صندوق النقد الدولي: «رؤية 2030» تحول جريء للاقتصاد السعودي

تيم كالين رئيس بعثته: نرحب بإجراءات هيئة سوق المال لجذب الاستثمار الأجنبي

يتوقع خبراء صندوق النقد نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للسعودية بنحو 1.2 % هذا العام   (رويترز)
يتوقع خبراء صندوق النقد نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للسعودية بنحو 1.2 % هذا العام (رويترز)
TT

صندوق النقد الدولي: «رؤية 2030» تحول جريء للاقتصاد السعودي

يتوقع خبراء صندوق النقد نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للسعودية بنحو 1.2 % هذا العام   (رويترز)
يتوقع خبراء صندوق النقد نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للسعودية بنحو 1.2 % هذا العام (رويترز)

رحب صندوق النقد الدولي من جديد بالإصلاحات التي تقوم بها المملكة العربية السعودية لتنفيذ «رؤية 2030» لتنويع الاقتصاد السعودي، وجذب الاستثمارات الأجنبية.
وأشادت بعثة صندوق النقد لعقد مشاورات المادة الرابعة مع المسؤولين السعوديين، بالخطط الخاصة بخفض الإنفاق للتعامل مع العجز في الموازنة العامة الناجم عن انخفاض أسعار النفط.
وقال تيم كالين، رئيس بعثة الصندوق لعقد المناقشات السنوية لمشاورات المادة الرابعة: إنه «منذ بعثة التشاور السابقة في عام 2015، كان هناك تسارع كبير في وتيرة الإصلاحات في المملكة العربية السعودية» وأضاف: «(رؤية 2030) تعد تحولا جريئا وبعيد المدى للاقتصاد السعودي لتنويع النمو، والحد من الاعتماد على النفط، وزيادة دور القطاع الخاص، وخلق المزيد من فرص العمل للمواطنين».
وطالب رئيس بعثة صندوق النقد الدولي بتحديد الكيفية التي سيتم بها تحقيق هذه الأهداف والسياسات الداعمة عند الإعلان عنها في الأشهر المقبلة لضمان نجاحها، وقال: «سوف نحتاج إلى تحديد الأولويات بشكل صحيح، وأن يكون التسلسل بوتيرة مناسبة، حتى يتم تقييم دقيق للإصلاحات».
وأضاف كالين «الانخفاضات في أسعار النفط تؤثر في الاقتصاد السعودي»، ويتوقع خبراء صندوق النقد نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 1.2 في المائة هذا العام انخفاضا من 3.5 في المائة في عام 2015، وقد أدى انخفاض إيرادات النفط إلى العجز في الحساب الجاري والعجز المالي، الذي من المتوقع أن يصل إلى 14.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، على التوالي خلال 2016.
وأكد كالين، أنه رغم التأثير السلبي لانخفاضات أسعار النفط في الناتج المحلي الإجمالي السعودي، فإنه أشاد بالاحتياطي العالي لدى الحكومة السعودية، وقال: «تبقى الموجودات المالية المحتفظ بها من قبل الحكومة عالية، وتوفر قدرا كبيرا من الراحة»، وأوضح، أن تراجع الودائع المصرفية بسبب تشديد شروط السيولة، والارتفاع في أسعار الفائدة بين البنوك لم تُؤثر بعد في نمو الائتمان.
وقد قاد تيم كالين المشاورات مع المسؤولين السعوديين في الفترة من الأول إلى الثاني عشر من مايو (أيار) الحالي.
وتستند «رؤية 2030» التي أعلنها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الشهر الماضي، إلى تقليل الاعتماد على صادرات النفط على مدى السنوات الخمس عشرة المقبلة، مع خفض الدعم وزيادة الضرائب، وخصخصة بعض أصول الدولة والقيام بإصلاحات لزيادة كفاءة القطاع الخاص.
وقال البيان الصادر عن بعثة مشاورات المادة الرابعة لصندوق النقد الدولي، أمس: «إن زيادة دور القطاع الخاص في الاقتصاد، على النحو المتوخى في (رؤية 2030)، والخصخصة والشراكات بين القطاعين العام والخاص، والإصلاحات لتعزيز بيئة الأعمال لجذب الاستثمار الأجنبي، وتشجيع تطوير أسواق رأس المال، سيكون أمرا مهما».
وأضاف البيان: إن «التدابير الأخيرة التي أعلنت عنها هيئة سوق المال (تداول) هي موضع ترحيب، وستحتاج الإصلاحات أيضا إلى التركيز على زيادة جاذبية وظائف القطاع الخاص وريادة الأعمال للسعوديين، وزيادة جذب المواطنين السعوديين للعمل في القطاع الخاص».
ورحب خبراء صندوق النقد الدولي بإجراءات ضبط السياسة المالية لتتناسب مع انخفاض أسعار النفط، وإجراءات السيطرة على الإنفاق الحكومي والتعديلات في أسعار الطاقة التي تم تنفيذها، وأشاد الخبراء بالإجراءات التي تقوم بها الحكومة السعودية لوضع آليات لتعزيز المساءلة، وتحسين كفاءة الإنفاق من خلال إدخال مؤشرات الأداء الرئيسية للوزارات، وإنشاء مكتب لإدارة المشاريع الوطنية، وزيادة التدقيق في المشاريع الرأسمالية الجديدة.
وأوضح خبراء صندوق النقد الدولي، أن القيام بإجراءات لتصحيح أوضاع المالية العامة تدريجيا يعد قضية كبيرة، ويحتاج إلى مواصلة العمل بهدف تحقيق ميزانية متوازنة على المدى المتوسط.
وقال الخبراء «ينبغي أن يشمل هذا التعزيز المالي مزيدا من التعديلات في أسعار الطاقة المحلية، والسيطرة على النفقات، والمزيد من الارتفاع في الإيرادات غير النفطية، والمضي قدما في إجراءات ضريبة القيمة المضافة وتدابير ضريبية أخرى مهمة».
وقال الخبراء: «إن سياسة الحكومة باستخدام مزيج من عمليات السحب من الودائع وإصدار الديون الدولية والمحلية لتمويل العجز المالي غير مناسبة»، لكنهم أشادوا بإنشاء مكتب إدارة الديون (DMO) وعدّوه خطوة إيجابية، ونصحوا بأن يكون ذلك مصحوبا برفع الكفاءة القائمة على السوق لإصدار سندات الدين، ورحب الخبراء أيضا بإنشاء وحدة المالية الكلية (MFU) وبالخطط المتعلقة ببيع حصة في شركة «أرامكو» وإعطاء دور أكبر لصندوق الاستثمارات العامة، مطالبين بتعزيز الشفافية ودمجها في إطار مالي.
ونصح خبراء بعثة صندوق النقد الدولي المملكة بالقيام بإصلاحات أخرى للإطار المالي، بما يضع ميزانية سنوية في إطار متوسط الأجل، ويؤسس لأن تكون أهداف السياسة المالية لدعم التكيف المالي بشكل واضح.
وحول أداء القطاع المصرفي السعودي، أكد خبراء صندوق النقد، أن القطاع المصرفي في وضع قوي وجيد في مواجهة تباطؤ وتيرة النمو، وأشاروا إلى أن استمرار ربط سعر الصرف بالدولار الأميركي يعد مفيدا في خدمة اقتصاد المملكة العربية السعودية.



«ستاندرد آند بورز» تحذر من تأثير السياسات الأميركية على اقتصادات أوروبا الوسطى

يزور الناس سوق عيد الميلاد في وسط مدينة بودابست بالمجر (رويترز)
يزور الناس سوق عيد الميلاد في وسط مدينة بودابست بالمجر (رويترز)
TT

«ستاندرد آند بورز» تحذر من تأثير السياسات الأميركية على اقتصادات أوروبا الوسطى

يزور الناس سوق عيد الميلاد في وسط مدينة بودابست بالمجر (رويترز)
يزور الناس سوق عيد الميلاد في وسط مدينة بودابست بالمجر (رويترز)

أفادت وكالة «ستاندرد آند بورز»، الخميس، بأن التصنيفات الائتمانية لأوروبا الوسطى، التي تحمل أغلبها نظرة مستقرة أو إيجابية، تتمتع بمرونة كبيرة، ولكن الطريقة التي ستتبعها الإدارة الأميركية الجديدة في الوفاء بوعودها الانتخابية قد تشكل تحدياً.

وفي تقرير بعنوان: «آفاق التصنيف السيادي لأوروبا الوسطى والشرقية لعام 2025»، قالت الوكالة إنه في ظل بعض السيناريوهات، قد تؤدي التعريفات التجارية الأميركية الأعلى على الاتحاد الأوروبي، وارتفاع حالة عدم اليقين بشأن الحرب بين روسيا وأوكرانيا إلى عرقلة نمو أوروبا الوسطى نتيجة تراجع الطلب الخارجي من أوروبا الغربية. وتعد كل من جمهورية التشيك والمجر وسلوفاكيا من البلدان الأكثر تأثراً بسبب الروابط العميقة مع قطاع السيارات الألماني، وقواعد تصنيع العلامات التجارية الألمانية. ومن المرجح أن تتأثر بولندا، أكبر اقتصاد في المنطقة، بشكل أقل بفضل اعتمادها المحدود على الصادرات وتنويع اقتصادها.

وقالت كارين فارتابيتوف، المحللة الرئيسة في وكالة التصنيف السيادي لأوروبا الوسطى والشرقية ورابطة الدول المستقلة، لـ«رويترز»: «التصنيفات مرنة للغاية. يمكن اختبار خطوط الأساس لدينا من خلال الطريقة التي تفي بها الإدارة الأميركية الجديدة بوعودها قبل الانتخابات». وأضافت: «قد تكون التأثيرات غير المباشرة من خلال الضعف في أوروبا المتقدمة، بما في ذلك ألمانيا، كبيرة للغاية. رغم أن خط الأساس يشير إلى مرونة التصنيفات، فإن عدم اليقين بشأنه قد زاد إلى حد ما».

وأوضحت فارتابيتوف أنه إذا كان الطلب المحلي الألماني مرناً، فمن غير المرجح أن تتأثر الصادرات البولندية بشكل كبير مقارنة بدول وسط أوروبا الأخرى، مثل المجر أو جمهورية التشيك، التي توجه صادراتها بشكل أكبر نحو قطاع السيارات.

وتتمتع بولندا، أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي خارج منطقة اليورو، أيضاً بأعلى نسبة من الإنفاق الدفاعي مقارنة بالناتج الاقتصادي بين دول حلف شمال الأطلسي، مما يجعلها أقل عُرضة لدعوات الرئيس المنتخب دونالد ترمب لزيادة الإنفاق الدفاعي.

وقال توني هوش، رئيس غرفة التجارة الأميركية في بولندا: «بولندا في وضع أفضل سياسياً واقتصادياً بالنسبة لأي تغييرات قد تطرأ نتيجة لإدارة ترمب الجديدة تجاه أوروبا». وأضاف: «سوف تتأثر إذا واجهنا مضاعفات تجارية، ولكن بشكل أقل من كثير من البلدان الأخرى، وربما بشكل أقل بكثير في بعض الحالات».

ومع ذلك، قد تتعطل القصة الإيجابية لبولندا في حال حدوث ركود حاد في الاقتصاد الألماني المجاور، وهذا يعتمد على تطورات الحرب في أوكرانيا. وقد حذّر بعض المستثمرين من أن هذين العاملين يشكلان مخاطر رئيسة.

نظرة بناءة

ورغم هذه التحديات، قالت فارتابيتوف إن «ستاندرد آند بورز» تحتفظ بنظرة بناءة بشكل عام بشأن توقعات النمو في أوروبا الوسطى، باستثناء أي صدمات خارجية كبيرة أو تصعيد في التوترات التجارية العالمية، والتي قد تعرقل مسارات النمو العالمية والأوروبية.

وأضافت: «في خط الأساس لدينا، ستظل أوروبا الوسطى والشرقية واحدة من أسرع المناطق نمواً في العالم، وعلى الرغم من التحديات المرتبطة بالتركيبة السكانية، فإننا نتوقع أداء نمو معقول على المدى المتوسط».

وتتوقع «ستاندرد آند بورز» أن يتسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي في أوروبا الوسطى إلى 2.8 في المائة خلال العام المقبل من 2 في المائة عام 2024، مدفوعاً بزيادة الإنفاق الاستهلاكي والاستثمارات بفضل الأموال الأوروبية.

وقالت فارتابيتوف إن البنوك المركزية في بولندا والمجر من المرجح أن تستأنف خفض أسعار الفائدة العام المقبل، على الرغم من أنّ كلاً من تقلبات العملة والتضخم الثابت في جميع أنحاء المنطقة قد خلق «خلفية صعبة للغاية» لصنّاع السياسات.

كما أضافت أن المشهد السياسي المتفتت بعد الانتخابات في رومانيا من المرجح أن يعقد جهود الحكومة في كبح العجز الكبير في الموازنة، الذي يبلغ نحو 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو الهدف الذي تسعى رومانيا لتحقيقه على مدار سبع سنوات.

وقالت فارتابيتوف: «كما رأينا في بعض البلدان، يشكل خطر الائتلافات الحاكمة المتفتتة تهديداً لسياسات مالية أكثر مرونة».

وأوضحت: «في خط الأساس لدينا، نتوقع توحيداً تدريجياً في الأمد المتوسط، بدعم من توقعات نمو معقولة والجهود السياسية، لكن المخاطر التي تهدد هذا الخط الأساسي لا تزال قائمة. لدى رومانيا سجل حافل بنتائج مالية أضعف مقارنة بالأهداف المحددة».