ليبيا: مظاهرة في طرابلس احتجاجًا على تردي الأوضاع المعيشية

حفتر إلى الأردن والسراج يطالب روسيا بدعم أكبر لمكافحة الإرهاب

ليبيا: مظاهرة في طرابلس احتجاجًا على تردي الأوضاع المعيشية
TT

ليبيا: مظاهرة في طرابلس احتجاجًا على تردي الأوضاع المعيشية

ليبيا: مظاهرة في طرابلس احتجاجًا على تردي الأوضاع المعيشية

«وينا وينا وينا.. قولوا للسراج يجينا»، «يا ليبي يا جيعان.. اطلع للميدان»، هكذا هتف أمس مئات المتظاهرين الذين تجمعوا بشكل مفاجئ في ميدان «الشهداء» وسط العاصمة الليبية طرابلس، احتجاجا على ما وصفوه بتردي أوضاعهم المعيشية.
وطالب المتظاهرون في هتافاتهم، بحضور رئيس حكومة الوفاق الوطني المقترحة من بعثة الأمم المتحدة، فائز السراج، إليهم بعد نحو شهرين من دخوله العاصمة التي لا تزال تعاني انقطاع الكهرباء والانفلات الأمني، إضافة إلى نقص السيولة في المصارف المحلية.
وعرف سكان طرابلس على مدى الأسابيع القليلة الماضية عودة ظاهرة الطوابير الطويلة والمزدحمة أمام المصارف، بسبب عدم توافر النقد، وسط معركة سياسية وإعلامية مفتوحة بين مجلس السراج والسلطات الموازية التي تدير الأمور في شرق البلاد.
وبدأ المصرف المركزي الموالي لمجلس النواب المتواجد في مدينة طبرق، أقصى الشرق، في توزيع الدفعة الأولى من مبلغ 4 مليار دينار ليبي، تمت طباعته في روسيا، رغم اعتراض المجلس الرئاسي لحكومة لسراج والسفارة الأميركية لدى ليبيا.
وأعلن مجلس النواب أمس إقالة الناطق الرسمي باسمه، فرج بوهاشم، وتعيين ناطق جديد، لكن بوهاشم رفض القرار وقال في المقابل إنه مستمر في تأدية عمله.
من جهة أخرى، طالب السراج الحكومة الروسية بلعب دور أكبر للمساهمة في رفع حظر توريد السلاح والأرصدة المجمدة لمحاربة الإرهاب وتخفيف المشكلات الاقتصادية.
وأعرب السراج في بيان وزعه مكتبه الإعلامي، عقب لقائه مع السفير الروسي لدى طرابلس، إيفان مولتكوف، عن تمنياته بأن يكون لروسيا دور للمساعدة في رفع الحظر المفروض على ليبيا، سواء في موضوع رفع حظر توريد السلاح من أجل مكافحة الإرهاب، أو رفع الحظر عن الأرصدة المجمدة، لتتمكن ليبيا من إنعاش اقتصادها والتخفيف من معاناة المواطن.
وأشار إلى رغبة ليبيا في الاستفادة من الخبرات الروسية، في مجال التدريب الفني للأجهزة الأمنية المختلفة، لرفع كفاءتها ودعم قدراتها.
من جهته، قال السفير الروسي إنه يأمل في عودة البعثة الدبلوماسية للعمل في طرابلس في أسرع وقت ممكن، مشيرا إلى تطلع بلاده لإعادة تفعيل اتفاقيات التعاون بين البلدين، الأمر الذي سيساعد في دعم برنامج الإصلاح الاقتصادي لحكومة الوفاق الوطني، وعودة الشركات والاستثمارات الروسية، على حد قوله.
وترتبط روسيا وليبيا بعقد تنفيذ مشروع السكك الحديدية، الذي تم توقيعه في عهد نظام القذافي، عام 2008، وتتجاوز قيمة تنفيذه 4 مليارات دولار.
إلى ذلك، بدأ القائد العام للجيش الوطني، الفريق خليفة حفتر، زيارة مفاجئة إلى الأردن للمشاركة في احتفالاتها بمئوية الثورة العربية التي ستقام اليوم. وقالت مصادر ليبية إن حفتر، الذي وصل إلى عمان على متن طائرة خاصة، يزور الأردن بدعوة من الملك عبد الله الثاني.
وتأتي الزيارة بينما تخوض قوات الجيش معارك شوارع ضارية في مدينة بنغازي شرق ليبيا، ضد الجماعات الإرهابية التي لا تزال متحصنة داخلها.
وقال مسؤول عسكري إن قوات الجيش سيطرت على محيط مصنع الأنابيب بمنطقتي الفعكات والقوارشة غرب المدينة، لافتا إلى انهيار دفاعات المتطرفين أمام ما وصفه بالتقدم المطرد لقوات الجيش.
وأغلقت قوات الجيش الطريق العام المؤدي إلى منطقة الهواري وحتى مصنع الإسمنت لدواع أمنية، فيما نقلت وكالة الأنباء الرسمية عن مصدر عسكري أن إغلاق الطريق سيكون بشكل مؤقت وإلى أجل غير مسمى بسبب اشتداد المعارك.
وكان حفتر قد دعا قوات الجيش مؤخرا إلى تصفية قواعد المتطرفين ومعاقلهم الأخيرة في بنغازي، تمهيدا لإعلان تحريرها بعد أكثر من عامين على انطلاق عملية الكرامة ضد الجماعات الإرهابية في المنطقة الشرقية.
إلى ذلك، كشف تقرير لبعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا عن تصاعد الضحايا في صفوف المدنيين خلال شهر مايو (أيار) الماضي، وقال التقرير الذي وزعته البعثة، إن هذا الشهر شهد وقوع 70 ضحية في صفوف المدنيين، منهم 24 حالة وفاة، و46 إصابة بجروح، خلال سير الأعمال العدائية في جميع أرجاء ليبيا، موضحا أن القصف، بمدافع الهاون والمدفعية وغيرها من الأسلحة غير المباشرة، قد تسبب في معظم الوفيات والإصابات في صفوف المدنيين.
واعتبرت البعثة أن وفيات مثيرة للجدل لأطفال تعد مؤشرًا على انهيار النظام الطبي في ليبيا، مشيرة إلى ارتباط ذلك بالأعمال العدائية المستمرة في البلاد. وقالت: «تفيد التقديرات أن نحو 60 في المائة من المستشفيات العامة الموجودة في مناطق النزاع في ليبيا قد أغلقت أبوابها، أو لا يمكن الوصول إليها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».