بداية هادئة للفالح في فيينا قبل «خميس التحديات»

احتفظ بأفكاره بعيدًا عن الإعلام انتظارًا للاجتماع الرسمي

خالد الفالح  (رويترز)
خالد الفالح (رويترز)
TT

بداية هادئة للفالح في فيينا قبل «خميس التحديات»

خالد الفالح  (رويترز)
خالد الفالح (رويترز)

كانت الساعة الثانية عشرة إلا بضع دقائق عند منتصف الليل من يوم الاثنين، وأعداد الصحافيين لم تكن تتناقص بل تتزايد، والكل كان يقف عند مدخل فندق «بارك حياة» في انتظار وصول وزير الطاقة السعودي خالد الفالح إلى العاصمة النمساوية فيينا للمشاركة في اجتماعات منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» للمرة الأولى.
وخاب ظن الصحافيين كثيرا ليلة البارحة في الحصول على تصريح من الوزير الجديد، الذي اختار الدخول من الباب الجانبي للفندق بعيدا عن أعينهم. ولم يتمكن الصحافيون من اللحاق به إلى المصعد؛ حيث كان الفالح يسبقهم بخطوات.. وعندما بدأوا في الأسئلة كان باب المصعد قد بدأ في الإقفال والفالح في طريقه إلى حجرته.
ولم تفلح محاولة الصحافيين في مناداته من بعد في اجتذاب نظره إليهم؛ حيث كان هناك حراس للأمن تمكنوا من إبقاء الوزير على بعد أمتار عن الصحافيين.
وحتى في صباح الأمس الثلاثاء، كان الفالح يسبقهم بخطوات، ولم يتمكنوا من اللحاق به عند خروجه من باب الفندق الجانبي، وهو في طريقه إلى مبنى «أوبك».
لقد سبق وأن حدثت أمور مشابهة في زمن وزير البترول السابق علي النعيمي؛ حيث تسلل في بعض المرات إلى حجرته من أماكن مختلفة تحاشيا للصحافيين، ولكن ما حدث مع الفالح بالأمس كان تحولا كبيرا بالنسبة إلى الصحافيين الذين اعتادوا على مر السنوات الماضية الاقتراب من النعيمي.
ويقول المحلل الدكتور محمد الرمادي تعليقا على ما حدث: «إنه أمر طبيعي جدا، فالفالح لا يريد أن يتم نقل تصريحاته الأولى كوزير في فيينا بطريقة خاطئة من قبل وسائل الإعلام، خاصة أن السوق في شغف شديد لمعرفة ما الذي يفكر فيه».
وذهب الفالح إلى «أوبك» صباح الأمس، والتقى بالأمين العام عبد الله البدري لنحو ساعة ونصف الساعة، ولأخذ جولة في مبنى المنظمة والتعرف عليها.. وعندما خرج الفالح كان الصحافيون في انتظاره، وكذلك من دون فائدة حيث تجاوزهم من دون أن يتفوه بكلمة.
وغدا، الثاني من يونيو (حزيران)، وفي قاعة الاجتماعات الرئيسية المفتوحة في الطابق الأول من ذلك المبنى الزجاجي الواقع على شارع هيلفرشتروفرشتراسه في قلب فيينا، سيجد الفالح نفسه في مواجهة حتمية مع عشرات الصحافيين الذين سيمطرونه بالأسئلة عن السوق ومستقبل الأسعار والسياسات التي ستنتهجها المملكة.
وسيجد خالد الفالح، الرجل الذي بنى مسيرته المهنية في شركة «أرامكو» السعودية، نفسه وسط حشد من الوزراء لم يسبق له التعامل معهم من قبل، سيكون الكثير منهم غاضبين من الوضع الذي وصلت إليه أسعار النفط حتى وهي تتداول عند مستوى 50 دولارا بدلا من 100 دولار كما اعتادوا سابقا.
وسيكون هذا الاجتماع هو الأول للفالح؛ حيث سيجلس على الكرسي نفسه الذي جلس عليه من قبله أربعة وزراء آخرهم علي النعيمي، الذي خاض حروبا مريرة وشرسة على مدى 20 عاما لإدارة السوق والمنظمة، التي يعرف عن أعضائها عدم التزامهم بأي سقف للإنتاج يتفقون عليه فيما بينهم، إلا فيما ندر.
وسيخوض الفالح التحدي نفسه.. وسيجد أمامه منظمة منقسمة حول الأسعار، ومنقسمة حول سياسة الدفاع عن الحصة السوقية بدلا من الأسعار.. وهي الاستراتيجية التي أقنعهم بها النعيمي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، التي بدأت تؤتي أكلها بعد عام ونصف وبدأت السوق في طريقها إلى التعافي.
ولن تكون مهمة الفالح سهلة في هذا الاجتماع، الذي يتوقع الجميع له أن يكون اجتماعا هامشيا سهلا غير ذي تأثير في السوق النفطية. ويعود السبب في ذلك إلى أن الفالح سيباشر مهمته في وقت تعاني فيه المنظمة خلافات داخلية كثيرة بين الدول الأعضاء، إضافة إلى تحديات خارجية كبيرة ومصيرية، مثل تطور تقنيات إنتاج النفوط غير التقليدية، التي أصبحت منافسا ومصدر تهديد للنفوط التقليدية التي تنتجها المنظمة.
أول وأبرز خلاف داخلي هو إجماع المنظمة على أمين عام جديد بديلا للأمين العام الحالي الليبي عبد الله البدري، الذي تم تعيينه أمينا عاما مكلفا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي لمدة ستة أشهر بعد انتهاء فترته الرسمية لحين التوصل إلى أمين عام جديد.
وسيكون اختيار أمين عام جديد هو أول تحد يحسب للفالح كنجاح في إدارة المنظمة إذا ما تم الوصول إلى إجماع حول أحد المرشحين.
ولعل أهم تحد أمام الفالح هو الحفاظ على وحدة الصف؛ حيث باتت المنظمة في أضعف حالاتها؛ لأنها لم تعد قادرة على فرض سياسات موحدة تخدم السوق ومصالح دولها الأعضاء، إضافة إلى الخلافات المستمرة حول الحصص السوقية بين أعضائها.
وعلى الرغم هذه البداية الهادئة له، فالكل يتوقع أن هذا هو الهدوء الذي سيسبق العاصفة يوم غد الخميس.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.