سوريا: موسكو قد تنفذ قريبًا قرارها بتوجيه ضربات جوية من جانب واحد

بهدف إنقاذ نظام الأسد وستستهدف المعارضة و«النصرة» في ريف دمشق

جنود روس في قاعدة حميميم السوية يجهزون إحدى القاذفات (أ.ف.ب)
جنود روس في قاعدة حميميم السوية يجهزون إحدى القاذفات (أ.ف.ب)
TT

سوريا: موسكو قد تنفذ قريبًا قرارها بتوجيه ضربات جوية من جانب واحد

جنود روس في قاعدة حميميم السوية يجهزون إحدى القاذفات (أ.ف.ب)
جنود روس في قاعدة حميميم السوية يجهزون إحدى القاذفات (أ.ف.ب)

قال فلاديمير كومويدوف، رئيس لجنة البرلمان الروسي لشؤون الدفاع، وقائد أسطول البحر الأسود سابقًا، إن روسيا قد تبدأ في وقت قريب في توجيه ضربات جوية ضد مواقع «جبهة النصرة» من جانب واحد، وذلك على خلفية رفض الولايات المتحدة الاقتراح الروسي بالتعاون في توجيه ضربات ضد تلك الجماعة الإرهابية.
في حديث لوكالة «إنتر فاكس» عد كومويدوف أن «المطلوب ليس أن نبدأ بتوجيه الضربات، بل أن نضع نهاية لهذا الأمر»، في إشارة منه إلى ضرورة أن تتحرك روسيا من دون أن تنتظر نتائج المحادثات مع الولايات المتحدة بهذا الصدد. وادعى أن «جبهة النصرة» تمكنت من تعزيز قواتها واستعادة نشاطها بكثافة، بينما كانت روسيا تنتظر الرد من الولايات المتحدة على الاقتراح بشأن الضربات المشتركة. ولذا يحذر كومويدوف من احتمال «خسارة بعض من الجوانب الإيجابية التي تحققت في سوريا»، ما لم تباشر روسيا في أقرب وقت عملياتها ضد «جبهة النصرة».
يذكر أن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو كان قد اقترح على الولايات المتحدة التعاون بين القوات الجوية الروسية العاملة في سوريا وقوات التحالف الدولي في توجيه ضربات جوية لمواقع «جبهة النصرة» والفصائل السورية التي لم تنضم بعد لاتفاق وقف إطلاق النار. وحدّد شويغو يوم 25 مايو (أيار) الحالي موعدًا لبدء تلك الضربات، محذرًا من أن روسيا ستقوم في الموعد ذاته من جانب واحد بتلك الضربات الجوية إن رفضت الولايات المتحدة الاقتراح الروسي. وكما هو معروف، رفضت واشنطن التعاون في هذا المجال مع موسكو التي أعلنت من جانبها يوم 25 مايو أنها قررت تأجيل توجيه الضربات، وبرّرت ذلك بأنها «تلقت عشرات الطلبات من قادة فصائل سوريا لمنحهم مزيدًا من الوقت كي يتمكنوا من الانفصال جغرافيًا عن مواقع (جبهة النصرة)». حسب قولها. ولكن من جانب آخر، أبلغ مصدر في موسكو «الشرق الأوسط» أن «التأجيل جاء ربما لمنح الولايات المتحدة مزيدا من الوقت كي تتمكن من تنفيذ التزاماتها بشأن الفصل بين المعارضة والمجموعات الإرهابية»، وهو ما أكده لافروف أخيرًا حين قال إن التأجيل جاء بطلب من الولايات المتحدة لتمديد المهلة إلى حين إتمامها عملية الفصل.
في غضون ذلك، اتهمت وزارة الدفاع الروسية «جبهة النصرة» ومجموعات متعاونة معها من المعارضة السورية بأنها شنّت هجمات على مناطق في ريف دمشق، وتمكّنت من السيطرة على بعض المواقع. ويرى مراقبون أن روسيا «ربما تضطّر» إلى توجيه ضربات ضد مواقع تلك القوى ومعها مقاتلو «جبهة النصرة» في حال واصلوا تقدمهم وسيطروا على نقاط جديدة تجعلهم يقتربون أكثر من العاصمة السورية. ويشيرون إلى أن مثل هذا التحوّل الميداني ستكون له تداعيات سياسية غير مرغوبة بالنسبة لدمشق وموسكو، لا سيما على العملية السياسية السورية، الأمر الذي قد يدفع موسكو للتحرك في ظل عجز قوات النظام السوري عن الحفاظ على ما حققته من تقدم خلال الأشهر الماضية بفضل الدعم الجوي الروسي.
وفي شأن متصل بالنشاط العسكري الروسي في سوريا، نقلت وكالة «إنتر فاكس»، عن مصدر مطلع، قوله إن روسيا لم تسحب كل وحدات نزع الألغام من سوريا، بل أبقت على بعضها هناك لتنفيذ مهام تدريب الفرق في قوات النظام السوري على نزع الألغام. ويرى الجنرال المتقاعد نيكولاي سيردتسيف، قائد قوات الهندسة الروسية سابقًا، أن مهام التدريب التي يدور الحديث عنها قد تتطلب ثلاثة أسابيع، بشرط أن يكون من يجري تدريبهم من العناصر ذوي الخبرة في نزع الألغام. وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت في وقت سابق أن كل فرق نزع الألغام ومعداتهم، بما في ذلك الروبوتات والكلاب الخاصة، قد أعيدوا إلى قاعدتهم في مقاطعة فلاديمير الروسية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.