هشام شربتجي: أنا ضد مسلسلات السيرة الذاتية لأن التاريخ غير صادق

بعد أربع سنوات من انقطاعه عن عالم الإخراج التلفزيوني يعود المخرج السوري هشام شربتجي بمسلسل جديد سيطلق تصويره في الأيام القليلة المقبلة. وشربتجي الذي قدّم العشرات من المسلسلات التلفزيونية، وتخصص تقريبًا في إخراج المسلسلات الكوميدية السورية مثل أجزاء «عيلة النجوم» و«بقعة ضوء» و«مرايا» و«أحلام أبو الهنا» وغيرها. يتميز بكل مقومات المخرج الكوميدي، حيث روحه المرحة والبديهة السريعة، وفي حوار معه يتحدث هشام شربتجي لـ«الشرق الأوسط»، عن جديده قائلاً: «ستنطلق عمليات تصوير مسلسلي الجديد، الذي يحمل عنوان (أزمة عائلية) في الأسبوع الأول من شهر رمضان، والمسلسل سيكون من بطولة الفنان أيمن زيدان، ومن تأليف الكاتب شادي كيوان، وهو اجتماعي معاصر يحمل طابع الكوميديا، وسيصوّر بأسلوب (السيت كوم) أي المكان الواحد».
وعن غيابه عن الإخراج في السنوات الأربع الماضية يتنهد شربتجي: «ما الأسباب برأيك؟ هل لأنني كنت سعيدًا وكنت جالسًا أتأمل وأعمل (برونزاج) بالشمس وأترك لغيري مهنة الإخراج؟! للأسف عندما تعم الفوضى البلد، خصوصا في المجال الثقافي والفني يظهر أناس يستغلون الثغرات الموجودة لاستثمار مساحات لم تكن متاحة لهم، وهناك أناس لا تتكشف مواهبهم الإخراجية إلا عندما تحمي (الدبكة).. وهناك أناس تجلس (تتشمس) وتتأمل ماذا حلّ بالبلد!».
وهل تقصد منافسة أولئك الأشخاص الذين دخلوا عالم الإخراج وهم غير جديرين بذلك؟ يضحك شربتجي معلّقا: «الله يكتر المحبين أهلاً بالجميع.. إنّ أدوات مهنة الإخراج لا توجد بين يوم وليلة، إلا إذا جاءت (مؤسسة السينما) وأتحفتنا بمجموعة أسماء تحت عنوان (مخرجين شباب) لا أقدر أن أفهم كيف تمت هذه التسمية؟.. يعني عندما يصبح المخرج عمره خمسين عامًا، فلن يكون صالحًا لأن يكون مخرجًا؟! عندما يدخل مخرجو السينما عالم الإخراج التلفزيوني يجب أن تكون هناك أسس تُبْنَى عليها هذه الصناعة، برأيي بعد جيل من المخرجين في الدراما التلفزيونية السورية اجتهد وأجاد وأخطأ، لكنه أسس لصناعة الإخراج، فإن زمن التجربة في الإخراج ولّى.. وما حصل في السنوات الأخيرة جعلني لا أتفاجأ بما يحصل في عالم الإخراج الدرامي، فكل الأمور صارت متاحة».
وحول أدوات المخرج الكوميدي الناجح وتميزه في هذا النوع من الإخراج، يقول شربتجي: «ما ثبت لي عمليًا لا يوجد مخرج كوميديا ومخرج دراما أو مخرج إثارة. هناك الميول والرغبة في إخراج نمط معين من المسلسلات التلفزيونية».
وحول اتهام الكوميديا السورية في مسلسلاتها الأخيرة بالاستسهال والتهريج يقول شربتجي: «هناك من دخل عالم الكوميديا من دون خبرة وجربوا ففشلوا، ونتجت معهم مسلسلات تُبْكي ولا تضحك، لكن تبقى الأعمال الكوميدية نادرة ليس في عالمنا العربي بل في العالم كلّه، والسبب أنها الأصعب بين أنواع المسلسلات التلفزيونية والأفلام السينمائية».
وعن رأيه بظاهرة التكرار في دراما البيئة الشامية، يوضح شربتجي: «في السينما الأميركية تم تكرار كثير من الأفكار والمشكلة ليست بالتكرار، بل السؤال ما النتيجة وماذا يعملون وما الهدف من هذه المسلسلات الشامية وما الأفكار التي تقدم؟!.. من المعروف أن البيئة الشامية جميلة والجمهور أحب مسلسلاتها خصوصا أولئك الناس الموجودين في الخارج، حيث ذكّرتهم هذه المسلسلات بالبيت الشامي وبشجرة النارنج، المهم هنا ما الصيغة التي تقدم بها هذه الأعمال هل هو استسهال أو فبركة أو تشويه لمرحلة اجتماعية لا يجوز تشويهها، عندما قلت سابقًا إن باب الحارة بتكرار الأجزاء أساء - حوربت - ولذلك حَرّمْت أن أقول ذلك - يضحك شربتجي - قد نسمع أنه سيصل للجزء الـ25مثلاً؟! في الأجزاء الأولى منه كان المسلسل جميلاً، لكن أن تسخّر هذه الظاهرة للرجوع بأفكارنا للخلف غير مقبولة، وبرأيي عندما تكون البيئة نظيفة والإنتاج نظيفًا ورأس المال نظيفًا والمصادر والأهداف نظيفة حتى لو كان تهريجًا، فلا توجد مشكلة، إذ كلما زاد الإنتاج تزداد المنافسة والعملة الجيدة تطرد العملة الرديئة.
وحول رأيه بمسلسلات السيرة الذاتية والتاريخية يوضح شربتجي: «أنا ضد هذا النوع من المسلسلات، لأن التاريخ مزيف وغير صادق، فنقوم بتشويه السير الذاتية، لا يوجد شيء اسمه تاريخ، فالتاريخ يكتبه الأقوياء».
وعن رأيه بدخول الممثلين اللبنانيين بقوة في السنوات الأخيرة في الدراما السورية يقول شربتجي: «أرى العكس تمامًا. الفنانون السوريون، خصوصا ما يسمون النجوم هم من دخلوا على خط الدراما المصرية واللبنانية، وأنا مع هذه الظاهرة، وهو يدخل في باب تبادل الخبرات، وهذا أمر طبيعي، وتبقى الدراما صناعة، ومن أدواتها الأفكار، ولا يجوز اللعب فيها مطلقًا. وأنبه - يحتد شربتجي - أن يتعالى أحد ما على الحالة الفنية اللبنانية، فلبنان مركز للترجمات ولدور النشر وللمثقفين والعباقرة وللمسرح الموسيقي، ولديهم فنانون مهمون تطوروا بشكل أو بآخر».
وعن رأيه في الكوميديا الخليجية يقول شربتجي: «اكتشفت أن للكوميديا بيئتها، وما يقدم من كوميديا خليجية أو دراما خليجية تنال إعجاب الخليجيين وتضحكهم، وهم يفهمونها أكثر من سكان مناطق أخرى».
سأقف أمام الكاميرا - يضحك هشام شربتجي - سأخوض غمار التمثيل قريبًا، فهو أسهل من الإخراج، فالمخرجون هنا سيلحقونني ممثلا، وأقول لهم مثلاً اليوم مشغول، أجلّوا تصوير دوري ليوم آخر فيجن جنون المخرج؟! وسأفرض شروطي عليهم، وهناك ظاهرة جديدة حاليًا، وهي احتساب الأجر على اليوم، ولو عمل الممثل نصف ساعة مثلاً فيأخذ أجر يوم كامل.