ترحيل متهم بالقرصنة لصالح الأسد إلى الولايات المتحدة

اثنان من القراصنة السوريين على قائمة «أكثر المطلوبين إلكترونيًا»

ترحيل متهم بالقرصنة لصالح الأسد إلى الولايات المتحدة
TT

ترحيل متهم بالقرصنة لصالح الأسد إلى الولايات المتحدة

ترحيل متهم بالقرصنة لصالح الأسد إلى الولايات المتحدة

رحلت السلطات الألمانية أحد القراصنة المشتبه بهم من العاملين لدى (الجيش السوري الإلكتروني)، الداعم لحكومة النظام السوري، إلى الولايات المتحدة، بتهم تتعلق بالتآمر، لها صلة بمخطط للابتزاز قائم على القرصنة، وفقًا لتصريحات مسؤولين أميركيين، أول من أمس.
وتم ترحيل بيتر رومار (36 عاما) على متن طائرة متجه إلى مطار دالاس الدولي يوم الاثنين، كما أفاد المسؤولون. ويتوقع أن يمثل أمام إحدى المحاكم الفيدرالية في المنطقة الشرقية من ولاية فيرجينيا.
ورومار سوري كان يعيش في منطقة والترشوزين الألمانية، وعمل مع أعضاء من الجيش السوري الإلكتروني لابتزاز الأموال من الضحايا، بما في ذلك شركات الإنترنت في الولايات المتحدة، وفقًا للشكاوى الجنائية التي رفع عنها الحظر في مارس (آذار). ويعتبر الجيش السوري الإلكتروني من مجموعات القرصنة الإلكترونية التي كانت متورطة منذ عام 2011، على الأقل، في عمليات التسلل والاختراق الحاسوبي لدعم الرئيس بشار الأسد، كما أفاد المسؤولون.
فراس دردر، وهو من أعضاء الجيش السوري الإلكتروني وكان يعيش في حمص السورية، عمل في الفترة بين عام 2013 وعام 2014، على اختراق ما يقرب من 14 شركة في الولايات المتحدة، والصين، وأوروبا، ودول أخرى، وهناك شركة واحدة منهم لديها خادم (سيرفر)، في ولاية فيرجينيا، وفقا للشكوى المقدمة.
وبعد الوصول إلى حاسوب الضحية، كان دردر يقوم بإعادة توجيه حركة المرور على الإنترنت من أنظمة الشركة، ويعمل على تشويه النصوص على موقعها، ويرسل رسائل باستخدام حسابات الضحية، ويسرق البيانات الخاصة بها، وينخرط في أنشطة غير قانونية أخرى، وفقا لأعضاء النيابة العامة.
بعد ذلك، يطالب القرصان مبالغ مالية من الضحايا، ويهدد بإحداث المزيد من الضرر أو بيع المعلومات المسروقة إلى قراصنة آخرين إذا لم تذعن الشركة وتدفع الأموال، وفقا للشكوى المقدمة. ووصل إجمالي ما طلبه دردر نصف مليون دولار من الشركات الفردية في جزء من مخطط الابتزاز، على الرغم من أنه ورومار قد قبلوا بمبالغ أصغر من قبل.
وقال ممثلو الادعاء إن رومار كان يتلقى الأموال من الضحايا الذين يتعذر عليهم نقل الأموال مباشرة إلى دردر، بسبب العقوبات الدولية المفروضة على سوريا. ثم يحاول العثور على وسيلة بعد ذلك لإرسال الأموال إلى دردر في سوريا. وفي حالة تتعلق بإحدى شركات استضافة مواقع الإنترنت في كاليفورنيا، قال إنه أحال الأموال إلى أحد الوسطاء في لبنان، وفقا للشكوى المقدمة. وفي حالة أخرى لها علاقة بقرصنة شركة لاستضافة مواقع الإنترنت في سويسرا، رتب دردر سداد مبلغ 5 آلاف يورو، أو ما يساوي 5700 دولار تقريبا، لقاء تقرير حول كيفية قيامه بعملية اختراق موقع الشركة. ووفقا للشكوى، أخبر دردر الشركة السويسرية بإرسال الأموال إلى حساب رومار على موقع باي - بال.
ووجهت سلسلة الاتهامات بحق دردر ورومار وقرصان ثالث يدعى أحمد عمر أغا من الجيش السوري الإلكتروني، في سبتمبر (أيلول) وكلها تتعلق بجرائم القرصنة على الإنترنت. وكان من بين أهداف دردر وأغا جامعة هارفارد الأميركية، وصحيفة واشنطن بوست، وموقع البيت الأبيض الحكومي، وصحيفة يو إس إيه توداي، ووكالة ناسا الفضائية، وشركة مايكروسوفت.
وفي عملية قرصنة إلكترونية شهيرة تمت في عام 2013، قال الجيش السوري الإلكتروني إنه اخترق حساب وكالة أسوشييتدبرس الإخبارية على «تويتر»، وأرسل تغريدة كاذبة تفيد «بوقوع انفجار في البيت الأبيض، ما أسفر عن إصابة الرئيس الأميركي باراك أوباما». وتسببت الخدعة الكاذبة في هبوط هائل في أسواق الأسهم بلغ 136 مليار دولار.
ويعتقد أن أغا ودردر يديران أعمال القرصنة من داخل سوريا، وقد أدرجت أسماؤهما على قائمة «أكثر المطلوبين إلكترونيًا» على موقع مكتب التحقيقات الفيدرالية الأميركية. ورصدت المباحث الفيدرالية مبلغ 100 ألف دولار مكافأة لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى إلقاء القبض عليهما، وفقًا لبيان صادر عن وزارة العدل الأميركية.
*خدمة واشنطن بوست
خاص بـ«الشرق الأوسط»



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.