محاكمة في أميركا تكشف جوانب خفية في شخصية العولقي

فيتنامي متشدد قال إنه تعلم منه صناعة المتفجرات.. وتلقى تعليمات لتفجير مطار «هيثرو» اللندني

أنور العولقي (نيويورك تايمز).. وفي الاطار إحدى وثائق القاعدة
أنور العولقي (نيويورك تايمز).. وفي الاطار إحدى وثائق القاعدة
TT

محاكمة في أميركا تكشف جوانب خفية في شخصية العولقي

أنور العولقي (نيويورك تايمز).. وفي الاطار إحدى وثائق القاعدة
أنور العولقي (نيويورك تايمز).. وفي الاطار إحدى وثائق القاعدة

أخذ خبير المتفجرات بتنظيم «القاعدة» يشرح بعناية لتلميذه طريقة خلط المواد الكيميائية لصناعة بارود متفجر، وقام بعد ذلك باختبار تفجيري، ثم أضاف خطوة شيطانية أخيرة بلف القنبلة منزلية الصنع بصواعق كي تحدث شظايا مميتة.
جاء الكشف عن هوية خبير المتفجرات الذي فضحه عميل «القاعدة» الذي يواجه محاكمة الأسبوع القادم، بمفاجأة كبيرة: لم يكن هذا الخبير سوى أنور العولقي، الإمام الأميركي الذي انضم «للقاعدة» في اليمن ليصبح قائد دعاية التنظيم الإرهابي باللغة الإنجليزية.
عُرف العولقي بوصفه داعية في تنظيم «القاعدة» قبل مقتله بقصف من طائرة «درون» عام 2011 بتعليمات من الرئيس باراك أوباما، ليكون بذلك أول مواطن أميركي يقتل من دون محاكمة جنائية في الحملة على الإرهاب.
وكشف ملف القضية الذي تحقق فيها المحكمة في نيويورك عن تفاصيل دقيقة عن الجانب الخفي لعمل العولقي بفرع تنظيم «القاعدة» في اليمن، حيث تولى العولقي تدريب منتسبي التنظيم على صناعة القنابل، وأعطاهم مبالغ مالية لتنفيذ المهام وقدّم مقترحات عن كيفية تنفيذ العمليات الانتحارية.
وتعتبر المستندات جزءا من مذكرة الإدانة التي سلمتها الحكومة لمحكمة «مانهاتن» الفيدرالية الثلاثاء الماضي بحق مينه قانغ فام، تلميذ العولقي الفيتنامي الذي يحمل الجنسية البريطانية والذي اعتنق الإسلام واعترف بارتكابه ثلاث جرائم إرهابية.
بحسب الأوراق المقدمة، يرى القضاة الفيدراليون أن السجن لمدة 50 عاما ستكون عقوبة مناسبة لفام الذي لا يتعدى عمره الآن 30 عاما والذي سافر سرا لليمن عام 2010، حيث أقسم على الولاء «للقاعدة» وعمل ضمن فريق العمل الذي تولى إدارة حملة الدعاية الخاصة بـ«القاعدة» على الإنترنت بعنوان «إنسباير»، أو الإلهام.
كما أوضحت مستندات القضية أن فام كان معجبا بالعولقي، وأن «عينيه دمعتا عندما تحدث عن العولقي، وكان دوما يشير إليه بكلمة الشيخ»، وفق القضاة.
وتضمنت الأوراق فقرات تفصيلية عن المقابلات الشخصية التي خضع لها فام في مقر المباحث الفيدرالية «إف بي آي» بعدما أرسلته السلطات البريطانية للولايات المتحدة ليخضع للمحاكمة. فخلال إحدى المقابلات، تحدث فام عن اليوم الذي زار فيه العولقي منزلا آمنا في اليمن كان فام يقيم فيه. وقال إن «لقاء العولقي أعطاه شعورا رائعا»، بحسب مذكرة الـ«إف بي آي».
ويشمل ملف القضية خطابا من 15 صفحة أرفقه محامي فام، بوبي سترينهيم، كان فام قد كتبه بخط يده للقاضي أليسون ناثان وقال فيه إن العولقي كان أعلى عضو قيادي في تنظيم «القاعدة» قابله في اليمن، وإنه اتخذ القرار الصحيح عندما ترك تلك المجموعة في اليمن في يوليو (تموز) 2011، مشيرا إلى أن العولقي وعضوا شابا أميركيا في «القاعدة» يدعى سمير خان قد قُتلا سويا في قصف من طائرة درون في سبتمبر (أيلول) من العام نفسه. أضاف فام قائلا: «لو أنني بقيت في اليمن، لكنت لقيت حتفي مع العولقي وخان». وذكر فام في الخطاب أنه «يتبرأ من كل تلك الأعمال الإرهابية».
ومنذ مقتل العولقي، اقترح بعض المنتقدين أن رجل الدين ما كان ينبغي قتله لأنه منظر أكثر من كونه رجلا ناشطا على الأرض. وفي خطاب عام 2013. رد أوباما بأن العولقي كان قد تحول إلى الجانب العملياتي، مشيرا إلى دوره في توجيه من يسمى بـ«مفجر الملابس الداخلية».
لكن قبل أن تكشف الحكومة عن تصريحات فام، والتي جرى الاستشهاد بها أول الأمر بشكل مقتضب في المحكمة قبل إدانته في يناير (كانون الثاني)، كانت هناك أدلة واهية على أن العولقي طور خبرته بأن اضطلع بدور مباشر في تصنيع القنابل أو نقل هذه المعرفة إلى آخرين.
وكان العولقي، وهو محاضر بليغ، وداعية يمزج في حديثه بين العربية والإنجليزية اللتين يتحدثهما بطلاقة عندما كان أولا إماما أميركيا مشهورا، وفي وقت لاحق عندما كان يجند أعضاء لصالح «القاعدة» عبر الإنترنت، يعتبر من وجهة نظر بعض خبراء مكافحة الإرهاب أشد خطرا حتى من أسامة بن لادن، قبل أن يقتل كلا الرجلين في 2011.
وما زال حضوره الطاغي على الإنترنت مستمرا بعد وفاته، وأدى تأثيره إلى تنفيذ عشرات الاعتداءات الإرهابية بعد موته، بما في ذلك تفجير سباق بوسطن، وحادثة إطلاق النار على مجلة «شارلي إيبدو» في باريس، وقتل 14 شخصا في سان برناردينو، بولاية كاليفورنيا في ديسمبر (كانون الأول).
وقال فام لعملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» في مقابلات أجريت العام الماضي إن العولقي أجرى بنفسه تدريبا على استخدام القنابل في محافظة مأرب اليمنية. وكتب أحد عملاء الـ«إف بي آي» يقول إنه «خلال التدريب، شرح العولقي لفام كيفية مزج المواد الكيميائية لتصنيع مسحوق ناسف». وأجريا اختبارا صغيرا باستخدام عبوة معدنية و«ولد الانفجار قوة كافية لتطلق العبوة بعيدا عن فام إلى الجو». وصف فام العولقي بأنه عضو «القاعدة» الوحيد الذي قابله، وكان «مؤهلا وقادرا على التخطيط لعمليات إرهابية ضد الغرب لأن العولقي عاش في أميركا»، وهذا بحسب ما يشير إليه أحد تقارير «إف بي آي» الموجزة.
ووجّه العولقي فام لتحري «الحذر الشديد» أثناء اتصالاته مع الغرباء أثناء وجوده في اليمن. وقال المحققون في مذكرتهم إن فام قام بصياغة رسائل بريد إلكتروني وحفظها على وحدة ذاكرة «يو إس بي»، سلمها إلى أعضاء آخرين بـ«القاعدة»، كانوا مكلفين بدورهم بإرسال رسائل بالإنابة عن فام.
وفي وقت لاحق، وعندما كان فام يستعد لمغادرة اليمن، أعطاه العولقي 6 آلاف جنيه إسترليني، ما يوازي 10 آلاف دولار أميركي في ذلك الوقت، وأشار عليه باستخدامها في الهجوم على مطار هيثرو القريب من لندن. وقال فام للمحققين إن العولقي طلب منه استهداف الحشود في صالات الوصول للرحلات القادمة من الولايات المتحدة أو إسرائيل. وقال فام للعملاء إنه غيّر آراءه، ولم يحاول أبدا تنفيذ الهجوم. كما أعطى العولقي فام حاسوبا محمولا «نظيفا» ليأخذه معه إلى بريطانيا: «حتى لا تحصل لفام أي مشكلات في حال فتشت السلطات حاسوبه»، بحسب ما كتبت الحكومة.
وقدم فام وصفا دقيقا حتى الآن لإشراف العولقي على مجلة «إنسباير»، التي تحوي مجموعة من الإرشادات الآيديولوجية والعملية لتنفيذ الهجمات الإرهابية. وكان خان، العضو الأميركي الأصغر سنا، يجمع المقالات والصور لكل عدد من أعداد المجلة، لـ«يراجعها ويوافق» عليها العولقي. بعد ذلك كان يتم تحميل المحتوى على وحدة ذاكرة «يو إس بي»، وتسليمها لأحد الوسطاء الذي يأخذها بدوره لمكان آمن لتحميلها على الإنترنت.
*خدمة «نيويورك تايمز»



كوريا الشمالية تصادق على معاهدة دفاعية مع روسيا

بوتين وكيم خلال لقائهما في روسيا العام الماضي (أرشيفية - رويترز)
بوتين وكيم خلال لقائهما في روسيا العام الماضي (أرشيفية - رويترز)
TT

كوريا الشمالية تصادق على معاهدة دفاعية مع روسيا

بوتين وكيم خلال لقائهما في روسيا العام الماضي (أرشيفية - رويترز)
بوتين وكيم خلال لقائهما في روسيا العام الماضي (أرشيفية - رويترز)

صادقت كوريا الشمالية على معاهدة دفاع مشترك مع روسيا، وفق ما ذكرت وسائل إعلام رسمية اليوم (الثلاثاء)، ما يؤكد عمق التعاون الأمني بين البلدين في ظل الغزو الروسي لأوكرانيا.

ويضفي هذا الاتفاق طابعاً رسمياً على أشهر من توطيد الروابط العسكرية بين البلدين اللذين كانا حليفين طوال الحرب الباردة.

واتهمت سيول وحليفتها الولايات المتحدة، كوريا الشمالية المسلحة نووياً، بإرسال آلاف الجنود إلى روسيا تم حشدهم على الحدود قرب كورسك، وفقاً للتقارير.

وأوردت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية أن المعاهدة تمت «المصادقة عليها بمرسوم» أصدره الزعيم كيم جونغ أون، مشيرة إليه بمنصبه الرسمي بصفته «رئيساً لشؤون الدولة لجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية».

ويأتي الإعلان بعدما صوّت المشرعون الروس بالإجماع الأسبوع الماضي، على إقرار المعاهدة التي وقعها الرئيس فلاديمير بوتين لاحقاً.

وقالت وكالة الأنباء المركزية إن «المعاهدة ستدخل حيز التنفيذ بدءاً من اليوم الذي يتبادل فيه الجانبان وثائق المصادقة».

وأصبحت كوريا الشمالية إحدى أبرز الدول الداعمة للغزو الروسي الشامل لأوكرانيا.

ويتهم الغرب بيونغ يانغ بتزويد موسكو قذائف مدفعية وصواريخ لاستخدامها في أوكرانيا، لكن هذا الدعم تصاعد في الأسابيع الأخيرة مع ورود تقارير تفيد بوصول آلاف الجنود الكوريين الشماليين إلى روسيا للمشاركة في القتال.

ووقع بوتين وكيم معاهدة الشراكة الاستراتيجية في يونيو (حزيران)، خلال زيارة الرئيس الروسي لبيونغ يانغ. ويلزم هذا الاتفاق الدولتين بتقديم المساعدة العسكرية «دون تأخير» للطرف الآخر، في حال تعرضه لهجوم، إضافة إلى التعاون دولياً في وجه العقوبات الغربية.

وأشاد بوتين بالاتفاق في يونيو، ووصف الوثيقة بأنها تمثل «اختراقاً».

مزيد من الجنود

وقال المحلل في المعهد الكوري للوحدة الوطنية هونغ مين: «مع المصادقة الثنائية، ستطالب بيونغ يانغ وموسكو بشرعية الانتشار العسكري لكوريا الشمالية في روسيا، بذريعة أن هذا الإجراء مبرر بموجب المعاهدة التي تمت المصادقة عليها بين البلدين».

وأضاف: «رغم أن المعاهدة لا تتخطى قرارات الأمم المتحدة التي تحظر تعاوناً مماثلاً، سيؤكد (الرئيسان) شرعيتها على أساس اتفاقهما».

وأوضح «هذا يثير احتمال نشر مزيد من الجنود الكوريين الشماليين في روسيا بالمستقبل».

وكانت وزيرة خارجية كوريا الشمالية تشوي سون هوي، زارت موسكو أخيراً، وصرحت بأن بلادها «ستقف بحزم إلى جانب رفاقنا الروس حتى يوم النصر».

ووصفت هجوم موسكو على أوكرانيا بأنه «صراع مقدس»، قائلة إن بيونغ يانغ تؤمن بـ«القيادة الحكيمة» لبوتين.

واستندت كوريا الجنوبية وأوكرانيا والغرب إلى تقارير استخباراتية تفيد بأن كوريا الشمالية نشرت نحو 10 آلاف جندي في روسيا للمشاركة بالقتال ضد أوكرانيا.

وعندما سئل بوتين عن هذه القوات الشهر الماضي، لم ينكر الأمر؛ بل حرف الإجابة لانتقاد دعم الغرب لأوكرانيا.

ويخشى الغرب أن تقدم روسيا لكوريا الشمالية دعماً تكنولوجيّاً يعزز برنامجها النووي مقابل هذا الدعم.

وأجرت الدولة المعزولة أخيراً اختبارات عسكرية شملت تجربة لصاروخ باليستي عابر للقارات جديد يعمل بالوقود الصلب.