3 لوائح في مدينة طرابلس.. وريفي يشاكس الحريري و«خصوم الأمس»

3 لوائح في مدينة طرابلس.. وريفي يشاكس الحريري و«خصوم الأمس»
TT

3 لوائح في مدينة طرابلس.. وريفي يشاكس الحريري و«خصوم الأمس»

3 لوائح في مدينة طرابلس.. وريفي يشاكس الحريري و«خصوم الأمس»

تخوض مدينة طرابلس، ثانية أكبر المدن اللبنانية «أم المعارك» الانتخابية لاختيار مجلس بلدي جديد، يخلف المجلس الحالي الذي أنهكته الخلافات الداخلية، وكبّلته الانقسامات السياسية حول المشاريع الإنمائية الملقاة على عاتقه، التي أبقت طرابلس في دوامة الحرمان، المُضاف إلى ما خلّفته جولات القتال بين منطقتي باب التبانة وجبل محسن في السنوات الأخيرة من دمار.
وتخاض معركة طرابلس بثلاث لوائح لكلّ منها مشروعها التنموي، الأولى أن يرأسها الطبيب عزّام عويضة، مدعومة من قيادات المدينة السياسية وفي مقدمها تيار «المستقبل» بزعامة رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، و«تيار العزم» الذي يرأسه الرئيس الأسبق للحكومة نجيب ميقاتي ومن الوزيرين السابقين محمد الصفدي وفيصل كرامي، وهم كانوا على قدر كبير من الاختلاف والتنافس قبل أن يتوافقوا على هذه اللائحة. والثانية مدعومة بشكل أساسي من وزير العدل المستقيل اللواء أشرف ريفي. أما اللائحة الثالثة فهي لائحة «طرابلس عاصمة» ويرأسها النائب السابق مصباح الأحدب، الذي شكل فريق عمل من يقول: إنه الخبراء يتألف من 18 عضوًا.
ويؤكد الأحدب لـ«الشرق الأوسط» أنه يعمل وفق رؤية ومشروع واضحين، سائلاً عن المشروع لدى خصومه في «لطرابلس» التي يصفها بـ«لائحة المحاصصة، لأن التوافق يفترض أن يستند إلى مشروع». وفي المقابل، يوضح عضو كتلة نواب «المستقبل» وابن مدينة طرابلس سمير الجسر، أن «كل الأطراف السياسية سواء «المستقبل» أو الرئيس ميقاتي أو الوزيرين الصفدي وكرامي، ملتزمون بدعم اللائحة التي تحظى بتأييدهم، وإنجاحها لتكون على قدر آمال وتطلعات الطرابلسيين».
وقال الجسر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «لائحتنا ليس فيها محازبون ينتمون إلى أن فريق أو طرف سياسي يدعم هذه اللائحة، إنما هم مستقلون وأصحاب كفاءات وتجارب في الحقل العام وناشطون اجتماعيون، وبعضهم أصحاب مؤسسات سجّلوا نجاحات كبيرة في عملهم الخاص، يمكن الاستفادة منه في العمل البلدي». وعبر الجسر عن ثقته بأن «اللائحة المؤلفة من أصحاب خبرة وأخلاقيات عالية، قادرة على أن تقدّم لطرابلس ما عجز عنه الآخرون، وأن تعمل على محو الحرمان الذي يفتك بالمدينة منذ سنوات وعقود».
اللائحة الثانية التي تحمل اسم «قرار طرابلس»، ويرأسها أحمد قمر الدين، وهي مدعومة مباشرة من الوزير ريفي، الذي يواكب حملتها الانتخابية، بجولات له على أحياء وأسواق المدينة، ولقاءات يعقدها مع السكان ويدعوهم للتصويت بكثافة لهذه اللائحة. وقال ريفي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذه المعركة ليست معركة انتخابية بلدية في طرابلس فحسب، إنما هي استفتاء على خيار الإنماء في المدينة، كما أنها استفتاء على إرادة أبناء طرابلس وقرارهم». ورأى أن «اللائحة التي شكّلت تحت عنوان التوافق، كانت مجرد التقاء قوى سياسية على تقاسم المجلس البلدي، ما شكّل استفزازًا لأهل طرابلس، وتحديًا لإرادتهم، خصوصا أن المجلس البلدي السابق الذي تم اقتسامه بنفس الطريقة، فشل فشلاً ذريعًا بسبب المحاصصة، واليوم يكررون نفس التجربة، و(من جرّب المجرّب كان عقله مخرّب) بحسب المثل اللبناني». وقال ريفي: «أنا رفضت المحاصصة منذ البداية، عرضوا علي أن أنال حصة في المجلس البلدي في طرابلس والميناء، لأنه تقاسم معيب، يحاول اختزال قرار المدينة وأهلها، كما رفضت منذ البداية التحالفات الهجينة بين أطراف لا يجمعها إلا مصلحة تقاسم الحصص». وأضاف: «إن طرابلس قالت كلمتها بصوت عالٍ، رفضًا للنظام السوري وحزب الله وحلفائهما في كل المحطات، وعبّرت عن غضبها بوجه من شاركوا في إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري في العام 2010، وبعض من شارك في الانقلاب من طرابلس، هي اليوم غاضبة أيضًا وبقوة أكبر من هذا التحالف».
وفي انتقاد صريح لوجود بعض الأعضاء في لائحة التوافق، أعلن ريفي أن أهل طرابلس «يرفضون أن يضمّ المجلس البلدي ممثلين لحلفاء النظام السوري، مثل رفعت عيد (رئيس الحزب العربي الديمقراطي) والأحباش، وهم يرفضون أن تخترق طرابلس بعد أن صمدت وقالت كلمتها». مؤكدًا أن «عاصمة الشمال التي قالت لا لاحتلال النظام السوري في عزّ سطوته، هي اليوم ترفض أن تخترق من التابعين لهذا النظام، وبالتالي المواجهة لها طابع إنمائي وسياسي ووطني في آن».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.