لأول مرة.. الأزهر والفاتيكان يتفقان على عقد مؤتمر عالمي للسلام

مصادر: زيارة الطيب لروما تهدف إلى مواجهة الإسلاموفوبيا

جانب من اللقاء الذي جمع بين شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وبابا الفاتيكان فرنسيس الأول داخل المقر الباباوي أمس («الشرق الأوسط»)
جانب من اللقاء الذي جمع بين شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وبابا الفاتيكان فرنسيس الأول داخل المقر الباباوي أمس («الشرق الأوسط»)
TT

لأول مرة.. الأزهر والفاتيكان يتفقان على عقد مؤتمر عالمي للسلام

جانب من اللقاء الذي جمع بين شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وبابا الفاتيكان فرنسيس الأول داخل المقر الباباوي أمس («الشرق الأوسط»)
جانب من اللقاء الذي جمع بين شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وبابا الفاتيكان فرنسيس الأول داخل المقر الباباوي أمس («الشرق الأوسط»)

اتفق الأزهر والفاتيكان، الذي يمثل أعلى سلطة دينية في الغرب أمس، على عقد مؤتمر عالمي للسلام واستئناف الحوار بينهما، فيما قالت مصادر مطلعة بمشيخة الأزهر في القاهرة إن «زيارة شيخ الأزهر لروما تهدف إلى تصويب المفاهيم التي تعتمد عليها الجماعات الإرهابية المُتطرفة في نشر العنف والتطرف في الشرق والغرب»، ومواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا في الغرب، مضيفة أن اللقاء الذي جمع بين شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وبابا الفاتيكان فرانسيس الأول داخل المقر الباباوي أمس تم «الإعلان خلاله رسميا عن عودة الحوار الإسلامي - المسيحي مرة أخرى بين الأزهر، المؤسسة السنية الأولى في العالم والفاتيكان، بعد قطيعة دامت 10 سنوات، وذلك بسبب ربط بابا الفاتيكان السابق العنف بالإسلام».
وقالت مصادر مُطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن «لقاء الأزهر والفاتيكان جاء في مرحلة تاريخية مُهمة، حيث يتعطش العالم إلى السلام، والتعايش بين الشعوب، ورفض (ظاهرة الإسلاموفوبيا)، التي تنتشر بقوة على يد بعض الجماعات في الغرب، فضلا عن مواجهة الإرهاب والتطرف الذي لم تنجو منه أي دولة في العالم».
وكان الأزهر قد أوقف الحوار مع الفاتيكان في أعقاب تصريحات للبابا السابق بندكتس السادس عشر عام 2006، اعتبر فيها أن الدين الإسلامي «يرتبط بالعنف»، كما تعرضت محاولات استئناف الحوار بين المؤسستين الدينيتين لتوتر قوي عام 2001 عقب مُطالبة بابا الفاتيكان السابق بحماية المسيحيين في مصر، عقب تفجير طال كنسية القديسين بالإسكندرية، فضلا عن تصريحاته المتكررة المُعادية للإسلام والمسلمين.. ورفضه التراجع عنها.
وكانت احتفالات رأس السنة لعام 2011 قد شهدت انفجارا أمام كنيسة القديسين (ماري جرجس) و(الأنبا بطرس) في محافظة الإسكندرية عن طريق انفجارين بعبوة ناسفة، أسفرت عن مقتل 21 وإصابة 80 آخرين، ما دفع البعض في الغرب إلى استغلال الحادث لإشعال التوتر والغضب بين المسلمين والمسيحيين في مصر.
ووسط ترحيب عالمي واسع بزيارة شيخ الأزهر للفاتيكان، عُقد لقاء بين الشيخ الطيب والبابا فرنسيس بابا الفاتيكان بالمقر الباباوي أمس، حيث ركز اللقاء الذي جمعهما على تنسيق الجهود بين الأزهر والفاتيكان من أجل ترسيخ قيم السلام، ونشر ثقافة الحوار والتسامح والتعايش بين مختلف الشعوب والدول، وحماية الإنسان من العنف والتطرف والفقر والمرض.
وفي بداية اللقاء رحب بابا الفاتيكان بالشيخ الطيب والوفد المرافق له، معربا عن تقديره الكبير لهذه الزيارة الكريمة، مؤكدا أن الطرفين يمتلكان رسالة مُشتركة، وهي رسالة السلام والتسامح والحوار الهادف، وأن العالم يعلق آماله على رموز الدين وعلمائه ورجاله، وأنه يقع على المؤسسات الدينية العالمية، مثل الأزهر والفاتيكان، عبء كبير في إسعاد البشرية ومحاربة الفقر والجهل والمرض. وأضاف بابا الفاتيكان أنه مُتابع لدور الأزهر في نشر ثقافة السلام والتعايش المُشترك، وجهوده في مواجهة الفكر المنحرف، مشددا على أن دور الأزهر في هذه الفترة من تاريخ العالم يعتبر مهما ومحوريا.
من جانبه، قال الطيب، رئيس مجلس حكماء المسلمين، خلال لقائه بابا الفاتيكان أمس، إننا نحتاج إلى مواقف مشتركة يدا بيد من أجل إسعاد البشرية لأن الأديان السماوية لم تنزل إلا لإسعاد الناس لا لإشقائهم، مؤكدا أن الأزهر يعمل بكافة هيئاته على نشر وسطية الإسلام، ويبذل جهودا حثيثة من خلال علمائه المنتشرين في كل العالم من أجل إشاعة السلام وترسيخ السلام والحوار، ومواجهة الفكر المتطرف، وأن مجلس حكماء المسلمين يملك قوافل سلام تجوب العالم.
واتفق الأزهر والفاتيكان على عقد مؤتمر عالمي للسلام، واستئناف الحوار بين الأزهر والفاتيكان، وفي ختام زيارة الدكتور الطيب أهدى بابا الفاتيكان لشيخ الأزهر «قلادة لسنة يوبيل الرحمة التي أعلنها بابا الفاتيكان هذا العام، مزينة بغصن الزيتون رمز السلام»، وكان عقد شيخ الأزهر قد جلسة مباحثات مع الكاردينال ديون رئيس المجلس الحضاري للحوار بين الأديان.
ووصل الطيب أمس إلى العاصمة الإيطالية روما على متن طائرة خاصة، وكان في استقباله والوفد المرافق له في المطار عدد من القيادات الدينية في الفاتيكان. ورافقه خلال هذه الزيارة التاريخية التي تعد الأولى من نوعها في تاريخ المؤسستين الدينيتين، وفد أزهري رفيع المستوى، يتكون من الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر، والدكتور محمود حمدي زقزوق رئيس مركز الحوار بالأزهر، والدكتور محيي الدين عفيفي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، والمستشار محمد عبد السلام مستشار شيخ الأزهر.
يشار إلى أنه عقب ترسيم البابا فرانسيس الأول، بعث الدكتور الطيب برسالة تهنئة باسم الأزهر، وهي الرسالة التي اعتبرتها الفاتيكان «مبادرة سلام» من قبل الأزهر. كما تجددت الدعوة لاستئناف الحوار بين المؤسستين الدينيتين الأزهر والفاتيكان في أعقاب الزيارة التي قام بها بابا المسيحيين في مصر تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، إلى الفاتيكان نهاية مايو (أيار) عام 2013.
وأكدت مشيخة الأزهر بالقاهرة عام 2013 أن عودة العلاقات المُجمدة مع الفاتيكان مرهونة بما تقدمه المؤسسة المسيحية من «خطوات إيجابية جادة تُظهر بجلاء احترام الإسلام والمسلمين».
من جانبه، قال وكيل الأزهر عباس شومان، إن اللقاء فتح صفحة جديدة من المُصالحة بعد التوتر الناجم عن تصريحات مُثيرة للجدل أدلى بها البابا السابق بندكتس 16 في خطاب ألقاه في راتيسبون (ألمانيا) عام 2006، مضيفا في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» قبل مغارته القاهرة، أن «لقاء الأزهر والفاتيكان تم بسبب المواقف الرائعة للبابا فرنسيس تجاه المسلمين».



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.