الروس يتجهون نحو «تقشف إجباري» بعد أن لفحهم «لهيب الأسعار»

مخاوف في موسكو من عودة النفط إلى مستويات يناير بسبب الصين

الروس يتجهون نحو «تقشف إجباري» بعد أن لفحهم «لهيب الأسعار»
TT

الروس يتجهون نحو «تقشف إجباري» بعد أن لفحهم «لهيب الأسعار»

الروس يتجهون نحو «تقشف إجباري» بعد أن لفحهم «لهيب الأسعار»

في الوقت الذي لامس فيه سعر «مزيج برنت» حدود 50 دولارًا للبرميل لأول مرة منذ خريف عام 2015، وفي ظل توقعات بأن تواصل أسواق النفط انتعاشها، حذر ماكسيم أوريشكين، نائب وزير المالية الروسية من أن يؤدي تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني إلى تراجع أسعار النفط مجددًا، وهبوطها إلى المستويات التي كانت عليها مطلع العام الحالي، حيث هبط سعر برميل النفط في منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي إلى ما دون 28 دولارًا للبرميل، لكن السعر تراوح بشكل عام حينها بين 30 و40 دولارا للبرميل.
وبناء على توقعاته هذه، شدد نائب وزير المالية الروسي في مداخلته أمس خلال منتدى «كريدي سويس» على أهمية «أخذ هذه المخاطر بالحسبان خلال صياغة السياسة الاقتصادية»، معربا عن قناعته بعدم إمكانية تجاهل هذه المعطيات، ومشددًا على أهمية أخذ مخاطر دخول الاقتصاد الصيني مرحلة الركود في الحسبان.
أما بالنسبة للاقتصاد الروسي، فيرى أوريشكين أنه سيتأثر بـ«درجة أقل بكثير» من اقتصاد الدول الأخرى، بحال دخل الاقتصاد الصيني في مرحلة سلبية، لافتًا إلى أن روسيا «قد أدخلت خلال العامين الماضيين تعديلات جدية في المجال الاقتصادي، ستساعد على مواجهة الوضع إذا حدثت موجة جديدة من المشكلات الاقتصادية العالمية»، حسب قوله.
ولم يكن نائب وزير المالية الروسي وحده الذي حذر من عواقب تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني وتأثيرها على أسعار النفط، فضلا عن تأثيرها على الاقتصاد الروسي؛ إذ انضمت إليه في توقعاته هذه كسينيا يودايفا، نائبة مديرة البنك المركزي الروسي، التي أشارت إلى أن «تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني بقدر (نقطة واحدة أساس)؛ سينعكس في تباطؤ الاقتصاد الروسي بقدر 0.5 نقطة أساس»، محذرة من أن هذا سيعني تباطؤ الاقتصاد الروسي بمقدار نصف تباطؤ الاقتصاد الصيني «إذا لم تغير روسيا نهج سياستها الاقتصادية».
ورأت يودايفا أن أي تقلبات في الاقتصاد الصيني لن تؤثر على روسيا فحسب، بل ستنعكس بصورة واضحة على نمو الاقتصاد العالمي ككل، لذلك «يراقب البنك المركزي الروسي الوضع بصورة مستمرة ويضع تقييماته، ويتخذ التدابير الضرورية للحفاظ على الاستقرار المالي في روسيا».
في غضون، ذلك واصلت مراكز الدراسات والمسح عرض التغيرات التي طرأت على نمط السلوك الاقتصادي - المالي للمواطنين الروس، بعد أن تأثر مستوى دخلهم بصورة مباشرة بالأزمة التي عصفت بالاقتصاد الروسي نتيجة العقوبات الاقتصادية الغربية وتراجع أسعار النفط.
وفي هذا الشأن، أشارت نتائج استطلاع للرأي العام أجراه مؤخرًا «مركز عموم روسيا لدراسة الرأي العام»، إلى أن نسبة المواطنين الروس الذين يرون ضرورة تخفيض نفقاتهم اليومية قد ارتفعت إلى مستويات قياسية منذ ربيع عام 2015، وبلغت 66 في المائة. بينما يرى 24 في المائة من المواطنين الروس الذين شملهم استطلاع الرأي أنه لا حاجة للحد من الإنفاق اليومي، ويتفق معهم بذلك 30 في المائة من المواطنين ذوي الدخل المرتفع الذين يفضلون استثمار المدخرات المالية في أمر ما يحافظ على قيمته مثل الذهب أو العقارات وغيرهما، وبالنسبة للدخل الشهري من معاشات أو معاشات تقاعدية فيرى هؤلاء أنه من الأفضل إنفاقه على المشتريات اليومية الضرورية.
وفي مسح آخر أجراه أيضًا «مركز عموم روسيا لدراسة الرأي العام»، أشار 77 في المائة من المواطنين الروس إلى أنهم يشعرون بارتفاع أسعار الخضراوات والفاكهة، بينما قال 40 في المائة إنهم يشعرون بارتفاع ملموس (كبير) في أسعار تلك المواد. بالنسبة للحوم، فقد لمس 68 في المائة من المواطنين الروس ارتفاع أسعارها، ويرى 30 في المائة منهم أن اللحوم قد ارتفعت أسعارها بشكل ملموس (ارتفاع كبير). كما شعر 70 في المائة بارتفاع أسعار الحليب ومشتقاته، وشعر 58 في المائة بارتفاع أسعار الحبوب والمعكرونة، أما الخبز، المادة الغذائية الأهم، فقد شعر 63 في المائة من المواطنين الروس بارتفاع أسعاره.
ويرى الخبراء أن هذا الوضع في مجال أسعار المواد الغذائية نتيجة طبيعية للأزمة التي يشهدها الاقتصاد الروسي والتي لا تقتصر مسبباتها على تراجع سعر العملة الوطنية متأثرة بهبوط سعر النفط، بل وتؤثر على تلك السوق بصورة رئيسية العقوبات التي فرضتها روسيا على دول الغرب، ردًا على العقوبات الغربية، وحظرت بموجبها دخول جملة واسعة من المواد الغذائية، تشمل اللحوم والحليب ومشتقاته وأنواعا من الفاكهة والخضراوات، إلى الأسواق الروسية. هذا في الوقت الذي تراجع فيه دخل المواطن الروسي، مما أدى بدوره إلى تراجع القدرة الشرائية لدى غالبية المواطنين الروس.



النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
TT

النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)

ارتفعت أسعار النفط قليلاً يوم الجمعة متجهة صوب تسجيل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مع تفاقم المخاوف بشأن الإمدادات بسبب عقوبات إضافية على إيران وروسيا في حين أثرت توقعات الفائض على الأسواق.

وزادت العقود الآجلة لخام برنت 28 سنتاً أو 0.38 في المائة إلى 73.69 دولار للبرميل بحلول الساعة 14.08 بتوقيت غرينتش، وارتفعت عقود خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 30 سنتاً أو 0.43 بالمائة إلى 70.32 دولار للبرميل.

واتجه الخامان صوب تسجيل مكاسب أسبوعية بأكثر من ثلاثة في المائة بفعل مخاوف من اضطراب الإمدادات بعد فرض عقوبات أشد على روسيا وإيران، وكذلك آمال بأن تعزز إجراءات التحفيز الصينية الطلب في ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم.

ومن المتوقع أن تظل واردات الخام للصين، وهي أكبر مستورد في العالم، مرتفعة حتى أوائل عام 2025، إذ تميل المصافي لزيادة الإمدادات من السعودية، أكبر مُصدر في العالم، بسبب انخفاض الأسعار بينما تسارع المصافي المستقلة إلى استغلال حصصها.

ورفعت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري عن سوق النفط توقعاتها لنمو الطلب إلى 1.1 مليون برميل يومياً، من 990 ألف برميل يومياً في الشهر الماضي. وقالت إن نمو الطلب «سيكون إلى حد كبير في الدول الآسيوية بسبب تأثير إجراءات التحفيز الأحدث في الصين».

ومع ذلك، توقعت الوكالة فائضاً في العام المقبل، عندما كان من المتوقع أن تزيد الدول غير الأعضاء في تحالف أوبك بلس الإمدادات بنحو 1.5 مليون برميل يومياً، بقيادة الأرجنتين والبرازيل وكندا وجيانا والولايات المتحدة. ويراهن المستثمرون على خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) تكاليف الاقتراض الأسبوع المقبل على أن يُتبع ذلك بتخفيضات أخرى العام القادم بعد أن أظهرت بيانات اقتصادية ارتفاعاً غير متوقع في طلبات إعانة البطالة الأسبوعية.

وبالتزامن، ذكرت «بلومبرغ نيوز»، يوم الجمعة، أن الإمارات تعتزم خفض شحنات النفط في أوائل العام المقبل وسط مساعي مجموعة أوبك بلس لانضباط أقوى في تلبية أهداف الإنتاج.

وذكر التقرير أن شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) خفضت شحنات النفط الخام المخصصة لبعض العملاء في آسيا، مما قلص الأحجام بنحو 230 ألف برميل يومياً عبر درجات الخام المختلفة، وذلك نقلاً عن شركات لديها عقود لتلقي الشحنات.

من جهة أخرى، قال متعاملون ومحللون إن سعر النفط الخام الإيراني للصين ارتفع إلى أعلى مستوى منذ سنوات بسبب عقوبات أميركية إضافية أثرت على قدرات الشحن ورفعت تكاليف الخدمات اللوجيستية.

ويؤدي ارتفاع أسعار النفط الإيراني والروسي إلى زيادة التكاليف على المصافي الصينية المستقلة التي تمثل نحو خمس الطلب في أكبر سوق مستوردة للخام في العالم، مما يسلط الضوء على تحديات محتملة في ظل توقعات بأن تزيد إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب الضغوط على طهران عندما تتولى السلطة.

وأوضح متعاملون أن بعض المصافي تتحول إلى إمدادات غير خاضعة لقيود العقوبات، بما في ذلك من الشرق الأوسط وغرب أفريقيا، لتلبية الطلب الموسمي في الشتاء وقبل رأس السنة القمرية الجديدة.

وانخفضت الخصومات على الخام الإيراني الخفيف لنحو 2.50 دولار للبرميل مقابل خام برنت في بورصة إنتركونتيننتال على أساس تسليم ظهر السفينة في ميناء الوصول للصين، وذلك مقارنة بخصومات أقل من أربعة دولارات في أوائل نوفمبر. وقال متعاملون إن الخصومات على الخام الإيراني الثقيل تقلصت أيضاً إلى نحو أربعة إلى خمسة دولارات للبرميل من نحو سبعة دولارات في أوائل نوفمبر.

وترتفع أسعار الخام الإيراني منذ أكتوبر (تشرين الأول) عندما انخفضت صادرات الدولة العضو في «أوبك» في أعقاب مخاوف من هجوم إسرائيلي على منشآت نفط إيرانية.

وأفادت المصادر وبيانات الشحن من مجموعة بورصات لندن بأن تشديد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للعقوبات على طهران الأسبوع الماضي أدى إلى توقف بعض السفن التي تنقل الخام الإيراني عبر ناقلات أخرى إلى الصين قبالة سواحل سنغافورة وماليزيا.

وأظهرت بيانات كبلر لتتبع السفن أن واردات الصين من النفط الخام والمكثفات الإيرانية انخفضت في نوفمبر بنحو 524 ألف برميل يومياً إلى أدنى مستوى في أربعة أشهر عند 1.31 مليون برميل يومياً مقارنة بالشهر السابق.

وأظهرت بيانات الشحن من مجموعة بورصات لندن أن عدداً من ناقلات النفط الخام العملاقة الخاضعة للعقوبات تبحر قبالة سواحل ماليزيا. وأوضحت البيانات أن ناقلة نفط خاضعة للعقوبات أبحرت من الصين يوم الجمعة. وقالت مصادر تجارية إن الناقلة أفرغت حمولتها في ميناء ريتشاو بمقاطعة شاندونغ.

وقال محللون إن أسعار النفط الإيراني تلقت دعما جزئياً من تعافي الطلب في الصين مع شراء المصافي المستقلة المزيد من الخام بعد الحصول على حصص استيراد إضافية من الحكومة وزيادة إنتاجها من الوقود قليلاً.