رئيس الأركان الأميركي يحذر الكونغرس من آثار خفض ميزانية الجيش

أوديرنو: تقليص المخصصات سيحد من قدرة واشنطن على خوض حرب طويلة

رئيس الأركان الأميركي يحذر الكونغرس من آثار خفض ميزانية الجيش
TT

رئيس الأركان الأميركي يحذر الكونغرس من آثار خفض ميزانية الجيش

رئيس الأركان الأميركي يحذر الكونغرس من آثار خفض ميزانية الجيش

حذر رئيس هيئة الأركان الأميركية الجنرال راي أوديرنو الكونغرس، من أن تطبيق تخفيض كبير في الميزانية طبقا للقانون بدءا من عام 2016. سيصعب على الجيش الأميركي تحمل مسؤولية ولو حرب واحدة فقط تمتد لسنوات طويلة. وقال أوديرنو أمام لجنة تابعة لمجلس النواب أول من أمس، إن الخفض الشديد والشامل في الميزانية سيجبر الجيش على تقليص عدد جنوده في الخدمة إلى 420 ألف جندي وهو مستوى لا يؤهله لتنفيذ الاستراتيجية الدفاعية للرئيس الأميركي.
وتدعو استراتيجية الرئيس باراك أوباما التي أصدرها عام 2012 إلى جيش أميركي قوي بدرجة تسمح له بتحقيق النصر في حرب واحدة رئيسية وأن يكون قادرا في الوقت ذاته على ردع معتد في صراع ثان. وكان هذا تحولا عن الهدف السابق الذي ظل سائدا لفترة طويلة وهو إمكانية تحقيق النصر بشكل متزامن في حربين منفصلتين. وقال أوديرنو للجنة القوات المسلحة في مجلس النواب «أنا قلق جدا من ألا نتمكن من الوفاء بالإرشادات الواردة في الدفاع الاستراتيجي بمستوى 420 ألف جندي. بل أشك في أن نتمكن من تنفيذ عملية واحدة متعددة المراحل تمتد لفترة طويلة من الوقت».
وأبلغ رئيس هيئة الأركان النواب أن ميزانية الدفاع لعام 2015 التي تبلغ 496 مليار دولار التي تحدد قوام الجيش الأميركي بما بين 440 و450 ألف جندي قادرة على الوفاء باستراتيجية الدفاع لأوباما لكن مع وجود «مخاطر كبيرة». وكانت استراتيجية عام 2012 تدعو إلى جيش قوامه 490 ألف فرد.
وترددت مخاوف أوديرنو بشأن خفض الميزانية في جلسات أخرى بالكابيتول هيل، مقر الكونغرس الأميركي أول من أمس، مع استجواب النواب لكبار المسؤولين عن الدفاع بشأن اقتراح الرئيس لميزانية وزارة الدفاع (البنتاغون) لعام 2015 وخطة الوزارة الخمسية للدفاع. وقال جنرال الجيش كورتيس سكاباروتي قائد القوات الأميركية في كوريا الجنوبية وقوامها حاليا 28500 جندي بأن قواته يمكنها التعامل مع التهديد الذي تشكله كوريا الشمالية لكن قلقه ينصب على مدى استعداد التعزيزات في حالة حدوث أزمة. وتأتي المخاوف المتعلقة بالميزانية بينما يسعى البنتاغون جاهدا لتحقيق خفض يصل إلى نحو تريليون دولار في حجم نفقاته على مدى عشر سنوات كما نص قانون الحد من الميزانية لعام 2011 الذي وافق عليه الكونغرس ووقعه أوباما.
وحول شأن عسكري ذي صلة، قالت: «الوكالة الأميركية للدفاع الصاروخي»، بأنها على ثقة من أنها وضعت يدها على السبب وراء فشل تجربة إطلاق صاروخ دفاعي في يوليو (تموز) 2013 وأنها تعمل على إصلاح أسطولها من الصواريخ الأرضية الاعتراضية بالكامل بحلول نهاية العام. وقال مدير وكالة الدفاع الصاروخي الأميرال جيمس سايرينغ لأعضاء من الكونغرس بأن مسؤولي الدفاع حددوا المشكلة وأنهم يستعدون في يونيو (حزيران) المقبل لإجراء تجربة جديدة للصاروخ الاعتراضي الذي يهدف لصد أي هجوم صاروخي محتمل من كوريا الشمالية أو إيران. وتحدث سايرينغ عن إقدام عدد من الدول بتطوير سريع لصواريخها، مضيفا أن أولويته الكبرى على المدى القصير هي إجراء اختبار جديد لنظام الدفاع الصاروخي الاعتراضي الذي تديره شركة بوينغ. ويشمل النظام «مركبة القتل» أو رأسا حربيا من إنتاج شركة رايثيون وصاروخا من إنتاج أوروبيتال ساينسيز.
وأبلغ سايرينغ أيضا اللجنة الفرعية للقوات الاستراتيجية التابعة للجنة القوات المسلحة في مجلس النواب أن وزارة الدفاع ماضية قدما في إعادة تصميم مركبة القتل التي تنتجها رايثيون التي تصيب وتدمر صاروخ الخصم فور اعتراضه كما تعمل أيضا على تحسين أداء النظام ككل. وذكر أن اختبار يونيو سيجرى على نسخة مطورة للرأس الحربي المثبت على عشرة من بين 30 صاروخا اعتراضيا في كاليفورنيا وألاسكا. وقال: إن هناك اختبارات إضافية مقررة في الفترة من 2015 وحتى 2017.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.