استراتيجية أوبك «نجحت» والفائض النفطي يتحول إلى «العجز»

«غولدمان ساكس» متفاجئ من تصحيح السوق بأسرع من المتوقع هذا العام

استراتيجية أوبك «نجحت» والفائض النفطي يتحول إلى «العجز»
TT

استراتيجية أوبك «نجحت» والفائض النفطي يتحول إلى «العجز»

استراتيجية أوبك «نجحت» والفائض النفطي يتحول إلى «العجز»

أخيرًا، وبعد قرابة عامين من الفائض في المعروض النفطي، الذي أدى إلى تدهور أسعار النفط وفقدانها نحو 60 في المائة من قيمتها، بدأت السوق تظهر أول ملامح التصحيح بعدما قال «غولدمان ساكس» إن تخمة المعروض التي استمرت نحو عامين قد انتهت، وإن السوق قد تحولت إلى تسجيل عجز. ورغم كل التوقعات بأن السوق ستشهد تصحيحًا في النصف الثاني من العام الحالي، فإن «غولدمان ساكس» قال في تقرير أمس إنه يتوقع التعافي مع نهاية النصف الأول، وهو أسرع مما كان متوقعًا بأن يحدث التصحيح في الربع الثالث، ولكنه حدث مع الربع الثاني.
وقال المصرف الأميركي العملاق: «تحولت السوق من قرب تشبع طاقة التخزين، إلى تسجيل عجز في وقت مبكر كثيرا عما كنا نتوقع».
ويرى «غولدمان ساكس» أن الفائض في السوق النفطية في الربع الأول كان نحو 1.4 مليون برميل يوميًا، ولكنه أضاف: «على الأرجح تحولت السوق لتسجيل عجز في مايو (أيار) الحالي.. بفضل الطلب القوي المستدام والانخفاض الحاد في الإنتاج».
وبذلك تكون الاستراتيجية التي انتهجتها منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بدعم كبير من السعودية، وسط معارضة بعض الدول الأعضاء، قد بدأت تؤتي ثمارها أخيرًا. وكان وزير البترول السعودي السابق علي النعيمي أحد المهندسين لهذه السياسة والمدافعين عنها بشدة رغم كل الاعتراضات. ورفع «غولدمان ساكس» توقعاته لمتوسط أسعار نفط «خام غرب تكساس» الأميركي إلى 45 دولارا بنهاية الربع الثاني من العام الحالي، و50 دولارا للنصف الثاني من العام. إلا أن «غولدمان ساكس» حذر من أن السوق قد تشهد فائضا من جديد في النصف الأول من العام المقبل، مضيفا أن اقتراب الأسعار من 50 دولارا للبرميل في النصف الثاني من عام 2016 سيقود إلى زيادة أنشطة التنقيب والإنتاج.
وأمس قفزت أسعار النفط أكثر من اثنين في المائة، لتسجل أعلى مستوى لها منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، بعد صدور تقرير «غولدمان ساكس»، ومع ازدياد حالات تعطل الإنتاج في نيجيريا.
وبلغ سعر خام القياس العالمي «مزيج برنت» في العقود الآجلة 48.90 دولار للبرميل بحلول الساعة الرابعة بتوقيت غرينيتش، فيما ارتفع سعر «خام غرب تكساس الوسيط» الأميركي بنحو دولار كامل إلى 47.5 دولار للبرميل.
وأدت حالات تعطل الإنتاج في أنحاء العالم، التي أوقفت إمدادات قدرها 3.75 مليون برميل يوميا، إلى التخلص من تخمة المعروض، التي أدت لهبوط الأسعار نحو 70 في المائة بين 2014 وأوائل 2016.
وأدى تعطل الإنتاج إلى تغير جذري في توقعات «غولدمان ساكس»، الذي لطالما حذر من بلوغ طاقة التخزين العالمية حدها الأقصى، ومن انهيار جديد للأسعار لتنزل عن 20 دولارا للبرميل.
ويرى المحلل الكويتي محمد الشطي أن السوق النفطية متجهة للتوازن بسبب التحسن الملحوظ في أساسيات العرض والطلب؛ إذ إن الطلب أخذ في الارتفاع، وإنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة ما زال ينخفض. وأضاف الشطي لـ«الشرق الأوسط» أن الأسعار تحسنت مؤخرًا بفضل العوامل الجيوسياسية بعد الانقطاعات والانخفاضات من نيجيريا وليبيا.
وكان التراجع في أسعار النفط استمر بفضل استراتيجية المملكة بالدفاع عن حصتها السوقية وحصة «أوبك» أمام المنتجين أصحاب التكلفة العالية خارج المنظمة. ويرى القائمون على السياسة النفطية في المملكة أن استهداف مستوى محدد للأسعار بات بلا فائدة، لأن ضعف السوق العالمية يعكس تغيرات هيكلية أكثر من أنه اتجاه مؤقت. وفي الأسبوع الأول من شهر مايو الحالي، وفي اجتماع محافظي «أوبك»، قال محافظ السعودية محمد الماضي إنه يعتقد أن «العالم تغير كثيرا في السنوات القليلة الماضية، لدرجة أن محاولة فعل هذا أصبحت أمرا لا طائل من ورائه».
ونقلت وكالة «رويترز» عن مصادر مطلعة على المناقشات التي جرت خلال الاجتماع أن الماضي قال لنظرائه أثناء الاجتماع: «ينبغي لـ(أوبك) أن تدرك حقيقة أن السوق شهدت تغيرات هيكلية، وهو ما يتضح في أن السوق تصبح تنافسية أكثر من أن تكون احتكارية».



كوريا الجنوبية تتعهد بالحفاظ على استقرار الأسواق بعد عزل يون

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
TT

كوريا الجنوبية تتعهد بالحفاظ على استقرار الأسواق بعد عزل يون

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)

تعهدت وزارة المالية في كوريا الجنوبية، يوم الأحد، بمواصلة اتخاذ تدابير استقرار السوق بسرعة وفعالية لدعم الاقتصاد، في أعقاب إقالة الرئيس يون سوك-يول، بسبب فرضه الأحكام العرفية بشكل مؤقت.

وأكدت الوزارة أنها ستستمر في التواصل بنشاط مع البرلمان للحفاظ على استقرار الاقتصاد، مشيرة إلى أنها تخطط للإعلان عن خطتها السياسية نصف السنوية قبل نهاية العام الحالي، وفق «رويترز».

وفي هذا السياق، دعا زعيم الحزب الديمقراطي المعارض، لي جاي-ميونغ، إلى تشكيل «مجلس استقرار وطني» يضم الحكومة والبرلمان لمناقشة القضايا المالية والاقتصادية وسبل تحسين مستوى معيشة المواطنين. وأشار إلى أن التحدي الأكثر إلحاحاً هو تراجع الاستهلاك بسبب الطلب المحلي غير الكافي، وتقلص دور الحكومة المالي. وأضاف لي أن معالجة هذا الأمر تتطلب مناقشة عاجلة لموازنة إضافية يمكن أن تشمل تمويلاً لدعم الشركات الصغيرة، بالإضافة إلى استثمارات في الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية، لمواجهة تحديات نقص الطاقة.

وكان البرلمان الذي يسيطر عليه الحزب المعارض، قد مرر مشروع موازنة 2025 بقيمة 673.3 تريليون وون، متجاوزاً اقتراح الحكومة الذي بلغ 677.4 تريليون وون، وذلك دون التوصل إلى اتفاق مع حزب «قوة الشعب» الذي ينتمي إليه الرئيس يون والحكومة.

من جهته، أعلن بنك كوريا -في بيان- أنه سيعتمد على كافة الأدوات السياسية المتاحة بالتعاون مع الحكومة، للرد على التحديات الاقتصادية، وتفادي تصاعد التقلبات في الأسواق المالية وأسواق العملات الأجنبية. وأكد البنك ضرورة اتخاذ استجابة أكثر نشاطاً مقارنة بالفترات السابقة من الإقالات الرئاسية، نظراً للتحديات المتزايدة في الظروف الخارجية، مثل تصاعد عدم اليقين في بيئة التجارة، وازدياد المنافسة العالمية في الصناعات الأساسية.

كما أكدت الهيئة التنظيمية المالية في كوريا الجنوبية أن الأسواق المالية قد تشهد استقراراً على المدى القصير، باعتبار الأحداث السياسية الأخيرة صدمات مؤقتة؛ لكنها ستوسع من الموارد المخصصة لاستقرار السوق إذا لزم الأمر.

من جهة أخرى، شهدت أسواق الأسهم في كوريا الجنوبية ارتفاعاً للجلسة الرابعة على التوالي يوم الجمعة؛ حيث بدأ المستثمرون يتوقعون تراجع حالة عدم اليقين السياسي بعد تصويت البرلمان على إقالة الرئيس يون. كما لم يتوقع المستثمرون الأجانب أن تؤثر الاضطرابات السياسية الأخيرة بشكل كبير على نمو الاقتصاد أو تصنيفه الائتماني لعام 2025، إلا أنهم أشاروا إلى تأثيرات سلبية محتملة على معنويات السوق، مما قد يؤدي إلى زيادة في سعر صرف الوون مقابل الدولار الأميركي، واستمرار عمليات بيع الأجانب للأسواق المحلية.

غرفة تداول بأحد البنوك في سيول (رويترز)

وفي استطلاع أجرته «بلومبرغ»، أفاد 18 في المائة فقط من المشاركين بأنهم يعتزمون تعديل توقعاتهم بشأن نمو الاقتصاد الكوري الجنوبي لعام 2025، بسبب الأحداث السياسية الأخيرة، بينما أكد 82 في المائة أن توقعاتهم ستظل دون تغيير. كما توقع 64 في المائة من المشاركين أن يظل التصنيف الائتماني السيادي كما هو، في حين توقع 27 في المائة خفضاً طفيفاً. ووفقاً للاستطلاع، يُتوقع أن يتراوح سعر صرف الوون مقابل الدولار الأميركي بين 1.350 و1.450 وون بنهاية الربع الأول من 2025.

أما فيما يتعلق بأسعار الفائدة، فقد زادت التوقعات بتخفيضات مسبقة من قبل بنك كوريا؛ حيث توقع 55 في المائة من المشاركين عدم حدوث تغييرات، بينما توقع 27 في المائة تخفيضاً في الأسعار قريباً. وتوقع 18 في المائة تخفيضات أكبر. وأشار كيم سونغ-نو، الباحث في «بي إن كي للأوراق المالية»، إلى أن تحركات السوق ستعتمد بشكل كبير على قرارات لجنة السوق الفيدرالية الأميركية في ديسمبر (كانون الأول)؛ حيث قد يسهم أي تخفيض لأسعار الفائدة من جانب الولايات المتحدة في تعزيز توقعات تخفيض الفائدة في كوريا الجنوبية في الربع الأول من 2025.

وقد أكد كيم أن العوامل السياسية ليست المحرك الرئيسي للأسواق المالية؛ مشيراً إلى أن الاضطرابات السياسية عادة ما تكون لها تأثيرات قصيرة الأجل على الأسواق. وأضاف أن الركود الاقتصادي -وليس الأحداث السياسية- هو المصدر الرئيس للصدمات المالية الكبيرة.

كما أشار كثير من المسؤولين الماليين إلى أن إقالة الرئيس يون قد تعود بالفائدة على الاقتصاد الكوري الجنوبي. وفي مقابلة إعلامية، أكد محافظ هيئة الرقابة المالية، لي بوك هيون، أن عزل الرئيس سيكون خطوة إيجابية للاستقرار الاقتصادي في البلاد، معرباً عن اعتقاده بأن القضاء على حالة عدم اليقين السياسي أمر بالغ الأهمية لتحقيق استقرار الاقتصاد، وفق صحيفة «كوريا تايمز».

وفيما يخص التوقعات المستقبلية، أشار صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى أن النمو الاقتصادي في كوريا الجنوبية من المتوقع أن يصل إلى 2.2 في المائة في 2024 بدعم من صادرات أشباه الموصلات، في حين يُتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي نمواً بنسبة 2 في المائة في 2025 مع اقتراب الاقتصاد من إمكاناته الكاملة. وأكد الصندوق أن حالة عدم اليقين لا تزال مرتفعة، والمخاطر تميل إلى الاتجاه السلبي.

وبينما يظل التضخم قريباً من هدف بنك كوريا البالغ 2 في المائة، شدد الصندوق على ضرورة تطبيع السياسة النقدية تدريجياً في ظل هذه الظروف، مع الحفاظ على تدخلات محدودة في سوق الصرف الأجنبي لمنع الفوضى. كما أشار إلى أهمية تعزيز التوحيد المالي في موازنة 2025 لمواجهة ضغوط الإنفاق الطويلة الأجل، مع التركيز على السياسات المتعلقة بمخاطر العقارات.

كما أشار إلى أهمية الإصلاحات الاقتصادية على المدى المتوسط والطويل لدعم النمو وسط التحولات الهيكلية؛ مشيراً إلى ضرورة معالجة تراجع القوة العاملة من خلال تحسين الخصوبة، وزيادة مشاركة النساء في العمل، وجذب المواهب الأجنبية، بالإضافة إلى تعزيز تخصيص رأس المال، وتحسين مرونة المؤسسات المالية.