مواقع التواصل الاجتماعي.. فضاء متعدد ومنصة لـ«الإعلام الجديد»

دراسة حديثة: السعوديون يتصدرون قائمة مستخدميها عالميًا

مواقع التواصل الاجتماعي.. فضاء متعدد ومنصة لـ«الإعلام الجديد»
TT

مواقع التواصل الاجتماعي.. فضاء متعدد ومنصة لـ«الإعلام الجديد»

مواقع التواصل الاجتماعي.. فضاء متعدد ومنصة لـ«الإعلام الجديد»

أظهرت دراسة تحليلية لأنماط الاتصال الجماهيري أن السعوديين في صدارة دول العالم في استخدام منصات التواصل الاجتماعي، متفوقين من حيث النسبة على دول كبيرة، مثل الولايات المتحدة والصين.
وأشارت الدراسة إلى أن دول الخليج تتصدر دول العالم في نسبة المستخدمين النشطين والتكنولوجيا الرقمية، وأن منصات ووسائل الإعلام الجديد «النيو ميديا» ساهمت في إعادة تشكيل الساحة الإعلامية الخليجية؛ حيث تغيرت معها قواعد اللعبة وتبدلت أدوار اللاعبين، حسبما يقول باحث خليجي شارك في إعداد الدراسة.
تحمل الدراسة عنوان «وسائل الإعلام الاجتماعية في العالم العربي: أنماط الاتصال الجماهيري واتجاهات الرأي العام في دول الخليج»، وتقع في (288) صفحة، وهي من تأليف وإشراف الدكتور خالد الجابر، أستاذ الاتصال السياسي في برنامج الخليج في جامعة قطر، والدكتور مختار العريشي، والبروفسور باري جونتر من جامعة ليستر، وشارك في إعداد فصول الدراسة التي صدرت نخبة من الأكاديميين والباحثين المتخصصين في شؤون الاتصال السياسي، ووسائل الإعلام، والإعلام الجديد، والجمهور والرأي العام في منطقة الخليج.
وتحذر مما تسميه «استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مفرط وغير مسؤول»، وترى أن هذا الاستخدام في بعض الأحيان «أدى إلى الاستقطاب السياسي، والاصطفاف الآيديولوجي، والتخندق الطائفي، والديني، والمذهبي، والقبلي، ونشر الأكاذيب والشائعات والفتن، والترويج للتطرف والعنصرية والإرهاب».
وقد صدرت الدراسة على شكل كتاب عن دار (آي. بي. توريس) باللغة الإنجليزية، التي تعد إحدى أبرز دور النشر العالمية المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط والعالمين العربي والإسلامي، ومقرها العاصمة البريطانية لندن.
وفي تدشينه للكتاب، قال الدكتور خالد الجابر: «إن أهميته تكمن في تفكيك ودراسة التحولات التي طرأت على وسائل وأدوات الإعلام في العالم العربي في السنوات الماضية، وطبيعة التغييرات التي طالت المشهد الاتصالي بمجمله، ومدى تراجع أهمية وسائل الإعلام التقليدية ومؤسساتها وتأثيرها وانتشارها، وصعود دور منصات التواصل الاجتماعي، والوسائط الرقمية (Digital Media)، خصوصًا في دول مجلس التعاون الخليجي التي تمثل فيها المملكة العربية السعودية المساهم الأكبر والأكثر نشاطًا وحيوية وتفاعلاً».
وأشار الجابر إلى «أننا نعيش في منطقة جيو استراتيجية مضطربة، أشبه برمال صحراوية متحركة، (...) وأن دول الخليج تتفاعل مع كل المتغيرات، كما أنها ومن جانب آخر تتصدر دول العالم في نسبة المستخدمين النشطين والتكنولوجيا الرقمية، وهي بحاجة إلى مزيد من الدراسات والأرقام والإحصاءات واستطلاعات الرأي العام، التي تساعدها في معرفة وتحليل الوضع»، لافتًا إلى أن فصول الكتاب تستعرض تعامل الجمهور مع منصات التواصل الاجتماعي في دول الخليج العربي الست.
وأكد الجابر أن منصات ووسائل الإعلام الجديد «النيو ميديا»، أعادت تشكيل الساحة الإعلامية الخليجية وتغيرت معها قواعد اللعبة وتبدلت أدوار اللاعبين، ووفرت أرضية قائمة على إتاحة مساحة رمادية واسعة من التعبير والحوار والمتبادل والمشاركة في الرأي، وهي تشمل مشاركة كبيرة من جانب السواد الأعظم من الناس، خصوصًا الفئات المهشمة، أهمها القطاعات الشبابية التي تمثل الأغلبية والقوى الصاعدة في المجتمعات الخليجية.
وقال إن هؤلاء الشباب ساعدوا في إيجاد منصات لتشكيل الفضاء العام أو المجال العام (Public Sphere) التي تناولها الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس ووضعه مصطلحًا عام 1962 في كتابه الشهير «التحولات البنيوية في المجال العام».
ولاحظ أن وسائل الإعلام الجديد أضعفت دور المراقب أول الحارس أو ما يُسمى بـ(Gate Keeping)، ودور وسائل الإعلام التقليدية الرئيسية (الصحف والإذاعة والتلفزيون والمحطات الإخبارية)، في تحديد أولويات اهتمام الرأي العام، ولم تعد لديها القدرة الفاعلة على تعيين وتحديد طبيعة الخطاب وصناعة المواقف.
يتناول الفصل الأول من هذا الكتاب، وعنوانه «أهمية وسائل الإعلام الاجتماعية في العالم العربي»، الحديث عن التوسع الرقمي في استخدامات وسائل الإعلام، خصوصًا التزايد والنمو في استخدام وسائل الإعلام الاجتماعي، مثل: (فيسبوك، وتويتر، ويوتيوب) في التواصل ونقل الأخبار والمعلومات بين الأفراد والمؤسسات المختلفة. كما يتناول المواقع والأدوات والتطبيقات الأكثر تأثيرًا واستهلاكًا في وسائل التواصل الاجتماعي من أجل التواصل مع قيادات المجتمع السياسية والاجتماعية والدينية والثقافية.
ويستعرض الفصل الثاني أهمية ودور وتأثير وسائل الإعلام الاجتماعي في المملكة العربية السعودية؛ حيث تناولت الباحثة شوبهادي تشودري دور الإعلام الاجتماعي في صناعة منصة عامة، وتنظر الباحثة إلى دور وسائل الإعلام الاجتماعي ومساهمتها في صياغة خطاب متنوع ومتعدد داخل اقتصاد الدولة.
من جانبه، يناقش الدكتور مارك جونز، من جامعة دراهم البريطانية، في الفصل الرابع وفي الفصل التاسع، استخدامات وسائل الإعلام الجديد في مملكة البحرين. ويعرض الباحث فكرة وجود كثير من التحديات الاستراتيجية التي لعبت فيها مواقع التواصل الإعلام الاجتماعي دورًا مهمًا، التي فتحت جبهة أخرى أمام العمل الدبلوماسي البحريني على الصعيدين الإقليمي والدولي، وإحداث التغيير الجذري في الاستراتيجية الدبلوماسية باستخدام وسائل الإعلام الاجتماعي نفسها لشرح المواقف والرد على الاتهامات.
ويتطرق الفصل الخامس الذي يشترك في تأليفه الدكتور عبد الكريم الزياني من جامعة البحرين والدكتور مختار العريشي من جامعة ليستر، في دراستهما المعنونة بـ«الهواتف المحمولة واستخدام الإنترنت في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي: منظور طلاب الجامعات»، إلى دراسة استخدامات الهواتف النقالة والإنترنت من قبل الشباب العربي في منطقة الخليج العربي. ويستعرض الفصل عددًا من الوسائل التي يستخدمها طلبة الجامعات في دول مجلس التعاون الخليجي؛ للحصول على المعلومات والأخبار عن مجتمعاتهم المحلية، وعادات الاستهلاك الإخباري والمصادر التي يعتمدون عليها في نقل وترويج واسترجاع المعلومات.
ويعرض الفصل السادس دراسة كل من الدكتور ديفيد جورج بولا وجميس بيي من جامعة زايد الإماراتية والمتعلقة بـ«استخدام وسائل الإعلام الاجتماعي والسياق المتغير في دولة الإمارات العربية المتحدة»، وتتناول الدراسة استخدام وسائل الإعلام الاجتماعي من قبل فئات كثيرة من المجتمع. كما يتناول الفصل دراسة قانون الجرائم الإلكترونية في دولة الإمارات، فضلاً عن تعريف الفضاء الاجتماعي وكيفية تطبيق هذه القوانين في بعض الحالات المحددة.
ويتناول الفصل السابع «النساء والمشاركة السياسية عبر الإنترنت في الكويت»، الذي تتعرض فيه الدكتورة فاطمة السالم من جامعة الكويت، قسم الإعلام، للنظام السياسي في الكويت والمشاركة في وسائل الإعلام الاجتماعي من قبل شريحة الإناث الكويتيات، من خلال النظر إلى أثر الثورة التكنولوجية على البناء السياسي والاجتماعي في الكويت. وتأتي هذه الدراسة على خلفية ندرة الدراسات والبيانات حول العلاقة بين استخدام وسائل الإعلام الاجتماعي والمشاركة السياسية للمرأة في الخليج وخصوصًا في الكويت على صعيدي الإعلام الجديد والإعلام التقليدي.
ويتناول الفصل الثامن وعنوانه «الإعلام الجديد كوسيلة بديلة للإعلام القائم في دول مجلس التعاون الخليجي»، بمشاركة أستاذ الاتصال السياسي في جامعة قطر، الدكتور خالد الجابر، والدكتور مختار العريشي من جامعة ليستر، التركيز على دراسة طبيعة المتغيرات التي طرأت على المشهد الاتصالي الخليجي والجمهور المستهلك في ثلاث دول من مجلس التعاون (السعودية - قطر - البحرين)، وتحليل أنماط الاستخدام لوسائل مواقع التواصل الاجتماعي، وكيفية التفاعل والمشاركة وعوامل التأثير والإيجابيات والسلبيات.
أما في الفصل الأخير، فيعرض الكتاب ما تم الوصول إليه من خلاصة للنتائج والتحليلات في الفصول السابقة. ويطرح تصورات مستقبلية لتطوير وسائل الإعلام الاجتماعي في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي والاستفادة من الأخطاء والسلبيات التي خلفتها تداعيات ما يعرف بالربيع العربي، والاستثمار في مستقبل تساهم فيه وسائل الإعلام الاجتماعي في صناعة الوعي، والحفاظ على كيان المجتمع، وتعزيز الأمن واستقرار المنطقة، والبعد عن التفرقة بين أبناء الوطن الواحد وافتعال المعارك السياسية وإذكاء الصراعات وإشعال الحروب.



تساؤلات بشأن سياسات «ميتا» لحماية المستخدمين بعد حذف مليوني حساب

شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)
شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن سياسات «ميتا» لحماية المستخدمين بعد حذف مليوني حساب

شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)
شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)

أثار قرار شركة «ميتا» بحذف أكثر من مليونَي حساب على منصات «فيسبوك»، و«إنستغرام»، و«واتساب»، خلال الأشهر الماضية، تساؤلات بشأن سياسات الشركة حول حماية بيانات المستخدمين، لا سيما أن القائمين على القرار برّروا الخطوة بأنها جاءت بهدف «مواجهة عمليات الاحتيال الرقمي». ووفق خبراء تحدَّثوا مع «الشرق الأوسط» فإن «الخطوة تعد تطوراً في سياسات (ميتا) لحماية البيانات».

«ميتا» ذكرت، في تقرير صدر نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن السبب وراء حذف الحسابات هو «رصد عمليات احتيال رقمي كانت قد قامت بها تلك الحسابات». ويُعدّ هذا التقرير الأول الذي تكشف من خلاله «ميتا» عن تفاصيل استراتيجيتها للتصدي للأنشطة الاحتيالية العابرة للحدود. وعدّ مراقبون هذه الخطوة تعزيزاً لاتباع سياسة واضحة تجاه أي اختراق لحماية المستخدمين. وكتبت الشركة عبر مدونتها «لا مكان على (فيسبوك) أو (إنستغرام) أو (واتساب) للمجموعات أو الأفراد الذين يروّجون للعنف، والإرهاب، أو الجريمة المنظمة، أو الكراهية».

هيفاء البنا، الصحافية اللبنانية والمدرّبة في الإعلام ومواقع التواصل، رأت في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «ميتا» تعمل على تحديث أدواتها لحماية المستخدمين. وأضافت: «تركز سياسات (ميتا) على الحدِّ من الجريمة المنظمة عبر استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) المتطورة، وتعمل هذه التقنيات على تحليل النشاطات المُريبة على المنصات واكتشاف المحتويات المرتبطة بالجريمة المنظمة».

ووفق البنا فإن «(ميتا) تُراجع وتحدّث سياساتها بشكل دوري، كي تتفادى أي تهديدات تلاحق المستخدمين، وكانت الشركة قد أوضحت أن خوادمها الـ(Servers) المنتشرة في الدول يتم تحديثها بشكل دوري؛ لضمان مواكبة أي تغييرات، ولضمان بيئة أكثر أماناً لمستخدمي منصاتها حول العالم».

وأردفت: «التزاماً بلائحة حماية البيانات العامة، تتعامل (ميتا) مع الأشخاص الذين تُحلّل بياناتهم عبر رموز مشفّرة، وليس عبر أسمائهم الحقيقية، ما يضمن الحفاظ على خصوصياتهم»، مشيرة إلى أن حماية بيانات المستخدمين لا تتوقف على «ميتا» فقط.

إذ شدّدت الإعلامية والمدرّبة اللبنانية على تدابير يجب أن يتخذها المستخدم نفسه لحماية بياناته، إذ توصي مثلاً «بتفعيل خاصية (التحقق بخطوتين/ Two-Factor Authentication)؛ لضمان أمان الحسابات، ويمكن أيضاً استخدام تطبيقات مثل (Google Authentication)، التي تولّد رموزاً سرية تُستخدم للدخول والتحقق من هوية المستخدم، وكذا يمكن استخدام خاصية الإبلاغ التي توفّرها (ميتا) بسرية تامة، حيث يصار إلى التعامل مع هذه البلاغات من خلال فرق مختصة أو تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ لضمان بيئة آمنة للجميع».

معتز نادي، المدرّب المتخصص في الإعلام الرقمي، عدّ خلال حوار مع «الشرق الأوسط» تحرّكات «ميتا» الأخيرة انعكاساً لـ«تفاقم مشكلة الاحتيال عبر الإنترنت وزيادة التهديدات السيبرانية التي تواجه المستخدمين». ورأى أن «تحديات (ميتا)» تصطدم بتطور الاحتيال، وازدياد عدد المستخدمين بما يتجاوز نحو مليارَي مستخدم، وتشديد الرقابة الرقمية التي تضعها في مرمى نيران الانتقادات، خصوصاً مع انتقاد خوارزمياتها الكثير من الأحداث السياسية التي شهدها العالم أخيراً.

وحول جدية «ميتا» في حماية بيانات المستخدمين، قال معتز نادي: «بنظرة إلى المستقبل، سيكون الأمان الرقمي بحاجة إلى مجاراة التطور من حيث تقنيات الذكاء الاصطناعي، والعمل على تثقيف المستخدمين عبر وسائل الإعلام والمنصات الرقمية لمنع أي اختراق لخصوصياتهم».