وزير يمني: البنك الدولي وعد بمساعدتنا.. والسعودية حدت من نزيف اقتصادنا

الميليشيات فرضت إجراءات على مؤسسات الصرافة.. وأغلقت بعضها

أحد المتاجر في صنعاء حيث يلمس الزبائن الارتفاع المفاجئ للأسعار بعد تخفيض سعر الريال أمام الدولار (أ.ف.ب)
أحد المتاجر في صنعاء حيث يلمس الزبائن الارتفاع المفاجئ للأسعار بعد تخفيض سعر الريال أمام الدولار (أ.ف.ب)
TT

وزير يمني: البنك الدولي وعد بمساعدتنا.. والسعودية حدت من نزيف اقتصادنا

أحد المتاجر في صنعاء حيث يلمس الزبائن الارتفاع المفاجئ للأسعار بعد تخفيض سعر الريال أمام الدولار (أ.ف.ب)
أحد المتاجر في صنعاء حيث يلمس الزبائن الارتفاع المفاجئ للأسعار بعد تخفيض سعر الريال أمام الدولار (أ.ف.ب)

كشف الدكتور محمد السعدي وزير التجارة والاقتصاد اليمني، أن وفدًا أميركيًا يتبع المنظمة الأميركية لدعم التنمية، سيساعد في تحسين أوضاع الاقتصاد اليمني وتخطي العقبات التي تعترضه، مشيرًا إلى أن الوفد التقى رئيس الوزراء اليمني ونائبه لهذا الغرض أول من أمس.
وأضاف الوزير في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن حكومة بلاده تلقت وعدًا من البنك الدولي، وصندوق النقد، بمساعدة اليمن حتى لا يصل إلى مرحلة حرجة، وستقدم المؤسستان الدوليتان الدعم الفني والاستشارات، لافتًا أن هذه الجهات الدولية تبذل قصارى جهدها لوقف نزيف الاقتصاد المحلي، كما خاطبت الطرف الآخر (الحوثيين) حول المخاطر التي قد تشهدها البلاد جرّاء الاستيلاء على المقدرات.
وشدد الدكتور السعدي على أهمية ما قامت به الحكومة السعودية في دعم الاقتصاد اليمني، والذي ساعد في الحفاظ على قيمة البنك المركزي، بعد أن أودعت نحو مليار دولار، لم تتمكن الميليشيات من سحبها لوجود إجراءات مميزة لفتح وسحب الوديعة. وأضاف الوزير أن الدعم السعودي للمشتقات النفطية أوقف بشكل كبير نزيف الاقتصاد الوطني، إضافة إلى دور دول الخليج في دعم الخزينة العامة بمبالغ كبيرة ساعدت على تماسك الاقتصاد اليمني، ومنها ما قدمه الصندوق العربي في أبوظبي، والصندوق الكويتي.
وحول نمو البطالة في اليمن، قال وزير التجارة، إن عموم الوضع الاقتصادي ناتج عن الحرب واستمرارها، والتصرف الأهوج التي تمارسه ميليشيا الحوثي في تبديد الأموال والاقتصاد المحلي، والذي أسهم في انعدام الواردات، وهي أسباب أدت إلى وضع سيئ للاقتصاد اليمني، لافتًا إلى أن دول الإقليم هي المعنية بالدرجة الأولى بدعم اليمن اقتصاديا وعسكريًا، ودورها هو الذي منع اليمن من التدهور.
وتطرق الدكتور السعدي إلى أن ميليشيا الحوثي منذ دخولها إلى صنعاء في 2014، عبثت باحتياطي البنك المركزي المقدر بنحو 5.2 مليار دولار، الذي عمد الحوثيون إلى سحبه بشكل كامل، ما تسبب في انهيار سعر الريال اليمني وانعكس ذلك على المدنيين في التعاملات اليومية بشكل سلبي، ولولا وجود الوديعة السعودية لكان الوضع أكثر صعوبة.
وأشار إلى الأسلوب العبثي التي تقوم به ميليشيا الحوثي، في استمرار السحب الشهري، مع عدم وجود إيرادات تغطي الاحتياج العام، في ظل انخفاض تحصيل الضرائب، وتوقف مبيعات البترول والغاز. ولفت إلى أن الحكومة تعول على الاستقرار لإنعاش الاقتصاد بشكل أو بآخر، لأنه لا يمكن معالجة هذه الأوضاع إلا مع أحلال السلام.
ويأتي حديث وزير التجارة اليمني، بالتزامن مع قيام ميليشيا الحوثي، بإجراءات تعسفية ضد مؤسسات الصرافة، البوابة الرئيسية لدخول العملة الأجنبية للعاصمة اليمنية «صنعاء»، وذلك بعد أن فرضت وضع 20 في المائة من قيمة رأسمال تلك المؤسسات في البنك المركزي، مع وقف التعامل بالدولار وصرف الحوالات الخارجية بالريال اليمني.
هذه الإجراءات دفعت، الكثير من مؤسسات الصرافة إلى تعليق العمل وقفل أبوابها خلال الأيام المقبلة، كما أوقفت المؤسسات تعاملاتها في بيع وشراء الدولار الأميركي والعملات الأجنبية، احتجاجًا على هذه الإجراءات التي وصفت بالكارثية من قبل اقتصاديين، والتي ستزيد الأمر سوءًا، إذ يعتمد سكان العاصمة اليمنية على التحويلات المالية التي تصل من ذويهم في منطقة الخليج.
وذكرت مصادر مطلعة أن الميليشيات الحوثية اقتحمت أمس عددا من المؤسسات المتخصصة في صرف العملات وأغلقتها، بعد أن سحبت المبالغ المالية من خزائن المؤسسات، واعتقلت عددًا من العاملين فيها، في حين توعدت بالقصاص من ملاك المؤسسات في حال عدم تنفيذ الإجراءات الجديدة، وإدراجهم ضمن قائمة المتلاعبين بالأمن القومي للبلاد، والعمالة.
وقالت المصادر، أن الميليشيات تسعى لتوفير مبالغ مالية خلال الأيام المقبلة، لدعم أفرادها الموجودين في عدد من المحافظات، الذين يعانون نقصا في الأجور التي تدنت قيمتها مع وصول الريال إلى نحو 330 ريالا مقابل الدولار، إضافة إلى أنها تعتمد على هذه الأموال في تجهيز الميليشيا بالأسلحة التي تهرب من الخارج.
وحول هذه النقطة، أكد وزير التجارة اليمني أن الإجراءات التي تنفذها الميليشيات بحق مؤسسات الصرافة لها عدة أيام، وتلزمها المؤسسات بتحويل هذه الأموال إلى العملة المحلية، وعدم صرفها بقيمتها الحقيقية، وهذه الإجراءات تنعكس بشكل مباشر على المواطنين الذين يواجهون هذا التدهور للعملة المحلية.
وأضاف الدكتور السعدي أن ميليشيا الحوثي هي من تحدد قيمة الصرف للعملة الأجنبية، والمخالف لقيمة العملة في الأسواق العاملة وتحديدا «الدولار، الريال السعودي، والدرهم الإماراتي»، وهذا يعد أكلا لأموال الناس بالباطل، مدللا حديثه، بأنه في حال وصول حوالة من خارج صنعاء، يكون سعر العملة «75» إلا أنه يصرف لضغط الميليشيات بنحو 50 ريالا، بناء على تسعيراتهم الشخصية التي لا تحتكم للأسواق العالمية، ويكون هناك استفادة من هذه الفروقات، موضحًا أن الميليشيا تسحب نحو 100 مليون شهريا، بداعي دعم المجهود الحربي، وتضاف هذه الفاتورة على وزارة الدفاع اليمنية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.