في وقت اتفقت فيه الدول الصناعية الكبرى على أهمية مواجهة أبرز المخاطر التي يشهدها العالم حاليًا، والمتمثلة في الإرهاب، اختلف ممثلو أكبر سبعة اقتصادات على مستوى العالم في التوافق حول الأولويات والآليات التي يجب انتهاجها لتصحيح معدلات النمو، فيما كادت كل من واشنطن وطوكيو أن تشتبكا في ظل تراشقات عن «حرب العملات».
وفي ختام اجتماعاتهم، قرر وزراء المالية وحكام المصارف المركزية لدول مجموعة السبع المجتمعون في اليابان على مدار يومين، تشديد مكافحة تمويل الإرهاب، باعتمادهم خطة عمل سيتم إقرارها خلال قمة رؤساء الدول والحكومات الأسبوع المقبل. وفرض موضوع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي نفسه على المناقشات، فحذر الوزراء من «صدمة» ستضعف النمو المتباطئ أساسًا. كما وجه المشاركون تحذيرًا إلى اليابان التي أحيت مؤخرًا مخاطر قيام «حرب عملات».
وأكد المسؤولون الماليون للدول الصناعية السبع الكبرى في وثيقة ختامية «التزامهم بالتصدي لتمويل الإرهاب، الذي يمنح الإرهابيين الوسائل لتنفيذ اعتداءاتهم، وإمداد شبكاتهم، وبث آيديولوجيتهم من خلال الدعاية». كما تعتزم مجموعة السبع القيام بتحركات أخرى، مثل تعزيز التعاون في تطبيق العقوبات المالية كتجميد الحسابات المصرفية، وتعزيز مجموعة العمل المالية لمكافحة تبييض الأموال.
من ناحية أخرى كان تباطؤ الاقتصاد العالمي حاضرًا لدى جميع المشاركين في الاجتماع، حيث قال سكرتير الخزانة الأميركي جيكوب لو: «إذا كان الاقتصاد الأميركي قد واصل نموه، فإن النهوض يبقى غير متساوٍ في العالم، وقد ازدادت المخاطر منذ العام الماضي». وأكد نظيره الفرنسي أن «النهوض استأنف مسيرته، لكنه ما زال غير كافٍ ولا يحمل على اليقين أنه سيكون دائمًا».
لكن مجموعة السبع لم تقدم أي رد منسق، بل اكتفت بالدعوة إلى الاستخدام «المتوازن» لجميع الأدوات النقدية والمالية والهيكلية المتوافرة لديها، و«عدم استهداف أسعار الصرف». وقد أدى هذا الموضوع إلى نقاش حاد بين الولايات المتحدة واليابان، التي هددت أخيرًا بالتدخل لوقف ارتفاع سعر الين.
وتحدث وزير المالية الياباني تارو أسو مرارا مجددا أمس عن تحركات «مفاجئة ومغرضة وتنم عن مضاربة». غير أن واشنطن ترى أن الارتفاع الذي سجله سعر الين مؤخرا، وإن كان يسدد ضربة للمصدرين اليابانيين، إلا أنه لا يبرر إطلاقًا أي تدخل في الأسواق.
ووجهت الولايات المتحدة تحذيرا قويا بسبب ما تصفه واشنطن بتدخل غير مبرر من جانب طوكيو لكبح مكاسب الين، في مؤشر على خلاف بين الدولتين بشأن سياسة سعر الصرف. وقال أسو: «أكدنا على أهمية شفافية أكبر في ما يتعلق ببيانات الضرائب على سبيل المثال، من خلال تبادل معلومات عن الحسابات المصرفية لغير المقيمين، ووضع معايير موضوعية لتحديد المناطق غير المتعاونة». وتابع: «اتفقنا على أهمية استمرار الحوار الخاص بإجراءات تعزيز شفافية المعلومات الخاصة بحسابات وأشخاص يتورطون في غسل الأموال».
من جانبه، سعى وزير المالية الفرنسي ميشال سابان من جهته إلى تهدئة الخلاف، معتبرًا أنه «لا يمكن أن تحصل» و«لن تحصل» حرب عملات، وهو احتمال قلما جرى بحثه خلال المناقشات.
وأخيرًا، مع اقتراب موعد الاستفتاء في بريطانيا حول الخروج من الاتحاد الأوروبي في 23 يونيو (حزيران)، أجمع كل المشاركين على التحذير من مخاطر مثل هذا السيناريو.
وشدد المسؤولون الماليون الكبار للدول السبع على أنه في ظل «الغموض المحيط بالوضع العالمي» مع النزاعات الجيوسياسية والإرهاب وتدفق اللاجئين، فإن «صدمة خروج محتمل لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي تزيد من صعوبة البيئة الاقتصادية العالمية».
وخلال الاجتماع الذي عقد في منطقة سينداي (شمال شرق) اليابان، ازدادت التحذيرات من جانب وزير المالية البريطاني جورج أوزبورن، ونظيريه الفرنسي ميشال سابان والألماني فولفغانغ شويبله.
ويكثف أنصار البقاء في التكتل المدعومين من المؤسسات الكبرى المتعددة الأطراف مثل: صندوق النقد الدولي، ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، تحذيراتهم من أن الاقتصاد سيتكبد ضررا كبيرا في حال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ما يثير سخط مؤيدي الخروج الذين يعتبرون أن البلاد ستكون أكثر ازدهارا بدون قيود بروكسل البيروقراطية.
وأوضح وزير الخزانة البريطاني أنه سيكون من الصعب جدا على بريطانيا في حال خروجها من الاتحاد الأوروبي، التفاوض بشأن اتفاق تجاري جديد مع دول الكتلة الموحدة، أو مع عشرات الدول غير الأوروبية المرتبطة باتفاق خاص مع بروكسل.
وكان أوزبورن صرح أول من أمس الجمعة في سنداي قائلا: «يكفي التحدث إلى وزراء مالية ألمانيا وفرنسا ودول أوروبية أخرى، لإدراك أنه في حال خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وأرادت الوصول إلى السوق الموحدة، فسيتحتم علينا المساهمة في موازنة الاتحاد الأوروبي، والموافقة على حرية تنقل الأفراد، وذلك دون أن يكون لنا رأي في هذه السياسات».
من جهته، قال وزير المالية الفرنسي إن «الدول السبع أجمعت بالطبع على القول بأن خروجا من الاتحاد الأوروبي لن يكون أمرا جيدا لبريطانيا بالمقام الأول».، وتابع «أن الخروج سيترتب عليه عواقب وخيمة، ليس لأننا سنسيء معاملة بريطانيا، بل لأن المنطق الاقتصادي سيكون فادحًا جدًا».
وأدلى رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر بتصريحات مماثلة، إذ حذر مؤيدو الخروج من الاتحاد الأوروبي من أن بريطانيا ستواجه في هذه الحالة معاملة متشددة من الاتحاد الأوروبي. ومن المتوقع أن تصدر تحذيرات جديدة من اليابان والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وكندا خلال قمة الرؤساء الأسبوع المقبل.
وصرح وزراء المالية في الوثيقة قائلين: «تعاونا دوليا جيدا وتبادل المعلومات، أمران حيويان لمكافحة تمويل الإرهاب بشكل فعال».
ونبه أوزبورن إلى أن قيمة العقارات في بريطانيا يمكن أن تتراجع بين 10 و18 في المائة في حال خروجها من الاتحاد الأوروبي، بحسب دراسة أجرتها وزارة الخارجية، ويفترض أن تنشر الأسبوع المقبل.
وصرح وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله: «كلنا متفقون على أنه سيكون قرارا سيئا بالنسبة إلى بريطانيا»، وأضاف: «لكنه قرار على الناخبين البريطانيين اتخاذه»، حسبما نقلت عنه وكالة بلومبرغ.
وتابع شويبله: «نخشى أن يكون له عواقب سلبية على الاقتصاد الأوروبي والدولي».
ومن جهته كان رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي صرح في مطلع مايو (أيار) في لندن بأن خروج بريطانيا من «أوروبا» سيجعل من البلاد «وجهة أقل جاذبية للاستثمارات اليابانية».
السبعة الكبار.. اتفاق على «المخاطر» واختلاف على «الأولويات» الاقتصادية
«حرب العملات» تشعل التراشق بين واشنطن وطوكيو.. وبريطانيا تستحوذ على الاهتمام
السبعة الكبار.. اتفاق على «المخاطر» واختلاف على «الأولويات» الاقتصادية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة