ادخار الطاقة أفضل وسيلة للتعايش مع «متلازمة التعب المزمن»

ادخار الطاقة أفضل وسيلة للتعايش مع «متلازمة التعب المزمن»
TT

ادخار الطاقة أفضل وسيلة للتعايش مع «متلازمة التعب المزمن»

ادخار الطاقة أفضل وسيلة للتعايش مع «متلازمة التعب المزمن»

كانت كل حركة موجعة. إديلجارد كلاسينج لم تستطع حتى الجلوس على كرسي، أو تمسك بملعقة أو ترفع ذراعيها دون الشعور بالإرهاق أو ألم شديد في ذراعيها وساقيها.
وتقول كلاسينج: «قد يتولي زوجي إطعامي أو أزحف للوصول إلى المرحاض، لأنني ببساطة لا أملك القوة للمشي».
في سن الخامسة والثلاثين، كانت طريحة الفراش لأكثر من عام ونصف عام، وقت أطول من المعتاد بالنسبة لشخص مصاب بالحمى الغدية. وفقط في وقت لاحق رأى الطبيب أنها قد تكون منهكة بشكل مزمن، أو مصابة بمتلازمة التعب المزمن (سي إف إس).
ويوضح أخصائي المناعة فيلفريد بيجر: «يرد التفكير في الإصابة بمتلازمة التعب المزمن، عندما يرى الشخص قصورًا في قدرته على القيام بالمهام اليومية بنسبة 50 في المائة أو أكثر، ويجب أن تستمر محدودية قدرة الأداء لستة أشهر على الأقل».
بالإضافة إلى الإرهاق المنهك للقوى، فإن الذين يعانون من متلازمة التعب المزمن يجدون صعوبة في النوم، والتركيز والتذكر. كما يعانون من آلام في المفاصل والرقبة والرأس والعضلات.
ولا تعرف بوضوح أسباب متلازمة التعب المزمن.
ويقول يواكيم شترينس، أخصائي الطب الباطني: «من المحتمل أن يكون فرط نشاط بالجهاز المناعي»، ويعتقد أن الخلايا التي تمد الجسم بالطاقة، والمسماة الميتوكوندريا، أصابها العطب.
لأن التعب غالبًا ما يكون عرضًا مصاحبًا لأمراض أخرى، يتم تشخيص متلازمة التعب المزمن عن طريق استبعاد الاحتمالات الأخرى أولا.
ونتيجة لذلك، يمكن أن يستغرق الوصول إلى تشخيص متلازمة التعب المزمن، سنوات، ولا يوجد علاج محدد لها.
ويتعلم المرضى الذين يتعايشون مع متلازمة التعب المزمن، التعامل مع الإرهاق الدائم من خلال الحرص على عدم استنزاف احتياطيات الطاقة المحدودة. «الأمر يستحق توفير الطاقة حتى عند القيام بالأنشطة اليومية الصغيرة»، بحسب كلاسينج. وهي رئيس منظمة ألمانية للمرضى تدعى «فاتيجاتيو».
وتتابع: «على سبيل المثال، يمكنك الجلوس بدلا من الوقوف، قيادة سيارة بدلا من المشي، أو حتى تسقط الكي من حساباتك».
وتجد كلاسينج أيضًا أنه من المفيد أن يكون لديها خطة للأحداث والمهام القادمة. وكما توضح: «إذا كان لدي موعد مهم غدًا، أقتطع من مقدار الطاقة الذي أبذله في اليوم السابق».
هذه الحياة المنضبطة هي الطريقة التي تتدبر بها العيش مع متلازمة التعب المزمن. وتستطيع كلاسينج «57 عامًا»، العمل والتسوق وقضاء بعض الوقت مع الأصدقاء، وهي أشياء كانت تبدو مستحيلة عندما ضربها المرض للمرة الأولى.
وتقول: «الآن لا تتخطاني الحياة، يمكنني تجربة الأشياء الجيدة في الحياة مرة أخرى».



الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

«صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة
«صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة
TT

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

«صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة
«صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

تعود أحداث فيلم «صيفي»، الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات، حيث يأخذ المشاهد في رحلة درامية مشوقة تسلط الضوء على طموح الثراء السريع والتحديات التي تواجهها المجتمعات في تلك الحقبة.

الفيلم، المرشح لجائزة مسابقة الأفلام الطويلة، يحكي قصة رجل أربعيني يُدعى صيفي محمد، الذي يعيش وهم تحقيق ثراء سريع باستخدام مهاراته المحدودة، إلا أنه يجد نفسه محصوراً بين فرقته الشعبية التي تُحيي الأفراح الجماعية، وإدارة متجره الخاص «شريط الكون» الذي يبيع فيه أشرطة كاسيت متنوعة، لا سيما تلك التي تتعلق بالخطب الإسلامية الممنوعة، التي يحصل عليها من المهدي حسام الحارثي، المستشار الديني لرجل الأعمال الشيخ أسعد أمان.

وفي خضم حياة مليئة بالتجارب الفاشلة، يعثر صيفي على شريط يحتوي على تسجيل سري بين الشيخ أسعد والمهدي، يكشف عن فضيحة تضع مكانة الشيخ الاجتماعية على المحك، بعدها يقرر صيفي خوض مغامرة خطيرة لابتزاز المهدي مالياً، مستغلاً سراً يمكن أن يُدمّر حياة الجميع. ومع تسارع الأحداث يضطر صيفي للاختباء في منزل طليقته رابعة، التي تشارك في جلسات تطوير الذات واستشفاء الطاقة، إلى جانب أختها رابية، حينها يجد في علاقتهما المضطربة فرصة للبقاء عندها أطول فترة ممكنة.

مخرج الفيلم وكاتب السيناريو، وائل أبو منصور، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن فكرة الفيلم جاءت من شخصية صيفي التي كانت مثيرة بالنسبة لي، فهو شخص يعيش وهم النجاح ولكنه لا يمتلك الأدوات اللازمة لتحقيق ذلك، وهذا التناقض جذبني لشخصيته، وحاولت أن أقدم شخصية معقدة ترسخ في ذاكرة المشاهد.

وأوضح أبو منصور أن الفيلم يناقش قضايا حساسة مثل الابتزاز والفساد الديني، وهي مواضيع قد تثير الكثير من الجدل، وأضاف: «كان التحدي الأكبر بالنسبة لنا هو الحفاظ على التوازن في طرح هذه القضايا دون الإساءة للمعتقدات أو المجتمع أو الأجيال المختلفة، في المقام الأول، لقد كان من الضروري أن نكون حذرين في تقديم هذه المواضيع، بحيث لا نوجه اتهامات مباشرة أو نظهرها بطريقة يمكن أن تضر بالمجتمع أو تؤذي مشاعر الناس».

وتابع مخرج العمل: «حاولنا أن نعرض هذه القضايا من خلال السياق الدرامي الذي يثير التساؤلات ولا يقدم إجابات قاطعة، بل يحفز المشاهد على التفكير والنقد بشكل مفتوح، كانت هناك حاجة لإيجاد طريقة لتقديم هذه المواضيع بشكل واقعي، مع الحفاظ على احترام الأبعاد الاجتماعية والدينية. لكن الأهم من ذلك هو إيجاد الأسلوب الذي يعكس التعقيد البشري لهذه المواضيع، بدلاً من أن نقدمها بشكل سطحّي أو مسيء».

وفي ختام حديثه يقول أبو منصور إنه حرص على أن يكون «صيفي» متوازناً بين إظهار الحقيقة التي قد تحيط بهذه القضايا، والتأكيد على أن هذا لا يعكس المجتمع ككل، بل يعكس جزءاً من واقعه المعقد، وكان الهدف فتح حوار بنّاء بين الأفراد والمجتمع حول هذه القضايا، بدلاً من استغلالها لأغراض إثارة الجدل أو الهجوم.

تجدر الإشارة إلى أن الفيلم الذي تم تصويره في مدينة جدة الساحلية مطلع عام 2023، واستغرق العمل عليه 28 يوماً، روعي فيه اختيار مواقع تصوير تعكس تلك الحقبة الزمنية لتجنب إرباك المشاهد؛ حيث تم اختيار أحياء ومواقع قديمة من المدينة، ومنها حي الرويس وحي البغدادية العتيقة لتكون ساحات لتصوير مشاهد الفيلم».