خبراء ينتقدون تعديل قانون الصحافة ويطالبون بالمزيد من الحريات

في ورشة نظمتها شبكة الصحافيين السودانيين

خبراء ينتقدون تعديل قانون الصحافة ويطالبون بالمزيد من الحريات
TT

خبراء ينتقدون تعديل قانون الصحافة ويطالبون بالمزيد من الحريات

خبراء ينتقدون تعديل قانون الصحافة ويطالبون بالمزيد من الحريات

انتقد صحافيون سودانيون وخبراء قانونيون مقترحًا من وزارة العدل بإجراء تعديلات جديدة على قانون الصحافة والمطبوعات السوداني، واعتبروه محاولة من الجهاز التنفيذي لتشريع المزيد من القوانين المقيدة لحرية الصحافة بالبلاد، في غيبة أصحاب المصلحة من الصحافيين.
وأمر وزير العدل السوداني عوض الحسن النور في وقت سابق من العام الحالي بتكوين لجنة لتعديل قانون الصحافة والمطبوعات الصحافية، لمراجعة قانون 2009، واقتراح اللجنة التي عقدت أول اجتماعاتها منتصف مايو (أيار) الماضي، ويتوقع أن تقدم تقريرها النهائي في غضون الأيام القريبة المقبلة.
ونظمت شبكة الصحافيين السودانيين – تنظيم نقابي موازٍ لاتحاد الصحافيين الحكومي وتنشط في مجال الحريات الصحافية – ورشة عمل بالخرطوم أمس، خصصتها لدراسة الآثار المترتبة على التعديلات المقترحة للحريات الصحافية، شارك فيها خبراء قانونيون وصحافيون.
ويخشى صحافيون مستقلون من إجراء تعديلات جوهرية في غيبة أصحاب المصلحة، وعدم تمثيلهم في اللجان التي تناقش شؤون مهنة الصحافة، ويرون في مشاركة كل من مجلس الصحافة والمطبوعات واتحاد الصحافيين وحدهما كممثلين للصحافيين باعتبارهما جهتين حكوميتين تابعتين للجهاز التنفيذي، تغييبًا لأصحاب المصلحة الحقيقية في قوانين ديمقراطية تحكم الصحافة السودانية التي تعيش أسوأ أوضاعها منذ صدور أول صحيفة سودانية.
ودعت الخبيرة القانونية سامية الهاشمي في حديثها للورشة إلى إشراك الصحافيين في عمل لجنة تعديل القانون، وإلى إتاحة النسخة المعدلة من القانون للصحافيين وأصحاب المصلحة قبل إجازتها في البرلمان، وحذرت من التكتم الذي يحيط بعمل اللجنة والمسودة المقترحة، وقالت: «عمل التشريع ليس فيه سرية، أما حين أحاطته بسياج من السرية، فهذا يشي بأن هناك ما يخشى نقاشه جهرًا».
واعتبرت الهاشمي محاكمة المخالفات الصحافية وفقًا للقانون الجنائي خرقًا للقانون الجنائي الذي يشترط توفر (القصد الجنائي)، وهو أمر مستبعد بالنسبة لقضايا النشر التي ترى أنها يجب أن تخضع للقانون المدني، ودعت لاستثناء الصحافيين من جريمة (إشانة السمعة) وفقًا لهذا المبدأ القانوني.
وطلبت الهاشمي من شبكة الصحافيين تقديم طعن دستوري ضد القانون المتوقع صدوره، وإلى الاطلاع على نماذج قوانين الصحافة في البلدان الأخرى والتقدم بمشروع قانون بديل (موديل) للجهات التشريعية والمطالبة باعتماده باعتباره يمثل أهل المصلحة الحقيقية.
وانتقد المحامي خالد سيد أحمد تقييد الصحافة عن طريق القوانين، باعتبار حق التعبير لا يحتاج لمرجعية، لأن مرجعيته الدستور والمواثيق الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وأرجع سيد أحمد التغيير والتعديل المستمر في قوانين الصحافة إلى تغييب أهل المصلحة من تشريع هذه القوانين، وقال: «الإشكال الحقيقي أن الصحافة لا تزدهر في ظل الأنظمة الشمولية»، مشيرًا إلى ما أسماه التناقض في التعامل مع الصحافيين بشأن البلاغات الموجهة ضدهم، بقوله: «حال تقدم مواطن بشكوى ضد صحيفة يتم الإفراج عنه بالضمان الشخصي، أما إذا كان الشاكي الجهاز التنفيذي – جهاز الأمن تحديدًا – فإن الضمان الشخصي لا يكفي لإطلاق سراحه».
من جهته أشار الصحافي الحائز على جائزة (بيتر ماكلر) المكافئة للشجاعة والنزاهة فيصل محمد صالح، إلى أن الصحافة السودانية بدأت مستقلة وليست حكومية، ما يفسر التعديلات الكثيرة على قانون الصحافة والمطبوعات، والحساسية المفرطة التي تتعامل بها الحكومات مع الصحافة.
ودعا صالح إلى مقاومة مشروع القانون المقترح دون حتى الاطلاع على نصه، باعتبار أن تعديلات القانون يتقدم بها الجهاز التنفيذي، وقال: «تفرض علينا الحكومة قوانين لم تستشر فيها الصحافيين، ثم تكتشف أنها غير كافية لتقييد الصحافة فتبتدر مشاريع قوانين جديدة، ما يفسر التعديلات المتكررة لقانون الصحافة أكثر من أي قانون آخر».
ودعت شبكة الصحافيين السودانيين إلى مقاومة محاولة تعديل القانون الحالي، أو تقديم قانون جديد، وإلى اعتبار قضايا الصحافة قضايا مدنية، ولإتاحة الحريات الصحافية، ووقف مصادرة وإغلاق الصحف، ووقف الصحافيين عن العمل بأوامر من جهاز الأمن، وحفظ سرية مصادرهم، وصياغة قانون ديمقراطي يكفل للصحافة والصحافيين الحرية.
وتعهدت الشبكة بتنظيم أنشطة مناهضة للقانون المزمع، وتتضمن وقفات احتجاجية، وتقديم مذكرات، والعمل بشتى أشكال المقاومة السلمية للحيلولة دون زيادة القيود المفروضة على مهنة الصحافة.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.