جهود ومساع إقليمية وأممية لمنع فشل مشاورات السلام اليمنية

وفد الحكومة يشترط إقرار الانقلابيين بـ6 مرجعيات

وزير الخارجية اليمني عبد الملك المخلافي يشرح للصحافيين في الكويت موقف وفد الشرعية من المشاورات (ا.ف.ب)
وزير الخارجية اليمني عبد الملك المخلافي يشرح للصحافيين في الكويت موقف وفد الشرعية من المشاورات (ا.ف.ب)
TT

جهود ومساع إقليمية وأممية لمنع فشل مشاورات السلام اليمنية

وزير الخارجية اليمني عبد الملك المخلافي يشرح للصحافيين في الكويت موقف وفد الشرعية من المشاورات (ا.ف.ب)
وزير الخارجية اليمني عبد الملك المخلافي يشرح للصحافيين في الكويت موقف وفد الشرعية من المشاورات (ا.ف.ب)

دخلت مشاورات السلام اليمنية – اليمنية في دولة الكويت، التي ترعاها الأمم المتحدة اليوم الجمعة، يومها الثالث من التوقف، بعد قرار وفد الحكومة اليمنية تعليق مشاركته، الثلاثاء الماضي، جراء تراجع وفد الانقلابيين عن الاتفاقات السابقة كافة التي تم التوصل إليها خلال شهر كامل من المشاورات برعاية الأمم المتحدة، في وقت تكثفت جهود الوساطة لاحتواء التداعيات الجارية في المشاورات من قبل عدد من الأطراف الراعية لعملية السلام في اليمن، بما فيها الأمم المتحدة.
ويخوض المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد معركة لمنع فشل وانهيار المشاورات، كما هي الحال بالنسبة إلى الدولة المستضيفة (الكويت) والدول الراعية لعملية السلام في اليمن؛ حيث عقد لقاءات بالأطراف في محاولة لإزالة العوائق والصعوبات التي وضعها الانقلابيون (الحوثي – صالح)، من أجل استئناف المشاورات مرة أخرى. وعقد ولد الشيخ، أمس، لقاء بوفد الحكومة اليمنية في قصر بيان، ووفقا لمصادر مقربة من المشاورات، فقد أكد الوفد رسالة سابقة وجهها إلى المبعوث الأممي؛ حيث جدد المطالبة بتثبيت «النقاط الست» أساسا صحيحا وضروريا يضمن نجاح المشاورات، وأكد الوفد أن «المطالب الستة كلها مقررات الأمم المتحدة، سواء في قرار مجلس الأمن أو النقاط الخمس أو أجندة بييل السويسرية أو الإطار العام الذي قدمه المبعوث أو الشرعية أو اللجان بمهامها التي وردت في رسالة ولد الشيخ، وليست مطالب الوفد، وبحسب ذات المصادر، فقد أكد ولد الشيخ أن «المطالب مشروعة ومنطقية، وأن كل ما ورد في رسالة الوفد إلى المبعوث كلها مطالب نتفق عليها ويتفق معنا فيها العالم»، وأنه «أشاد بصبر الوفد الحكومي وتعاطيه الإيجابي مع المشاورات طالبا المزيد من الصبر، وأنه سيبذل جهودا إضافية مع الطرف الآخر».
وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» تمسك وفد الشرعية بشرط واحد للعودة إلى المشاركة في جلسات المشاورات، وهو تنفيذ مطالبه الستة، التي جاءت عقب إعلانه تعليق مشاركته في المشاورات، الثلاثاء الماضي؛ حيث يطالب بأن يقر الانقلابيون بمطالبه الستة وهي: قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، مخرجات الحوار الوطني، تأكيد الاعتراف الكامل بالشرعية، الالتزام بأجندة مشاورات بييل في سويسرا، والنقاط الخمس، التي تحدد في ضوئها جدول الأعمال والإطار العام للمشاورات ومهام اللجان».
وتصب جهود ولد الشيخ أحمد ودولة الكويت والدول الـ18 الراعية لعملية السلام في اليمن، في اتجاه منع انهيار مشاورات السلام في اليمن، وعقد وفد الحكومة، مساء أمس، لقاء بعدد من السفراء، بينهم السفيران الأميركي والبريطاني، وتشير المعلومات الخاصة إلى أن المسألة تجاوزت مرحلة الضمانات الشخصية، وانتقلت إلى مرحلة الالتزامات الحقيقة، من أجل الدفع بالمشاورات إلى الأمام وعدم فشلها وضمان عدم تراجع وفد الانقلابيين، كما حدث خلال شهر من المشاورات.
ووفقا لمصدر مقرب من المشاورات لـ«الشرق الأوسط»، رفض الكشف عن هويته، فإن الجهود التي تبذل قد تسفر عن إقناع وفد الحكومة اليمنية بإنهاء تعليقه والعودة إلى المشاورات والجلسات، لكن المصدر تحدث عن التزامات قدمت إلى الوفد إلى الآن من قبل الوسطاء، الذين قال: «إنهم يبذلون جهودا كبيرة من أجل إعادة جلسات المشاورات بعد أن تم تعليقها من الوفد الحكومي بعد أن وصلت المشاورات إلى طريق مسدود ولم تتقدم خطوة واحدة»، واستعرض الوساطة الكويتية على أعلى مستوى، ممثلة بأمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وكذا جهود سفراء الدول الـ18.
وكان قد حض أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح المفاوضين اليمنيين على مواصلة المشاورات التي تستضيفها بلاده برعاية الأمم المتحدة، وذلك غداة تعليق الوفد الحكومي مشاركته.
ونقلت وكالة الأنباء الكويتية أن الصباح استقبل تباعا يوم الأربعاء المبعوث الخاص للأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وممثلين لوفدي حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، والميليشيات الانقلابية.
وأوضحت أن الصباح «حثهم على مواصلة المشاورات للتوصل إلى نتائج إيجابية تسهم في تحقيق السلام المنشود الذي يحفظ لليمن الشقيق أمنه واستقراره وسلامة أبنائه».
وفي الوقت الذي أعلن وزير الشؤون الخارجية العماني، يوسف بن علوي، أمس، دعم بلاده لمشاورات السلام اليمنية في الكويت، وأكد أن سلطنة عمان تبذل جهودا حثيثة للدفع بالمشاورات، فقد كشف مصدر «الشرق الأوسط» عن لقاءات أجراها مسؤولون عمانيون مع المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ، وبأن هذه اللقاءات، انصب الحديث فيها حول «مسألة تقريب وجهات النظر بين وفدي الطرفين»، مؤكدا أن «سلطنة عمان تقوم بدور الضغط على الحوثيين لتقديم تنازلات حقيقية للعودة للمشاورات».
وحول ما يجب على وفد الانقلابيين إزاء الاهتمام والرعاية الإقليمية والدولية بالوضع في اليمن، وتحديدا المشاورات، أضاف المصدر أن على وفد الانقلابيين «تقديم تنازلات حقيقية وإنقاذ المشاورات، وإلا فإن على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته أمام تعنت الانقلابيين وإصرارهم على إفشال كل الجهود المبذولة في سبيل إنقاذ المشاورات».
في سياق متصل، وفي الوقت الذي توقفت أعمال اللجان الثلاث التي انبثقت عن مشاورات السلام في الكويت، كشفت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط « عن أن شخصا جديدا انضم إلى وفد الحوثيين، وبأن هذا الشخص أحد أفراد مكتب زعيم المتمردين، عبد الملك الحوثي، وأشارت المعلومات إلى أن هذا الشخص حمل معه اشتراطات جديدة بخصوص موضوع إطلاق سراح المعتقلين، قد تعقد التفاهمات التي تم التوصل إليها الأسبوع الماضي، التي تقضي بإطلاق سراح نحو 50 في المائة من المعتقلين قبل حلول شهر رمضان المبارك، وفي مقدمتهم المشمولون بقرار مجلس الأمن الدولي 2216، وهم وزير الدفاع اللواء الركن محمود سالم الصبيحي وآخرون، وذكرت المصادر أن الاشتراطات التي جاءت من مكتب الحوثي تحاول استثناء بعض الأسماء، وبأنه وضعت عراقيل فيما يتعلق بتصنيف الأشخاص المحتجزين لدى الميليشيات الحوثية، بين أسرى ومعتقلين ومختطفين، واعتبرت المصادر أن هذه الاشتراطات «قد تعقد وتنسف التقدم الأبرز في المشاورات إلى الآن»، وهو ملف المعتقلين.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.