وفد البرلمان الأوروبي يزور الأردن ولبنان لتقييم دعمه للاجئين السوريين

قبل انطلاق مفاوضات موازنة 2017

عائلة مهاجرين تستعد للسفر باتجاه بلدان الاتحاد الأوروبي أمس في بلغراد (إ.ب.أ)
عائلة مهاجرين تستعد للسفر باتجاه بلدان الاتحاد الأوروبي أمس في بلغراد (إ.ب.أ)
TT

وفد البرلمان الأوروبي يزور الأردن ولبنان لتقييم دعمه للاجئين السوريين

عائلة مهاجرين تستعد للسفر باتجاه بلدان الاتحاد الأوروبي أمس في بلغراد (إ.ب.أ)
عائلة مهاجرين تستعد للسفر باتجاه بلدان الاتحاد الأوروبي أمس في بلغراد (إ.ب.أ)

قال البرلمان الأوروبي في بروكسل إن وفدا يضم أعضاء من لجنة الموازنة بدأ اعتبارا من أمس الاثنين، زيارة إلى كل من الأردن ولبنان تستمر حتى الجمعة المقبل.
وتهدف الزيارة إلى التعرف على سير المشروعات التي يمولها الاتحاد الأوروبي، والدعم الذي يقدم إلى كل من البلدين في إطار مواجهة أزمة اللاجئين، وفي الوقت نفسه التركيز على التعاون الإنمائي مع كل من بيروت وعمان في إطار سياسة الجوار الأوروبية، فضلا عن الدعم الذي يقدم إلى وكالة تشغيل وإغاثة اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».
وقالت مصادر البرلمان الأوروبي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن الزيارة من شأنها أن تساعد أعضاء لجنة الموازنة على تقييم الاحتياجات، وبالتالي التحضير للمفاوضات المنتظرة مع المؤسسات الاتحادية حول موازنة الاتحاد الأوروبي لعام 2017. ووضع كل هذه الأمور في الاعتبار عند تحديد بنود الإنفاق في الموازنة الجديدة. وفي الأسبوع الماضي، قال نواب في البرلمان الأوروبي إن هناك أكثر من مليوني لاجئ سوري في الأردن ولبنان، يشكّلون بين 10 إلى 30 في المائة من إجمالي السكان في البلدين. وأوضحوا أن كثيرا من الوعود التي أطلقت في مؤتمر لندن حول سوريا الذي انعقد فبراير (شباط) الماضي، لم تنفّذ بعد بسبب نقص التمويل، وهذا يعني أن اللاجئين السوريين الأكثر ضعفا في الأردن ولبنان يعيشون تحت مستوى خط الفقر.
وجاء ذلك على لسان فيكتور بوستينارو، نائب رئيس كتلة الأحزاب الاشتراكية والديمقراطية في البرلمان الأوروبي، الذي أشار كذلك إلى كرم مجتمعات لبنان والأردن الكبير، لافتا إلى أنه «قد لا يكون كافيا». وأضاف: «إذا فشلنا في مساعدتهم يمكن أن يصبح هؤلاء في المستقبل من بين اللاجئين»، أي المواطنين أنفسهم.
وفي تصريحات مكتوبة حصلت «الشرق الأوسط» عليها عبر البريد الإلكتروني، قال نائب رئيس الكتلة البرلمانية للشؤون الخارجية، إن الأردن يبذل جهودا كبيرة لتعزيز الديمقراطية، أما لبنان فهو بلد مستقر، لكنه استقرار «هش»، وكل منهما يواجه تحديات وتهديدات. ومن الضروري أن يتم تقديم الدعم للنمو الاقتصادي والاجتماعي إلى كل من الأردن ولبنان في هذا التوقيت الصعب.
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، قالت المفوضية الأوروبية في بروكسل إن الاتحاد الأوروبي ساهم من خلال مؤسساته والدول الأعضاء، بمساعدات إنسانية وطبية إلى سوريا بقيمة تصل إلى خمسة مليارات يورو، بما في ذلك في الداخل السوري وإلى اللاجئين في دول الجوار والمجتمعات المضيفة لهم. وجدد كريستوس ستايلندس، المفوض الأوروبي المكلف بشؤون المساعدات الإنسانية والإغاثة وإدارة الأزمات، التأكيد على ضرورة وصول المساعدات من دون قيد أو شرط للفئات المتضررة من الأحداث في سوريا، لتجنب وقوع مجاعات أو مزيد من المعاناة. ويستغل الاتحاد الأوروبي المناسبات المختلفة من أجل إعادة التأكيد على موقف بروكسل الداعي للسماح للعاملين في المجال الإنساني ولقوافل المساعدات الطبية والإغاثية بالوصول إلى الأماكن كافة من دون قيد أو شرط، لإنقاذ المدنيين من ظروف معيشية شديدة الصعوبة أجبروا على العيش فيها نتيجة احتدام الصراع بين مختلف الأطراف.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، جرى الإعلان في بروكسل عن التوصل إلى اتفاق بين المجلس الوزاري الأوروبي، الذي يمثل الدول الأعضاء في الاتحاد، من جهة، والبرلمان الأوروبي من جهة أخرى، حول موازنة العام الحالي. وتضمّن الاتفاق تعيين المستوى الإجمالي للالتزامات في 155 مليار يورو، والمدفوعات إلى 143 مليارا و890 مليون يورو. وتضمنت الموازنة الجديدة تخصيص أكثر من ملياري يورو في إطار الاستجابة لأزمة الهجرة، وتقديم المساعدات الطارئة إلى الدول الأعضاء في الاتحاد الأكثر تضررا، فضلا عن المساعدات الإنسانية. وقال المجلس الوزاري الأوروبي إن الاتفاق بشأن الموازنة عكس الاهتمام بتعزيز النمو وخلق فرص العمل، والالتزام ببرنامج بحوث الاتحاد الأوروبي «أفق 2020»، الذي خصص له 9 مليارات و540 مليون يورو، مسجّلا زيادة 318 مليون يورو مقارنة مع مشروع الموازنة الذي تقدمت به المفوضية الأوروبية.
وحول ما يتعلق بالدعم إلى وكالة «الأونروا»، جرى الإعلان في بروكسل في يوليو (تموز) الماضي عن تقديم الاتحاد الأوروبي تبرعا ماليا بقيمة مليوني يورو لوكالة الأمم المتحدة لتشغيل اللاجئين الفلسطينيين. ونقلت تقارير إعلامية في بروكسل عن مدير عمليات (أونروا) في الأردن رودجر ديفيس في بيان صحافي: «إن هذا التبرع يساعد على خفض العجز المالي لنداء الطوارئ في الأردن، ويمكننا من مساعدة نحو 80 في المائة من اللاجئين الفلسطينيين من سوريا المسجلين بالمكتب الميداني بالأردن، إذ تساهم المساعدات النقدية في تلبية الاحتياجات الأساسية من المواد الغذائية وغير الغذائية، إضافة إلى المنح النقدية الطارئة والحصول على التعليم الأساسي». وأضاف ديفيس أن الصندوق العام للوكالة لا يزال يعاني من عجز يقارب 101 مليون دولار أميركي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.