قلب الدين حكمتيار.. رجل «النقيض»

رئيس وزراء أفغانستان الأسبق.. تقلب في التحالفات

قلب الدين حكمتيار
قلب الدين حكمتيار
TT

قلب الدين حكمتيار.. رجل «النقيض»

قلب الدين حكمتيار
قلب الدين حكمتيار

يعد قلب الدين حكمتيار، رئيس الوزراء الأفغاني الأسبق، أحد أبرز المقاتلين الأفغان، الذين حاربوا الحكومات السابقة في كابل، منذ حقبة السبعينات قبل أن يحتضنه الجنرال نصير الله بابر الذي كان قائد حرس الحدود الباكستاني إبان حكم ذو الفقار علي بوتو.
وحقق الحزب الإسلامي الذي أسسه حكمتيار نجاحات بارزة في القتال ضد الحكم الشيوعي في أفغانستان منذ عام 1978 إلى نهاية الاحتلال السوفياتي في فبراير (شباط) 1989؛ مما مكنه من نيل نصيب الأسد من المساعدات الأميركية والدولية التي كانت تقسمها الاستخبارات الباكستانية بين أحزاب المقاتلين آنذاك لقتال السوفيات.
وفي عام 1989 انضم حكمتيار الذي ينتمي إلى قبيلة البشتون الكبيرة، إلى أول حكومة في المنفى للمقاتلين الأفغان، وأصبح وزيرا للخارجية، لكنه رفض الانضمام إلى اتفاق «بيشاور» بين أحزاب المقاتلين في 1992 لإنهاء حكم الرئيس الأسبق نجيب الله. وحاول السيطرة على كابل من خلال هجوم عسكري قبل وصول قوات مسعود دستم إليها، غير أن الاستخبارات الباكستانية التي رعت اتفاق «بيشاور» قطعت كل خطوط إمداد حكمتيار من الأراضي الباكستانية، وأجبرت الكثير من قادته العسكريين على التخلي عن حملته العسكرية. حاصر حكمتيار كابل ما بين عامي 1992 - 1994 بالتحالف مع الجنرال عبد الرشيد دوستم وحزب الوحدة الشيعي الأفغاني، لكن هذا الحصار لم يسقط دفاعات مسعود - رباني - سياف في كابل.
في خريف عام 1994 نشأت حركة طالبان في قندهار، وبدأت (تنظيف) المدينة والولاية من أخطاء قادة المقاتلين الأفغان، وفسادهم الأخلاقي والمادي والأمني، وما لبثت عدة ولايات أن سقطت بيد طالبان، وأظهر حكمتيار منذ البداية عداء شديدا لـ«طالبان»، لكن ما لبثت قواعده تتساقط الواحدة تلو الأخرى بيد مقاتلي «طالبان» دون قتال يذكر؛ مما أجبره في يونيو (حزيران) 1996 على التوقيع على اتفاق لتقاسم السلطة مع برهان الدين رباني وأحمد شاه مسعود أصبح بموجبه حكمتيار رئيسا للوزراء.
غير أن «طالبان» لم تمهل حكومة الوفاق بين الحزبين الرئيسيين فهاجمت كابل وسيطرت عليها بشكل سريع في سبتمبر (أيلول) 1996؛ مما دعا حكمتيار ورباني ومسعود إلى الهرب شمال أفغانستان، غير أن عدة محاولات فاشلة لاغتيال حكمتيار أجبرته إلى اللجوء للمنفى في طهران التي كان يتهمها حتى ذلك الوقت بالوقوف ضده في أفغانستان.
عاد حكمتيار إلى أفغانستان بعد الغزو الأميركي لها أواخر عام 2001، وأعلن الحرب ضد حكومة الرئيس الجديد حامد كرزاي والقوات الأميركية، وفشل أكثر من مرة في التوصل إلى اتفاق مع «طالبان» لإقامة جبهة موسعة ضد الحكومة الأفغانية. انقسم حزب حكمتيار إلى عدة أجنحة متصارعة سياسيا ودخلت هذه الأجنحة إلى المعترك السياسي في كابول بعد اعترافها بالدستور الأفغاني وحصل مرشحوها على أكبر كتلة برلمانية في عهد الرئيس حامد كرزاي، كما عين كرزاي الذي تربطه علاقة خاصة بحكمتيار 13 من قادة الحزب الإسلامي السابقين حكاما في ولايات أفغانستان الاثنتين والثلاثين، فيما عين أكثر من ستة من الوزراء ممن كانوا في الحزب الإسلامي في حكومة الرئيس حامد كرزاي.
أبقى حكمتيار على خطوط اتصال مع المؤسسة العسكرية والأمنية الباكستانية، كما أبقى على خطوط اتصال مع الحكومة الإيرانية ودول الخليج العربية وعدد من الدول الأخرى، فيما تقلص حجم حزبه وأنصاره داخل أفغانستان بشكل كبير جدا. واقتصر نشاط مقاتلي حزبه على ولايات كونار ونورستان ولغمان شرق أفغانستان وولاية بغلان شمال العاصمة كابول، إضافة إلى وجود ضئيل في ولاية بلخ الشمالية وولاية ننجرهار المحاذية لباكستان.
ولد قلب الدين حكمتيار في بلدة إمام صاحب في ولاية قندوز الشمالية المحاذية للحدود مع طاجيكستان عام 1947، من عشيرة بشتونية هاجرت من ولاية غزني شرق أفغانستان، وانتقل بعد إنهاء الثانوية العامة إلى جامعة كابل بداية السبعينات من القرن الماضي لدراسة الهندسة فيها؛ حيث كان منضما وقتها إلى الحركة الإسلامية الأفغانية بزعامة الدكتور عبد الرحيم نيازي.
وعمل حكمتيار منذ دراسته الجامعية على تكوين خلايا مسلحة للحركة تمكنت من اغتيال أحد قادة الحزب الشيوعي الأفغاني وزير أكبر خان (الذي سمي حي السفارات والوزارات في كابول باسمه لاحقا) كما حاول حكمتيار إيجاد تنظيم عسكري إسلامي داخل القوات المسلحة والقيام بانقلاب على الملك ظاهر شاه، وقد فشلت محاولتا انقلاب كان خلفهما حكمتيار الطالب في كلية الهندسة، مما ألجاه إلى الهروب من أفغانستان إلى منطقة القبائل الباكستانية ومدينة بيشاور.
بدأ حكمتيار تنظيم مجموعات مسلحة من اللاجئين الأفغان بداية السبعينات لضرب الجيش الأفغاني واغتيال الشخصيات البارزة، وقد فشلت كثير من المجموعات في تحقيق أهدافها؛ مما أوقع خلافا حادا بينه وبين الشاب أحمد شاه مسعود أحد قادة المجموعات المسلحة المنضوية تحت لواء حكمتيار، واتهم مسعود، الذي أصبح فيما بعد قائدا عسكريا مشهورا للمقاتلين الأفغان، حكمتيار بالعمالة للاستخبارات الباكستانية، كما اتهم مسعود باكستان بمحاولة زعزعة استقرار أفغانستان لمنع عودة الولايات البشتونية الباكستانية إلى الوطن الأم أفغانستان.
في منتصف السبعينات من القرن الماضي انقسمت الحركة الإسلامية بعد تصاعد الخلاف بين الجناح السياسي بزعامة برهان الدين رباني والجناح العسكري بزعامة قلب الدين حكمتيار، فأسس كل واحد منهم تنظيما خاصا له؛ حيث كانت الجمعية الإسلامية الأفغانية التي غلب عليها العنصر الطاجيكي والأقليات القومية الأفغانية الأخرى بزعامة برهان الدين رباني الذي أصبح فيما بعد رئيسا لأفغانستان إلى حين الغزو الأميركي لها، فيما أصبح حكمتيار زعيما للحزب الإسلامي الأفغاني الذي غلب عليه عنصر البشتون.



كندا: نساء من السكان الأصليين يسعين لتفتيش موقع اختبارات سابق لـ«سي آي إيه»

عالم الأنثروبولوجيا فيليب بلوين والناشطتان من أقلية الموهوك كاهنتينثا وكويتييو أمام مسبح هنري ويليام مورغان في معهد ألين التذكاري في 17 يوليو 2024 في مونتريال - كندا (أ.ف.ب)
عالم الأنثروبولوجيا فيليب بلوين والناشطتان من أقلية الموهوك كاهنتينثا وكويتييو أمام مسبح هنري ويليام مورغان في معهد ألين التذكاري في 17 يوليو 2024 في مونتريال - كندا (أ.ف.ب)
TT

كندا: نساء من السكان الأصليين يسعين لتفتيش موقع اختبارات سابق لـ«سي آي إيه»

عالم الأنثروبولوجيا فيليب بلوين والناشطتان من أقلية الموهوك كاهنتينثا وكويتييو أمام مسبح هنري ويليام مورغان في معهد ألين التذكاري في 17 يوليو 2024 في مونتريال - كندا (أ.ف.ب)
عالم الأنثروبولوجيا فيليب بلوين والناشطتان من أقلية الموهوك كاهنتينثا وكويتييو أمام مسبح هنري ويليام مورغان في معهد ألين التذكاري في 17 يوليو 2024 في مونتريال - كندا (أ.ف.ب)

تأمل مجموعة من النساء من السكان الأصليين في وقف أعمال البناء في موقع مستشفى سابق في مونتريال بكندا، يعتقدن أنه قد يكشف حقيقة ما جرى لأبنائهن المفقودين عقب تجارب لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية قبل نصف قرن.

وتسعى تلك النسوة منذ عامين لتأخير مشروع البناء الذي تقوم به جامعة ماكغيل وحكومة كيبيك، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتعتمد الناشطات على محفوظات وشهادات تشير إلى أن الموقع يحتوي على قبور مجهولة لأطفال كانوا في مستشفى رويال فيكتوريا ومعهد آلان ميموريال، مستشفى الأمراض النفسية المجاور له.

في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، وخلف جدران المعهد القديم الباهتة، قامت الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) بتمويل برنامج أطلق عليه الاسم الرمزي «إم كي ألترا».

خلال الحرب الباردة كان البرنامج يهدف إلى تطوير الإجراءات والعقاقير لغسل أدمغة الناس بطريقة فعالة.

أُجريت التجارب في بريطانيا وكندا والولايات المتحدة على أشخاص، من بينهم أطفال من السكان الأصليين في مونتريال، أُخضعوا لصدمات كهرباء وعقاقير هلوسة وحرمان من الأحاسيس.

ورأت كاهنتينثا الناشطة البالغة 85 عاماً من سكان موهوك بكاناواكي جنوب غربي مونتريال، وهي شخصية رائدة في حركة حقوق السكان الأصليين سافرت إلى بريطانيا والولايات المتحدة للتنديد بالاستعمار، أن هذه الحرب «أهم شيء في حياتها».

وقالت: «نريد أن نعرف لماذا فعلوا ذلك ومن سيتحمل المسؤولية».

أعمال أثرية

في خريف 2022، حصلت الناشطات على أمر قضائي بتعليق أعمال بناء حرم جامعي جديد ومركز أبحاث في الموقع، مشروع تبلغ كلفته 870 مليون دولار كندي (643 مليون دولار أميركي).

وقالت الناشطة كويتييو (52 عاماً) إن نساء المجموعة يصررن على أن يرافعن في القضية بأنفسهن من دون محامين؛ «لأن بحسب طرقنا، لا أحد يتحدث نيابة عنا».

في الصيف الماضي، أُحضرت كلاب مدربة ومجسّات للبحث في المباني المتداعية في العقار الشاسع. وتمكنت الفرق من تحديد ثلاثة مواقع جديرة بإجراء عمليات حفر فيها.

لكن بحسب ماكغيل ومؤسسة كيبيك للبنى التحتية التابعة للحكومة، «لم يتم العثور على بقايا بشرية».

وتتهم الأمهات من شعب الموهوك الجامعة ووكالة البنى التحتية الحكومية بانتهاك اتفاقية من خلال اختيار علماء آثار قاموا بعملية البحث قبل إنهاء مهمتهم في وقت مبكر جداً.

وقال فيليب بلوان، وهو عالم أنثروبولوجيا يتعاون مع الأمهات: «أعطوا أنفسهم سلطة قيادة التحقيق في جرائم يحتمل أن يكون قد ارتكبها موظفوهم في الماضي».

ورغم رفض الاستئناف الذي قدمته الأمهات، في وقت سابق هذا الشهر، تعهدن بمواصلة الكفاح.

وقالت كويتييو: «على الناس أن يعرفوا التاريخ؛ كي لا يعيد نفسه».

تنبهت كندا في السنوات القليلة الماضية لفظائع سابقة.

فقد أُرسل أجيال من أطفال السكان الأصليين إلى مدارس داخلية حيث جُرّدوا من لغتهم وثقافتهم وهويتهم، في إطار ما عدّه تقرير الحقيقة والمصالحة في 2015 «إبادة ثقافية».

بين 1831 و1996 أُخذ 150.000 من أطفال السكان الأصليين من منازلهم ووُضعوا في 139 من تلك المدارس. وأُعيد بضعة آلاف منهم إلى مجتمعاتهم.