جهود لتجنيد اللوبي اليهودي الأميركي من أجل إقناع واشنطن بدعم استقلال كردستان

وفد كردي في إسرائيل ومحاولات لتجنيد الإعلام العبري في هذه المهمة

جهود لتجنيد اللوبي اليهودي الأميركي من أجل إقناع واشنطن بدعم استقلال كردستان
TT

جهود لتجنيد اللوبي اليهودي الأميركي من أجل إقناع واشنطن بدعم استقلال كردستان

جهود لتجنيد اللوبي اليهودي الأميركي من أجل إقناع واشنطن بدعم استقلال كردستان

يزور إسرائيل في هذه الأيام وفد من كردستان العراق، ويلتقي قادة الجالية الكردية اليهودية فيها، وعددا من المسؤولين في الحكومة ووزارة الخارجية.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن زيارة هذا الوفد وغيره من وفود سابقة، تأتي ضمن جهود تقوم بها سلطات كردستان العراق لكسب تأييد إسرائيل ومن خلالها اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، بغية تغيير موقف الإدارة الأميركية وجعلها تؤيد استقلال كردستان. مع العلم بأن الحكومة الإسرائيلية كانت قد أعربت عن تأييدها هذا الاستقلال، ويتوخى قادة كردستان أن يتم التقدم في هذا الموقف من التأييد اللفظي إلى المساعدة العملية على تغيير موقف واشنطن.
وقال مصدر في إحدى مؤسسات اليهود الأميركيين في إسرائيل، إن وفودا من أكراد العراق عقدت عدة لقاءات حتى الآن مع قادة اللوبي اليهودي في واشنطن من أجل هذه الغاية، لكن النتائج لا تبشر بإحداث تغيير حتى الآن، ولذلك لجأوا إلى إسرائيل لكي تساعد في الموضوع. وأضاف هذا المصدر، في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن أكراد العراق لا يجدون الوضع في العراق اليوم يتيح لهم العيش في ظروف ملائمة لطموحاتهم. لذلك يرون هذا الوقت هو الأفضل لتحقيق الاستقلال. ولكنهم يدركون أن هذه مهمة غير سهلة على الإطلاق، حيث إن الدول التي تعد مفاتيح أساسية في المنطقة تعارض استقلالهم، بدءا بحكومة العراق نفسها وحتى تركيا وإيران وكذلك الولايات المتحدة. بل هم يتوقعون أسوأ السيناريوهات في حال اتخاذهم قرار الاستقلال من دون دعم الولايات المتحدة ومن دون اتفاق مع الأطراف المعنية، مثل تخفيض حجم العلاقات التجارية، وتصدير النفط، وحتى قطع الكهرباء (من تركيا). ويقول: إيران أعلنت أنها تؤيد العراق موحدا، الولايات المتحدة تطرح الموقف نفسه، وتركيا تتعاطى مع الموضوع مثلما تتعاطى إسرائيل مع الفلسطينيين، حيث تعد الدولة الكردية المستقلة تهديدا أمنيا وقوميا لها.
ومن اللافت للنظر أن وزارة الأديان في إقليم كردستان العراق أقامت دائرة خاصة باليهود، عين لرئاستها شرزار ماساني، الذي زار مؤخرا، واشنطن طالبا مساعدة مالية من أجل تمويل الحرب التي يخوضها الأكراد ضد «داعش». ولكن في الوقت نفسه من أجل جس النبض حول إقامة الدولة المستقلة. وقد التقى أيضا ممثلي اللوبي اليهودي في واشنطن.
ويبذل المسؤولون في أربيل جهودا غير مألوفة لكسب ود اليهود الأميركيين والإسرائيليين، في سبيل تجنيدهم لإقناع واشنطن. ففي الأسبوع الماضي، أقيمت في عاصمة الإقليم، للمرة الأولى، مراسيم لإحياء ذكرى المحرقة النازية لليهود. وقد شارك في هذه المراسيم ممثلون من القنصلية الروسية والأميركية والفرنسية إلى جانب ممثلين من الأرمن، حيث أشعلوا معا ست شمعات لذكرى الملايين الستة من اليهود الذين قتلوا في المعسكرات النازية. وللمرة الأولى أيضا قام الممثلون باعتمار القبعات الدينية اليهودية. وعلى الرغم من وجود خلاف حول عدد اليهود الذين يعيشون في الإقليم الكردي، فإن الإدارة الكردية قررت إقامة قسم خاص لليهود في الوزارة مثل باقي الأقسام التي تعالج الأقليات الدينية. وحسب التقارير في وسائل الإعلام الكردية، فإن هناك عدة آلاف من أحفاد اليهود في إقليم كردستان، أغلبيتهم اعتنقوا الإسلام أو أخفوا يهوديتهم على مدى عشرات السنين. وفي المقابل يعتقد باحثون إسرائيليون أنه لم يبقَ يهود في كردستان، لكن هذا الخلاف لا يمنع مريافن بقشبندي من القول إنه ينوي إقامة كنيس وإعادة إعمار الحي اليهودي في أربيل.
وحسب الخبير في الشؤون العربية والشرق أوسطية، دكتور تسفي برئيل، الذي تمت دعوته مؤخرا بزيارة أربيل، فإن مجرد التصريح، حتى لو لم يطبق، فإنه يعد رسالة مهمة، لكن في الوقت نفسه يخاف المواطنون الأكراد، من أنه إذا بدأت جالية يهودية بالنشوء في الإقليم، فستخوض صراعا من أجل إعادة الأملاك اليهودية لأصحابها، بعض بيوت اليهود أعطي لسكان أكراد وبعضها الآخر أعطي أو بيع للسكان الذين يسكنون فيه منذ عشرات السنين.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم