في تحدٍ لـ«داعش».. الظواهري يشجع قيادات «القاعدة» على التوجه إلى سوريا

يسعى إلى استعادة تأثيره بعد الخسائر التي تكبدها تنظيمه في باكستان

صورة أرشيفية نشرها موقع «سايت» الأميركي لزعيم «القاعدة» أيمن الظواهري عام 2011 (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية نشرها موقع «سايت» الأميركي لزعيم «القاعدة» أيمن الظواهري عام 2011 (أ.ف.ب)
TT

في تحدٍ لـ«داعش».. الظواهري يشجع قيادات «القاعدة» على التوجه إلى سوريا

صورة أرشيفية نشرها موقع «سايت» الأميركي لزعيم «القاعدة» أيمن الظواهري عام 2011 (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية نشرها موقع «سايت» الأميركي لزعيم «القاعدة» أيمن الظواهري عام 2011 (أ.ف.ب)

قالت قيادة تنظيم القاعدة في باكستان التي ضعفت بدرجة كبيرة نتيجة لغارات الطائرات من دون طيار التي شنتها وكالة الاستخبارات الأميركية «سى آي إيه» على مدار عقد كامل، إن مستقبل التنظيم الإرهابي سيكون في سوريا، معلنة إرسالها لمجموعة ضمت نحو عشرة من أفضل مقاتليها إلى هناك سرا، وفق مسؤولين استخباراتيين أميركيين وأوروبيين رفيعي المستوى مختصين في محاربة الإرهاب.
في ذات السياق، أفاد مسؤولون غربيون أن تحركات كبار قادة تنظيم القاعدة تعكس تنامي أهمية سوريا بالنسبة إليهم، والأهم أن ذلك ينبئ بتصاعد وتيرة التنافس المحموم بين «القاعدة» و«داعش».
وتلقى عملاء التنظيم أوامر بالبدء في تأسيس مقرات بديلة في سوريا ووضع الأسس لما يمكن تسميته إمارة من خلال جبهة النصرة التي تعد فرع «القاعدة» في سوريا، وذلك لمنافسة «داعش» التي انشقت جبهة النصرة عنها عام 2013، وسيمثل ذلك تحولا كبيرا لتنظيم القاعدة ولمنتسبيه بعد أن قاوم في السابق فكرة تأسيس إمارة في سوريا أو حتى دولة ذات سيادة قبل أن يستتب لهم الأمر هناك، غير أن كيانا كهذا سوف يشكل تهديدا كبيرا على الولايات المتحدة وأوروبا.
واستمر عملاء «القاعدة» في التنقل داخل وخارج سوريا لسنوات، وأرسل زعيم التنظيم في باكستان، أيمن الظواهري، عددا من كبار المتطرفين لدعم جبهة النصرة في سوريا عام 2013، وبعد ذلك بعام، أرسل الظواهري إحدى خلايا «القاعدة» أطلق عليها اسم «خراسان»، وهي التي قال المسؤولون الأميركيون إنها خططت لشن هجمات ضد الغرب. غير أن إيجاد موطئ قدم دائم في سوريا سيتيح للتنظيم فرصة ثمينة، وفق محللين غربيين، فدولة «القاعدة» في سوريا لن تكون على مقربة من أوروبا فحسب، بل ستستفيد أيضا من الدعم العددي والمادي بانضمام مقاتلين من العراق، وتركيا، والأردن، ولبنان.
وبثَّ الظواهري تصريحا تلفزيونيا في الأول من مايو (أيار) بعد انقطاع استغرق شهورًا، وبدأ كأنه يمهد الطريق أمام «القاعدة» لاستخدام جبهة النصرة لتأسيس إمارة في سوريا بمباركته. غير أن بعض قادة جبهة النصرة يعارضون توقيت هذا التحرك، ولذلك لم يأخذ التحرك شكلا عمليا حتى الآن.
«إن دمج إمارة (القاعدة) وقيادة التنظيم في كيان بشمال سوريا من شأنه أن يعطي دفعة قوية من الثقة للتنظيم عالميا»، وفق مقال لتشارلز ليستر، زميل معهد الشرق الأوسط، بمجلة «فورين بوليسي»، إذ تقدم «القاعدة» نفسها تنظيما منهجيا مثابرا، على النقيض من «داعش» التي تبنت استراتيجية أكثر انحيازا للمسلمين السنة، بحسب ليستر.
وأفاد ليستر وغيره من المختصين أن تنظيمي القاعدة وداعش يتبنيان الهدف نفسه، وهو تأسيس دولة إسلامية، لكن كل منهم استخدم أسلوبا مختلفا. فـ«داعش» تحرك بسرعة لفرض سيطرته الفظة بشكل فردي على العراق وسوريا لإعلان دولته المستقلة، في حين اجتهدت جبهة النصرة في بسط نفوذها على المناطق التي تسعى إلى السيطرة عليها وذلك مع غيرها من الجماعات السورية المتطرفة.
وقال مسؤولون أميركيون إن «داعش» استطاع وبسرعة أن يتفوق على «القاعدة» في منظومة الإرهاب العالمي بعد أن أخذت الأخيرة في النزيف بعد انشقاق منتسبيها الذين انضموا لخصمها الأكثر وحشية والأذكى في التعامل مع الإعلام. فقد قتل الكثير من عملاء جماعة «خرسان»، منهم القائد محسن فضلي، نتيجة للضربات الجوية الثمانية التي شنتها الولايات المتحدة شمال غربي سوريا منذ سبتمبر (أيلول) 2014.
وبحسب تقديرات وكالات الاستخبارات الأميركية، يمتلك تنظيم داعش ما بين 19 ألف إلى 25 ألف مقاتل موزعين بين العراق وسوريا، في حين تمتلك جبهة النصرة ما بين 5 آلاف إلى عشرة آلاف مقاتل جميعهم في سوريا. وسيختلف شكل إمارة «القاعدة» المرتقبة عن دولة الخلافة التي تتبناها «داعش» فيما يخص طموحات كل منهما؛ إذ إن جبهة النصرة لا تتطلع لتأسيس حكومة لجميع مسلمي العالم.
وأفاد بعض كبار مسؤولي إنفاذ القانون الأميركيين والأوروبيين بأن التحركات صغيرة الحجم بالغة الأهمية لكبار عملاء «القاعدة» باتجاه سوريا تعد تحركا متهورا لمرفأ يقع وسط الفوضى التي عمت البلاد، وأضاف المسؤولون أن عملاء «القاعدة» في سوريا يعملون بعزيمة قوية لكنهم تحت السيطرة.
وأفاد الكولونيل ستيف وارين، المتحدث العسكري للحملة العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة في العراق وسوريا، بأنهم «يسقطون بوتيرة ثابتة». وعلى الرغم من ذلك، فإن وجود عدد من قادة «القاعدة» البارزين في سوريا يدق أجراس الخطر في واشنطن وغيرها من العواصم الأوروبية الحليفة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وصرح جون برينن، مدير وكالة الاستخبارات الأميركية، الشهر الحالي لقناة «إن. بي. سي» قائلا: «لقد دمرنا جزءا كبيرا من القاعدة»، مضيفا: «لم نقض على التنظيم بالكامل، ولذلك علينا الانتباه لما يستطيع أن يفعله».
وجاء هذا التقييم المتغير بشأن «القاعدة» وجبهة النصرة في سوريا بعد مقابلات مع ما يقرب من عشرة من مسؤولي مكافحة الإرهاب والاستخبارات ومحللين مستقلين أميركيين وأوروبيين، اطّلع معظمهم على معلومات سرية جرى استخلاصها عن طريق التجسس والتنصت الإلكتروني. كما قاموا بتحليل تصريحات عامة وتعليقات على شبكات التواصل الاجتماعي بين أعضاء «القاعدة» وجبهة النصرة.
ومن العملاء الذين يركز عليهم مسؤولو الاستخبارات الغربيون سيف العدل، وهو قيادي كبير بالهيئة الحاكمة لـ«القاعدة» المعروفة بمجلس الشورى، الذي أشرف على المنظمة مباشرة بعد مقتل أسامة بن لادن على أيدي القوات الخاصة الأميركية في باكستان عام 2011، وليس واضحا ما إذا كان العدل موجودا في سوريا أو شمال أفريقيا أو أي مكان آخر، بحسب مسؤولي الاستخبارات الأميركيين.
وأخلت حكومة إيران سبيل العدل وأربعة أعضاء كبار بـ«القاعدة» مطلع العام المنصرم ضمن صفقة سرية لتبادل السجناء مع فرع «القاعدة» في اليمن، وهي الجماعة التي تحتجز الدبلوماسي الهندي، نور أحمد نيكباخت.
والعدل، وهو عقيد سابق بالجيش المصري في الخمسينات من العمر، مدرج على قائمة مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» كأحد أهم المطلوبين الإرهابيين، وأدين في تفجيرات السفارة الأميركية في شرق أفريقيا في 1998، وترصد الولايات المتحدة مكافأة قدرها 5 ملايين دولار لمن يرشد عنه.
وقال مايكل سميث، من شركة «كرونوس» الاستشارية، المتخصصة في أبحاث وتحليلات الإرهاب: «يمكن أن يكون العدل، بوصفه مستشارا كبيرا لشبكات (القاعدة) في سوريا والمناطق القريبة منها، ذا فائدة استثنائية في المساعدة في تحديد الاستراتيجيات التي من شأنها مساعدة الجماعة على تحقيق نجاحات تبث الثقة».
أما الرجال الأربعة الآخرون الذين أطلقت إيران سراحهم، فيشتبه أيضا بوجودهم في سوريا. وهم عبد الخير المصري، وهو مصري كان يقود مجلس العلاقات الخارجي لـ«لقاعدة»، وأبو القاسم الأردني الذي كان مساعدا لأبو مصعب الزرقاوي، مؤسس التنظيم الذي أصبح يعرف بـ«داعش» فيما بعد، وساري شيباب، وهو عميل أردني، وأبو محمد المصري، وهو مصري ساعد في التخطيط لهجمات «القاعدة» الكبرى قبل 11 سبتمبر (أيلول) 2001، على حد قول مسؤولين أميركيين مطلعين على تفاصيل عملية النقل. وقد اتفقوا على الحديث بشأن هذه المسألة شريطة عدم ذكر أسمائهم للطبيعة السرية للقضية.
ومن غير الواضح كيف ومتى يمكن لـ«القاعدة» أن تؤسس إمارة في سوريا، كما ستزيد موقفها تشددا تجاه جماعات المعارضة الأكثر اعتدالا في البلاد، وتأسست جبهة النصرة في 2012، كفرع لتنظيم القاعدة في العراق. غير أنه في عام 2013، رفضت جبهة النصرة الانضمام إلى البغدادي عندما أعلن تأسيس «داعش»، وأعلنت بدلا من ذلك مبايعة الظواهري في باكستان، وأشعل هذا خصومة دموية في كثير من الأحيان بين مقاتلي «النصرة» و«داعش» في سوريا.
وتسعى القيادة العليا لـ«القاعدة» الآن إلى تعويض خسائرها في باكستان، وشن عملية انقلاب تتعلق بالبروباغندا بتأسيس إمارة رسمية في سوريا، ومع هذا يؤيد فصيل داخل قيادة جبهة النصرة استمرار استراتيجية الجماعة الأكثر براغماتية، التي تعمل على كسب التأييد المحلي.
وقال ليستر في مقابلة: «إن الخلاف الأساسي هو حول المدى الذي ينبغي الاستمرار فيه بشأن استراتيجية (القاعدة) على المدى الطويل، قبل كشف المزيد والمزيد من وجه (النصرة) الحقيقي، وتعزيز السيطرة على الأرض من خلال تأسيس إمارة».
وترفض كثير من فصائل المعارضة السورية التي تقاتل إلى جانب «النصرة» فكرة تأسيس إمارة، وتخشى من أن تفاقم من الانقسام في صفوف المعارضة في مواجهة رئيس النظام السوري بشار الأسد.
وبهذا الصدد، قال فراس أبي علي، وهو محلل رئيسي بمجموعة «آي إتش إس كاونتري ريسك» في لندن: «من وجهة نظر (القاعدة) الدينية، ينبغي أن يحدث إعلان دولة أو إمارة فقط في سياق يكون من الممكن أن تحكم فيه بفاعلية. سيكون من المثير للسخرية لو أعلنت (القاعدة) تأسيس إمارة، بينما هناك خلافة ترفضها».

*خدمة «نيويورك تايمز»



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.