«الاتحاد الديمقراطي» يعلن نيته ضم الرقة إلى «الفيدرالية الكردية» بعد تحريرها

المعارضة ترى فيها مزايدة ستؤدي للمزيد من الاحتقان بين المكونات السورية

مقاتلون من قوات الحماية الشعبية الكردية أحد مكونات قوات سوريا الديمقراطية في شمال الرقة أول من أمس لخوض معارك ضد «داعش» (أ.ف.ب)
مقاتلون من قوات الحماية الشعبية الكردية أحد مكونات قوات سوريا الديمقراطية في شمال الرقة أول من أمس لخوض معارك ضد «داعش» (أ.ف.ب)
TT

«الاتحاد الديمقراطي» يعلن نيته ضم الرقة إلى «الفيدرالية الكردية» بعد تحريرها

مقاتلون من قوات الحماية الشعبية الكردية أحد مكونات قوات سوريا الديمقراطية في شمال الرقة أول من أمس لخوض معارك ضد «داعش» (أ.ف.ب)
مقاتلون من قوات الحماية الشعبية الكردية أحد مكونات قوات سوريا الديمقراطية في شمال الرقة أول من أمس لخوض معارك ضد «داعش» (أ.ف.ب)

أعلن مسؤولون أكراد أن الرقة ستدخل، بعد تحريرها في العملية التي تنفذها «قوات سوريا الديمقراطية» لليوم الثالث في ريف الرقة الشمالي، ضمن المنظومة الفيدرالية في شمال سوريا، وهو الأمر التي رأت فيه المعارضة «تهويلا وكلاما مبالغا فيه قد يؤدي إلى المزيد من الاحتقان والفجوة بين المكونات السورية نتيجة سياسة النظام».
ويأتي هذا الموقف مناقضا لكلام سابق للمتحدث باسم «قوات سوريا الديمقراطية» طلال سلو، أكّد فيه لـ«الشرق الأوسط» أنّ الهدف اليوم هو تحرير ريف الرقة الشمالي وليس المدينة التي تعتبر عاصمة «داعش»، مشيرا إلى أنه سيتم تسليم هذه المناطق بعد تحريرها إلى إدارات مدنية عربية - كردية مشتركة».
وقال عضو الائتلاف الوطني، سمير نشار لـ«الشرق الأوسط»: «من السابق لأوانه الحديث عن تحرير الرقة ولا سيما المدينة التي من المتوقع أن تستنزف الطرفين وتوقع الكثير من الضحايا لا سيما في صفوف المدنيين»، وأضاف: «لكن مما لا شك فيه أنه مجرّد التفكير من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي حليف النظام السوري، بضم الرقة ذات الغالبية العربية إلى الفيدرالية الكردية، سيزيد من حدّة الاحتقان بين الأكراد والعرب السوريين، وهناك مؤشرات كبيرة على هذا الأمر». وأكّد نشار أنّه «ليس من حق أي طرف أن يفرض منذ الآن، شكل النظام الذي ستكون عليه سوريا في المستقبل، هذا الأمر سيحدّده السوريون على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم وقومياتهم بعد سقوط النظام الحالي».
في المقابل، رفض المسؤول الكردي إدريس نعسان اعتبار هذه الخطوة تمهيدا لتقسيم سوريا أو إقامة كيان كردي أو ما شابه، مؤكدا أن الفيدرالية كنظام تسمح لكل المكونات للمشاركة في إدارة البلاد بعيدا عن الطائفية والمذهبية أو العرقية. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «منذ البداية أعلن المسؤولون الأكراد أن المناطق التي يتم تحريرها في شمال سوريا سيتم البحث بشأن ضمّها إلى الفيديرالية، مع مكونات كل منطقة، وهذا ما سيتم العمل عليه مع الفئات المكونة للرقة، إضافة إلى مناطق منبج وجرابلس والباب، مع تأكيدنا على أنّ هذا الأمر لا يعني تغليب لمكوّن على آخر».
وكان غريب حسو ممثل «حزب الاتحاد الديمقراطي» في كردستان العراق، أعلن أن مدينة الرقة بعد تحريرها من «داعش» ستنضم للنظام الفيدرالي الذي أسس له الأكراد في شمال سوريا. وقال حسو في تصريحات نقلتها وكالة «نوفوستي» الروسية، إن قوات سوريا الديمقراطية تقود العملية لتحرير الرقة، ولذلك من المنطقي أن تنضم المدينة بعد تحريرها تلقائيا إلى النظام الفيدرالي الديمقراطي الذي يعمل الأكراد على إنشائه في الشمال». واعتبر حسو أن حكومة رئيس النظام السوري بشار الأسد عاجزة عن «تقديم أي شيء في مقابل ذلك، لأن الجيش السوري لم يفعل شيئا ضد الإرهابيين في الرقة». وكشف حسو عن بعض تفاصيل خطة اقتحام الرقة، مضيفا، أن العملية العسكرية ستنطلق بشكل متزامن من ثلاثة محاور، وتحديدا من عين عيسى وتل أبيض ومقاطعة الجزيرة. ونقل الموقع الإلكتروني لقناة «روسيا اليوم» عنه، القول: «إن العمليات العسكرية الأساسية تجري حاليا في ريف الرقة الشمالي، حيث تحاول القوات الكردية وحلفاؤها قطع الرقة عن الحدود مع تركيا التي تمتد عبرها قنوات تزويد الإرهابيين بالتعزيزات والذخيرة». وأضاف أنه بعد انتهاء هذه العمليات التمهيدية ستنطلق حملة اقتحام المدينة من كافة الاتجاهات المذكورة.
وكان الأكراد وعلى رأسهم «حزب الاتحاد الديمقراطي» أعلن «النظام الفيدرالي» في مناطق سيطرته في شمال سوريا، في شهر مارس (آذار) الماضي، في خطوة اعتبرها مقدمة لاعتماد نظام مماثل في الأراضي السورية كافة ما بعد الحرب، وهو ما رفضه كل من النظام والمعارضة.
والمناطق المعنية بالإعلان هي المقاطعات الكردية الثلاثة، كوباني (ريف حلب الشمالي) وعفرين (ريف حلب الغربي) والجزيرة (الحسكة)، بالإضافة إلى تلك التي سيطرت عليها قوات سوريا الديمقراطية (خصوصا في محافظتي الحسكة وحلب (شمال).
ميدانيا، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان يوم أمس بأن قوات سوريا الديمقراطية كثفت عمليات استهداف وقصف مواقع تنظيم داعش في القرى المجاورة لمناطق انتشارها في محيط بلدة عين عيسى، على بعد نحو 55 كلم عن مدينة الرقة. وأعلنت القوات أنها تمكنت من التقدم لمسافة سبعة كلم من عين عيسى بعدما «حررت» خمس قرى وأربع مزارع في المنطقة.
ورأى مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، أن «التقدم الذي أحرزته قوات سوريا الديمقراطية استراتيجي حتى اللحظة، إذ تدور المعارك في قرى ومزارع خالية من السكان المدنيين على بعد كيلومترات عدة عن عين عيسى».
في المقابل، يحشد «داعش» وفق عبد الرحمن «نحو ألفين من مقاتليه في الجهة الشمالية من ريف الرقة»، مؤكدا أن التنظيم قد «استعد جيدا لهذه المعركة في الأشهر الماضية عبر حفر الخنادق وتفخيخها وتجهيز السيارات المفخخة والتمركز في أحياء وأبنية يوجد فيها المدنيون وخصوصا في مدينة الرقة».
وفي مقر لقوات سوريا الديمقراطية تقع على أطراف الطريق الواصل بين صوامع عين عيسى ومواقع التنظيم في خطوط المواجهة، يوضح القائد الميداني براء الغانم لمراسل «وكالة الصحافة الفرنسية»، أن «المعارك تبعد ثمانية أو تسعة كيلومترات عن حدود عين عيسى».
ويوضح فيما عناصره يستريحون وبجانبهم أسلحتهم قبل استئناف استهداف مواقع المقاتلين، أن «طيران التحالف ساعدنا في قصف نقاط تمركز «داعش»»، مشيرا إلى «إننا نواجه مشكلة الألغام إذ تتم زراعة القرى بالألغام من قبل داعش» في محاولة لمنع قوات سوريا الديمقراطية من التقدم بسهولة. ويدرك المقاتلون أنفسهم ضراوة المعركة التي يصفها عبد الرحمن بأنها ستكون «صعبة».
ويقول: «لن تكون المعركة نزهة بالنسبة إلى قوات سوريا الديمقراطية رغم الدعم الجوي الكثيف من طائرات التحالف».
وفي السياق ذاته، يوضح الباحث المتخصص في الشؤون الكردية موتلو جيفيروغلو لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «الهدف النهائي للمعركة هو مدينة الرقة»، مضيفا: «لن تكون معركة على المدى القصير أو المتوسط لكن حصار المدينة وصد تحركات التنظيم هام للغاية».
وأوردت مجموعة «صوفان» الاستشارية في تعليق على موقعها الإلكتروني، أمس، أن «إصرار مقاتلي التنظيم على الدفاع عن أبرز معاقلهم في سوريا، من المرجح أن يجعل معركة استعادة الرقة واحدة من أشرس المعارك».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم