تونس: «النهضة» تعلن استعدادها للتحول إلى حزب مدني

«الفصل بين الدعوي والسياسي» محور مؤتمرها العاشر الذي ينطلق اليوم

تونس: «النهضة» تعلن استعدادها للتحول إلى حزب مدني
TT

تونس: «النهضة» تعلن استعدادها للتحول إلى حزب مدني

تونس: «النهضة» تعلن استعدادها للتحول إلى حزب مدني

من المتوقع أن تعلن حركة النهضة الإسلامية التونسية رسميا خلال مؤتمرها العاشر، الذي يبدأ اليوم جنوب العاصمة تونس، «الفصل بين الدعوي والسياسي» والتحول إلى «حزب مدني».
وكانت «النهضة» التي يرأسها راشد الغنوشي (74 عاما) قد فازت بأول انتخابات في تونس بعد الإطاحة مطلع 2011 بنظام زين العابدين بن علي، الذي حكم تونس لمدة 23 عاما قمع خلالها الإسلاميين، حسب عدد من المنظمات الحقوقية والمدنية والسياسيين. وقد قادت حركة النهضة من نهاية 2011 حتى مطلع 2014 حكومة «الترويكا»، وهي تحالف ثلاثي ضم مع «النهضة» حزبين علمانيين، هما «التكتل» و«المؤتمر من أجل الجمهورية».
واضطرت «الترويكا» إلى ترك السلطة لحكومة غير حزبية بهدف إخراج البلاد من أزمة سياسية حادة اندلعت إثر اغتيال اثنين من أبرز معارضي الإسلاميين، ومقتل عناصر من قوات الأمن والجيش في هجمات جماعات متطرفة. وفي 2014 خسرت «النهضة» في الانتخابات التشريعية التي فاز بها حزب «نداء تونس»، الذي أسسه الرئيس الباجي قائد السبسي في 2012 بهدف الوقوف في وجه الإسلاميين، وخلق «توازن سياسي» مع حركة النهضة.وفي هذا السياق، قال حمزة المؤدب، الباحث بالمعهد الجامعي الأوروبي في فلورنسا (إيطاليا)، لوكالة الصحافة الفرنسية: «(النهضة) هي من دون شك لاعب أساسي في الساحة السياسية التونسية. وقد ظلت الحركة موحدة وحافظت على تماسكها رغم المصاعب والانقسامات الموجودة داخلها».
ويفتتح المؤتمر العاشر للحركة أشغاله اليوم في رادس قرب العاصمة تونس، وسيواصل نحو 1200 من المؤتمرين أشغالهم غدا السبت وبعد غد الأحد في الحمامات (60 كلم جنوب العاصمة). ومن المنتظر إعادة انتخاب راشد الغنوشي رئيسا للحركة، مثلما حدث في آخر مؤتمر سنة 2012. وبهذا الخصوص قال مصدر دبلوماسي أوروبي إنه «لا يوجد أحد لخلافة الغنوشي. والمسألة لم تطرح بعد».
من جهته، أفاد راشد الغنوشي في حوار معه نشرته جريدة «لوموند» الفرنسية أمس: «نخرج من الإسلام السياسي لندخل في الديمقراطية المُسْلمة. نحن مسلمون ديمقراطيون، ولا نعرّف أنفسنا بأننا (جزء من) الإسلام السياسي».
وأضاف الغنوشي موضحا: «نحن نؤكد أن (النهضة) حزب سياسي، ديمقراطي ومدني له مرجعية قيم حضارية مسلمة وحداثية.. ونحن نتجه نحو حزب يختص فقط في الأنشطة السياسية». وتابع موضحا: «نريد أن يكون النشاط الديني مستقلا تماما عن النشاط السياسي. فهذا أمر جيد للسياسيين لأنهم لن يكونوا مستقبلا متهمين بتوظيف الدين لغايات سياسية. وهو جيد أيضا للدين حتى لا يكون رهين السياسة وموظفا من قبل السياسيين».
وبحسب نتائج استطلاع للرأي أجراه مؤخرا معهد «سيغما» التونسي بالتعاون مع مؤسسة «كونراد أديناور» الألمانية و«المرصد العربي للأديان»، فإن 73 في المائة من التونسيين يؤيدون «فصل الدين عن السياسة».وفي هذا السياق، قال عبد الحميد الجلاصي، نائب رئيس حركة النهضة: «في زمن الديكتاتورية كان المقاومون (المنتمون للنهضة) يمارسون السياسة في كل المجالات»، مثل الدفاع عن حقوق الإنسان والنقابات والكشافة، لكن بعد الثورة «لم تعد هناك ضرورة للتخفي أو القيام بالسياسة بشكل سري».
من جانبه، قال حمزة المؤدب إنه «بعد هذا المؤتمر، لن تكون هناك حركة النهضة التي بنيت في السابق على نموذج إخواني (نسبة إلى الإخوان المسلمين)، مع فروع ناشطة في العمل الاجتماعي والتربوي والخيري والديني والسياسي. ولن يكون هناك إلا حزب النهضة، الحزب الذي يريد أن يكون مدنيا وديمقراطيا مع الحفاظ على المرجعية الإسلامية».
وبحسب المصدر الدبلوماسي الأوروبي، فإن الفصل بين الدعَوي والسياسي يهدف إلى «إخراج عدد من الجمعيات من حضن (النهضة)، وإلى عدم عقد (الحركة) اجتماعات سياسية حول مسائل مجتمعية وثقافية أو دينية». وأضاف المصدر أن «لدى الغنوشي شبه هاجس بإقناع الشركاء الغربيين بأن (النهضة) ليست الإخوان المسلمين».
لكن لا تثق وسائل إعلام وأحزاب معارضة علمانية في تونس بتصريحات قياديي حركة النهضة المتعلقة بتحويلها إلى حزب مدني بعد مؤتمرها العاشر؛ إذ تعد هذه الأوساط حركة النهضة جزءا من «جماعة الإخوان المسلمين»، في حين تنفي «النهضة» ذلك باستمرار وتقول إنها حزب تونسي ذو مرجعية إسلامية.
وقال موقع «حقائق أونلاين» التونسي أمس: «ينظر المتابعون للشأن السياسي إلى هذا المؤتمر بنوع من الشّغف والرّيبة في آن واحد؛ الشّغف بسبب معسول الكلام الذي يروِّجه قادتها في الصحف وفي كل البرامج التلفزيونية والإذاعيّة، والرّيبة بالنظر إلى تاريخ الحركة المتلوّنة بتلوّن الظروف السياسيّة والأوضاع الإقليميّة».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».