المعارضة السورية تتوعد بردٍ قاسٍ على هجوم إيراني محتمل يستهدف خان طومان

الجيش الحر يتقدم بريف حلب الشمالي ويستعيد جارز ويحمول من «داعش»

امرأة سورية بين أنقاض عمارات مهدمة بفعل غارات النظام على معرة النعمان التابعة لإدلب (رويترز)
امرأة سورية بين أنقاض عمارات مهدمة بفعل غارات النظام على معرة النعمان التابعة لإدلب (رويترز)
TT

المعارضة السورية تتوعد بردٍ قاسٍ على هجوم إيراني محتمل يستهدف خان طومان

امرأة سورية بين أنقاض عمارات مهدمة بفعل غارات النظام على معرة النعمان التابعة لإدلب (رويترز)
امرأة سورية بين أنقاض عمارات مهدمة بفعل غارات النظام على معرة النعمان التابعة لإدلب (رويترز)

حقق الجيش السوري الحرّ تقدمًا عسكريًا على تنظيم داعش في ريف حلب الشمالي، بشمال سوريا، مستعيدًا السيطرة على بلدتي جارز ويحمول بمساندة المدفعية التركية وطيران التحالف الدولي. ومن جهة ثانية توعّدت المعارضة بـ«ردّ قاسٍ ومفاجئ على الهجوم الذي تعدّ له القوات الإيرانية والروسية على مدينة خان طومان في الريف الجنوبي لحلب». كذلك شنّ تنظيم داعش هجومًا على مناطق سيطرة النظام في مدينة دير الزور، وقتل 20 عنصرًا من قوات الأسد وسيطر على مستشفى واحتجز جهازه الطبي.
مكتب «أخبار سوريا» المعارض أعلن أن فصائل من الجيش الحر أبرزها «فرقة السلطان مراد» ولواءا «الحمزات» و«المعتصم»، شنت هجومًا على قرى براغيدة وجارز ويحمول والكفرة ودوديان، ما أدى إلى اندلاع مواجهات مع عناصر التنظيم استمرت أكثر من خمس ساعات، أسفرت عن السيطرة على جارز ويحمول». وتابع أن «المدفعية التركية ساندت الجيش الحر عبر قصفها نقاط التنظيم داخل القرى بالقذائف، كما قصف طيران التحالف الدولي مواقع له في المنطقة لقطع طرق إمداده، ولإسناد فصائل المعارضة المهاجمة». وأشار إلى أن «الاشتباكات أدت إلى مقتل ثلاثة عناصر من المعارضة وإصابة خمسة آخرين بجروح، في حين قتل عدد غير معروف من التنظيم، نظرا لتكتمه الإعلامي».
ومن جهته، أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «سبعة مدنيين بينهم طفلان قتلوا، جراء استهداف فصائل المعارضة المسلحة بالقذائف الصاروخية خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية الأحياء الغربية لمدينة حلب، الواقعة تحت سيطرة قوات النظام». في هذا الوقت، أوضح الناشط المعارض في حلب عبد القادر علاف، أن «المعارك مع تنظيم داعش لم تتوقف، خصوصًا في بلدة جارز التي خسرها الجيش الحر ثم استعادها لنحو عشر مرات». وأكد علاّف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» شارحًا أن الجيش الحرّ اتخذ قرارًا بتنظيف الشمال السوري من «داعش» وهو يحظى الآن بدعم من التحالف الدولي ومن تركيا ومن أصدقاء الشعب السوري. واستطرد «المعارضة تخوض معارك على جبهتين في وقت واحد، الأولى مع (داعش) والثانية مع النظام والميليشيات المتحالفة معه وهي مستمرة»، معتبرًا أن «التقدم في هذه المعركة أو تلك يبقى رهن الدعم الذي يتلقاه الثوار»، مبديًا أسفه لـ«غياب الإرادة الدولية حيال التخلص من (داعش) في سوريا».
الناشط المعارض، أكد أن «معنويات الثوار في جنوب حلب، خصوصًا في خان طومان مرتفعة جدًا». وكشف أن «الفصائل المسلّحة تمكنت في الساعات الماضية من صدّ محاولات للقوات الإيرانية لسحب جثث مقاتليها من الأرض». وتحدث علاّف أيضًا عن معلومات متوفرة للمعارضة عن «حشود برية يعدّ لها الإيرانيون والروس لاقتحام خان طومان»، وشدد على أن «ردّ المعارضة على أي هجوم سيكون قاسيا ومفاجئًا». وقال علاف أن «الفصائل الموجودة في جنوب حلب تلقت دعمًا تسليحيًا وبشريًا وباتت مستعدة لكل الاحتمالات، وأي هجوم سيكبّد المهاجمين مزيدًا من الخسائر ويعمّق مأزقهم أكثر مما هو عليه الآن».
وتعليقًا عن استهداف فصائل المعارضة مناطق سيطرة النظام غرب حلب ومقتل مدنيين، أوضح علاف أن هذا الأمر «نفاه الثوار في حلب المحررة». وأضاف: «لقد ثبت لنا مرات عدّة أن النظام يستخدم نفس القذائف التي تستخدمها المعارضة، ويطلقها من مواقعه على مناطق مدنية خاضعة لسيطرته، من أجل اتهام المعارضة بقتل المدنيين».
هذا، وشهدت محافظة حماه، اشتباكات عنيفة أمس بين «جبهة النصرة» وحركة «أحرار الشام الإسلامية» و«أجناد حمص» وفصائل إسلامية أخرى من جهة، وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة ثانية، في محيط قرية الزارة بأقصى ريف حماه الجنوبي على الحدود الإدارية مع ريف حمص الشمالي، وترافقت الاشتباكات مع ضربات كثيفة نفذتها الطائرات الحربية التابعة للنظام استهدفت مناطق في القرية التي سيطرت عليها المعارضة قبل ثلاثة أيام.
أما على جبهة دير الزور بشرق سوريا، فقد قتل 20 عنصرًا من قوات النظام السوري أمس السبت في هجوم شنه تنظيم داعش وسيطر خلاله على مستشفى في مدينة دير الزور في شرق سوريا واحتجز فريقه الطبي. فيما قتل ستة من أفراد التنظيم في محيط المستشفى المذكور.
وأوضح مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية أن «تنظيم داعش شنّ هجوما على مستشفى الأسد عند المدخل الغربي لمدينة دير الزور، ما أسفر عن مقتل 20 عنصرًا من قوات النظام والمسلحين الموالين لها الذين كانوا يعملون على حماية المستشفى»، مشيرًا إلى أن التنظيم «سيطر على المستشفى واحتجز الكادر الطبي فيه، ولا يزال مصيره مجهولاً». وللعلم، يسيطر «داعش» منذ العام 2013 على الجزء الأكبر من محافظة دير الزور الحدودية مع العراق وحقول النفط الرئيسية فيها والتي تعد الأكثر إنتاجا في سوريا. ويسعى التنظيم المتطرف منذ أكثر من عام للسيطرة على كامل المحافظة حيث لا يزال المطار العسكري وأجزاء من مدينة دير الزور تحت سيطرة قوات النظام، لكنه حقق منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، تقدما في مدينة دير الزور وسيطر على عدة أحياء وبات موجودا في أكثر من 60 في المائة منها. ويشدد التنظيم منذ مطلع العام 2015 حصاره على الأحياء التي لا تزال بأيدي قوات النظام في وسط وشرق وجزء من غرب المدينة، حيث يعيش نحو 200 ألف شخص في ظروف إنسانية صعبة، ويتم إدخال مساعدات ومواد غذائية إليهم عن طريق المهربين أو جوا بواسطة المروحيات السورية أو الروسية.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.