عقيدة «حزب الله» في انتخابات لبنان

مع تداعيات تورطه في سوريا.. والآفاق الاقتصادية الملبّدة

عناصر من حزب الله يحملون أعلام الحزب خلال تشييع أحد قادته العسكريين مصطفى بدر الدين الذي قتل في هجوم استهدفه في سوريا في 13 من مايو (أ.ف.ب)
عناصر من حزب الله يحملون أعلام الحزب خلال تشييع أحد قادته العسكريين مصطفى بدر الدين الذي قتل في هجوم استهدفه في سوريا في 13 من مايو (أ.ف.ب)
TT

عقيدة «حزب الله» في انتخابات لبنان

عناصر من حزب الله يحملون أعلام الحزب خلال تشييع أحد قادته العسكريين مصطفى بدر الدين الذي قتل في هجوم استهدفه في سوريا في 13 من مايو (أ.ف.ب)
عناصر من حزب الله يحملون أعلام الحزب خلال تشييع أحد قادته العسكريين مصطفى بدر الدين الذي قتل في هجوم استهدفه في سوريا في 13 من مايو (أ.ف.ب)

أظهرت الانتخابات البلدية التي أجريت في لبنان، خلال مايو (أيار) الحالي، تراجعًا كبيرًا في شعبيِّة الأحزاب السياسة اللبنانية، ومن بينها ما يسمى بـ«حزب الله». وكشف ظهور دور العائلات وبروز المستقلين والحزب الشيوعي اللبناني عن أن «القاعدة الشعبية» للحزب لها اهتماماتها الاقتصاديّة المنفصلة عن التركيز الرئيسي لقيادته على السياسة الإقليمية، لا بل كشفت أيضًا عن انحسار هامش المناورة لدى الحزب داخل حاضنته الشعبية الشيعية منذ دخوله الحرب السورية، وتزايد التحديات الاقتصادية التي يواجهها لبنان.
يرى كثيرون أن ما يسمى بحزب الله بني سمعته على محاربة إسرائيل. ويعتبر البعض أن عملياته المسلحة أدت إلى - أو أسهمت - في انسحابها من لبنان عام 2000. غير أن هذا التنظيم المرتبط دينيًا وفكريًا وسياسيًا وعسكريًا بإيران يواجه اليوم معضلة مُتنامية، إذ إنه مع «انفلاشه» أو تمدده خارج حدود لبنان، وتصويره على أنه غدًا أكثر قوة من أي وقت مضى إقليميًا، بات في الحقيقة أكثر هشاشة تحديدا نتيجة هذا الانفلاش والتمدد.
منذ عام 2012، تخلى الحزب فعليًا عن كفاحه الأساسي ضد إسرائيل، عبر انضمامه إلى جانب نظام الرئيس السوري بشار الأسد في حربه ضد الثوار، ومعظمهم من السنّة. ووفقًا لمصادر مقرّبة من الحزب، يتمركز حاليًا ما بين 5 إلى 7 آلاف مقاتل من رجال الحزب في سوريا، التي شهدت معاركها أيضًا مقتل ما يزيد عن 1500 من مقاتليه.
وفي حديث إلى «الشرق الأوسط»، قال أحد المستشارين السابقين لدى الحزب - مفضّلا عدم الكشف عن هويته - إن «القاعدة الشعبية لحزب الله لا تزال تدعم تدخله في سوريا، والذين يشكّكون في تداعيات مشاركته في الحرب السورية هم أقلية من المستنيرين». ويؤيد هذا الرأي كمال فغالي، خبير الإحصاءات والاستطلاعات الانتخابية، الذي اعتبر في حوار مع «الشرق الأوسط» أن «تحالف حزب الله وحركة أمل (الحزب الشيعي الرئيسي الثاني في لبنان) تحالف سياسي عقد تحت شعار المقاومة. وعلى الرغم من جميع الانتقادات للرئيس نبيه برّي (رئيس مجلس النواب اللبناني وزعيم حركة أمل)، لا يستطيع أحد أن ينكر الجهود والمشاريع التنموية في الجنوب، من طرقات ومدارس ومستشفيات.. فالجنوب من أفضل المحافظات على مستوى البنية التحتية. وهذا فضلاً عن أن حزب الله، من جانبه، يموِّل عددًا من الهيئات الأهلية التابعة له، وقد حققت هذه الهيئات والمؤسسات - ولا تزال تحقق - إنجازات تنموية كبيرة. ولقد تُرجم هذا الدعم في الانتصار الذي حقَّقه الحزب في المناطق التقليدية، أي بعلبك – الهرمل، والضاحية الجنوبية، وكثير من القرى والبلدات في جنوب لبنان».
ولكن، مع ذلك، يكمن الشيطان في التفاصيل.
ذلك أنه كردّة فعلٍ شعبية لافتة، وعلى الرغم من قبضة حزب الله المشدّدة على المناطق الشيعية، واحتكاره الأسلحة، وتحالفه مع الحزب الشيعي الآخر الرئيسي (أي حركة أمل)، تمكّن عدد لا بأس به من المستقلين وممثلي العائلات، بالإضافة إلى الحزب الشيوعي اللبناني، من الحصول على أعداد متزايدة من الأصوات خلال الانتخابات البلدية الأخيرة، بل وتمكّن من تحقيق مكاسب جزئية في بعض المناطق الأخرى.
وفي حسابات الأرقام، وفقًا لمقال نشر على موقع «لبنان الآن» تناول نتائج محافظة بعلبك – الهرمل (شمال شرقي لبنان)، شكّلت لائحة «بعلبك مدينتي» المدعومة من المجتمع المدني في مدينة بعلبك، المعقل الأبرز والأكبر لحزب الله في شرق لبنان، منافسة قوية للائحة الحزب وحلفائه، وحصدت ما يقارب الـ45 في المائة من الأصوات. وفي مدينة الهرمل، ثاني أكبر المعاقل في المنطقة، واجه الحزب أيضًا لائحة مؤلفة من المجتمع المدني، تشكلت من نشطاء أرادوا «التصدِّي لفساد» المجلس البلدي السابق، منهم مَن كان داعمًا لحزب الله، والبعض الآخر للحزب السوري القومي الاجتماعي. وبالنتيجة، نجح أحد المرشحين المعارضين في خرق لائحة حزب الله – أمل، وهذا المرشح مع أنه من مؤيدي الحزب، فقد ترشح كمستقل بسبب خلاف مع القيادة، بحسب جريدة «لوريان - لوجور».
ومن ثم، كان واضحًا أن ارتفاع الأصوات الشيعيِّة المستقلة في المناطق التي يسيطر عليها حزب الله وحركة أمل انسحب بدوره على مناطق أخرى، مثل الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، حيث أعلنت لائحة «الغبيري للجميع»، الشبيهة بلائحة «بعلبك مدينتي»، ممثلة بفعاليات وشخصيات وعائلات. ولقد شكّلت هذه اللائحة في منطقة تعتبر، أو كانت تعتبر، أحد أقوى معاقل الأحزاب الشيعية على الإطلاق، وتمكّنت من الحصول على نسبة تربو على الـ35 في المائة من الأصوات.
ولدى الانتقال إلى محافظتي الجنوب والنبطية (جنوب لبنان)، لم يشكل الحراك المدني وحده مصدر التحدي الخطر لقيادتي حزب الله وحركة أمل، بل تمكن الحزب الشيوعي – الذي كان حتى الحرب اللبنانية (1975 – 1990) يتمتع بحضور كبير مؤثر في المناطق الشيعية – وكذلك كثير من اليساريين المستقلين، من الحصول على عدد غير مسبوق من الأصوات.
ووفقًا لبيان صادر عن الحزب الشيوعي، فازت اللوائح المدعومة من الحزب في بلدات عين بعال والهبارية وراشيا الفخار وكفرشوبا وإبل السقي. كذلك تمكّن الحزب الشيوعي من تحقيق انتصارات جزئية في بلدات صريفا وأنصار ودير الزهراني وكفررمّان والمية ومية وعدلون ودير سريان وصفد البطيخ وكفرحمام والطيبة وتفاحتا وأنصارية وطيردبا (مسقط رأس قيادي حزب الله العسكري الراحل عماد مغنية الذي اغتيل في العاصمة السورية دمشق، عام 2008) ودير ميماس وعيترون وروم وطيرحرفا وبليدا وبلاط وعزة والعباسية وبرج الملوك.
وحول هذه النتائج، علّق قاسم قصير، المحلّل والخبير في شؤون الحركات الإسلامية، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، معتبرًا أن «حزب الله حافظ على قاعدته الشعبية. ومع ذلك، كان هناك حالات من التمرّد، مثل الهرمل، وذلك بسبب سوء إدارة العملية الانتخابية». ومن ناحية ثانية، لاحظ المحامي ماجد فياض، الذي ترشح غير مرة ضد ثنائي حزب الله - أمل في الانتخابات العامة، أن «التمرد» انطبق أيضًا على حارة صيدا، الضاحية الشيعية الأبرز لمدينة صيدا ذات الغالبية السنّية، حيث لم تؤيد حركة أمل رئيس البلدية السابق سميح الزين الذي شكل لائحته الخاصة، وتمكن من الفوز. ومن المثير للاهتمام أيضًا في هذه الانتخابات، كما أكد مصدر مقرب من الحزب، أنه على الرغم من حثّ حزب الله جمهوره على المشاركة في التصويت، لم يلتزم إلا القليل بهذا «التكليف الشرعي».
وفي هذه الأثناء، على صعيد آخر غير متّصل مباشرة بالانتخابات، يواجه حزب الله تحدّيات متزايدة مرتبطة بحربه في سوريا، خصوصًا مع اغتيال قياديه العسكري البارز مصطفى بدر الدين، قريب عماد مغنية، وأحد الخمسة الذين اتهمتهم المحكمة الدولية بالتورط في اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري، عام 2005. وفي الوقت الذي تشير فيه أصابع الاتهام الأولية عند البعض إلى إسرائيل، كمشتبه به رئيسي في تصفية بدر الدين، يتهم حزب الله الثوار السوريين، أو – كما يقول أحد المصادر – مَن يصفهم الحزب بـ«التكفيريين». وفي هذا السياق، أشار الكاتب نيكولاس بلانفورد، الخبير في شؤون حزب الله، في مقال نشر أخيرًا إلى «أن اغتيال بدر الدين الذي نفّذ في منطقة أمنية مغلقة، يشير إلى أن حزب الله بات هدفًا أكثر سهولة للضربات الإسرائيلية المحدّدة خلال السنوات الماضية، إذ إنه مقابل الازدياد الكبير في عدد عناصره، تدنّى مستواه الأمني المحكَم الذي طالما اشتهر به».
وتجدر الإشارة إلى أن قتل بدر الدين جاء ليضاف إلى لائحة طويلة من الاغتيالات التي تُتهم بها إسرائيل. ففي وقت مبكر من هذا العام، قصفت طائرات حربية إسرائيلية منزل سمير القنطار في دمشق، وهو المقرب من حزب الله والميليشيات المرتبطة بنظام بشار الأسد. وفي يناير (كانون الثاني) من عام 2015، استهدفت إسرائيل جهاد مغنية (ابن عماد مغنية) وجنرالا إيرانيا، خلال غارة نفذتها طائرة من دون طيار (درون) فوق مرتفعات الجولان.
إن تزايد الخسائر في صفوف قيادات الحزب، وعجزه عن تحقيق النصر الشامل في سوريا، بالإضافة إلى الآفاق الاقتصادية الملبَّدة في لبنان، وتزايد التململ الجريء في حاضنته الشعبية – كما بيّنت الانتخابات البلدية الأخيرة – من شأنها وضع مزيد من الضغوط على حزب الله، الذي يبدو أنه دخل في نفق ضيِّق، وأخذ هامش المناورة لديه يتقلص شيئًا فشيئًا.



«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
TT

«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)

ارتبط مسمى «حزب الله» بنوعين؛ أعلام صفراء في لبنان، وحسن نصر الله أمين عام حزب الله، لبنان، لكن النوع العقائدي الأكبر خطورة يسير في دماء العراق، حزب هو بذات الاسم، عقائديون أكبر أثراً في سفك الدماء، حيث يرعون الأمر أكبر من مجرد حزب أصفر له الضاحية الجنوبية في لبنان؛ مسكن ومقر ومشيعون.
بين دجلة والفرات، حزب يسمى كتائب «حزب الله العراق»، له أكثر من 13 عاماً وهو في تشكيله الحالي، ليس بالهين عوضاً عن ميليشيات «الحشد الشعبي» التي أخذت كل الوهج الإعلامي كونها مرتبطة بنظام إيران، لكن «حزب الله العراق» وكتائبه تمر في أزقة السواد وبأخطر من دور ميداني تمارسه «الحشد الشعبي»، لأن العقائدية ونشرها أشد خطورة من ميدان يتقهقر فيه الأضعف، نظراً للضربات الآمنة التي يقودها الحلفاء أولو القوة من غرب الأرض لوقف تمدد النزيف، دائماً ما يكون مصنع الوباء يمر بحزب الله العراق.

قبل أشهر، كان الحزب تعرض لواحدة من أعنف الغارات على مواقعه، بعد هجوم صاروخي استهدف قاعدة التاجي في العراق، وقتل فيها جنديين أميركيين وبريطانياً، وجاء الرد خلال ساعات قليلة بفعل غارات أميركية - بريطانية مشتركة، ضد منشآت لميليشيات حزب الله العراقي في محافظتي بابل وواسط ومنطقة سورية محاذية للحدود العراقية.
نظرة سريعة على حزب الله العراق، من التاريخ، كان عماد مغنية (قتل في 2008 بغارة إسرائيلية في دمشق) الإرهابي اللبناني التابع لإيران، وحزب الله لبنان، كان أحد صنّاع هيكل هذا الحزب في العراق، حيث بدأ في العمل وفقاً لتوجيهات وأوامر نظام الملالي في تكوين حزب يشبه حزب الله اللبناني، وهو ما يبدو أن الأوامر جاءته في تجويد هذا الحزب ليكون بذراعين: عسكرية وعقائدية، ويبدو أن مغنية تجاوز أخطاء عديدة في تشكيل ووهج حزبه اللبناني، فصنع بهدوء هيكلة مختلفة للحزب، جعلت كل المساجد والحسينيات وقوداً يضخ فيها البذور التي يرغبها أولو العمائم.
ظهر الحزب بحضوره الأول بقوام تجاوز 4 آلاف شخص، منتمين بعضويات عدة داخله، وتنامى العدد حتى قبل تصنيف الولايات المتحدة له كـ«تنظيم إرهابي»، لكنه جعل دوره التسويقي للحشد والتنظيم أكبر من مجرد عسكرة، بل فكرة أكثر ارتباطاً في نشر آيديولوجيا عبر مواقع عدة، ومنها تفريخ عناصر في قطاعات مهمة داخل العراق؛ منها وزارة التعليم ووضع لبنات التعاون مع أحزاب دينية؛ منها «الحزب الإسلامي» الذي يتغذى بمنهج الإخوان المسلمين.
ربما ما يدور أن الحزب هو جزء في تكوين «الحشد الشعبي» لكن ذلك يمر بتقاطعات، حيث يشير عبد القادر ماهين، المتخصص في شؤون التنظيمات الإرهابية، إلى أن الحزب يظهر كونها جزءاً من تكوين الحشد، لكنه جزء يصنع الكعكة الميليشياوية ويشارك في تسميمها ويعمل على توزيعها في المناطق المجاورة.
يشير ماهين في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إلى أنه لا أمين عاماً للحزب أسوة بحزب الله اللبناني، حيث يظهر فيه حسن نصر الله، مبرراً ذلك أن الفرق بين تكوين الحزبين هو الحاجة والدور، حيث يتمركز في جنوب العراق بعتاد عسكري، له هدف في وضع حضور طاغٍ يحاول تفخيخ الحدود، لأن الهدف يرتبط مع إمبراطورية إيران الكبرى الممتدة، ولا يظهر له الأثر السياسي كممثلين له كما هو الحزب اللبناني ليكون أثره في تشكيل الحكومات والبرلمانات.

إذن ما الدور الذي يلعبه الحزب؟

الحزب كما يرى ماهين، أنه ذو دور عسكري في الأصل، لكن الترتيبات ما بعد 2009 جعلته أكثر قدرة في تكوين فريق احتياط عسكري ليس أكثر وفق الحاجة، يدعم التوجهات والسياسات الإيرانية، لكن ما أخل بتلك القاعدة مشاركته المباشرة في دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأصبح أكثر من 4 أو 5 آلاف جندي مشاركين في السيطرة على مدن سورية تحت إمرة إيران في سوريا التي تتشكل من 4 فصائل مسلحة.
الحزب ليس عسكرياً فقط؛ كان ولا يزال صاحب دور في الترويج العقائدي، وتصوير الحضور الإيراني بشكل إيجابي مزعوم، إضافة إلى عمله الاقتصادي، حيث يدخل عناصره الكبرى في مفاصل مهمة في الاقتصاد العراقي، من شركات اتصالات وشركات نفطية، وأخرى ذات علاقة بقطاع الطيران، وإدارة المطارات والمنافذ، وبعض الأشخاص أبرزهم هادي العامري الذي كان صاحب صولات وجولات حين حمل حقيبة وزارة النقل العراقية في وقت سابق، وكان أبرز مهددي الاستمرار الكويتي في بناء ميناء مبارك الكبير، حيث هددت كتائب الحزب الشركات من الاستمرار بالعمل، وحينها ظهر العامري بأن ذلك المشروع «يغلق القناة الملاحية لموانئ العراق».
مرحلة مختلفة ظهرت، حين عاودت الآلة العسكرية الحزبية لكتائب حزب الله العراق، بالعمل من خلف الصفوف، حيث كانت أبرز مهددي السفارات وأكثر ملغمي مسارات الحلول السياسية، بل ومن رمى بقادة العراق اليوم في تحدي أن يرضخوا أمام شعب بدأ في كراهية الحضور الإيراني، وكان الحزب أبرز علامات استهداف المتظاهرين في العراق في كل البلاد، بغية كسر حدة السيوف الشعبية لتصبح مجرد مقبض دون رأس حربة كي يحافظ الحزب على الوجود الإيراني، خصوصاً أنه أبرز متلقٍ للأموال من نظام إيران وأكثرها غناءً.
الدور الاقتصادي لكتائب حزب الله العراق أصبح أكثر وضوحاً، حيث كان أكبر المنتفعين في عام 2015، من «الفدية القطرية» التي وصلت إلى أكثر من مليار دولار، مقابل إطلاق سراح قطريين كانوا يقضون وقتهم في الصيد جنوب العراق، ورغم أن الأنباء قالت إن الخاطفين لعدد من أبناء الأسرة الحاكمة القطرية ومعاونيهم الذي بلغ 28 شخصاً، كانوا من تنظيم «داعش»، لكن التقارير المسربة لاحقاً في بدايات 2016 حيث جرى تخليصهم وعودتهم إلى قطر، كانوا يتبعون لكتائب حزب الله العراق، وهو ما ينافي الرواية الرسمية القطرية التي تقول إنها دفعت المبلغ للحكومة العراقية.
الدور المستقبلي لن ينفك عن منهجية تتقاطع مع حزب الله اللبناني، حيث لدى الحزب اليوم الرؤى ذاتها، خصوصاً في اعتماد سياسة «افتعال الأزمات»، كي لا ينكسر الحضور الإيراني ونفوذه في المؤسسات الدينية وبعض السياسية، التي يجد فيها بعضاً من رجاله الذين يقبعون في سياسة تخفيف الضغط على النظام السياسي ومحاصصته التي تستفيد منها ميليشيات إيران في العراق، وما بعد مقتل قاسم سليماني، غربلة يعيشها الحزب الذي يجرب يوماً بعد آخر أسلوب التقدم خطوة بخطوة، مستفيداً من تكتيك الفأر في نشر طاعون على أرض هي الأهم لإيران.