ووزيرة البيئة يولريك شارف عن أحوال جوية «بمستويات لم نشهدها سابقا» وعزتها للتقلبات المناخية.
والخميس نقلت المياه جذوع أشجار مخزنة في مستودع إلى وسط المدينة حيث ألحقت أضرارا بواجهات المحلات.
وفي النمسا المجاورة تدخل رجال الإطفاء مئات المرات في غرب البلاد الأربعاء، لكن الوضع عاد إلى طبيعته تقريبا الخميس.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».