السيسي يترشح رسمياً لرئاسة مصر

تعهد ببناء دولة حديثة ديمقراطية.. وقرار بترقية رئيس الأركان

وزير الدفاع المصري المشير عبد الفتاح السيسي يعلن استقالته من منصبه وترشحه لرئاسة البلاد  عبر التلفزيون المصري أمس في الانتخابات المتوقعة خلال أشهر (أ.ف.ب)
وزير الدفاع المصري المشير عبد الفتاح السيسي يعلن استقالته من منصبه وترشحه لرئاسة البلاد عبر التلفزيون المصري أمس في الانتخابات المتوقعة خلال أشهر (أ.ف.ب)
TT

السيسي يترشح رسمياً لرئاسة مصر

وزير الدفاع المصري المشير عبد الفتاح السيسي يعلن استقالته من منصبه وترشحه لرئاسة البلاد  عبر التلفزيون المصري أمس في الانتخابات المتوقعة خلال أشهر (أ.ف.ب)
وزير الدفاع المصري المشير عبد الفتاح السيسي يعلن استقالته من منصبه وترشحه لرئاسة البلاد عبر التلفزيون المصري أمس في الانتخابات المتوقعة خلال أشهر (أ.ف.ب)

أعلن قائد الجيش المصري، المشير عبد الفتاح السيسي، أمس استقالته من موقعه كوزير للدفاع وأعلن اعتزامه الترشح للرئاسة، وتعهد ببناء دولة مصرية حديثة بمشاركة الشعب، وقال: نحن مهددون من الإرهابيين ومن قبل أطراف تسعى لتدمير حياتنا وسلامنا وأمننا. وأضاف في خطاب بثه التلفزيون المصري الليلة الماضية قائلا: «هذا آخر يوم لي بالزي العسكري لكنني سأظل أحارب كل يوم من أجل مصر الخالية من الخوف والفزع والإرهاب.. ليس مصر فقط بل المنطقة بأكملها»، إلا أنه قال أيضا إنه لا يستطيع أن يقدم المعجزات ولكن بالعمل الشاق والجهد والصبر «لأن لدينا مهمة شديدة الصعوبة اقتصاديا وأمنيا وسياسيا واجتماعيا».
وجاء بيان السيسي بعد نحو ساعة من انتهاء اجتماع «المجلس الأعلى للقوات المسلحة» بحضور الرئيس المؤقت عدلي منصور الذي أصدر قرارا بترقية رئيس الأركان، الفريق صدقي صبحي (59 عاما)، لـ«فريق أول» ما عزز من تكهنات باحتمال خلافته للسيسي في موقع وزير الدفاع، من المرجح أن يعلن عن ذلك رسميا اليوم (الخميس). وعقد «المجلس العسكري» اجتماعا بكامل أعضائه وبحضور الرئيس منصور، استمر لأكثر من ساعتين، في مقر الأمانة العامة لوزارة الدفاع في شرق القاهرة. وغادر منصور مقر الوزارة بعد انتهاء الاجتماع متوجها لقصر الاتحادية الرئاسي.
وقال السيسي في بداية بيانه أمس: شعب مصر العظيم.. أيها الشعب الأبي الكريم. اليوم أقف أمامك للمرة الأخيرة بالزي العسكري. هذه لحظة مهمة جدا بالنسبة لي. أول مرة أرتدي الزي العسكري كانت عام 1970، وأتشرف بارتداء هذا الزي للدفاع عن الوطن.
وأضاف: «واليوم أترك هذا الزي من أجل الدفاع عن الوطن. السنوات الأخيرة من عمر الوطن أكدت أن لا أحد يستطيع أن يصبح رئيسا لهذه البلاد دون إرادة الشعب وتأييده». و«لا يمكن لأحد أن يجبر المصريين على انتخاب رئيس لا يريدونه. لذلك أنا وبكل تواضع أتقدم لكم معلنا اعتزامي الترشح لرئاسة جمهورية مصر العربية». وقال: «تأييدكم هو الذي سيمنحني هذا الشرف العظيم. أقف أمامكم مباشرة لكي أتحدث معكم حديثا من القلب، حتى أقول إنني أمتثل لنداء جماهير واسعة من الشعب المصري طلبت مني التقدم (للترشح). أعتبر نفسي جنديا مكلفا لخدمة الوطن. أي موقع تأمر به جماهير الشعب سأكون موجودا فيه».
وتعد استقالة «وزير الدفاع» من المرات النادرة في التاريخ العسكري المصري الحديث. وقال السيسي الذي كان يرتجل حديثه من دون ورقة مكتوبة: «أريد أن أكون أمينا معكم ومع الوطن ومع نفسي. نحن المصريين لدينا مهمة شديدة الصعوبة.. المهمة الاقتصادية والأمنية والسياسية والاجتماعية، سواء ما قبل 25 يناير (كانون الثاني) (2011) أو بعد أن تفاقم الوضع بعد 30 يونيو (حزيران) (2013). ولا بد من مواجهة أمينة وشجاعة لهذه التحديات».
وقال: «نريد أن نكون صادقين مع أنفسنا. مصر تواجه تحديات ضخمة واقتصادنا ضعيف. ملايين الشباب يعانون من البطالة وملايين من المصريين يعانون من المرض ولا يجدون علاجا مناسبا. مصر البلد الغنية بمواردها وشعبها تعتمد على الإعانات والمساعدات، وهذا أمر غير مقبول.. المصريون يستحقون حياة أفضل من هذا، وأن يعيشوا بكرامة وأمن وحرية ويكون لهم الحق في الحصول على العمل والعلاج والتعليم والمسكن والأمن». وأضاف: «أمامنا جميعا مهام عسيرة، لا بد من إعادة بناء جهاز الدولة الذي يعاني من حالة من الترهل تمنعه من النهوض بواجباته»، مشددا على أن «عجلة الإنتاج يجب أن تعود إلى الدوران في كافة قطاعات الدولة بكل قوة ولا بد من إعادة ملامح هيبة الدولة»، و«أن يتوقف هذا الاستهتار وهذا العبث» بمصر.
وقال السيسي: «يجب أن يعلم الجميع أن هذه لحظة فارقة». وأن «الاستهتار في حق مصر مغامرة لها عواقبها ولها حسابها». وأضاف: «مصر ليست مسرحا لطرف إقليمي أو دولي ولن تكون. لا نتدخل في شؤون الآخرين ولا نسمح للآخرين بالتدخل في شؤوننا».
وقال أيضا إن اعتزامه للترشح للرئاسة «لا يصح ولا يجوز أن يحجب حق الغير وواجبه (في الترشح).. إذا وجد لديه الأهلية أن يتقدم وأن ينجح أي من يختاره الشعب ويحوز ثقة الناخبين». ودعا السيسي «شركاء الوطن أن يدركوا أننا جميعا أبناء مصر نمضي في قارب واحد، نرجو له أن يرسو على شاطئ النجاة». وأضاف: «نحن نريد الوطن لكل أبنائه دون إقصاء.. نمد أيدينا للجميع في الداخل في الخارج. وأي مصري أو مصرية لم تتم إدانته بالقانون هو شريك فاعل في المستقبل بلا حدود وبلا قيود».
وتابع أن حملته الانتخابية ستركز على السعي لبناء «دولة مصرية ديمقراطية حديثة». وأضاف: «نحن مهددون من الإرهابيين ومن قبل أطراف تسعى لتدمير حياتنا وسلامنا وأمننا». وتابع: «هذا آخر يوم لي بالزي العسكري، لكنني سأظل أحارب كل يوم من أجل مصر الخالية من الخوف والفزع والإرهاب، ليس مصر فقط بل المنطقة بأكملها».
يشار إلى أنه، ووفقا للدستور الجديد الذي وافق عليه غالبية الناخبين المصريين مطلع العام الجاري، فإن وزير الدفاع، وليس رئيس الدولة، هو من يرأس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يتكون من 24 قائدا عسكريا. ويختص المجلس بتحديد اسم وزير الدفاع، وذلك لفترة انتقالية، حسب الدستور الأخير، والذي اشترط أيضا على من يريد أن يرشح نفسه للرئاسة، أو أي انتخابات أخرى، ألا يكون من العاملين في القوات النظامية (الجيش والشرطة)، وعليه أن يستقيل من الخدمة في حال أراد ممارسة العمل السياسي.
وانتظرت قطاعات واسعة من المصريين، على مدار الشهور الماضية، استقالة السيسي من موقعه لكي يقود البلاد كرئيس لمصر في مرحلة تشهد فيها البلاد مشاكل أمنية واقتصادية. وقال سيد عبد العال رئيس حزب التجمع اليساري القيادي في جبهة الإنقاذ لـ«الشرق الأوسط» إن ترشح السيسي مطلب شعبي كبير بسبب الرغبة الجارفة في أن يتولى قيادة البلاد خلال المرحلة المقبلة. وتابع قائلا إن فوز السيسي في الانتخابات مضمون بسبب دوره الوطني والتفاف الشعب حوله.
ومن جانبه أضاف عبد النبي عبد الستار، المتحدث باسم حملة «كمل جميلك وحدد مصيرك» المؤيدة للسيسي قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن الحملة قررت الاحتفال بترشح السيسي في جميع المحافظات على أنغام الأغنية المؤيدة لقائد الجيش المعروفة باسم «تسلم الأيادي» بالإضافة إلى توزيع الحلوى، وفتح أبواب مقرات الحملة بالمحافظات لاستقبال أنصار السيسي وحثهم على الإسراع في تحرير توكيلات ترشحه للرئاسة من الشهر العقاري، حيث ينص الدستور على أن من شروط الترشح الحصول على تأييد من 25 ألف ناخب.
وأكد محمد العزبي، منسق حركة السادس من أكتوبر (تشرين الأول)، تأييد حركته المطلق لترشح السيسي للرئاسة، مشيرا إلى أن ترشحه يأتي بناء على مطلب شعب مصر، وأنه لا يملك عصا سحرية لتغيير مصر «ولهذا لا بد أن يقف خلفه كل أبناء الشعب المخلص».
ولعب المجلس الأعلى للقوات المسلحة عبء المراحل الانتقالية التي تمر بها مصر منذ تخلي الرئيس الأسبق حسني مبارك عن سلطاته وتكليفه بقيادة البلاد. وسلم المجلس، الذي يرجع تاريخ تأسيسه إلى نحو أربعة عقود مضت، السلطة للرئيس السابق محمد مرسي في الثلاثين من يونيو عام 2012. أي عقب انتخابه بفارق أصوات ضئيل أمام منافسه الفريق أحمد شفيق، إلا أن المجلس اضطر مجددا للتدخل لإنقاذ البلاد من شبح حرب أهلية، في أعقاب خروج ملايين المصريين للميادين والشوارع، معلنين رفضهم حكم جماعة الإخوان التي ينتمي إليها مرسي. وحاولت ميليشيات إخوانية مواجهة الشعب بالعنف، خاصة بعد قول مرسي في آخر خطاب له إن إقالته من الرئاسة «دونها الرقاب».
يشار إلى أن الفريق أول صبحي شغل موقع رئيس أركان حرب القوات المسلحة في أغسطس (آب)  الماضي، وعمل لسنوات داخل الجيش الثالث الميداني، وهو حاصل على درجة الماجستير في العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان عام 1986. وعلى زمالة كلية الحرب العليا الأميركية عام 2005.

 



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.