ميريام فارس وجون ويكليف يلهبان جمهور مهرجان {موازين} في الرباط

ناعومي وايسفلد أطربت الحاضرين بمقطوعات «يديشية»

المغنية ميريام فارس تلهب حماس جمهور منصة النهضة في الرباط
المغنية ميريام فارس تلهب حماس جمهور منصة النهضة في الرباط
TT

ميريام فارس وجون ويكليف يلهبان جمهور مهرجان {موازين} في الرباط

المغنية ميريام فارس تلهب حماس جمهور منصة النهضة في الرباط
المغنية ميريام فارس تلهب حماس جمهور منصة النهضة في الرباط

ألهبت المغنية اللبنانية ميريام فارس حماس جمهور منصة النهضة في الرباط الذي أتى بكثافة، مساء أول من أمس الأحد، للاستمتاع بباقة من الأغاني والرقصات، تقترح مزيجًا سائغًا من الإيقاعات والأصوات التي تنهل من مدارس موسيقية متنوعة، عربية وعالمية.
وحرصت فارس على أن يكون لقاؤها المتجدد مع جمهور موازين ليلة خالدة في الذاكرة، وهي تصدح بالأغنية الوطنية «نداء الحسن» تعبيرًا عن علاقتها الخاصة بالجمهور المغربي، وتأكيدًا لإعجابها بالموروث الفني الوطني. فقد أدت أيضًا بحيوية لافتة أغنية «علاش يا غزالي» للراحل المعطي بنقاسم، صانعة لحظات فرح لجمهور ردد معها أشهر أغانيها.
ونزولا عند طلبات الحضور، توالت القطع التي صنعت اسم ميريام فارس في المشهد الغنائي العربي: «واحشني إيه»، «مش أنانية»، «إيه اللي بيحصل»، «خلاني» و«مكانو وين». وكانت أمسية ميريام أيضا وصلات استعراضية كوريغرافية أدتها الفنانة بعفوية وتمكن على منصة تنقاد لطاقتها وحيويتها. وفي ذروة تفاعلها مع الجمهور، أدت الفنانة أغنيتها المشهورة بالعامية المغربية «تلاح»، مستدعية فرقة لفن كناوة رافقتها، وأشعلت أجواء السهرة بإيقاعات تشد الأنفاس.
يذكر أن فارس المولودة بكفر شلال بجنوب لبنان، بدأت مسيرتها في سن مبكرة وأظهرت نجاحا باهرا. مكنتها أغنية «أنا والشوق» من نيل صيت واسع بالعالم العربي، لتصدر بعد ذلك الكثير من الألبومات والكليبات الناجحة.
ومن خلال حفلاتها وجولاتها تقوم ميريام بأداء أغانٍ عربية عصرية شعبية وشرقية، كما أعادت غناء الكثير من الأشكال الموسيقية لا سيما الأغاني التقليدية المغربية.
إلى جانب ذلك، شد الجمهور مساء الأحد الرحال لاكتشاف عالم الإيقاعات الصوفية بشرق أوروبا مع مقطوعات يديشية أدتها الفنانة ناعومي وايسفلد.
وقدمت وايسفلد، التي تعتبر اليديشية لغتها العاطفية، أداء فنيا مرهفا لاقى ترحيبا حارا من الجمهور في فضاء شالة التاريخي في الرباط. وغنت هذه الفنانة، المتكاملة والمتميزة، بحس فني ينبض بكل أفراح العالم وأحزانه، ويتطلع على الدوام نحو مثال متعال. وتجاوب الجمهور مع أداء وايسفلد، التي نهجت مسارا خارجا عن المألوف، بعيدا عن المنارات الهادية والحصارات القسرية، حيث جعلت من قناعتها وحدها بوصلتها، ومن الإيمان الفني، الذي ترعاه في داخلها، ما يقربها من الصوفية.
وقدم العرض إلى جانب وايسفلد (غناء) كل من تييري بريتوني (أكورديون) وفلورنت لابودينيير (القيثارة والعود) وأنطوان روزينبوم (الكونترباص).
يشار إلى أنه انطلاقا من موسيقى صوفية فارسية بنكهة مصرية، مرورا بالأغاني الشعبية الجزائرية والإيقاعات اليديشية لشرق أوروبا، والرقصات الغجرية بجنوب أوروبا، وصولا إلى الإيقاعات ذات النفس الديني في كل من منغوليا واليابان، تكون التجربة الصوفية في صميم برامج فضاء شالة الذي يمزج حب التأمل بالاحتفال الروحي.
من جهته، ألهب جون ويكليف، مغني الهيب هوب وعازف الغيثار الأميركي ذو الأصول الهايتية، منصة السويسي بالرباط مساء الأحد، أمام جمهور متشوق للاستمتاع بلحظات استثنائية، تلتقي فيها قوة الصوت بحركية الإيقاع. وخلّف العرض المثير والاحتفالي لويكليف، انطباعا جيدا في صفوف جمهوره.
واستقبل الجمهور الحاضر ويكليف الذي اختار أن يدخل المنصة مرتديًا برنسا أبيض وعمامة، بالتصفيقات وهتافات المعجبين مرفوقا بـ«دي جي» ليلهب المنصة بالغناء، وبأداء رقصة «زواف» بالمشي على يديه، والعزف على القيثارة الكهربائية تارة بلسانه وتارة من وراء ظهره، وبمسح الأرض أو سكب الماء على رأسه.
وأثار مغني الهيب هوب والمنتج الأميركي إعجاب الجمهور عندما عزف على آلة العود، وبدت الفرحة والإعجاب على محيى الحاضرين، الذين استمتعوا بليلة تفنن فيها أسطورة الهيب هوب بأداء مجموعة من الأغاني الخاصة به، أو تلك التي تخص مجموعته «فودجيز».
وردد الجمهور الحاضر مع الفنان بعض أغانيه كـ«نو وومن نو كراي» أو «كيلين مي سوفتلي»، أو «كون تيل نوفمبر (تشرين الثاني)»، أو «911»، متفاعلين مع حركاته في جو من الفرحة والاستمتاع، كما دعا الفنان بعض الأطفال للصعود نحو المنصة لمشاركته في أداء بعض الرقصات. وكانت بداية مسيرة هذا الفنان الهايتي المتميز مع مجموعة «فودجيز» صاحبة ألبوم «ذو سكور»، الذي حاز ستة أقراص من البلاتين، والذي يعد من بين الألبومات الأكثر مبيعا في الولايات المتحدة، ليقرر جين ويكليف ذو الميولات المتعددة ابتداء من الجاز والروك مرورا بالكلاسيكي والريكي، الاشتغال منفردا سواء كفنان أو كمنتج.
وأصدر ويكليف ستة ألبومات وأنتج للكثير من الفنانين الكبار أمثال: «ويتني هوستون» ومجموعة «شيبريس هيل»، و«سانتانا» الذي اشتغل معه على أغنية «ماريا، ماريا»، ورسخت أغنية «هيبس دونت لاي»، التي سجلها مع الفنانة شاكيرا سنة 2006، نجاح ويكليف، حيث تم تصنيف هذه الأغنية في المرتبة الأولى بزيادة أكثر من 20 دولة بما فيها الولايات المتحدة، ويستعد في الأيام المقبلة لإصدار ألبوم جديد يحمل اسم «كليفيكايشن» يتضمن أغاني أداها مع كل من «أفروجاك»، و«إيميلي ساندي»، و«أفيشي».
تجدر الإشارة إلى أن ويكليف، يشغل إلى جانب عمله موسيقيا ومنتجا وكاتبا ومؤلفا، منصب سفير النيات الحسنة بهايتي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».