حسابات «القرم»

بوتين أراد ترك بصمة تاريخية لشخصه بضمه شبه الجزيرة.. ومواجهته مع الغرب باتت مفتوحة على كل الاحتمالات

حسابات «القرم»
TT

حسابات «القرم»

حسابات «القرم»

غالبية القادة السياسيين يبذلون جهودا كبيرة ليذكرهم التاريخ إيجابا عندما يتنحون أو يرحلون، والقليل منهم يأتيه في مرحلة ما من حكمه، حدث تاريخي مفاجئ، يعرف كيف يوظفه ويكون من ثم أهم لبنة في إرثه السياسي. أحد هؤلاء القليلين، هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي دخل خلال الفترة القليلة الماضية، بقوة، على خط الثورة الأوكرانية المحلية، وحرك مسألة منطقة القرم، مما خلق أزمة دولية كبرى. وباسترداده القرم، صار بوتين ثالث زعيم روسي - سوفياتي، بعد ستالين وخروشوف، يتخذ خطوة تاريخية كبيرة تجاه شبه الجزيرة. وبات بوتين، من دون شك، اللاعب الرئيس في تطورات الأزمة، وشخصية مثيرة للجدل على المستوى الدولي.
يجمع محللون كثيرون على أن بوتين تحرك في البداية بدافع الرد على الثورة التي أطاحت حليفه الرئيس فيكتور يانوكوفيتش الشهر الماضي وبسبب شعوره بأن الغرب لعب دورا خفيا كبيرا في تلك الانتفاضة التي دامت بضعة أشهر. لكن توابع التحرك الروسي والإيعاز إلى القرم بتنظيم استفتاء سريع من أجل الانضمام إلى روسيا، تقاطعت لاحقا مع مشروع قديم لدى القوميين الروس، يدعو لتصحيح ما يعدونه خطأ من الزعيم السوفياتي أوكراني الأصل، نيكيتا خروشوف بالتنازل عن القرم لأوكرانيا عام 1954. وهكذا، ضرب بوتين عصفورين بحجر: ثأر للإهانة التي لحقت بحليفه، وحقق حلما روسيا قديما أدخله التاريخ.

خلق حدث اقتطاع القرم من أوكرانيا وضمها إلى روسيا، واقعا سياسيا جديدا داخل أوروبا وشكل ما يمكن عده أول تغيير في الحدود الدولية داخل القارة العجوز منذ الحرب العالمية الثانية (إذا استثنينا طبعا تغير الحدود الذي نجم عن تفكك يوغوسلافيا في مطلع التسعينات من القرن الماضي)، وأصبح من ثم بمثابة تحد للدول الغربية التي كان ينظر إليها دوما على أنها الفاعل الرئيس في المسرح الدولي.
«الأسد الجريح»، ممثلا في الغرب بقيادة الولايات المتحدة ورئيسها باراك أوباما، يدرك الآن، أنه أصيب في كبريائه في غمرة أحداث لم يكن مستعدا لها، وأن استعادة كرامته تتطلب الرد، والأخطر من ذلك، تشكل إحساس جديد لدى الغرب بمؤسساته السياسية والعسكرية، بأن التسليم بالأمر الواقع الجديد يعني إطلاق يد بوتين لتكرار «سيناريو القرم» في مناطق أخرى، سواء في الشرق الأوكراني وربما حتى في باقي أوكرانيا ومولدوفا. طبعا، الدول الغربية (الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي) باشرت على الفور، إطلاق عقوبات تمثلت في منع مسؤولين مقربين من بوتين من الحصول على تأشيرات دخول وتجميد أي أصول محتملة لهم، وواضح أن «عملية العقوبات»، التي جرت على دفعتين حتى الآن، ستتواصل وستكون لها تداعيات.
كما أن رهان البعض على أن الأزمة جرى احتواؤها، وأن الأسوأ ولى، قد لا يكون دقيقا، بحسب خبراء في السياسة الدولية. ويقول مدير البرنامج الروسي في معهد «تشاتام هاوس» بلندن، كيير غيلس، لـ«الشرق الأوسط»، إن «منطقة القرم ضاعت من أوكرانيا ولا تستطيع العودة إلى سيادتها»، لكن هناك «خطرا حقيقيا بحدوث اضطرابات في الشرق الأوكراني تتسبب فيها مجموعات روسية الأصل في المنطقة، تخطئ تقدير الحسابات وتدفع بالأمور نحو مواجهات عسكرية». ويشدد غيلس على أن «هذا النوع من المواجهة لا تريده روسيا الآن، وإذا اندلع فإنه سيكون طويلا ودمويا». ويذهب باحث آخر مقيم بلندن وملم بملف المنطقة، هو جوناثان إيل، في هذا الاتجاه التحليلي نفسه، ويقول لـ«الشرق الأوسط»، إنه «في حال امتنع الغرب عن اتخاذ إجراءات أقوى ضد روسيا وشجعها على اعتبار خيار القرم طريقا جيدا لتوسيع النفوذ، فستكون هناك ردود عسكرية أكثر في المستقبل، ومن هذا المنظور يمكن القول إن الأسوأ قد بدأ للتو» على عكس اعتقاد أننا تجاوزناه.
وللتدليل على أن تداعيات اقتطاع القرم من أوكرانيا ستطول، يربط محللون الأزمة الحالية بمحطات سابقة، بدأت مع ارتفاع عائدات النفط عام 2005، مما دفع القيادة السياسية الروسية إلى ضخ أموال كبيرة لتعزيز الترسانة العسكرية للبلاد ثم السعي لجس نبض نفوذها وسط جيرانها في محيطها الغربي، وكان من نتائج ذلك، تجربة الخيار العسكري في جورجيا عام 2008. ويقول إيل، الذي يشغل منصب مدير الدراسات في المعهد الملكي للدراسات الأمنية والدفاعية (مقره لندن ومعروف اختصارا بكلمة روسي)، إن «روسيا استخلصت من درس جورجيا أن الخيار العسكري مفيد على المستوى الدولي، وعليه كررت التجربة بالقرم في عام 2014». ويصف إيل، روسيا تحت قيادة بوتين بأنها «عائدة بحزم وثقة، وتريد اتخاذ خطوات لحماية مصالحها الأمنية». ويتابع أن «من المهم للمجتمع الدولي الآن إذا كان يريد حماية أمن أوروبا، أن يتصرف بطريقة مختلفة عن تحركه خلال أزمة جورجيا عام 2008، وألا يشجع روسيا على اعتقاد أن سياستها الحالية هي الأفيد لها مستقبلا».
ويبدو أن الرئيس بوتين كان مدركا عجز الغرب عن الرد عليه عسكريا خلال الأزمة الأخيرة، ولذا عرف كيف يستغل الفرصة السانحة ويعيد القرم إلى بلاده في غفلة من الحسابات السياسية الدولية. والجميع يعرف أن الغرب لا يمكنه الرد عسكريا على الأزمة الأخيرة، لسببين رئيسين: الأول هو عدم امتلاك حلف شمال الأطلسي الإطار القانوني لتحريك قوات ردا على اقتطاع أرض من دولة ليست عضوا فيه (أوكرانيا لديها برنامج شراكة مع الأطلسي فقط)، والثاني المناخ السياسي الحالي في الولايات المتحدة وأوروبا غير الميال لأي مواجهة عسكرية، خصوصا إذا كانت مع دولة كبرى مثل روسيا تملك حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي وسلاح الردع النووي. لكن هذا لا يعني أن الأميركيين والأوروبيين لم يطرحوا الخيار العسكري خلال الأزمة. ويقول غيلس بهذا الصدد: «بكل تأكيد، كان هناك نوع من النقاش داخل الحلف الأطلسي حول الخيارات العسكرية، مع تطور الأزمة، والأهم من ذلك، سيكون هناك نقاش أكثر الآن حول الخطوات المستقبلية إذا تطورت الأمور وحدث قتال أوسع في مناطق مثل الشرق الأوكراني ونتجت عن ذلك عمليات نزوح للاجئين». ويشدد على أن «الخيار العسكري لدى حلف الأطلسي لم يعد مطروحا الآن، لكنه لم يستبعد كليا من الطاولة».
وبدأ الرئيس الأميركي، أول من أمس، زيارة إلى أوروبا قادته إلى لاهاي، حيث شارك في قمة مجموعة السبع للأمن النووي، ومنها يتوجه إلى بروكسل للمشاركة في القمة الأميركية - الأوروبية. ويتوقع أن تأخذ الأزمة الأوكرانية وتعزيز أمن دول أوروبا الشرقية، حيزا كبيرا من محادثات الرئيس الأميركي. وذكرت معلومات مسبقة أن أوباما يريد تقديم ضمانات أمنية قوية إلى الدول الصغيرة التي انضمت إلى الحلف الأطلسي بعد انفصالها عن الاتحاد السوفياتي، في إشارة إلى موسكو بأن الغرب لن يتساهل إذا تكرر سيناريو القرم في مناطق أخرى.
ومع استبعاد الخيار العسكري، ركز الأميركيون والأوروبيون على أمرين: فرض عقوبات ضد مسؤولين روس وأوكرانيين كبار، والسعي لعزل روسيا في منظمات دولية مثل «مجموعة الثماني» و«منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية». ويجمع محللون على أن سلاح العقوبات يعد فعالا أكثر من سلاح العزلة، كما يلاحظون أن العقوبات الأميركية جاءت أقوى من الأوروبية، واستهدفت مباشرة الدائرة الضيقة المقربة من الرئيس بوتين، وخصوصا تلك التي تمارس ما يمكن تسميته السلطة المالية في روسيا. وقال جوناثان إيل: «إذا أخذت مثلا بعض رجال الأعمال المقربين من بوتين، فإن هؤلاء يحتاجون دوما إلى السفر من أجل ترتيب شؤونهم المالية في الخارج، وعليه (فإن الإجراءات المتخذة بحقهم) تسبب ضررا معتبرا لهم». ويذهب غيلس في نفس الاتجاه متوقعا تأثيرا قويا للعقوبات، ويقول: «في عالم اليوم المتداخل، سيكون هناك أثر على الاقتصاد الروسي من ناحية الأموال والقدرة على الاقتراض من السوق العالمية. فالسوق المالية العالمية، خصوصا سوقي لندن ونيويورك، ستسعى بموجب الإجراءات الجديدة، لفرض أسعار أعلى على الروس عند محاولاتهم الاقتراض في المستقبل».
ويشير محللون إلى أن الفرق بين العقوبات الأميركية ونظيرتها الأوروبية مرده إلى طبيعة اتخاذ القرار لدى الجانبين. فالولايات المتحدة مثلها مثل روسيا تستطيع أن تتحرك منفردة ومستقلة، ولذا كان سهلا عليها اتخاذ عقوبات قوية ضد الدائرة الضيقة المقربة من الرئيس بوتين، بينما يتطلب الأمر من الاتحاد الأوروبي، عندما يريد اتخاذ عقوبات جماعية، موافقة من كل الدول الأعضاء الـ28. ومعروف أن مصالح الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تتباين بشكل كبير في علاقتها مع روسيا. ويقول مصدر أوروبي، تحدثت إليه «الشرق الأوسط»، إن بريطانيا وبولندا هما الوحيدتان اللتان طالبتا بعقوبات فعالة ضد المقربين من بوتين وهو ما عارضته الدول الأخرى في الاتحاد.
ويلاحظ متخصصون أن سلاح العزلة الذي أشهره الغرب في وجه روسيا وتمثل خصوصا في إلغاء اجتماع «مجموعة الثماني» المقرر في منتجع سوتشي في وقت لاحق من العام الحالي ثم التهديد بطرد روسيا من المجموعة كليا، يعد عديم الفاعلية. ويقول جوناثان إيل: «إنه لا يوجد أي تأثير لهذا الأمر، فروسيا لا يعنيها على الإطلاق عدم دعوتها لحضور اجتماعات مجموعة الثماني، والروس يعرفون أن أي عزلة ستكون مؤقتة بناء على تجارب سابقة». ويشير إلى أن «مجموعة الثماني» لا تمثل أهمية كبيرة بالنسبة لروسيا، على عكس الأمم المتحدة التي تنظر إليها بأنها منظمة مهمة، وهي تعلم أنه لا يمكن عزلها منها بسبب امتلاكها العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي. ويرى محللون آخرون أن «مجموعة الثماني لا تعمل أصلا بشكل جيد، ولو كانت تؤدي دورا فعالا لتفادينا من الأصل نزاع أوكرانيا».
وإضافة إلى العقوبات والعزلة، سيتعين على روسيا الآن تحمل تكلفة مالية كبرى بعد ضمها القرم التي يسكنها نحو مليوني نسمة. وتفيد تقارير بأن شبه الجزيرة باتت الآن بحاجة إلى شبكات لوجيتسكية جديدة لتوفير الغاز والماء والطرق من البر الروسي، من دون الاعتماد على أوكرانيا. وتفيد تقارير بأن القرم تعتمد بنسبة 80 في المائة على أوكرانيا في التزود بالماء والكهرباء. ويقول فاليري شالي، مدير «مركز رازومكوف الأوكراني للدراسات السياسية والاقتصادية»، إنه سيتعين على روسيا تحمل تكلفة تصل إلى خمسة مليارات يورو سنويا بعد ضمها القرم. إلا أن جوناثان إيل يرى في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن أمر التكلفة المالية لا يشكل قلقا لروسيا، و«موسكو أظهرت في مناسبات كثيرة أنها تقبل تكبد معاناة اقتصادية من أجل توسيع نفوذها وتلبية مطالب أمنية».
كذلك، سيتعين على روسيا دفع ثمن سياسي باهظ تجاه التطورات الأخيرة. فموسكو بابتلاعها منطقة القرم، تكون قد خسرت أوكرانيا إلى الأبد، وكان من التداعيات الفورية لاستفتاء القرم، توقيع الاتحاد الأوروبي مع الحكومة الأوكرانية الجديدة على شق سياسي من اتفاق شراكة قد يمهد على المدى المتوسط لعملية انضمام، علما بأن امتناع يانوكوفيتش عن توقيع هذا الاتفاق في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي كان سبب الشرارة الأولى لكل ما حدث في المنطقة. كما يتوقع أن يسرع حلف شمال الأطلسي الآن، مساعيه لضم أوكرانيا دون وجود اعتراض كبير لدى السلطات الجديدة في كييف. وبكل تأكيد، سيفعل حلف الأطلسي الأمر ذاته مع جورجيا التي ترتبط مع الحلف بشراكة أيضا. ومن هذا المنظور، يكون بوتين قد تسبب في إحداث توجس أمني لدى عدوه اللدود (حلف الأطلسي) وساعده على الاقتراب أكثر تجاه الحدود الروسية.
وحول دور بوتين في الأزمة الأوكرانية إجمالا، يقول محلل غربي إن جذور النزاع تتعلق أساسا بمن يملك التأثير في الفضاء السوفياتي السابق، والقضية لم تكن أبدا مرتبطة بوضع الروس في القرم ولم تكن هناك أي مؤشرات على أن روس القرم يعانون التمييز. ويصر على أن جذور الأزمة بدأت بالثورة التي أطاحت يانوكوفيتش من قبل الشعب الأوكراني والرئيس بوتين تدخل لاحقا و«كان مصرا على إظهار من السيد في المنطقة».



جوزف عون... قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب

العماد جوزف عون خلال قيادته معركة «فجر الجرود» في 2017 (أ.ف.ب)
العماد جوزف عون خلال قيادته معركة «فجر الجرود» في 2017 (أ.ف.ب)
TT

جوزف عون... قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب

العماد جوزف عون خلال قيادته معركة «فجر الجرود» في 2017 (أ.ف.ب)
العماد جوزف عون خلال قيادته معركة «فجر الجرود» في 2017 (أ.ف.ب)

ارتبط اسم قائد الجيش اللبناني جوزف عون، في أذهان اللبنانيين بمعركتين صعبتين: الأولى «معركة الجرود» التي قادها بنجاح أمام مئات المسلحين من تنظيمَي «داعش» و«جبهة النصرة» في 2017، والأخرى حربه الطويلة ضد المحسوبيات والفساد في المؤسسة العسكرية التي تمكن من الحفاظ عليها كواحدة من المؤسسات القليلة الصامدة في بلد يعاني انهياراً شاملاً.

لكن ربما يكون الجنرال الأول في لبنان مقبلاً على المعركة الأصعب في تاريخه على الإطلاق، مع عودة اسمه مرشحاً قوياً لرئاسة الجمهورية، تعوِّل عليه أطراف عدة لملء الفراغ الرئاسي الذي أتم عامه الثاني، والخروج بالبلاد من تبعات حرب طاحنة.

يرصد جنرال سابق في الجيش اللبناني زاملَ عون، تشابهاً بين الأخير وبين الرئيس الراحل فؤاد شهاب الذي كان أول قائد للجيش يصبح رئيساً للجمهورية وشهد عهده إصلاحات واسعة. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «قائد الجيش يشبه المجهول الذي كأنه فؤاد شهاب الملقب بالصامت الأكبر... لا يمكنه أن يقول كلمة لا يستطيع تنفيذها. ولذلك يتعامل الجميع معه برهبة».

ويوضح أن «مشكلة العماد عون أنه لا يدخل في بازارات سياسية. كثيرون في الداخل وفي الخارج دعوه إلى الدخول في بازار سياسي. دعوه إلى إطلاق مواقف تُرضي هذا الطرف أو ذاك. لكنه غير معنيّ بأي بازار سياسي».

لكن مَن هذا الرجل الذي «يشبه المجهول» ويترفع عن «البازارات السياسية»؟ وما حظوظه في الوصول إلى قصر بعبدا؟

يشغل العماد عون منصب قائد الجيش منذ 8 مارس (آذار) 2017، وهو من مواليد عام 1964 في منطقة سن الفيل بقضاء المتن قرب بيروت، لكنه يتحدر من بلدة العيشية في جنوب لبنان. يتقن اللغتين الفرنسية والإنجليزية ويحمل إجازة في العلوم السياسية (اختصاص شؤون دولية) وإجازة جامعية في العلوم العسكرية. متزوج ولديه ولدان. تطوّع عون في الجيش بصفة تلميذ ضابط وأُلحق بالكلية الحربية عام 1983.

«فجر الجرود» وعمادة الدم

بدأ دور عون في البروز عام 2015 عندما عُيّن قائداً للواء التاسع المنتشر على الحدود مع إسرائيل. لكن سرعان ما تم نقله بعد عام إلى شرق لبنان حيث كان يتحصن في مناطق جرداء على الحدود مع سوريا مئات المسلحين المنتمين إلى تنظيمي «جبهة النصرة» و«داعش».

العماد عون خلال معركة «فجر الجرود» في 2017 (أ.ف.ب)

خطف التنظيمان آنذاك مجموعة من العسكريين الذين ذُبح بعضهم أو أُعدم بالرصاص. تصدى عون لهذا التحدي الإرهابي ولكن من قيادة الجيش، إذ تمت ترقيته إلى رتبة عماد وتعيينه قائداً للمؤسسة العسكرية في 8 مارس (آذار) 2017، في ظل تولي العماد ميشال عون (لا صلة قرابة بينهما) رئاسة الجمهورية.

أطلق الجيش بقيادة جوزف عون، في 19 أغسطس (آب) 2017، عملية «فجر الجرود» لطرد المتشددين من معاقلهم الحدودية مع سوريا، وهو ما تمكن من تحقيقه بسرعة. توجّه عون وقتها إلى جنوده قائلاً: «بعد أن أنهيتم عملية (فجر الجرود) التي حققتم فيها انتصاراً حاسماً على الإرهاب بطرده من جرود بلدتي رأس بعلبك والقاع، تعود هذه المنطقة العزيزة إلى كنف السيادة الوطنية، معمّدةً بدماء رفاقكم الشهداء والجرحى وبعرق جباهكم الشامخ».

وفي 30 أغسطس، قال قائد الجيش عن تلك المعركة: «كنت أمام خيارين. إما أن أكمل المعركة من دون معرفة مصير العسكريين، وإما أن أوقفها وأعرف مصيرهم ولا أخسر مزيداً من الشهداء»، مضيفاً أن الأهم بالنسبة له كان الانتصار في المعركة من دون خسائر في صفوف الجيش.

حماية انتفاضة 2019

فرحة الانتصار في معركة «الجرود» لم تدم طويلاً. إذ سرعان ما دخلت البلاد في سلسلة أزمات سياسية واقتصادية وأمنية تُوّجت في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 بانفجار انتفاضة شعبية ضد الطبقة الحاكمة. اضطر العماد عون إلى نشر الجيش بطريقة تحمي المحتجين وحقهم في التظاهر السلمي، من دون السماح بالمس بمؤسسات الدولة.

أثار هذا الدور للمؤسسة العسكرية آنذاك حنق الرئيس ميشال عون الذي رأى أن المظاهرات تستهدفه شخصياً. كان ذلك واضحاً فعلاً من الشعارات التي رددها محتجون حاولوا الوصول إلى القصر الجمهوري في بعبدا، ورفع بعضهم صور قائد الجيش.

متظاهرون يرفعون صور قائد الجيش في وسط بيروت خلال انتفاضة 2019 (أ.ف.ب)

أدت الاحتجاجات الشعبية إلى تعميق الانقسام بين الطبقة السياسية وشريحة واسعة من المواطنين المطالبين بالتغيير. وفي ظل هذا الانقسام، تعمّقت أزمات البلاد التي شهدت انهياراً اقتصادياً مخيفاً تجلى خصوصاً في تراجع قيمة العملة الوطنية من 1500 ليرة للدولار الواحد إلى 90 ألف ليرة للدولار. وزاد الطين بلة أن المصارف اللبنانية قلّصت قدرة المواطنين على سحب مدخراتهم التي تبخرت قيمتها الفعلية، فيما دخلت البلاد مرحلة إفلاس بعدما عجز المصرف المركزي على سداد مستحقات الديون المترتبة على لبنان.

وإذا كان كل ذلك لا يكفي، فقد جاء انفجار مرفأ بيروت، في أغسطس 2020، وهو أحد أكبر الانفجارات غير النووية في التاريخ الحديث، ليسلط الضوء على عمق الانهيار في لبنان.

لكن الانتخابات النيابية التي جرت عام 2022 لم تؤدِّ في الواقع إلى تغيير يُذكر، إذ أعاد اللبنانيون انتخاب برلمان منقسم على نفسه، كما كان حاله قبل الانتفاضة. وانتهى عهد رئيس الجمهورية في أكتوبر 2022 من دون أن يتمكن البرلمان من انتخاب خلف له. ودخلت البلاد منذ ذلك الوقت في فراغ عمّ مؤسسات الدولة التي بات كثير منها يُدار بالوكالة أو من خلال تصريف الأعمال.

«عشرات ملايين الدولارات لم تغيّره»

في ظل هذه الصورة السوداوية للوضع العام في لبنان، برزت المؤسسة العسكرية بوصفها واحدة من المؤسسات القليلة التي صمدت في وجه الانهيار. يقول سياسي لبناني يعرف قائد الجيش عن قرب لـ«الشرق الأوسط»، إن «مؤسسة الجيش بقيادة العماد عون برزت صمام أمان يعطي الأمل بأن لبنان قادر على الخروج من أزماته».

ويوضح السياسي الذي فضل عدم نشر اسمه، أن عون باشر منذ تسلمه قيادة الجيش في 2017 حملة واسعة لمكافحة الفساد والمحسوبيات داخل المؤسسة العسكرية، طالت عدداً كبيراً من العسكريين.

لكن دور عون «محارب الفساد» لم يكن سوى عامل واحد من العوامل التي دفعت إلى بروز اسمه بصفته شخصية يُعوَّل عليها للعب دور يُنقذ البلد من الانهيار. يقول السياسي في هذا الإطار: «هناك ما تُعرف بالأموال الخاصة في الجيش، وهي تأتي من خارج الموازنة التي تحددها الحكومة من خلال وزارة المالية. هي عبارة عن هبات أو أموال يحصل عليها الجيش من نشاطات وأعمال يقوم بها. بعد عام 2020، بات الجيش شبه مفلس. موازنته التي كانت تعتمد الدولار على أساس 1500 ليرة صارت تواجه دولاراً سعره 90 ألف ليرة».

ويوضح أن «دولاً صديقة للبنان حوّلت مساعداتها للجيش، خصوصاً بعد انفجار المرفأ. قالت إنها لا تثق إلا بالجيش لتوزيع المساعدات. وهكذا صارت كل المساعدات تُحوّل إلى الجيش وتذهب إلى ما تُعرف بالأموال الخاصة الموضوعة بتصرف قائده. نحن نتحدث هنا عن عشرات ملايين الدولارات. وعلى مدى 4 سنوات من تولي العماد عون إدارة هذه الأموال لم يتمكن أحد من خصومه أو خصوم المؤسسة العسكرية من تقديم دليل واحد على أن إنفاق هذه الأموال يتم في غير محله. عشرات ملايين الدولارات من الأموال الخاصة موضوعة بتصرف قائد الجيش، لكنها لم تغيّره. ما زال العماد عون مثلما كان عندما تولى قيادة الجيش في 8 مارس 2017. لم يتغير».

الجيش أمام اختبار «الفتنة»

منعطف آخر في مسيرة قائد الجيش يعزز حظوظه لاعباً أساسياً محتملاً في مستقبل بلد منقسم على نفسه. لعب عون على رأس المؤسسة العسكرية دوراً لا يقل شأناً في حماية السلم الأهلي، حين طوّق حادثتين كادتا تعودا بلبنان إلى مربع الحرب الأهلية.

وقعت الحادثة الأولى في منطقة الطيونة ببيروت، في 14 أكتوبر 2021. نظّم وقتها مؤيدون لـ«حزب الله» و«حركة أمل» مسيرة اعتراضاً على رد دعوى قضائية لاستبعاد قاضي التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، طارق بيطار، عن القضية. فقد اتهمه مؤيدو «الثنائي الشيعي» بأنه «منحاز ومُسيّس» وطالبوا باستبعاده عن التحقيق، وسط أنباء عن إمكان توجيهه التهمة إلى «حزب الله» بالمسؤولية عن الانفجار.

مرّت المسيرة بين شطرين في بيروت تقطن إحداهما غالبية مسيحية فيما تقطن في الجانب الآخر غالبية شيعية. وقع إطلاق نار تطوَّر إلى انتشار لمسلحي الحزب والحركة وصدام بينهم وبين سكان المنطقة المسيحية. دفع الجيش بقواته لإنهاء الصدام وسيطر على الوضع الأمني. أدت المواجهات وقتها إلى سقوط 6 قتلى وأكثر من 32 جريحاً.

عناصر من الجيش اللبناني ينتشرون في بلدة الكحالة العام الماضي بعد الاشتباكات (رويترز)

تمثّل الحادث الثاني في اشتباكات 9 أغسطس 2023 بين عناصر من «حزب الله» وعدد من سكان بلدة الكحالة المسيحية، شمال بيروت. وقع الحادث على خلفية انقلاب شاحنة تابعة للحزب تردد أنها كانت تنقل أسلحة، فتجمّع سكان من الكحالة حولها.

لكن الأفراد الذين كانوا في الشاحنة ضربوا طوقاً أمنياً حولها، واشتبكوا مع السكان، مما أدى إلى سقوط قتيل من الكحالة وأحد عناصر «حزب الله». وهنا أيضاً تدخل الجيش، بقيادة عون، لمنع انزلاق البلاد من جديد في أتون نزاع أهلي.

«شهابية ثانية»؟

يرى السياسي اللبناني الذي تحدث إلى «الشرق الأوسط» أن دور الجيش في هاتين الأزمتين «يجب أن يُطمئن جميع الأطراف»، بما في ذلك «حزب الله»، إلى نوع الرئاسة التي يجب توقعها في حال انتخاب جوزف عون رئيساً. ويضيف: «يعرف (حزب الله) أن الجيش لن يصطدم به. فالجيش بقيادة جوزف عون عرف كيف يكون صمام أمان للسلم الأهلي... من الطيونة إلى الكحالة. في الطيونة كان هناك محسوبون على بيئة (حزب الله)، وتدخل الجيش وحمى السلم الأهلي. وفي الكحالة تدخل الجيش أيضاً على خلفية ما حصل لشاحنة الأسلحة المزعومة لـ(حزب الله). الحزب يعرف هذين النموذجين. وهما يحصلان كل يوم».

ويقدّر أن «(حزب الله) لا يعترض في المبدأ على ترشيح عون، لولا أنه أعلن منذ البدء دعمه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية إذا أراد الترشح للرئاسة». وينقل عن فرنجية قوله لمسؤولين إنه كان في جلسة مع الأمين العام الراحل لـ«حزب الله» حسن نصر الله حين قال له الأخير: «لو لم تكن مرشحاً فليس عندنا مشكلة في ترشيح قائد الجيش».

في المقابل، يرى الجنرال السابق الذي زامل عون أن قضية ترشيح الأخير للرئاسة لا تتعلق بمن معه ومن ضده. ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الفرز ليس حول من معه ومن ضده. السؤال المطروح هو: هل هناك مشروع لإنقاذ لبنان أم لا. الإجابة عن هذا السؤال تحدد مسار وصول العماد عون للرئاسة».

ويوضح: «نحن الآن في وضع انهيار الثقة بلبنان داخلياً وخارجياً. المواطن اللبناني انهارت ثقته بدولته. المجتمع الدولي انهارت ثقته بكل ما هو لبناني. وفي المقابل، يجد جوزف عون نفسه على رأس مؤسسة هي آخر المؤسسات الصامدة بين حطام هذا البلد. ولذلك فإن أصدقاء لبنان يفكرون في هذا المثال الذي تقدمه المؤسسة العسكرية وقائدها».

ويلفت إلى أن «هذا المثال يمكن أن يقنع من لم يرحل من لبنان بأن هناك ثقة في أن البلد لن يتحول إلى جثة هامدة. نحن نتحدث هنا عن الشهابية الثانية، ولكن هل هناك إجماع عليها في الداخل أو الخارج؟».

قائد الجيش مع رئيس مجلس النواب نبيه بري (الوكالة الوطنية)

دور ما بعد الحرب

الرهان على دور مستقبلي يلعبه العماد عون، في حال ترشحه للرئاسة، يبدو بلا شك مرتبطاً بما يمكن أن يقوم به بعد انتهاء الحرب الحالية بين «حزب الله» وإسرائيل. وأحد السيناريوهات المطروحة هو نشر الجيش على الحدود الجنوبية، تطبيقاً لقرار مجلس الأمن الرقم 1701، في خطوة تؤدي إلى التطبيق الفعلي لمنع الانتشار المسلح لـ«حزب الله» قرب الحدود.

في هذا الإطار، يرى العميد المتقاعد إلياس حنا، أنه «ليس هناك أفضل من العماد جوزف عون لقيادة المرحلة المقبلة». ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن رؤساء لبنان «يأتون عادةً في ظل ظروف تفرض وصول رئيس جمهورية بنوع معين وضمن توافق أو إجماع. مثلاً، يأتي ظرف مهم فيُطرح اسم رئيس بقبول دولي وعدم ممانعة كبيرة محلياً. هذا ما حصل مع فؤاد شهاب بعد عام 1958 (الثورة ضد حكم الرئيس كميل شمعون). في السبعينات، اختير إلياس سركيس رئيساً من السوريين، رغم أنه عاد وانقلب عليهم. كان رئيساً لتمرير مرحلة. في فترة الهيمنة السورية، كان كل الرؤساء مفروضين سورياً ويعملون ضمن الإطار السوري».

أما في الظرف الحالي، فيشدد حنا على أنه «من المهم أن يأتي رئيس توافقي. لا تستطيع أن تأتي بشخص يُعد رئيس تحدٍّ. هذا ما حُكي فيه باللقاء الثلاثي الأخير بين نبيه بري (رئيس البرلمان) ونجيب ميقاتي (رئيس الحكومة) ووليد جنبلاط (زعيم الحزب الاشتراكي). ولذلك فإن السؤال المطروح هو: ما الوظيفة أو المرحلة الانتقالية التي نريد الإتيان بها في هذا الظرف؟».

وينوه إلى أن «العماد عون ليس مقرباً من (حزب الله)... لكن الحزب سيرى نفسه خارجاً من حرب مضنية، ويمكن أن يرى أنه أمام قرار دولي جديد أو القرار 1701 معدلاً أو بمنظومة مختلفة وقواعد اشتباك جديدة لقوات الطوارئ. الجيش لن يشتبك مع الحزب... لكن الوظيفة المستقبلية للجيش ستتطلب نشره مع قوات (يونيفيل) وتعزيز استعادة الدولة سيادتها على كل أراضيها. الطرف الأكثر جهوزية لتنفيذ ذلك هو الجيش. ولذلك هناك حاجة لشخص يعرف الجيش من داخله بالتفصيل وأمضى فيه فترة طويلة. ليس هناك أفضل من أن يكون هذا الشخص جوزف عون».

عون بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وقائد قوات «يونيفيل» الجنرال أرولدو لاثارو (الأمم المتحدة)

ويشير حنا إلى أنه «عندما يأتي عون رئيساً للجمهورية ويتم تعيين قائد للجيش يتجانس معه، يكون التناغم بينهما تناغماً صحيحاً. سيكون رئيس جمهورية لكل اللبنانيين ويعيد ترتيب المرحلة».

ويضيف أن «العماد عون هو الأكثر قدرة على إيجاد حل لقضية (حزب الله)، سواء من خلال ضم الحزب ضمن الدولة أو نزع سلاحه وإيجاد حل لمقاتليه. لا أحد في المؤسسة العسكرية أهم من جوزف عون وأكثر قدرة منه على تحقيق هذا الهدف. المؤسسة العسكرية، رغم الاختلاف المذهبي والطائفي داخلياً في البلد، هي المؤسسة الوحيدة التي تجمع النسيج الوطني كله. هي المؤسسة الوحيدة التي بقيت صامدة، وعون استطاع إخراجها من مرحلة اقتصادية صعبة وتحديات شعرنا بها جميعاً».

خيار بين لبنانين

ويتفق السياسي اللبناني الذي تحدث إلى «الشرق الأوسط» مع رأي العميد حنا في أن العماد عون يمكن أن يمثل مخرجاً للأزمة الحالية، لكنه يحذّر من عمق الانقسام من البلد. ويقول: «البلد في الحقيقة منقسم بشكل حاد وعنيف. هناك كمية تحريض وأحقاد تُبَث من كل الأطراف. في ظل هذا الوضع صار هناك انطباع بأن هناك لبنانين. لبنان (حزب الله) والولاء لولاية الفقيه. ولبنان آخر مناقض تماماً للبنان (حزب الله)، ويقول إن لبنان (حزب الله) لا يشبهه ولا نستطيع العيش معه. هناك لبنانان لا يطيق أحدهما الآخر».

ورأى أن «جوزف عون هو الخيار الوحيد الذي يؤمّن الضمان لـ(حزب الله)، والذي يستطيع تطمين وجدان المسيحيين وإقناعهم بالبقاء في دولة واحدة عوض التقسيم. لكنَّ هذا المشروع لم ينضج بعد، لأن عون حتى الآن يترفع عن الدخول في المساومات السياسية (التي قد يتطلبها تمرير ترشيحه)، وهذه نقطة ضعف، لكنها في الوقت نفسه نقطة قوته لأنها تحتفظ له بالمسافة المطلوبة من الأفرقاء السياسيين».

حقائق

المؤسسة العسكرية... مسار لرؤساء الجمهورية في لبنان

في حال وصول قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون، إلى رئاسة الجمهورية، لن يكون بالطبع الرئيس الوحيد القادم من رأس المؤسسة العسكرية.

  • كان الأول فؤاد شهاب الذي تولى الرئاسة خلال الفترة من سبتمبر (أيلول) 1958 حتى 22 سبتمبر 1964. شغل شهاب منصب قائد الجيش ثم منصب وزير الدفاع. انتُخب رئيساً خلفاً للرئيس كميل شمعون عقب ثورة عام 1958. خلال فترة حكمه تعزز دور الأجهزة الأمنية (المكتب الثاني)، لكنه قام بإصلاحات واسعة في الإدارة.
  • خلال فترة الهيمنة السورية في لبنان، انتُخب إميل لحود، الآتي من قيادة الجيش، رئيساً للجمهورية في نوفمبر (تشرين الثاني) 1998. استمر لحود في سدة الرئاسة حتى نوفمبر 2007، بعدما فرض السوريون التمديد له لولاية ثانية (في عام 2004). غادر قصر بعبدا من دون أن يسلم السلطة لرئيس جديد بسبب فشل البرلمان في انتخاب خلف له.
  • بقي منصب رئاسة الجمهورية فارغاً حتى مايو (أيار) 2008 عندما انتخب البرلمان قائد الجيش ميشال سليمان رئيساً وفق ما عُرف باتفاق الدوحة بين الأفرقاء اللبنانيين. استمر سليمان في منصبه حتى مايو 2014، وغادر القصر من دون انتخاب خليفة له.
  • ظل منصب الرئاسة شاغراً حتى عام 2016 عندما انتُخب قائد سابق للجيش مرة جديدة لمنصب رئيس الجمهورية. استمرت فترة ولاية العماد ميشال عون حتى عام 2022، وهي فترة شهدت انهياراً واسعاً للبلاد وسط تحذير أطلقه عون نفسه من أنها «ذاهبة إلى جهنم» إذا لم تحصل معجزة تمنع ذلك.