مصادر فرنسية: اجتماع باريس الدولي للتمهيد لإطلاق محادثات السلام المباشرة

الاجتماع المخصص للنزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي سيشكل «مجموعات عمل».. والمبادرة العربية أحد عناصره البارزة

جنود إسرائيليون يوقفون شاباً قلسطينياً أمس في مدينة الخليل بالضفة الغربية بحجة استخدامه زجاجة مولوتوف (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يوقفون شاباً قلسطينياً أمس في مدينة الخليل بالضفة الغربية بحجة استخدامه زجاجة مولوتوف (إ.ب.أ)
TT

مصادر فرنسية: اجتماع باريس الدولي للتمهيد لإطلاق محادثات السلام المباشرة

جنود إسرائيليون يوقفون شاباً قلسطينياً أمس في مدينة الخليل بالضفة الغربية بحجة استخدامه زجاجة مولوتوف (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يوقفون شاباً قلسطينياً أمس في مدينة الخليل بالضفة الغربية بحجة استخدامه زجاجة مولوتوف (إ.ب.أ)

نجحت فرنسا في اجتذاب نحو ثلاثين وزير خارجية وأمين عام منظمة دولية وإقليمية للمجيء إلى باريس، غدا الجمعة، من أجل اجتماع وزاري سيدوم نصف يوم مخصص للنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، في محاولة منها لإعادة وضعه على رأس الاهتمامات الدولية، خصوصا «لتوفير الظروف لعودة الطرفين المعنيين - أي إسرائيل والسلطة الفلسطينية - إلى طاولة المفاوضات المباشرة» التي هجراها منذ أكثر من عامين، وفق مصادر دبلوماسية فرنسية رفيعة المستوى. والاجتماع الذي سيضم ثلاثة وزراء خارجية من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن (بريطانيا وروسيا لن تمثلا على المستوى الوزاري) ونظرائها من دول عربية أساسية (المملكة السعودية ومصر والأردن والمغرب)، وأخرى أوروبية (غير فرنسا وبريطانيا مثل ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا)، وآسيوية (مثل اليابان، رئيسة مجموعة الدول السبع وإندونيسيا التي نظمت مؤخرا قمة خاصة بهذا النزاع)، وأفريقية (جنوب أفريقيا)، وكذلك بان كي مون، أمين عام الأمم المتحدة وأمين عام الجامعة العربية نبيل العربي، ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني سيفتتحه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، ويرأس أعماله وزير الخارجية جان مارك أيرولت. وسيسبق الاجتماع الوزاري الجمعة لقاء يجمع مستشاري الوزراء الدبلوماسيين للاتفاق على البيان الختامي الذي سيذاع بمناسبة المؤتمر الصحافي الذي سيعقده الوزير أيرولت.
من حيث الشكل والمسائل الإجرائية، تبدو الأمور واضحة بالنسبة للمسؤولين الفرنسيين. أما من حيث المضمون خصوصا النتائج المترتبة على هذا الاجتماع الطموح، فإن كلمة «التواضع» هي سيدة الموقف. وقد رددتها المصادر الفرنسية أمس أكثر من مرة، لا بل إنها تحولت إلى «محطة إلزامية» بالنظر إلى الشكوك التي تحيط بهذا الاجتماع، وبما يمكن أن يفضي إليه. وفي أي حال، فإن مصدرا دبلوماسيا عربيا قال لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن باريس التي ستدخل قريبا في عز الحملة الانتخابية الرئاسية (وهو حال الولايات المتحدة الأميركية) تستطيع أن تقول إنها «سعت وجربت بينما الآخرون بقوا متفرجين أو غير مبالين». أما الصعوبات فقد واجهتها باريس في مرحلة التحضير ومرتين متواليتين، وعنوانها الرفض الإسرائيلي المباشر والفج وقليل الدبلوماسية الذي لقيه الوزير أيرولت، ثم رئيس الحكومة مانويل فالس من رئيس الحكومة الإسرائيلية خلال زيارتيهما إلى إسرائيل التي لم يفصل بينهما سوى عشرة أيام. ووصلت الأمور مع نتنياهو إلى حد الإيحاء بأنه «يقبل» مبادرة فرنسية، شرط أن تختصر في لقاء مباشر مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في قصر الإليزيه ومن غير حضور أي طرف آخر.
تنفي باريس وجود أي تحفظ فلسطيني أو مصري أو عربي إزاء مبادرتها التي أجل اجتماعها الوزاري إلى 3 يونيو (حزيران)، لتمكين الوزير جون كيري من المشاركة فيه بعد أن ظهرت مؤشرات لـ«تجاهل» أميركي للمساعي الفرنسية. لكن الدبلوماسية الفرنسية تعتبر اليوم وبغض النظر عن النتائج الفعلية التي سيتمخض عنها المؤتمر أنها نجحت في «تعبئة» هذا الكم الكبير من المشاركات الدولية الأولى من نوعها منذ اجتماع «أنابوليس» في نهاية عهد الرئيس الأميركي السابق جورج بوش. وتتمثل الأهداف في إعطاء دفع سياسي ودبلوماسي لحل الدولتين الذي يتراجع مع مرور الوقت، وتوفير دينامية جديدة لجهود السلام وإعادة طرح مبادرة السلام العربية على طاولة النقاش، وهي التي أهملتها الأسرة الدولية خصوصا إسرائيل منذ عام 2002. وتريد باريس كذلك وبعد اتصالات موسعة قام بها الوزير أيرولت والسفير السابق بيار فيمون توفير الحوافز لتحقيق مجموعة أهداف «فرعية»، منها إيجاد «الحوافز» الاقتصادية والسياسية التي يمكن أن تساهم في خفض التوتر وتوفير الشروط للعودة إلى المفاوضات المباشرة والتهيئة لمؤتمر لاحق يشارك فيه الطرفان المعنيان، وربما حصل قبل نهاية العام الجاري. ويبدو واضحا أن الأمور مرهونة من جهة بما سيلده اجتماع الجمعة، وما سيقرره من إجراءات وتحركات لاحقة.
أكثر من مرة، أشارت المصادر الدبلوماسية الفرنسية إلى أن المطلوب «تغيير المنهج السابق» الذي لم يفض إلى شيء جدي على صعيد السلام، في إشارة إلى الجهود الأميركية للسيناتور جورج ميشال، ثم الوزير كيري، والدولية «الرباعية». والمقاربة «المتواضعة والبراغماتية» تراهن على «الخطوات الصغرى»، والاستماع إلى الجميع، خصوصا «إشراكهم» في تحمل مسؤولية ما سيتم الاتفاق عليه. ونفت هذه المصادر أن تكون باريس بصدد «سرقة» دور أحد (في إشارة إلى واشنطن)، معربة عن «سعادتها» في حال فتح اجتماع الغد الباب لجهود إضافية.
بالإضافة إلى البيان الختامي الذي «سيعيد التأكيد على المبادئ الأساسية للحل المتضمنة في وثائق كثيرة، لكن دون الدخول في التفاصيل»، سيسفر الاجتماع عن تشكيل «مجموعات عمل» ستتناول «الحوافز الاقتصادية» والتدابير الأمنية وخفض العنف والأمن الإقليمي، وستكون مبادرة السلام العربية إحدى المرجعيات الأساسية التي ستنصب عليها الجهود. أما سبب «الاكتشاف» المتأخر لها فيعود إلى ما أعلنه نتنياهو ووزير دفاعه الجديد ليبرمان عن «اهتمامهما» الجديد بها، علما بأنهما ربطاها بـ«تعديلات» يتعين إدخالها. ويرى أكثر من مصدر دبلوماسي أن نتنياهو «يناور»، ويريد الخروج من وضعية «الرافض باستمرار»، وبذلك يكون قد التف سلفا على الانتقادات التي ستوجه إليه وإلى سياساته، خصوصا في موضوع الاستيطان.
ترى مصادر دبلوماسية عربية أن باريس «تتوكأ» على مبادرة السلام العربية لتوفير «عناصر ملموسة» يمكن الاستناد إليها للخوض من زاوية جديدة في موضوع النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي. غير أنها تريد أن تعرف من أصحاب الشأن (أي الجانب العربي) ما رأيهما بالمبادرة، وما إذا كانت هناك تعديلات يفترض إدخالها عليها، وكيفية «جدولة» ما تنص عليه وتنفيذه على مراحل. لكن هذه التساؤلات تبدو من باب وضع العربة قبل الحصان، لأن المبادرة المذكورة بقيت حرفا ميتا، لأن إسرائيل وأدتها من خلال رفضها لها وتشديدها «فقط» على المحادثات الثنائية مع الجانب الفلسطيني. والحال أن هذه المفاوضات المباشرة فشلت بسبب استمرار إسرائيل في فرض سياسة الأمر الواقع، وقضم الأراضي الفلسطينية بالاستيطان المتسارع، والقضاء على إمكانية إقامة الدولة الفلسطينية.
خلال لقاء أمس، قالت المصادر الفرنسية إن أحد أهداف الاجتماع «استيلاد وضع جديد يقبل الأطراف بموجبه العودة إلى المفاوضات». يبقى أن يقول لنا المجتمعون كيف سيتوصلون إلى تحقيقه ميدانيا، حيث إن الطرف الفلسطيني الضعيف يطالب ويكرر أنه لن يفاوض مجددا من غير ضمانات ومن غير وقف الاستيطان، بينما إسرائيل تعمل على كسب الوقت والاستمرار في التفاوض «حتى لا يبقى شيء يمكن التفاوض عليه»، وفق كلمة رئيس الوزراء الأسبق إسحق شامير.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.