أوباما: عزلة روسيا تزداد ولا تزال أمامها فرصة للتسوية

نقاش أميركي ـ أوروبي حول الحد من الاعتماد على الغاز الروسي

أوباما أثناء وصوله لإلقاء كلمته في قصر الفنون الجميلة ببروكسل أمس (أ.ف.ب)
أوباما أثناء وصوله لإلقاء كلمته في قصر الفنون الجميلة ببروكسل أمس (أ.ف.ب)
TT

أوباما: عزلة روسيا تزداد ولا تزال أمامها فرصة للتسوية

أوباما أثناء وصوله لإلقاء كلمته في قصر الفنون الجميلة ببروكسل أمس (أ.ف.ب)
أوباما أثناء وصوله لإلقاء كلمته في قصر الفنون الجميلة ببروكسل أمس (أ.ف.ب)

وجه الرئيس الأميركي باراك أوباما انتقادات جديدة لروسيا أمس، قائلا إنها «تقف وحدها» اليوم بعد ضم شبه جزيرة القرم، ومؤكدا أنه يعمل مع حلفائه الأوروبيين لمجموعة جديدة من العقوبات في حال اتخذت موسكو إجراءات جديدة ضد أوكرانيا. وبينما خيمت الأزمة الأوكرانية على المحطة الثانية من جولة أوباما الأوروبية في بروكسل، كان هناك تركيز على توثيق العلاقات بين الولايات المتحدة وأوروبا، خصوصا من ناحية دعم أوروبا بإمدادات غاز تعوض عن الغاز الروسي. وعلى الرغم من حرص أوباما على الإشادة بالعلاقات مع الاتحاد الأوروبي، كانت لديه تصريحات شديدة لبعض حلفائه في حلف الشمال الأطلسي «الناتو» بسبب تراجع الميزانيات الدفاعية لبعض تلك الدول. وذكر أوباما الحلفاء في مؤتمر صحافي في بروكسل أن «الحرية لا تأتي مجانا»، وطالب بمراجعة أعضاء «الناتو» لميزانياتهم الدفاعية في وقت شهدت دول عدة منها ألمانيا وفرنسا وبلجيكا خفض ميزانياتها لمواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية.
وألقى أوباما مساء أمس، خطابا في قصر الفنون الجميلة «بوزار» أمام مجموعة من الشباب الأوروبيين وبحضور شخصيات رفيعة المستوى العاهل البلجيكي الملك فيليب وزوجته الملكة ماتيلدا. وكان خطاب أوباما موجها للشباب الأوروبي على أهمية حماية المستحقات التي حققتها القارة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة، ومحملا بالانتقادات ضد روسيا. وقال: «علينا ألا نستهين بالتقدم الذي حدث في أوروبا. المنافسة بين الأفكار ما زالت قائمة وهذا ما نراه في أوكرانيا». وأضاف: «روسيا بدأت تتحدى قضايا اعتقدناها مصانة». وأضاف: «كان بإمكاننا ألا نبالي لما يحدث في أوكرانيا، ولكن هذه اللامبالاة تعني عدم الاهتمام بما تعنيه المقابر حول أوروبا» بسبب الحربين العالميتين.
وقبل إلقائه الخطاب الذي اعتبره البيت الأبيض أساسيا في تحديد السياسة الأميركية مما يدور في روسيا، أجرى أوباما مشاورات مع رئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي ورئيس المفوضية الأوروبية خوزيه مانويل باروسو في مقر المجلس الأوروبي أمس في إطار القمة الأميركية – الأوروبية. وخلال القمة التي استمرت ساعة ونصف الساعة على مائدة غداء، بحث أوباما التطورات في أوكرانيا بالإضافة إلى العلاقات التجارية بين بلاده والقارة الأوروبية. ويذكر أن هذه الزيارة الأولى لأوباما لمؤسسات الاتحاد الأوروبي منذ توليه الرئاسة. وتم بحث التطورات في سوريا والمفاوضات مع إيران خلال القمة الأوروبية – الأميركية ولكن بشكل مختصر إذ استحوذت أوكرانيا والتعاون الاقتصادي على القسم الأكبر من المشاورات.
وصرح أوباما في ختام أعمال قمة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بأن العالم يكون أكثر أمانا وأكثر عدلا عندما تكون أوروبا والولايات المتحدة متضامنتين. وأضاف أن «الولايات المتحدة وأوروبا متحدتان بشأن الأزمة الأوكرانية وفي فرض العقوبات على موسكو»، مشددا على أن «روسيا منعزلة». وتحدث مسؤول أميركي رفيع المستوى عن أهمية زيارة أوباما في هذا الوقت، قائلا: «في قلب أوروبا، ببروكسل، مركز المشروع الأوروبي ومقر الحلف الأطلسي أيضا، سيتحدث الرئيس الأميركي عن أهمية الأمن الأوروبي». وأضاف هذا المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته أن «الرئيس الأميركي يشير إلى الخطر الذي واجهه الأوكرانيون بسبب تصرفات روسيا، وكذلك النظام الدولي الذي استثمرت فيه كثيرا كل من أوروبا والولايات المتحدة».
وسعى أوباما خلال لقاءاته وخطبه في أوروبا إلى تجسيد روسيا على أنها معزولة وأضعف مما كان عليه الاتحاد السوفياتي. وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى في لقاء مع عدد من الصحافيين في بروكسل: «الرئيس يشير إلى أن روسيا لا تقود كتلة من الدول أو فكرا عالميا مثلما كان الاتحاد السوفياتي.. تصرفاتهم تهدد دول جوارهم وتصرفاتهم لها نتائج أوسع لأنها تضعف النظام الدولي بشكل أكبر». وصرح أوباما في مؤتمر صحافي مشترك مع فان رومباي وباروسو أمس بأن «تصرفات روسيا والرد عليها تخص طبيعة أوروبا التي نريدها اليوم.. كما يعتمد تقدم أوروبا على مبادئ أساسية بما فيها احترام السيادة... وهذا ما خرقته روسيا.. إننا متحدون في دعمنا لأوكرانيا ولأمن أوروبا وسنعمل على عزل روسيا». وأضاف أننا «ننسق مع شركائنا في أوروبا في كل خطوة من الطريق في مواجهة موسكو»، موضحا: «نحن ننسق حول عقوبات جديدة محتملة في حال روسيا تقوم بالمزيد من التوغل في أوكرانيا.. نحن واعون، ستكون تلك الخطوات مختلفة بين دول مختلفة بحسب ظروف كل دولة». والاختلاف الرئيس متعلق باحتياجات الطاقة والعلاقات الاقتصادية لكل دولة مع روسيا. واعتبر أوباما أن هذه الحادثة تشير إلى أهمية تنويع أوروبا لمصادر الطاقة لها، الولايات المتحدة لديها نعمة تنوع مصادر الطاقة ونحن قمنا بمنح تراخيص لتصدير المشتقات النفطية يمكنها أن تزود أوروبا باحتياجاتها»، مضيفا: «نحن ملتزمون جدا بتنويع مصادر الطاقة لأوروبا».
وخلال اجتماعها الاستثنائي في لاهاي قبل يومين، حذرت بلدان مجموعة السبع موسكو من أنها مستعدة إذا ما حصل تصعيد لاتخاذ عقوبات اقتصادية في قطاعات الطاقة والمال ومبيعات الأسلحة والتجارة. وصرح فان رومباي أمس بأن هناك الكثير من القضايا غير الواضحة في هذه المرحلة، خصوصا بسبب ما يحدث في أوكرانيا، ولكنه أشار إلى أن التحالف الأوروبي – الأميركي قوي وواضح في تصديه لهذه التطورات. وأضاف «روابطنا قادرة على تحمل الصدمات.. ولدينا موقف منسق فيما يخص أوكرانيا»، لافتا إلى أن ضم شبه جزيرة القرم أمر مثير للخزي ولن نقبله. ولفت إلى دعم أوروبا لكل من جورجيا وملدوفا في هذه المرحلة، في إشارة إلى المخاوف تلك البلدين من طموحات روسية لضم جزء منها أيضا بعد سرعة ضم القرم خلال أسابيع.
وأوضح فان رومباي أن العمل على خفض الاعتماد على الغاز الروسي تصدر النقاشات مع الولايات المتحدة وهي القضية التي ستتابعها واشنطن مع الحلفاء الأوروبيين، بينما لفت إلى أنه في أيام مثل هذه، يعطي توثيق الروابط الاقتصادية، رسالة سياسية مهمة، اقتصادات مبنية على القوانين ومجتمعات مبنية على القيم ونحن فخورون بذلك. وقال باروسو إننا «نعمل سويا لنبين أن التصرفات غير المقبولة ستؤدي إلى نتائج».
وتصدرت أوكرانيا وقضايا الدفاع المشترك أجندة أعمال أوباما والأمين العام للحلف لأطلسي أندريه فوغ راسموسن اللذين التقيا عصر أمس. وشدد أوباما على أن الالتزام بالحلف الأطلسي الذي وصفه كـ«حجر أساس» للأمن الوطني الأميركي، بما في ذلك البند الخامس لميثاق «الناتو» الذي يعني استخدام القوة في حال تعرض أمن أي منهم للخطر، ولكنه أضاف أنه «إذا كان لدينا دفاع مشترك، يتعين على الجميع المساهمة. لدي قلق حقيقي حول ميزانيات بعض الدول التي تتراجع والوضع في أوكرانيا يذكرنا أن حريتنا ليست مجانية وعلينا أن ندفع للأجهزة والجنود والتدريب، يجب أن يكون لدينا قوة ناتو ناجحة».
على صعيد آخر، أكد أوباما وفان رومبوي وباروسو على أهمية الشراكة الأطلسية للتجارة والاستثمار، المعروف باتفاق التبادل الحر عبر الأطلسي. واختتمت الدورة الرابعة من المفاوضات قبل أسبوعين في بروكسل دون تحقيق تقدم فعلي في الكثير من الملفات الحساسة. وقال مندوب التجارة الأميركي مايكل فرومان، الذي حضر اجتماعات أمس، في نهاية الأسبوع الماضي من المهم أن يعيد الطرفان التأكيد على التزامهما بالتوصل إلى اتفاق طموح داعيا الاتحاد الأوروبي إلى «عدم فقدان دفعه» في هذه السنة التي ستشهد تجديد مؤسساتها الرئيسة.
وكانت زيارة أوباما إلى بروكسل جوهرية في توثيق العلاقات مع أوروبا بعد التوتر الذي أثاره الكشف عن تنصت وكالة الأمن القومي الأميركية «إن إس إيه» على قادة أوروبيين. كما أن البيت الأبيض أعلن في فبراير (شباط) 2010 إلغاء قمة أوروبية – أميركية كان مقررا عقدها في مايو (أيار) من العام نفسه في إسبانيا. ولكن الجولة الأوروبية الحالية لأوباما بنت جسورا جديدة، في ظل التهديد من روسيا بعد الأزمة الأوكرانية. وكان ومن المرتقب أن يغادر أوباما بروكسل مساء أمس ليتجه إلى روما حيث يلتقي بالرئيس الإيطالي ورئيس الوزراء، بالإضافة إلى زيارة للفاتيكان للقاء البابا.
وكان أوباما قد زار مقبرة «فلاندرز فيلد» قبل التوجه إلى مقر رئاسة الاتحاد الأوروبي، وهي المقبرة الوحيدة للجنود الأميركيين الذين قتلوا في بلجيكا خلال الحرب العالمية الأولى. واصطحب أوباما في الزيارة العاهل البلجيكي الملك فيليب، الذي قال: «تعلمت دولنا بطريقة صعبة أن السيادة الوطنية تصل إلى حدودها بسرعة عندما تواجه خصما مدججا بالسلاح ولا يحترم السيادة». وكانت زيارة أوباما للمقبرة مع الملك فيليب ورئيس وزراء بلجيكا إيليو دي روبو ذات أهمية مع إحياء الذكرى المئوية لاندلاع الحرب العالمية الأولى، وأشار أوباما مرات عدة إلى هذه الذكرى خلال تصريحاته أمس.
وتحدث أوباما في المقبرة عن قيم مثل سيادة القانون وضرورة مواجهة العنف وتقوية التحالف الأميركي - الأوروبي. وكانت لديه إشارة مختصرة إلى سوريا، إذ قال إن «دروس الحرب (العالم الأولى) ما زالت قائمة اليوم، دولنا ضمن جهد دولي لتدمير أسلحة سوريا الكيماوية، وهي نفس نوع الأسلحة التي استخدمت بنتائج مدمرة على هذه الأرض، تصورنا أننا نفينا استخدامها إلى الماضي وجهودنا اليوم ترسل رسالة قوية ألا محل لتلك الأسلحة في عالم متحضر». وأضاف أن «تدمير الأسلحة السورية يعد واحدا من الطرق التي يمكن أن نتبعها لنحيي ذكرى من سقط هنا».



رئيسة وزراء الدنمارك رداً على ترمب: «غرينلاند ملك لأهلها»

علم غرينلاند يظهر في قرية إيغاليكو (أ.ب)
علم غرينلاند يظهر في قرية إيغاليكو (أ.ب)
TT

رئيسة وزراء الدنمارك رداً على ترمب: «غرينلاند ملك لأهلها»

علم غرينلاند يظهر في قرية إيغاليكو (أ.ب)
علم غرينلاند يظهر في قرية إيغاليكو (أ.ب)

أكدت رئيسة وزراء الدنمارك، الثلاثاء، أن مستقبل غرينلاند يقرره سكانها، بعد أن اقترح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الاستحواذ على الإقليم الدنماركي المتمتع بالحكم الذاتي.

وقالت رئيسة الوزراء ميت فريدريكسن للقناة التلفزيونية الثانية: «غرينلاند ملك لأهلها». وأضافت أن الإقليم الواقع في القطب الشمالي «ليس للبيع» مع وصول دونالد ترمب جونيور، ابن الرئيس الأميركي المنتخب، إلى الجزيرة.

وتَوَجَّهَ دونالد ترمب جونيور إلى غرينلاند، حيث يزور الإقليم الدنماركي بعد أسابيع من تجديد والده اقتراحاته بأن الولايات المتحدة قد تتمكن بطريقة ما من السيطرة عليه.

ومن جانبه، قال ترمب الأب: «سيسافر ابني، دون جونيور، وممثلون مختلفون، إلى هناك لزيارة بعض المناطق والمعالم الأكثر روعة»، بحسب ما كتبه على منصته للتواصل الاجتماعي، «تروث سوشيال»، ونقلته «وكالة الأنباء الألمانية»، صباح الثلاثاء.

وأضاف ترمب، الذي من المقرر أن يعود لتولي منصب رئيس الولايات المتحدة مجدداً في 20 من يناير (كانون الثاني) الحالي: «إن غرينلاند مكان رائع، وسيستفيد الشعب كثيراً إذا صارت جزءاً من بلادنا».

زيارة «مواطن خاص»

ووصل دونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس الأميركي المنتخب، إلى غرينلاند، وسط تكهنات حول ما إذا كانت الإدارة الأميركية الجديدة سوف تسعى للسيطرة على الإقليم الدنماركي الغني بثرواته المعدنية والذي يضم قاعدة عسكرية أميركية كبيرة.

وذكرت الإذاعة الرسمية الدنماركية أن طائرة دونالد ترمب الابن هبطت في مدينة نوك عاصمة الإقليم مترامي الأطراف الذي يعيش فيه قرابة 57 ألف نسمة. وعرضت وسائل الإعلام المحلية مقاطع لترمب الابن، وهو يسير على مهبط الطائرات الذي تكسوه الثلوج.

وقالت حكومة غرينلاند في بيان إن زيارة دونالد ترمب جونيور ستكون مثل زيارة «مواطن خاص» وليست زيارة رسمية، ولن يلتقي معه ممثلون عن غرينلاند.

وتوجه ترمب الابن إلى غرينلاند لقضاء رحلة تستغرق يوماً واحداً لتصوير محتوى مرئي، بحسب شخص مطلع على خطط الزيارة، وليس مصرحاً له بالتحدث بشكل علني.

طائرة تحمل رجل الأعمال الأميركي دونالد ترمب جونيور تصل إلى نوك في غرينلاند (أ.ف.ب)

وكشف مينينجواك كلايست السكرتير الدائم للشؤون الخارجية في غرينلاند لوكالة أنباء «أسوشييتد برس» إنه تم إبلاغ السلطات أن زيارة ترمب الابن سوف تستغرق ما بين 4 و5 ساعات.

بينما قال دونالد ترمب جونيور لقناة «فوكس نيوز» قبيل مغادرته إلى نوك، عاصمة غرينلاند: «بصفتي شخصاً سافر إلى بعض الأماكن الرائعة حول العالم كرجل محب للطبيعة، فأنا متحمس للتوقف في غرينلاند للحصول على بعض الوقت الممتع، هذا الأسبوع».

جدير بالذكر أن الابن الأكبر للرئيس ترمب البالغ من العمر 47 عاماً، لم يتم تعيينه - على الأقل بشكل علني - في أي منصب رسمي بإدارة والده.

تأتي هذه الزيارة بعد أن أدلى الرئيس المنتخب مرة أخرى بتصريحات حول السيطرة على المنطقة في بيان، الشهر الماضي، وذلك أثناء إعلانه عن مرشحه لمنصب سفير الولايات المتحدة لدى الدنمارك.

وصرّح ترمب في بيانه: «لأغراض الأمن القومي والحرية في جميع أنحاء العالم، تشعر الولايات المتحدة الأميركية بأن امتلاك غرينلاند والسيطرة عليها ضرورة ملحة».