اتفاق على إجراء الاستحقاق النيابي اللبناني في موعده وسط جدل حول قانون الانتخاب

حزب الله يتمسك بـ«النسبية» والمستقبل بـ«المختلط».. وعون بـ«الأرثوذكسي»

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري لدى اجتماعه بمساعد وزير الخزانة الاميركي دانيال غليزر بحضور السفير الاميركي ديفيد هيل أمس (دلاتي ونهرا)
رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري لدى اجتماعه بمساعد وزير الخزانة الاميركي دانيال غليزر بحضور السفير الاميركي ديفيد هيل أمس (دلاتي ونهرا)
TT

اتفاق على إجراء الاستحقاق النيابي اللبناني في موعده وسط جدل حول قانون الانتخاب

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري لدى اجتماعه بمساعد وزير الخزانة الاميركي دانيال غليزر بحضور السفير الاميركي ديفيد هيل أمس (دلاتي ونهرا)
رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري لدى اجتماعه بمساعد وزير الخزانة الاميركي دانيال غليزر بحضور السفير الاميركي ديفيد هيل أمس (دلاتي ونهرا)

بات النقاش في لبنان حول قانون الانتخاب الواجب اعتماده في الانتخابات النيابية المقبلة المحددة في يونيو (حزيران) 2017 متقدمًا، بخطوات كبيرة، عن النقاش بالملف الرئاسي. وهذا بعدما سلّم الأفرقاء السياسيون اللبنانيون بعجزهم عن إحداث أي خرق يُذكر بشأنه حتى تبلور المشهد السوري واتضاح منحى ميزان القوى في المنطقة. ولقد انطلق رئيس المجلس النيابي نبيه برّي مؤخرا من هذه المعطيات ليطرح مبادرة جديدة لحل الأزمة السياسية، التي ترزح تحتها البلاد، مقترحا إجراء انتخابات نيابية مبكّرة تسبق الانتخابات الرئاسية، لكن طرح برّي لم يحظ بموافقة كل الكتل السياسية، التي يتمسك قسم كبير منها بأولوية ملء الشغور في سدة الرئاسة.
قبل عام على موعد الانتخابات النيابية، التي أجلت مرتين على التوالي في العامين 2013 و2014 بحجة «الأوضاع الأمنية غير المواتية»، وتعذر الاتفاق على قانون جديد للانتخاب، فُتح باب النقاش حول هذا القانون على مصراعيه مؤخرا بغياب أي أفق للتوافق، مع تمسك كل فريق بمشروع قانون يؤمن حصوله على عدد أكبر من النواب.
وفي حين يتمسك «التيار الوطني الحر» الذي يتزعمه النائب ميشال عون بـ«القانون الأرثوذكسي»، الذي ينص على أن تنتخب كل طائفة نوابها، وحزب «الكتائب اللبنانية» بالقانون الذي يعتمد الدائرة الواحدة، يُطالب ما يسمى «حزب الله» بالتمثيل النسبي المرفوض من تيار «المستقبل» الذي تقدم بمشروع قانون مختلط (نسبي وأكثري) يشبه ذلك الذي كان قد تقدم به برّي في وقت سابق.
للعلم، ينص قانون الانتخاب الذي أجريت على أساسه آخر انتخابات نيابية في العام 2009. وهو المتعارف عليه بـ«قانون الستين» على تقسيم البلاد وفقا للأقضية، على أن تقسّم العاصمة بيروت إلى 3 دوائر؛ ما يجعل عدد الدوائر بشكل عام 24 دائرة انتخابية. ووفق التوزيع الطائفي السياسي المعتمد منذ عام 1989. فإن مقاعد البرلمان اللبناني الـ128 موزّعة مناصفة بين المسلمين والمسيحيين وفق الحسابات التالية: 28 للسنة، 28 للشيعة، 34 للموارنة، 14 للأرثوذكس، 8 للدروز، 8 للكاثوليك، 5 للأرمن، 2 للعلويين، ومقعد للبروتستانت ومقعد للأقلّيات.
وترجح مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن يؤدي «الجدل العقيم» القائم حاليًا حول قانون الانتخاب إلى إجراء الانتخابات المقبلة مجددًا وفق «قانون الستين» وبأحسن الأحوال «مجمّلا»، لافتة إلى «تفاهم ضمني حديث بين مختلف الأفرقاء، يأتي تعبيرا عن رغبة وضغوط دولية في عدم السير بتمديد جديد للمجلس النيابي وإجراء الانتخابات في موعدها المحدد».
وهذا ما أشار إليه أيضًا النائب في تيار «المستقبل»، أحمد فتفت، متحدثًا عن «إصرار على إجراء الانتخابات في موعدها»، رافضا ما يُحكى عن «جدل عقيم» يسود اجتماعات اللجان النيابية التي تبحث الملف. وقال فتفت لـ«الشرق الأوسط» إن «حصر النقاش بمشروعي القانون المختلط يسهّل مهمتنا في حال صفت النيات، ولكن إذا بقي حسن نصر الله مصرا على النسبية الكاملة وعون على الأرثوذكسي، فذلك يعني أنّهما يحاولان إفشال المساعي القائمة ودفعنا مجددا لانتخابات وفق قانون الستين الذي قلنا مرارا وتكرارا إننا لا نريده، لأن هناك شركاء بالوطن يرفضونه، ولذلك طرحنا (المختلط)».
وأعرب فتفت عن اعتقاده أن «هناك إمكانية وقدرة على التوصل لتفاهم حول القانون المختلط، خصوصا أن الاقتراح الذي تقدمنا به والآخر الذي تقدم به الرئيس بري يتطابقان بشكل كامل في 16 قضاء من أصل 26. وبشكل جزئي في 5 أقضية ليتركز الخلاف حول 5 أقضية أخرى، كما يمكن الحديث عن تشابه كلي في معظم المحافظات، ما عدا محافظة جبل لبنان». وأضاف: «أما القانون الذي يعتمد النسبية بشكل كلي فمرفوض طالما (حزب الله) ممسك بسلاحه، وقادر على ترهيب الناخبين».
وبحسب باسكال مونان، أستاذ العلاقات الدولية والعلوم السياسية في جامعة القديس يوسف (اليسوعية) في بيروت، فإن «مسار الأمور والمشاورات الحاصلة بين القوى السياسية، توحي بأننا نتجه مجددًا للانتخابات النيابية وفق قانون الستين مع بعض التجميل والماكياج»، ولاحظ أن «أغلبية القوى السياسية التي تبحث عن المحافظة على الحصص النيابية التي حصدتها سابقا أو تسعى لكسب حصص جديدة، لديها مصلحة بالإبقاء على الستين». وأردف مونان لـ«الشرق الأوسط» في سياق حديثه: «المطلوب أن تتخطى القوى السياسية المصالح الحزبية والآنية فتبحث عن قانون يؤمن الانصهار الوطني والتمثيل الصحيح لكل مكونات المجتمع اللبناني، ولعل القانون الأمثل الذي يعتمد هذه المعايير هو النسبي، وإذا تعذر الاتفاق عليه فقد يكون الأجدى اعتماد قانون الدائرة الفردية على أن يترافق مع إصلاحات جدية، أبرزها متعلق بمراقبة المال الانتخابي».



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.