العواصم الغربية تؤكد جدية العرض الإيراني النووي في ختام مفاوضات جنيف

اتفاق على جولة مباحثات جديدة في نوفمبر.. وظريف يتحدث عن «جسر صعب» يجري عبوره لبناء الثقة بين الجانبين

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف (أ.ف.ب.)
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف (أ.ف.ب.)
TT

العواصم الغربية تؤكد جدية العرض الإيراني النووي في ختام مفاوضات جنيف

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف (أ.ف.ب.)
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف (أ.ف.ب.)

قال البيت الأبيض الأميركي إن الاقتراح الإيراني الذي قدم في اجتماعات خمسة زائد واحد في جنيف حول القضايا الخلافية في البرنامج النووي لإيران كان «اقتراحا جديدا بمستوى من الجدية والمضمون» لم تشهده الولايات المتحدة من قبل.
وأوضح مسؤول كبير بالإدارة الأميركية أن الخلافات ما زالت قائمة بين إيران والقوى العالمية الست بشأن طموحاتها النووية، لكن الوفد الأميركي لم يسبق أن أجرى محادثات مكثفة مع الإيرانيين مثلما حدث هذا الأسبوع.
وأضاف المسؤول في ختام يومين من المحادثات النووية بين إيران والقوى الست في جنيف، مشترطا عدم نشر اسمه: «أنا أفعل ذلك منذ قرابة عامين». وأضاف: «ولم يحدث أن رأيت من قبل مثل هذه المحادثات المكثفة والمفصلة والمباشرة والصريحة مع الوفد الإيراني».
وقال المسؤول: «رغم أنه ما تزال توجد خلافات كثيرة في كل مجال وبشأن المدى الملائم لأي تخفيف للعقوبات، فقد جرت محادثات محددة وصريحة».
من جانبها قالت بريطانيا إنها تأمل أن تؤدي المحادثات بين إيران والقوى العالمية الست بشأن البرنامج النووي لطهران إلى نتائج ملموسة، لكن إيران يجب أن تقدم على المبادرة أثناء المفاوضات.
وقال وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ في بيان أمس: «أتمنى أن تؤدي المفاوضات قريبا إلى نتائج ملموسة».
وأضاف: «ستحتاج إيران إلى اتخاذ الخطوات الأولى اللازمة بشأن برنامجها ونحن مستعدون لاتخاذ خطوات متناسبة ردا على ذلك».
لكن دبلوماسيا روسيا كبيرا قال بعد اختتام أحدث جولة من المفاوضات بين القوى العالمية وإيران إن روسيا ترى أنه لا شيء يضمن تحقيق تقدم في المحادثات مع طهران في المستقبل.
ونقلت وكالة إنترفاكس عن سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية والمفاوض المهم بشأن إيران قوله: «النتيجة أفضل مما كان في ألما أتا في أبريل (نيسان) لكنها لا تضمن مزيدا من التقدم». وأضاف أنه كان يمكن أن يحدث تعاون أفضل.
أما وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف فوصف المحادثات بين القوى الكبرى وإيران بأنها يمكن أن تؤذن بتغيير في علاقات إيران مع هذه القوى.
وصرح ظريف: «نأمل أن تكون هذه بداية مرحلة جديدة في علاقاتنا»، معتبرا أن مجموعة دول 5+1 (الولايات المتحدة، الصين، روسيا، بريطانيا، فرنسا وألمانيا) أظهرت «الرغبة السياسية اللازمة للتقدم إلى الأمام».
وأكد الوزير الإيراني أيضا أن «هذه المحادثات كانت مفيدة جدا، لقد حصلت مفاوضات جدية»، مضيفا: «جرت محادثات متكاملة بشأن خارطة الطريق». وتابع ظريف: «في الوقت عينه، نعتبر أنه لا داعي للقلق بسبب برنامجنا النووي، لكنه من المنطقي تبديد أي مكمن للقلق».
وأضاف: «لدي أمل في قدرتنا على بلوغ أهداف مشتركة. التفاصيل هي الجزء الأصعب».
وكانت اجتماعات القوى الست الكبرى مع إيران اختتمت ببيان مشترك بعد يومين من المفاوضات قدمت فيها إيران مقترحا لم تكشف تفاصيله.
وقال البيان الذي أعلنت عنه رئيسة الوفد الدولي كاثرين أشتون ثم تطرق إليه رئيس الوفد الإيراني في مؤتمر منفرد بدوره: «إنه وبناء على الأجواء الإيجابية التي انداحت من أول لقاءات وزارية حدثت بنيويورك بتاريخ 26 يونيو (حزيران) الماضي (في إشارة للقاءات التي عقدها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف والأميركي والفرنسي والبريطاني وغيرهم من دول المجموعة على هامش اجتماعات الدورة العامة الأخيرة لمنظمة الأمم المتحدة) قدمت إيران للمفاوضات إطارا لخطة كمقترحات للتفاوض جرى النظر بشأنها بكل اهتمام وعمق ونقاش مشترك، كما اتفق الطرفان على لقاء جديد بجنيف بتاريخ 7 و8 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل تسبقه اجتماعات تقنية بين الخبراء من الطرفين».
وفيما امتنعت أشتون التي بدت مغتبطة في معرض إجابتها، عن ذكر أي تفاصيل حول ما دار، متمسكة بأن الطرفين التزما بالسرية وعدم الخوض في التفاصيل، مكتفية بتكرار القول إن الاجتماع كان بالغ الأهمية، وإنه كان مختلفا عن الاجتماعات التي سبقته، كما أنه قد حفل بالتفاعل من قبل الطرفين، شاكرة الإيرانيين على ما قدموه، ومشيرة إلى أن ما جرى تقديمه يعتبر إطارا سيواصلون بموجبه ما سيوفر الثقة بينهما، رافضة الحديث إن كانوا قد تطرقوا لتخصيب إيران لليورانيوم باعتباره شرطا أساسيا ظلت المجموعة الدولية تطالب إيران بتجميده وفق قرارات دولية تلزم إيران باتفاقات الضمان النووي وفق اتفاقية حظر انتشار السلاح النووي.
في سياق مختلف وردا على سؤال أكدت أشتون مساعي المجموعة للعمل كفريق، بما في ذلك الولايات المتحدة. وقالت في مؤتمر صحافي إن المحادثات كانت أكثر تفصيلا عما كانت عليه في اجتماعات سابقة ووصفتها بأنها «المحادثات الأكثر تفصيلا التي أجريناها. ويمكنني القول.. بفارق كبير. مواقفنا حددت بشأن عدد من القضايا بالفعل».
عقب المؤتمر الذي عقدته أشتون وبعد استبدال العلم الإيراني بعلم الاتحاد الأوروبي دخل القاعة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وهو يتحرك في مقعد جوال محاطا بعدد من رجال الأمن والمساعدين ممن بدا أن هدفهم حجبه ما أمكن حتى لا تلتقط له الكاميرات المنصوبة بدقة أي لقطات وهو على تلك الحال، ولم ينفض ذاك الجمع من حول نظيف إلا بعد أن أجلسوه على مقعد بالمنصة فيما وقف مساعده لتنظيم دور السائلين (وكان ظريف قد اشتكى قبل فترة من آلام في ظهره).
ابتدر نظيف مؤتمره بالحديث باللغة الإنجليزية حيث اقتصر حديثه على التأكيد على أن المفاوضات كانت بالغة الحساسية والأهمية، ومن ثم أجاب على أسئلة الصحافيين بالإنجليزية والفارسية مع ترجمة.
قال ظريف إنهم يعبرون جسرا صعبا وصولا لما قد يؤدي لخلق ثقة بين الطرفين، مؤكدا على ما أشارت إليه أشتون من ضرورة عدم التطرق لأي تفاصيل، وأن التفاوض سوف يستمر داخل قاعات التفاوض وليس أمام وسائل الإعلام رغم احترامه لها.
مما يجدر ذكره أن ظريف عندما تحدث باللغة الفارسية ورغم الترجمة الإنجليزية وسع من نطاق حديثه مؤكدا أن إيران لن توقف التخصيب، وأن إيران مصرة ومتمسكة بحقوقها وفق اتفاقية حظر انتشار السلاح النووي، وأنهم وإن بحثوا آلية مراقبة الاتفاقات إلا أن ذلك لم يتطرق لتوقيع إيران للبروتوكول الإضافي، مرجعا ذلك لعقبات إيرانية قانونية لا بد من أخذها في الاعتبار.
وفي رد على سؤال عن الحوافز التي حصل عليها وسيحملها معه إلى إيران أكد ظريف أن القوى الدولية وفرت لهم حوافز كما أنهم قدموا من جانبهم ما ينهي «المشكلة» التي لا داعي لها، كما لا داع للهلع والقلق من النشاط النووي الإيراني، كما قال.
وفي إجابة على سؤال لأي مدى كانت الخطوات متوازنة بين الطرفين قال إن توفير الثقة سيما وأنها مفقودة بينهما تحتاج لمزيد من الوقت ومزيد من الصبر، مؤكدا على أهمية أن يثقوا في إيران وأن يتواصل الأخذ والعطاء إن كان الطرفان جادين، خاصة وأنهما عبرا مرحلة صعبة مرت بأوقات أصعب.
وعندما سئل عن تقديره لرد فعل الطرف الدولي تجاه ما قدمته إيران من عرض قال إن عرضهم جرت مناقشته ولا شك أنهم يحتاجون وقتا لهضمه، مبديا تفاؤله بذلك.
إلى ذلك تمنى ظريف أن تقابلهم الولايات المتحدة بالدرجة ذاتها من الانفتاح، وبما يؤكد أنها تسير معهم في السياق ذاته والمسار دون صعوبات حتى يجتاز كلاهما ما وصفه بالاختبار.
وعن المحادثات التقنية المتوقعة قبل لقائهما المعلن أوضح أنها ستضم كل التخصصات بما في ذلك خبراء أكثر عددا من المختصين الإيرانيين في مجال العقوبات، مبديا غبطته لما ضمه الوفد الدولي من خبراء في هذا الاختصاص.
وكان الوفد الأميركي على وجه الخصوص قد ضم خبراء في العقوبات، ومعلوم أن هذه الجولة من المفاوضات استضافتها هذه المرة مدينة جنيف السويسرية للمرة الثالثة، وتعتبر أول مفاوضات بعد انتخاب الحكومة الإيرانية الجديدة قد بدأت بتقديم الوفد الإيراني الذي تكون من 5 اختصاصيين وقاده في الجلسة الافتتاحية والختامية وزير الخارجية محمد جواد ظريف، وتولى القيادة نائبه عباس عراقجي وكيل الوزارة المسؤول عن الشؤون القانونية والدولية.
وكانت المفاوضات قد بدأت صباح الثلاثاء بعرض تقني بواسطة «باور بوينت» علمت «الشرق الأوسط» أنه كان عبارة عن تقديم مقترح إيراني يقابله طلب بمقابل من الجانب الدولي (أي نقوم بهذا ومقابله تقومون بهذا) وكما شرح لـ«الشرق الأوسط» مصدر إيراني عليم فإن إيران طرحت إمكانية رقابة على كل منشآتها واحدة تلو الأخرى مقابل فك الحظر على البنك المركزي ثم النفط ثم قرارات مجلس الأمن، وهكذا.
من جانبها كانت وسائل الإعلام الإيرانية قد وصفت ما جرى بأنه اشتمل فيما اشتمل على ما يؤكد الاستخدام السلمي الإيراني للتقنية النووية مع تقديم إطار لمقترحات إيرانية بشأن إمكانية استخدام آليات الوكالة الدولية للتحقق والتعاون الدولي لما وصفه عراقجي بتنفيذ حقوق إيران مقابل إلغاء جميع إجراءات الحظر، مضيفا إمكانية وجود رقابة آلية للإشراف على تنفيذ الاتفاقات تتكون من لجنة مشتركة بين إيران والمجموعة الدولية، مؤكدا أن تلك إجراءات تراها إيران ضرورية لإعادة بناء الثقة بين الطرفين مما يحول دون تصعيد الأوضاع، مركزا على أهمية الحوار باعتباره وسيلة لمعالجة الهواجس، ومشددا على التنفيذ الفوري للاتفاقات وأن التنفيذ يحتاج إلى حسن النوايا من الطرف الآخر كما ينبغي أن تكون المفاوضات لفترة زمنية محددة والخطوات متزامنة وأن يجري تنفيذها بالتزامن، مؤكدا على أهمية أن تبقى تفاصيل ما اقترحه سرا لحين الوصول لاتفاق.
من جانبها كانت القوى الكبرى قد اكتفت بدءا بوصف «العرض الإيراني» بأنه مفيد ويحتاج لمزيد من التفاصيل، كما اتفق الطرفان في وصف النقاش أثناء الجلسات بالتقني والأجواء بالجيدة وتبادل الآراء بالجدي.
بدوره كان عباس عراقجي قد أخبر وسائل الإعلام الإيرانية التي ظل يخاطبها بالفارسية في لقاءات منفردة عزلت بقية الإعلاميين، بأنهم، أي الوفد الإيراني، لو شعروا بتوازن وأن بإمكانهم اتخاذ خطوة متبادلة باستطاعتهم عندها القول إن المفاوضات حققت نجاحا وتقدما.
وفي تعليق له حول لقاء هامشي منفرد من رئيسة الوفد الأميركي أشار في تصريح لوكالة أنباء فارس مساء الثلاثاء إلى أن التعاطي مع الولايات المتحدة الأميركية لا ينبع من فراغ، وأن الأميركيين أدركوا أن المواجهة لا تفيدهم كثيرا، وأن إيران رغم المشاكل لم تشل، وأنه نظرا للقضايا الإقليمية وقضايا الاقتصاد ينبغي على أميركا التحرك في هذا الاتجاه، مضيفا أن الطاقة النووية تتضمن جميع الأبعاد ومن ضمنها التخصيب ودورة الوقود النووي.
وكان مصدر إيراني قد وصف لـ«الشرق الأوسط» عراقجي الذي تربطه به معرفة وثيقة بعد ملازمة لصيقة طيلة عامين بنيويورك، بأنه منفتح فكريا، خبر أسلوب الحياة الغربية بعد أن عاش بالولايات المتحدة الأميركية لمدة 20 سنة درس فيها وعمل فيها مما جعله تماما كرئيسه وزير الخارجية جواد ظريف، يجيد أسلوب التفاوض مع الغرب دون شد أو عصبية.

لقطات

> للمرة الأولى تنتهي المفاوضات ببيان مشترك بين دول خمسة زائد واحد. كما أنها المرة الأولى التي تعقد فيها المفاوضات باللغة الإنجليزية. وتخللتها إشارات عديدة لسيرها بصورة إيجابية. وقال نائب وزير الخارجية الإيراني إن الطرفين امتنعا عن طرح قضايا مثيرة للجدل حفاظا على تلك الأجواء.
> وصل الوفد الإيراني المفاوض لجنيف بطائرة خاصة، مصحوبا بـ20 صحافيا وإعلاميا بالإضافة لعشرات آخرين ممن يعملون بوسائل إعلام إيرانية في مختلف العواصم.
> أكد لـ«الشرق الأوسط» مصدر مطلع أن رئيس الوفد الإيراني محمد جواد ظريف وزير الخارجية ونائبه عباس عراقجي لم يكونا مربوطين بمحادثات هاتفية طيلة الوقت لإبلاغ طهران واستشارتها وتلقي التعليمات، كما كان الوضع سابقا، وأن يديهما لم تكن مغلولة وأنهما وإن بالطبع قد اتصلا للتنسيق فإن مكالماتهما الهاتفية كانت أقل، مشيرا إلى أن الوفد تمتع بصلاحيات واسعة ضمن إطار مرسوم.
> ظهرت صور ظريف ضاحكا وهو يشارك السيدة أشتون الجلوس على ذات الأريكة، ويدعوها لتناول طعام العشاء بصحبة وفدها ووفده وكانت العادة أن تقتصر لقاءاتهما خارج قاعات التفاوض على دعوة غداء أو عشاء تنظمها الدول المضيفة.
> تعتبر هذه هي الجولة العاشرة في المفاوضات النووية الإيرانية مع القوى الكبرى، وتناوب على رئاستها هذه المرة ظريف ونائبه عراقجي.



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.